/

 

 

عندما لا يكون السكوت من ذهب.. تبدأ النساء المسلمات بالكلام

زينة أنور

خلفيــة 
إن الميلاد الجديد للاسلام الذي غمر معظم الدول الاسلامية اليوم قد ألقى بظلال جديدة من التوتر والايدولوجيات المتنافسة داخل هذه المجتمعات كما طرح أسئلة مثل: ماهية الاسلام و أي اسلام هو الاسلام الصحيح؟ وفي معظم الأحيان يكون وضع المرأة وحقوقها هو الضحية الأولى على أرض هذه المعركة. 
وعلى هذا يجب وضع الكفاح لأجل تحقيق المساواة والعدل للنساء المسلمات داخل سياق النساء اللاتي تحيا في المجتمعات الاسلامية والتي يعيد الاسلام فيها تشكيل الحياة وبلورتها. فمنذ بداية 1970 دخلت المجتمعات الاسلامية في جميع أنحاء الأرض في مخاض هذا الاسلام الوليد. بيد أنه وفي معظم الأحيان عند تحويل الاسلام إلى أسلوب في الحياة ومصدر لاستخراج حلول لكل أمراض المجتمع وصور الظلم والاجحاف التي تهاجم مجتمعاتنا يبدو أن وضع المرأة هو الذي يصبح أول (وأسهل) مقياس لاثبات التزام مجموعة ما أو مجتمع ما بالدين. ويبدو الأمر وكأن هؤلاء الذين التأجوا إلى الاسلام لايستطيعون التعامل مع التحديات الضخمة التي يفرضها العالم الخارجي الذي يركض بسرعة إلى الأمام ويغير في طرقه وأساليبه بطريقة تفوق أي قدرة على التحكم ومن ثم يختار هذه الفئات المحرومة والأضعف داخل المجتمع لاثبات نفوذهم وقدرتهم على التحكم وإحداث التغيير ... وكل ذلك باسم الاسلام كما يدعون. 
وبناءاً على ذلك لا يكون غريباً اليوم في الكثير من الدول الاسلامية أن تكون مجموعات النساء في المقدمة في مسألة تحدي السلطات الدينية التقليدية والحركات السياسية الاسلامية واستخدامهم الاسلام لتبرير تبعية المرأة للرجل ووضعها الدوني وما هو أشد خطورة من ذلك كله هو استخدام الدين لإخراس ألسنة المعارضة. 
فالبنسبة لمعظم النساء المسلمات تعد مسألة معارضة الدين خارج نطاق الخيارات. فنحن مؤمنات بالله وكمؤمنات بالله نسعى إلى الحصول على الحرية والحقيقة والعدالة النابعة من داخل ديننا. نحن نشعر بضرورة اصلاح ديننا واعادة تشكيله وبالمشاركة والاسهام للوصول إلى فهم للاسلام وكيفية تقنينه وتنفيذه بطريقة تأخذ في الاعتبار وقائع وخبرات النساء اللاتي يعشن في الوقت الحاضر.
إن أحداث 11 من سبتمبر والتي تعد إيذان البدء لحملة من التفجيرات الانتحارية كانت لسخرية القدر تعد شيئاً ايجابياً بالنسبة لهؤلاء الذين يسعون إلى تعدي الحدود عن طريق فتح باب المناقشات العامة في الأمور الاسلامية. كما يعد أحد الأثار الهامة لهذه المأساويات في العالم الاسلامي في الوقت الحاضر هو فتح مجال عام للمناظرة والجدال والنقاش لمجموعة من الأصوات المختلفة والأراء المتنوعة حول الاسلام والقضايا الاسلامية وذلك كله على مرأى ومسمع الجميع. فلقد أصبح الآن هناك اشتراك أكبر من جانب المواطنين العاديين سواء مسلمين أو غير مسلمين أو مجتمع أهلي أو مثقفين في ابداء الأراء حول شكل الاسلام واتجاهه في بلادهم. كما أصبح هناك وعي بأنه إذا تم استخدام الاسلام كمصدر للقانون والسياسات العامة في صياغة الحياة العامة والخاصة للمواطنين فلابد من تحديد من الذي سيقرر ما هو اسلامي وما هو ليس له أهمية كبرى. 
