/

 

 

الأمي والأميون: مقاربة في المفهوم

عبد الرحمن حللي

تعتبر كلمة أمي من الكلمات المشكلة سواء في اللغة أو الاصطلاح لاسيما فيما يخص تفسيرها في الآيات القرآنية التي وردت فيها، وما يثير الغرابة فيها – كما لاحظ بعض دارسيها – أنه لا يوجد لها أثر في مشاهير المعاجم المتقدمة، ويردُّ ذلك إلى أنها لم تكن شائعة الاستعمال قبل الإسلام ولا يعرف لها نص صحيح في الأدب الجاهلي ولا اشتقاق من اشتقاقاتها[1]، وكما يبدو من استعمالها القرآني هي وصف لا يراد به الحطُّ من شأن الموصوف أو الانتقاص من قدره ، لكن معجم لسان العرب يذكر من معانيها أوصاف ذم : "الأُمِّيُّ: العَيِـيّ الـجِلْف الـجافـي القَلـيلُ الكلام"[2]، وإيراد هذه الأوصاف في المعاجم يثير التساؤل بعد وصف القرآن النبي بأنه أمي[3].

والشائع من معناها وإلى اليوم أن "الأُمِّيّ: الذي لا يَكْتُبُ"[4]، ولا يعرف تاريخياً متى أصبح هذا المعنى لصيقاً بكلمة أمي ، وقد حظي هذا المعنى باهتمام وتأكيد لكونه يمثل جانباً من إثبات النبوة والإعجاز بالنسبة للرسول  كونه جاء بأبلغ وأفصح نص وهو أمي (لا يقرأ ولا يكتب)، ومن جانب آخر فقد حظيت كلمة أمي باهتمامات المستشرقين وتم توظيف معناها الذي وصلوا إليه (المخالف للمعنى السائد)، مما كرس التمسك بالمعنى السائد لدى المتأخرين ، ولاستجلاء معنى الكلمة سنبحث في جذور الكلمة ونتعرف على ورودها في القرآن وموقف المفسرين من معناها .

جذر كلمة أمي :

يمكن أن ترجع كلمة أمي إلى أحد أصلين: أم أو أمَّة[5]، وحسب كل منهما يمكن تفسيرها بعديد الاعتبارات ، فباعتبار أن أصلها (أم) فحسب المقصود بالأم، فقد يكون نسبة إلى الأم الطبيعية الوالدة، وقد يكون نسبة إلى الأم بمعنى الأصل فأم كل شيء أصله، وعلى كلا الاعتبارين يمكن أخذ المعنى المجازي للكلمة وهو عدم القراءة والكتابة، فالأُمِّيّ هو الـمَنْسُوب إِلـى ما علـيه جَبَلَتْه أُمُّه أَي لا يَكتُبُ، فهو فـي أَنه لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة مُكْتَسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلـى ما يُولد علـيه أَي علـى ما وَلَدتَه أُمُّهُ علـيه، ومنه وصف العرب بالأُميين لأَنَ الكِتابة كانت فـيهم عَزيزة أَو عَدِيمة، ووُصف الرسول بالأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لـم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأُ وهو كذلك؛ أو نسبة لما هو الأصل في الإنسان وهو الجهل وعدم المعرفة، كما يمكن أن يكون المعنى حسب الاعتبارين أنه الفطري البسيط ومنه يمكن فهم تفسير الأمي والأميين بأنهم الذين لم ينزل عليهم كتاب أو لا يعرفون الكتب السماوية، كذلك من اعتبار الأم بمعنى الأصل يمكن تفسير وصف النبي بالأمي نسبة إلى أم القرى (مكة)، وأما على نسبة الأمي إلى الأمة فيفسر بحسب المقصود بالأمة فبعضهم جعله نسبة إلى أمة العرب ومنه تفسير الأميين بأنهم العرب، كما يخرج على هذا الأصل الأُمِّيُّ الذي علـى خِـلْقَة الأُمَّةِ لـم يَتَعَلَّـم الكِتاب فهو علـى جِبِلَّتِه، أو نسبة إلى الأمة الموصوفة في القرآن، أو نسبة إلى مجموع الأمم .

هذا وقد لجأ المستشرقون إلى البحث عن أصل كلمة أمي في اللغات القديمة ونصوص أهل الكتاب وخرجوا من بحوثهم في تفسيرها إلى نتائج عديدة ومختلفة لكنها تشترك بأن كلمة أمي لا تعني الذي يجهل القراءة والكتابة، وأهم المعاني التي رجحوها من خلال بحوثهم أن الأمي تعني (الوثني، الذي ليس له كتاب، أو الأجنبي والغريب والأميون بالنسبة لليهود هم الغرباء والدخلاء كما كانوا يسمونهم، العرب، نسبة إلى الأمة أي الشعب.. )، والهدف الملح الذي أكده الجميع رغم اختلافهم هو إثبات أن النبي كان قادراً على القراءة والكتابة، ولهذا التأكيد أهميته بالنسبة لنظرية بعضهم حول مصدرية الوحي، ويأتي بعد ذلك أهداف أخرى حسب تفسير الكلمة كالقول بخصوصية دعوة الرسول في العرب[6].

هذا ولا يقدم المستشرقون جديداً في درسهم كون الرسول يقرأ ويكتب أو لا، فهو موضوع درسه المسلمون الأقدمون والمحدثون في كثير من مؤلفاتهم واختلفوا فيه[7]، ووصف العرب بالأميين إن كان يدل على الجهل بالقراءة والكتابة فإنه وصف ليس عاماً بل هناك دلائل عديدة على وجود الكتابة وانتشار المعارف بين العرب قبل الإسلام، لكن لم تكن الكتابة هي عصب المعرفة آنذاك فقد كانت قليلة بدلالة آية الدَّين[8] التي توحي بندرة الكاتبين في بيئة الحجاز وأمر الكاتبين بالاستجابة لمن يلتمس الكتابة منهم، لكن يتضح من الآية أيضاً أن معظم الناس كانوا قادرين على الإملاء وأنه من غير المألوف أن تجد بينهم من لا يستطيع أن يمل بنفسه، وفي هذا تأكيد على كون الكتابة كوسيلة هي التي كانت مفقودة في الثقافة العربية آنذاك وأن الاعتماد كان على الملكة الكلامية التي هي الأصل، وربما كان من أسباب تمكن العرب لغوياً وأدبياً ندرة الكتابة فيما بينهم آنذاك[9].

ما نود التأكيد عليه في هذا المقام أن مفهوم الأمي إن كان مما يعنيه لغوياً من يجهل القراءة والكتابة، فإنه يمكن أن يحتمل معنى آخر في النصوص، وأن ترجيح المعنى الآخر لا يلزم منه أن الرسول كان يقرأ ويكتب فتلك مسألة تاريخية أخرى مختلف فيها ولها دلائلها[10]، فلا بد من فك الارتباط بين مفهوم الأمي والأميين في الآيات القرآنية وما كان عليه الرسول فعلاً .

 

الأمي والأميون في القرآن:

ورد لفظ الأمي مفرداً وجمعاً ست مرات في الآيات التالية:

• الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(157) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(158)[الأعراف].

• وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [البقرة:78].

• فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:20] .

• وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[آل عمران:75] .

• هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2].

وما بلفت النظر أن صيغة أمي وردت وصفاً للنبي  مقرونة بوصف النبوة والرسالة في آيتين مكيتين فقط، وأن صيغة (أميون / أميين) وردت في آيات مدنية فقط وقد اقترنت جميعها بذكر أهل الكتاب أو الكتاب.