وهذا بالطبع يفرض تحديا من نوع خاص في المجتمعات الاسلامية. فلقد تم تعليم معظم المسلمين بشكل تقليدي أن يؤمنوا بأن رجال الدين فقط وحدهم من لهم حق التحدث في الدين. بيد أن السؤال يظل ما هي تأثيرات كل ذلك على طريق تحقيق حوكمة ديمقراطية لو أن مجموعة صغيرة من الناس ألا وهم رجال الدين حسب الموروث التقليدي هم وحدهم من لهم الحق في تفسير القرآن وتقنين النص بطريقة غالباً ما تعزل النص عن السياق الاجتماعي التاريخي الذي أنزل بسببه أي أنهم يفصلون ما بين الرأي الكلاسيكي الفقهي خاصةً في قضايا النساء والسياق الاجتماعي التاريخي لحياة مؤسسو الفقه في الاسلام. بالاضافة إلى ذلك فهم يفصلون ما بين الموروث النصي وسياق المجتمع المعاصر أي العالم الذي نعيش ما بين طياته في الوقت الحالي. وفي وقت يلعب الاسلام فيه دوراً رئيساً ومتنامياً في اعادة تشكيل وبلورة حياتنا لايمكن أن يظل العلماء في موقع احتكار لقضايا الدين كما هو الوضع الحالي. 
وبشكل متنامٍ اليوم في ماليزيا وبوسائل متعددة وصغيرة بدأت مجموعات النساء ومجموعات المطالبين بحقوق الانسان والمنظمات غير الحكومية والاعلام والقادة السياسيون والأفراد المهتمون بالتحدث لاشراك العامة في الخطاب الاسلامي. وهم يطرحون أسئلة رئيسة حول شكل دولة الأمة وموقع الدين داخلها: وما هو دور الدين في السياسة؟ وهل يتوافق الاسلام مع الديمقراطية؟ ومن له الحق في تفسير الاسلام وتقنين التعاليم الاسلامية في شكل قوانين وسياسات عامة؟ وكيف نتعامل مع الصراع ما بين النصوص الدستورية للحريات الأساسية والمساواة في أحكام الدين والسياسات التي تنتهك مثل هذه النصوص؟ وهل يجب أن تضع الدولة تشريعات خاصة بالأخلاقيات؟ وهل من واجب الدولة حتى يتسنى لها أن تنشئ مجتمع الأخلاق أن تحول كل الذنوب إلى جرائم ضد الدولة؟ وهل يمكن أن تكون هناك حقيقة واحدة للإسلام وتفسير واحد نهائي له لابد وأن يحكم حياة كل مواطن مسلم في البلاد؟ وهل لابد من استخدام قوى الاكراه الضخمة لدولة الأمة الحديثة لفرض هذه الحقيقة الواحدة على كل المواطنين؟ وكيف نتعامل مع مبدأ الاخلاق العالمي الجديد للديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المرأة؟ وأين هو موقع الاسلام في هذا النموذج الاخلاقي المهيمن للعالم الحديث؟
إن البحث عن كل الاجابات لكل هذه الاسئلة المهمة حول دور الاسلام في دولة الأمة الحديثة لايمكن أن يظل حكراً خالصاً للسلطات الدينية سواء كانوا رجال الدين في حكومة أو في أحزاب المعارضة أو النشطاء الأسلاميون الذين يدفعون لانشاء دولة اسلامية وتطبيق الشريعة الاسلامية. 
إن المسلمين وكل المواطنين لابد وأن يتولوا مسئولية تحديد شكل الاسلام الذي ينمو في مجتمعاتنا. 

السياق السياسي
في ماليزيا يعد الحزبان السياسيان الرئيسان هما UMNO وهو الحزب المهيمن في الائتلاف الحاكم وحزب PAS وهو الحزب الاسلامي صاحب السلطة في ولايتين. ولقد دخل الاثنين في معركة متصاعدة تتخذ ذريعة أو شعار "من أحق من الناحية الدينية بالحكم". ويحاول الاثنان غزو قلوب وعقول الناخبين الماليزيين وكل منهما يسعى سعياً حثيثاً لأثبات أحقيته الدينية داخل مجتمع تحيط به قوى اعادة احياء الاسلام. 