الأمي والأميون في التفاسير:

اختلف المفسرون في تحديد نسبة الأمي والأميين، واختلافهم تبع لاختلاف اللغويين، فعلى اعتبار معنى الأمي لا يكتب يكون نسبة إلى أمه كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها، والنسبة إلى الأم دون الأب لأن الكتابة كانت غالباً في الرجال دون النساء، أو تكون نسبة إلى أمة العرب لأن الغالب عليهم ذلك أي عدم الكتابة، أو أن الأمي منسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادتها لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها، أو نسبة إلى الأمة و ما عليه العامة فيكون معنى الأمي العامي الذي لا تمييز له، وقيل نسب النبي  إلى أم القرى مكة، وقيل هو منسوب إلى أمته أصله أمتي وسقطت التاء في النسبة كما سقطت في المكي والمدني، ويرجح ابن تيمية أن الأمي والأميين نسبة إلى الأمة كما يقال عامي نسبة إلى العامة التي لم تتميز عن العامة بما تمتاز به الخاصة وكذلك الأمي لم يتميز عن الأمة بما يمتاز به الخاصة من الكتابة والقراءة و يقال الأمي لمن لا يقرأ ولا يكتب كتاباً ثم يقال لمن ليس لهم كتاب منزل من الله يقرؤونه وإن كان قد يكتب ويقرأ ما لم ينزل و بهذا المعنى كان العرب كلهم أميين[11]، فوصف النبي بالأمي في القرآن يعني لدى معظم المفسرين أنه لا يكتب ولا يقرأ [12]، واختلفوا في تفسير الأميين في مختلف الآيات التي وردت فيها:

فقيل هم العرب واختلف في سبب تفسيرهم بالعرب فمن قائل لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون فالأميون إذاً هم الذين لا يكتبون من مشركي العرب وبعضهم ترك المعنى عاماً لكل العرب، ومن قائل إن العرب أميون لأنهم لم يكونوا أهل كتاب ولم ينزل عليهم كتاب فتشمل الآية العرب كلهم من كتب منهم ومن لم يكتب، وعلى الاعتبارين تخصيص الأميين (العرب) بالذكر لا ينفي من عداهم وخصوص القوم لا ينفي العموم، وقيل المراد بالأميين هم الذين لا كتاب لهم مقابل أهل الكتاب من العرب وغيرهم لعدم اعتناء أكثرهم بالقراءة والكتابة لعدم وجود كتاب سماوي لهم تدعوهم معرفته إلى ذلك فيشمل الفرس إذ لا كتاب لهم كالعرب، وخصه بعضهم بمن لا كتاب لهم من مشركي العرب، وقيل المراد من الأميين الأمية عموماً فيشمل العرب والعجم وقيل المراد منهم في كونهم منسوبين إلى أمة مطلقاً لا في كونهم لا يقرؤون ولا يكتبون[13].

ويرجح بعض الباحثين المتأخرين أن المفردة (أمي، أميون) في القرآن تعني الذين لا زالوا على أصلهم، استناداً إلى معنى الأصل في جذرها، فالأمي هو الذي لا يعرف كتاباً سماوياً حقيقة، أي بقي على طبيعته الأصلية دون تهذيب، والأمي هو الذي يجهل الكتابة والقراءة استعارة، ولكن المعنى القرآني حوله إلى معنى أصلي[14]، والمعنى على هذه النسبة – حسب آخر- أنه هو الأصل ونبوته أصل النبوات وأن نبوة الأنبياء وبعثتهم مقدمة له ونبوته الأصل الباقي[15].

ويذهب الباحث اللغوي الياباني (توشيكو إيزوتوزو، Toshihko.Izutsu ) إلى أن الأميين تعبير عن العرب الذين لم يتلقوا كتاباً مقابل أهل الكتاب، وأن ذلك الوصف خاص بهم قبل البعثة وقبل أن يوصفوا بالكافرين أما بعد تلقيهم الوحي ورفضهم له فسيوصفون بالكافرين لأن وصف الكافرين مرتبط بمعرفة الوحي ورفضه[16].