وفي التسعينات من القرن الماضي تم ادخال مجموعة من القوانين الاسلامية أو ربما تم تعديل القوانين القائمة كجزء من مجهودات الحكومة للرفع من مكانة الاسلام في ماليزيا ولاثبات الاحقية الاسلامية في مواجهة حزب PAS. كما تم تطبيق الحدود في الشريعة الاسلامية وذلك لضمان أن أسلوب الحياة الاسلامي لايتعدى تعاليم الاسلام. تم ادخال جرائم جديدة ومراقبة الأخلاق العامة كما تم تنفيذ المزيد من العقوبات التأديبية على المسلمين. فتناول الطعام أمام العامة في شهر رمضان واحتساء الخمور في الأماكن العامة وارتداء النساء لملابس الرجال أو ارتداء الرجال لملابس النساء والمثلية والسحاق والتصرفات البذيئة كلها أصبحت جرائم تعاقب عليها الشريعة الاسلامية. 
كما تم تعديل قانون الأسرة الاسلامي وهو أحد أكثر قوانين الأوضاع الشخصية استنارةً في العالم الاسلامي بحيث يجعل من الطلاق وتعدد الزوجات أمراً سهلاً بالنسبة للرجال كما خفف من الأعباء المالية المفروضة على الرجال تجاه النساء. 
وتم تعديل وسائل ادارة القانون الاسلامي ليجعل من الفتاوى التي يصدرها مفتي الدولة لها قوة القانون بشكل تلقائي عندما يتم نشرها في الجريدة الرسمية للقوانين دون الحاجة إلى المرور على العملية التشريعية. فالمفتي له وحده السلطة القصرية في ابطال أو تعديل فتوى ما. ولقد صحب ذلك مجموعة من التعديلات أدخلت على قانون الجرائم الجنائية في الشريعة الاسلامية والذي ينص على أن أي انتهاك للفتوى أو أي جهد يبذل لدحض الفتوى أو اعطاء رأي يخالفها يعد جريمة جنائية. وحتى مسألة حيازة كتب عن الاسلام تتعارض مع فتوى ما دخلت حيز التنفيذ يعد جريمة. 
تم تطبيق حدود الشريعة الاسلامية في كل من ولايتي كيلانتان Kelantan وتيرينجانو Terengganu والتي تقع تحت حكم حزب PASمن جانب حكومات الولاية والتي تحتوي على نصوص تعد مثاراً للنزاع فيما يتعلق بتطبيق الحدود مثل الجلد وبتر الأوصال والرجم حتى الموت والصلب والتي تميز بشدة ضد المرأة المسلمة وغير المسلمين حيث أنهم لايعتد بهم كشهود. فالمرأة الحامل بدون زواج يفترض أنها قد زنت والمرأة التي تبلغ أنها قد تعرضت للاغتصاب تتهم بالقذف ويمكن أن تجلد ثمانين جلدة إن لم تثبت صحة الجريمة. 
وهذا السباق لقياس مدى تقوى الفرد واستحقاقه للاسلام والذي يرتكز على شدة العقوبة التي يتم فرضها على هؤلاء الذين يتعدون تعاليم الدين وعلى طريقة الملبس ووضع المرأة والسيطرة عليها داخل المجتمع ما هو إلا انعكاس لواقع المجتمعات الاسلامية عندما يتحول الدين فيها إلى أيدولوجية للصراع السياسي ومصدراً للشرعية والصحة. 

استراتيجيات جمعية الأخوات في الاسلام SIS
وفي مثل هذه الأجواء التي يخيم عليها التنافس الديني السياسي المحموم لحيازة السلطة يكون اصدار المعارف والقوانين والأحكام باسم الاسلام منبعه الايدولوجية السياسية ومبدأ النفعية. وعلى هذا يتم استغلال الاسلام واساءة استخدامه من أجل تحقيق اغراض التعبئة السياسية بينما يتم النظر إلى الاسلام كدين وكمصدر للقيم الأخلاقية على أنه أمر ثانوي. وفي مثل هذا السياق فإن مجموعات المجتمع المدني مثل مجموعات حقوق المرأة ومجموعات حقوق الانسان تلعب دورا حيوياً كي تغير من مرادفات اشتراك العامة في أمور الدين كما تشارك في تعريف وسن القوانين التي تصدر باسم الاسلام. 
ففي ماليزيا كانت جمعية الأخوات في الاسلام في مقدمة الجمعيات التي سعت إلى خلق وتوسيع نطاق قاعدة المناقشات العامة حول القوانين والسياسات التي تم سنها باسم الدين والتي تفرق ضد النساء وتنتهك النصوص الدستورية الخاصة بالحريات الأساسية والمساواة. فالنساء والمواطنون العاديون سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين والذين لم يتم تدريبهم بشكل تقليدي في الدين يعلقون الأن بشكل منتظم على كل انواع القضايا الاسلامية.
فمع أول خطاب لنا إلى رئيس تحرير احدى الجرائد عام 1990 والذي تم نشره في جميع الصحف الرئيسة في البلاد حيث كان يطرح تساؤلاً حول تفسير تعدد الزوجات وممارسته مهدت جمعية الأخوات في الاسلام الطريق أمام العامة كي يتساءلوا ويتحدوا وينتقدوا ويقدموا الحلول البديلة للقانون والسياسات والبيانات الرسمية التي تتم تحت اسم الاسلام. فلقد قدمنا الأدلة على حقنا في ان تسمع أصواتنا وأرائنا وهمومنا على الأسس التالية :
• لقد جزمنا بأن استخدام الاسلام كأيدولوجية سياسية وكمصدر للقانون الذي يحكم حياتنا لايمكن أن يبقى حكرا خالصا على العلماء فحسب. 
• ولقد أشرنا إلى وجود ثراث فقهي اسلامي ثري وزاخر بالمواقف والتفسيرات المتنوعة حول مجموعة كاملة من القضايا في الاسلام. وبناءاً على هذا فإن الموقف الواحد الذي تتخذه السلطات الدينية قد لايكون الرأي الوحيد الاسلامي "الصحيح".
• كما أننا أكدنا في كل فرصة سنحت لنا أن هناك فرقا ما بين كلام الله المنزل من السماء وبين الفهم الانساني لكلام الله. فالأول آلهي والأخير غير معصوم من الخطأ ومتغير حسب تغير الزمان والظروف. 

1. الدعــوى
بدأت جمعية الأخوات في الاسلام كمجموعة بحث ومناصرة ودعوى مع التركيز على اجراء مداخلات في مجال القانون وفي عملية صناعة السياسات حول أمور الدين. ويأخذ العمل في مجال المناصرة والدعوى شكلين اثنين آلا وهما شكل المذكرات أو الخطابات الموجهة إلى الحكومة فيما يتعلق بالقانون واصلاح السياسات أو في شكل خطابات إلى رئيس التحرير حول قضايا الساعة لتثقيف العامة وبناء جمهور يساند التفسير المستنير للإسلام بخصوص قضايا معينة محل خلاف. 