بينما يرى عبد الرحمن بدوي أن صفة أمي نعت مكون من الجمع أمم، وطبقاً لهذا فكلمة أمي مشتقة من كلمة أمم، وهي جمع أمة ومعناها عالمي صالح أو موجه لكل الأمم، فالنبي الأمي إذاً هو نبي بعث إلى كل الأمم، أو النبي العالمي إذا صح التعبير، أما الجمع أميون فتفسيره شعوب مختلف الأمم أو مجملها[17].

 

 

خلاصة القول في مفهوم الأمي في القرآن:

ما عرضناه من أقوال المفسرين والباحثين يؤكد أن مفهوم الأمي ليس محسوماً في الدلالة على كونه من لا يقرأ ولا يكتب، بل إن سياق الآيات يدل على خلافه، فالحديث عن الأميين يأتي في مقابلة فئة من الناس ادعت حصرية الوحي الإلهي فيهم وأنهم المتميزون عن غيرهم وهم أهل الكتاب من يهود ونصارى[18] والذين تمحور ادعاؤهم التميز حول ما أوتوه من كتاب، ولما كان هذا الاستئثار وادعاء التميز تحريفاً لرسالة الله التي جاء بها أنبياؤهم، جاءت الرسالة الخاتمة ممن لم يتلقوا كتاباً سماوياً، وهم غير أهل الكتاب الذي وصفوا بالأميين، فهم من جهةٍ الأصل لأن الكتاب طارئ وهم لم يتلقوا كتاباً، وهم أهل فطرة، وبهذا المعنى فالأميون يمثلون الأمم الأخرى، غير بني إسرائيل، المنتشرة في القرى فيعث الله من أم القرى رسولاً منهم، وفي هذا إشارة إلى انفتاح الرسالة الخاتمة على العالم والأمم.

فالأمي والأميون في الآيات تقابل أهل الكتاب فهم لم يدَّعوا تميزاً دينياً على غيرهم إذ لم يكن لهم كتاب، وكان اليهود يسمون غيرهم ممن ليسوا من بني إسرائيل (الغرباء) بالأميين، ولعل هذا الاسم يشمل من تبنوا اليهودية كدين من غير بني إسرائيل وبقي موقفهم من اليهودية أقل شأناً وكانوا جاهلين بالكتاب التوراة وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ[البقرة:78] ، فيكون معنى الأميين في هذه الآية هم اليهود غير الإسرائيلين كالذين تهودوا من العرب أو غيرهم ، وهو معنى باعتبار مقياس التمييز الديني الذي تقوم عليه فكرة الشعب المختار، واعتبر بعض المفسرين أن الأميين في هذه الآية الذين لا يقرؤون الكتاب من اليهود، وعممه آخرون لمن لا يحسنون الكتابة ولا يقرؤون [19]، فعلمهم بالكتاب إنما يأتي سماعاً من أحبارهم الذين يلقون عليهم ما يتمنونه [20].

فالأمي والأميون تجمع باشتقاقها اللغوي على اختلافه وفي السياق القرآني، بين معاني الأصلي والفطري والعالمي، وهي معان تدل بمجموعها على ما هو وصف للرسول من حيث نبوته المتجهة للعالم رافضة ضيق الرؤية الكتابية للدين، فهو يعود بالنبوة إلى أصلها قبل تحريفها وإلى فطرة الإنسان بما هي راهنة مع كل إنسان، وإلى العالم بما تحمله رسالته من رحمة للعالمين، فبعث بالكتاب الذي يهيمن على الكتاب، يعلمهم ويزكيهم، وفي ذلك تجاوز للضيق الذي أورثه الكتاب السابق، فكان الأميون يمثلون العالمين ورسول العالمين بعث منهم.

--------------------------------

هوامش:

(1) يلاحظ إبراهيم أنيس عدم ذكرها في جمهرة ابن دريد ولا في صحاح الجوهري ولا في تذييل الصاغاتي (انظر: إبراهيم أنيس، دلالة الألفاظ : 187 ، ط:3 ، مكتبة الأنجلو المصرية 1976).