ويعد لب عملنا في مجال المناصرة والدعوى هو بحثنا في تفسير القرآن والأراء الفقهية حيث أن مثل هذه الجهود تثري كتاباتنا وتصريحاتنا الصحفية حول القضايا محل الخلاف خاصة تلك التي تحاول السلطات الدينية المحافظة أو الحركات الاسلامية أن تدفع من خلالها إلى سن قوانين وسياسات تمييزية ضد المرأة أو تنتهك الحريات الأساسية. ويعد هذا العمل هاماً ويرجع ذلك أولاً إلى أننا مؤمنات بالله وكمؤمنات بالله نسعى إلى النضال من أجل التغيير من داخل ديننا. ثانياً فإن معرفة أن القرآن يدعم القيم العالمية للمساواة والعدالة وحياة كريمة للمرأة تمكننا وتحررنا وتشجعنا على أن نقف عن قناعة لنجادل هؤلاء الذين يدعون أيضاً باستخدام القرآن أن النساء والرجال لايقفون على قدم المساواة في الاسلام. ثالثاً إن الوعي بأنه داخل مخزوننا الفقهي الاسلامي هناك تنوع واختلاف في الرأي يدحض الاعتقاد الشائع بأن هناك تفسير واحد ورأي واحد وحقيقة واحدة تحكم حياتنا، وأي تحدي أو خلاف مع ذلك المفهوم يجعل من الشخص مناهضاً للإسلام أو مناهضاً للشريعة. ومثل هذا الوعي ومثل هذه المعرفة هما اللذان يعطوننا الثقة والقناعة للتحدث أمام العامة حول وجهات النظر البديلة في قضية ما كما يساعدنا على تحدي الرأي الظلامي الذي يميز ضد المرأة والذي يعد مضراً بمصلحة مجتمع يسعى إلى التحديث والتصنيع ومجتمع متعدد الأجناس ومتعدد الديانات. 
وفي السنوات الأخيرة توسع عمل جمعية الأخوات في الإسلام في مجال الدعوى والمناصرة وأعمال البحث من مجال حقوق المرأة إلى قضايا أخرى خاصة بالديمقراطية والحريات الأساسية. ويعد مثل هذا التوسع تطوراً طبيعياً حيث يتضح بشكل متزايد أنه بدون هذه المساحة من الديمقراطية والحق في التعبير عن الرأي وتقديم وجهات النظر البديلة وبدون أي احترام للحريات الأساسية للمواطنين في مجتمع ديمقراطي فإن مساحة التحدث عن حقوق المرأة ستتلاشى في نهاية الأمر. وعلى هذا فلقد أخذنا مواقف عامة حول قضايا حرجة مثل حرية الدين وحرية التعبير عن الرأي أيضاً. 

الدعوى والمناصرة من خلال المذكرات الموجهة إلى الحكومة 
وكجزء من مجهوداتنا للتأثير على القانون وصنع السياسات أرسلت جمعية الأخوات في الإسلام العديد من المذكرات والخطابات إلى الحكومة حول قضايا مثل تعيين النساء كقاضيات في المحاكم الشرعية وحق النساء المسلمات في المساواة في الوصاية وقانون العنف الأسري وتطبيقه على النساء المسلمات واصلاح القوانين الخاصة بتعدد الزوجات خاصة اصلاح قانون الأسرة الاسلامي ككل وانفاذ العدل في نظام الشريعة واصلاح قوانين الشريعة الجنائية ومعالجة التعارض مع الحريات الأساسية وقانون اقامة الحدود والتمييز ضد المرأة. 
ولقد عبرنا في مثل هذه المذكرات والخطابات عن قلقنا تجاه نصوص القانون أو السياسات التي تميز ضد المرأة في جوهرها أو في تطبيقها أو التي تنتهك الحريات الأساسية كما أننا قدمنا تبريرات حول أسباب تعديل مثل هذه القوانين والسياسات ثم قدمنا صياغات معينة أو مواقع محددة للجمل كي نوضح التغييرات التي نرغب في احداثها. واستخدمنا حججاً من القرآن والتراث الفقهي وخبرات من واقع الحياة وحالات موثقة من اساءة الاستغلال كي نبرر الاصلاحات التي نقترحها. 
وتقوم جمعية الأخوات في الاسلام بتقديم مثل هذه المذكرات إلى الوزير المختص والمسؤول عن هذه القضية ثم تتابع عن طريق اجراء المشاورات في الموضوع على المستوى الوزاري ومن خلال الصحافة.
ولقد كانت النتائج مختلطة فبينما كان معظم الوزراء مستجيبين في بداية الأمر لتدشين عملية من المفاوضات والمشاورات لم تكن هناك القوة القادرة على تنفيذ المطالب المطروحة. وبناءاً على خبراتنا يكون من الأصعب اصلاح القوانين القائمة عن إيقاف ادخال القوانين الجديدة. 
ولقد انصب نجاحنا في قدرتنا على تعبئة الرأي العام وكسب دعم وسائل الاعلام في نصرة قضيتنا. فلقد استطعنا بنجاح أن نقنع الحكومة أن ترفع يدها عن مسألة الاحتجاز الجبري لأغراض الاصلاح واعادة التأهيل لمدة عام بالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون في ترك الاسلام. كما أننا نجحنا في تطبيق قانون العنف الأسري على المسلمين في مواجهة المحاولات المبذولة لجعله مقتصراً على غير المسلمين فحسب بينما يتم التعامل مع حالات العنف الأسري للمسلمين في ظل قانون الأسرة الاسلامي. وأخر نجاحاتنا كان اقناع الحكومة بإيقاف تنفيذ التعديلات التمييزية في قانون الأسرة الاسلامي. 
فبسبب الغضب العام العارم أمر مجلس الوزراء مكتب النائب العام بفتح باب المفاوضات معنا للتعامل مع الاعتراضات المحددة التي أثرناها فيما يتعلق بالتعديلات الجديدة والتي أعطت الأزواج الحق في المطالبة بجزء من الممتلكات الزوجية من زوجاتهم في حالة تعدد الزوجات كما أعطى الرجال المزيد من الأعذار لتطليق زوجاتهم وجعلهم من شرط اقامة العدل بين الزوجات في حالة تعددهن أمراً اختيارياً. 

الدعوى والمناصرة من خلال المذكرات الموجهة إلى رؤساء التحرير
وغالباً ما تصاحب مذكراتنا إلى الحكومة خطابات موجهة إلى رؤساء التحرير ولكن ليس في كل الأحوال. ونقوم بارسال مثل هذه الخطابات إلى الجرائد الرئيسة في البلاد لتثقيف العامة حول المواقف البديلة للاسلام في قضية ما ونأمل من خلال هذه العملية أن نستطيع أن نولد مناقشة عامة واعية بالموضوع وان نبني جمهوراً يساند دعوتنا إلى اسلام أكثر استنارةً وتطوراً يضرب بجذوره العميقة في ماليزيا. 
وتعد هذه الاستراتيجية استراتيجية غاية في الأهمية وذلك لأن جمعية الأخوات في الاسلام ليست مجموعة شعبية ومن ثم فأسهل وأسرع وسيلة بالنسبة لنا كي نصل إلى جمهور عريض بمواقفنا البديلة تكون من خلال الجرائد. ولقد كانت الجرائد الرسمية في ماليزيا نعم الدعم لنا في عملنا داخل جمعية الأخوات في الاسلام كما أنها أتاحت لنا مساحات قيمة لطباعة ونشر خطاباتنا. 
واستراتيجية أخرى نتبعها هي أن بعض خطاباتنا إلى رؤساء التحرير والحكومة يتم تقديمها بالاشتراك مع منظمات أخرى لحقوق الانسان وحقوق المرأة وذلك كي نبين أن صوتنا ليس صوت واحد أعزل وأن حركة النساء ومجموعات حقوق الانسان يتحدثون بصوت واحد في قضية معينة. 
فمثلاً عندما حاولت جمعية العلماء في ماليزيا أن تتهمني أنا و خمسة كتاب آخرين بالاساءة إلى الاسلام في يناير 2002 قامت جمعية الأخوات في الاسلام بتعبئة حركة المنظمات غير الحكومية والاشخاص البارزين في المجتمع وذلك للتوقيع على تصريح صحفي بادانة هذا الفعل. وفي حملة ضد قانون اقامة الحدود في وتيرينجانو Terengganu قامت جمعية الأخوات في الاسلام بحشد 11 مجموعة من مجموعات المرأة الأخرى لتقديم خطاب إلى رؤساء التحرير لادانة القانون كما قامت بعقد جلسات صحفية مع تقديم معلومات من الشريعة وقام محامو المحاكم الدستورية بتثقيف الصحفيين في القضايا محل النظر وقدموا لوزيرة المرأة حججاً وحالات من نيجيريا وباكستان لمساعدتها لدعم مواقفنا بشكل علني. 