(2) انظر:ابن منظور، لسان العرب:12/34، ط:1 دار صادر – بيروت .

(3) انظر: إبراهيم أنيس ، م.س:187 .

(4) ابن منظور، لسان العرب:12/34.

(5) حول نسبة الأمي إلى الأم أو الأمة وما تفرع عن كلا النسبتين انظر: لسان العرب:12/34-35 ، الراغب الأصفهاني ، مفردات ألفاظ القرآن:87 ، ت: صفوان عدنان داوودي ، ط:3 دار القلم – دمشق 2002، محمود بن عمر الزمخشري ، الفائق في غريب الحديث:1/56 ، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم ط:2 دار المعرفة – بيروت .

(6) انظر أقوال المستشرقين في المراجع التالية: أحمد شحلان ، مفهوم الأمية في القرآن: دراسة مقارنة تحليلية في اللغات السامية ، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الخامس – الرباط ، عدد:1 /1977 ، ص: 105-114 ، عبد الرحمن بدوي ، الدفاع عن القرآن ضد منتقديه:16-20 ط:1 مكتبة مدبولي الصغير – القاهرة ، جواد علي ، تاريخ العرب قبل الإسلام: 6/96-97 ، ط: المجمع العلمي العراقي 1956 ، هذا ولم نرجع إلى المصادر الأصلية لكون رأي المستشرقين غير ذي أثر في موضوعنا نظراً إلى كون نتائجهم ليست بجديدة فيما يخص القراءة والكتابة بالنسبة للرسول .

(7) ألف أبو الوليد بن خلف الباجي (ت 494 هـ) رسالة أسماها "تحقيق المذهب" بيَّن فيها أن النبي كان يكتب ، وقد كفَّره لذلك بعض معاصريه ، وقد خصص العديدون مباحث في كتبهم بين مؤكد أو ناف لكون الرسول كان يقرأ ويكتب أو لا ؟ وقد نقل عبد الحي الكتاني في فصل خاص من كتابه " التراتيب الإدارية" جل الأقوال التي قيلت في الموضوع ، (انظر: أحمد شحلان، م.س:114-115 ، ابن حيان ، البحر المحيط:7/155 ، الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني:9/79، ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت، إبراهيم البسيوني الصعيدي ، رؤية جديدة في أمية العرب والرسول  :40 وما بعدها ط:1 الشروق – القاهرة 1998 ويرى (ص49 وما بعدها) أن أمية الرسول مقيدة بفترة ما قبل البعثة ويستدل (ص:52) بأن القول بتوقيفية الرسم القرآني يستلزم معرفة الرسول بالكتابة وأسرارها ، وانظر أيضاً عبدالكريم الحائري ، النبي الأمي.. آراء ومناقشات ، مجلة النبأ، ع48، جمادى الأولى، 1421هـ ، والمقال متوفر على الانترنت في موقع:http://www.qateefiat.com ) .

(8) البقرة:282

(9) انظر: إبراهيم أنيس ، م.س:189 ، 192 وما بعدها، "فكون الرجل لا يكتب بيده لا يستلزم أن يكون لا علم عنده " ابن تيمية، مجموع الفتاوى :17/437-438 ، ت: عبد الرحمن النجدي ط: مكتبة ابن تيمية.

(10) نشير مثلاً إلى قوله: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]

(11) انظر: تفسير الطبري:1/373-374، ط: دار الفكر – بيروت 1405 هـ ، تفسير القرطبي:7/298-299، ت: أحمد عبد العليم البردوني ط:2 دار الشعب – القاهرة 1372 هـ ، ابن الجوزي ، زاد المسير:3/272، ط:3 المكتب الإسلامي – بيروت 1404 هـ ، تفسير أبي السعود:3/279 ، ط: دار إحياء التراث العربي- بيروت، ابن عطية الأندلسي ، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز:6/101 ، ت:السيد عبد العال السيد إبراهيم ، ط:1 قطر 1984 ، أبو جعفر النحاس، معاني القرآن الكريم:3/89 ، ت: محمد علي الصابوني ،ط:1 جامعة أم القرى – مكة 1409 هـ ، الحسين بن مسعود البغوي ، معالم التنزيل (تفسير البغوي):2/205 ، ت:خالد العك ، ط:2 دار المعرفة – بيروت 1987 ، الألوسي ، روح المعاني:9/79 ، ابن تيمية ، مجموع الفتاوى:17/435 ، محمد عبد الرؤف المناوي ، التوقيف على مهمات التعاريف:95 ، ت: محمد رضوان الداية ، ط:1 دار الفكر – دمشق 1410 هـ.

(12) انظر: تفسير الطبري:9/83 ، ابن حيان ، البحر المحيط:7/155، ط: مكتبة ومطابع النصر الحديثة – الرياض، تفسير ابن كثير:1/117، دار الفكر – بيروت 1401 هـ ، البيضاوي ، أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي):3/64 ، ت: عبد القادر العشا ، ط:دار الفكر – بيروت 1996، أبو الحسن الواحدي ، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (تفسير الواحدي):1/ 416 ت: صفوان عدنان الداوودي ، ط:1 دار القلم – دمشق 1415 هـ ، تفسير البغوي:2/205 ، الألوسي ، روح المعاني:9/79 الشهرستاني ، الملل والنحل:1/208 ، ت: محمد سيد كيلاني ، ط: دار المعرفة –بيروت 1404 هـ، المناوي ، التعاريف:95 .

(13) انظر أقوال المفسرين في: تفسير الطبري:1/373-374 ، 28/93-94 ، الزمخشري ، الكشاف:1/341، ط:1 دار الكتب العلمية – بيروت 1995 . تفسير الرازي:7/227-228، ط: 1 البهية المصرية 1935، ابن حيان، البحر المحيط:2/413، تفسير القرطبي:2/7 ،18/91-92 ، تفسير البيضاوي:2/54 ، 5/337 (يلاحظ اختلاف تفسيره للأميين بين الموضعين ) ، تفسير ابن كثير:1/117 ، 4/364 ، أحمد بن محمود النسفى ، تفسير النسفي:1/161، ط: ؟ ، تفسير أبي السعود:8/247 ، تفسير البغوي:4/339 ، ابن الجوزي ، زاد المسير:8/257 ، الجصاص ، أحكام القرآن :5/335 ، أحكام القرآن ، ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت 1984، ابن تيمية ، دقائق التفسير:1/337 ، ت: محمد السيد الجليند ، ط:2 مؤسسة علوم القرآن – دمشق 1984 ، مجموع الفتاوى:12/335-336 ، 16/190 ، الشوكاني ، فتح القدير:5/224-225 ، ط: دار الفكر – بيروت، الألوسي ، روح المعاني:3/ 108 ، 28/93-94 ، محمد عبده ورشيد رضا ، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار):3/260، 9/224-225 ،ط:4 دار المنار – مصر 1954.

(14) انظر: أحمد شحلان ، م.س:120-121.

(15) انظر: عبدالكريم الحائري ، م.س .

(16) Toshihko . Izutsu , GOD AND MAN IN THE KORAN . p: 79 Tokyo : Keio Institute of Cultural and Linguistic Studies, 1964..

(17) انظر: عبد الرحمن بدوي ، م.س:21-22.

(18) ولعل ما يؤكد هذا أن الأميين جاء ذكرهم في آيات مدنية أين برز أهل الكتاب في مقابل غيرهم.

(19) انظر:تفسير الطبري:1/373-374، تفسير ابن كثير:1/117.

(20) انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى:17/434.

 

 

 

10-07-2005 .   الملتقى /  /    .   http://almultaka.org/site.php?id=172