وبينما تم اقرار قانون اقامة الحدود من جانب مجلس ولاية وتيرينجانو Terengganu مع بعض التعديلات غير المرضية فإن الجدل الذي أثرناه والصحافة المعارضة التي ولدناها كانت بمثابة اخطار لحكومة ولاية وتيرينجانو Terengganu ومؤيديها أنها تخاطر بتطبيق قانون الحدود على حسابها الخاص.
في بداية عام 2005 استطعنا أن نحشد أكثر من 70 منظمة غير حكومية و 300 توقيع شاملة أعضاء البرلمان والوزراء كي نطالب بإيقاف المداهمات المفاجئة وحملات القبض على الشباب التي تجريها شرطة الأخلاق. 
أما الدرس الهام المستفاد من خبرات وسنوات الدعوى التي قضيناها هو أن التغيير لايمكن أن يتم خلف الأبواب المغلقة. نحن في حاجة إلى حشد الرأي العام وإلى كسب دعم الاعلام. فالقادة السياسيون يستجيبون بشكل أفضل إلى الغضب الشعبي والتغطية الاعلامية الخاصة بقضية معينة. 


2. التثقيف العام
وهناك استراتيجية أخرى هامة مستخدمة هي اجراء حملات تثقيف عام وذلك لتشكيل مجموعة رئيسة من النشطاء وصناع الأراء مثل الصحفيون وصناع السياسات والنشطاء في مجال حقوق الانسان ونشطاء الأحزاب السياسية وذلك لاطلاعهم على أفكار الاسلام المتطور. 
حلقات البحث وورش العمل: تقوم جمعية الأخوات في الاسلام بتنظيم مثل هذه المنتديات كي تناقش القضايا ذات الأهمية في الاسلام على المستوى الوطني والمستوى الاقليمي. وتشمل هذه القضايا الاسلام والدولة الحديثة والاسلام والثقافة والديمقراطية والاسلام والصحة الانجابية وحقوق المرأة وقانون الأسرة الاسلامي ومفهوم العدالة للنساء المسلمات. 
وتجمع ورش العمل هذه النشطاء وعلماء الاسلام المستنيرين وصناع السياسات من المنطقة كي يخلصوا إلى حلول ورؤية لأفضل الممارسات بالنسبة للتحديات التي نواجهها في كل قضية من القضايا.
المحاضرات العامة: تهدف سلسة المحاضرات العامة التي نعقدها إلى اطلاع الرأي العام الماليزي على الفكر التقدمي البديل في الاسلام والذي تعرضه مجموعة بارزة من علماء الاسلام من أصحاب الفكر التقدمي. فلقد تحدث إلينا فتحي عثمان عن الاسلام والحداثة وتحدثت أمنية ودود عن الاسلام والقرآن وصوت المرأة أما عبد الرحيم عمران فقد تناول موضوع منع الحمل والاجهاض والهندسة الوراثية الانجابية وتناول عبد الله النعيم قضية حقوق الانسان والدين والعلمانية. وأغلب هؤلاء العلماء من علماء ماليزيا كما أننا اخترنا صحفيين رئيسيين كي نجري معهم مقابلات حول قضايا مرتبطة بالسياق الماليزي. وننظم اجتماعات اضافية أو نعقد محادثات مع مجموعات النشطاء أو مسئولي الحكومة والهدف من وراء كل ذلك هو اطلاع المزيد والمزيد من الماليزيين على التفكير التقدمي في الاسلام.
تدريب النوع الاجتماعي على حقوق المرأة في الاسلام: قامت جمعية الأخوات في الاسلام بتطوير نموذج حول الموضوع كما تقوم بتكثيف برنامجها التدريبي الذي يستهدف الشابات والشباب والطلبة والمتخصصين والصحفيين ومحامي حقوق الانسان وشباب القادة السياسيين ومقدمي الخدمات من الطبقة الشعبية العريضة. 

3. التشبيك
كمجموعة دعوى يرتكز نجاح جمعية الأخوات في الاسلام وقدرتها على حشد الدعم والتأثير على القوانين والسياسات التي تتم تحت اسم الاسلام علي استراتيجية تشبيك فعالة. فنحن نحقق التشبيك على مستويات أربع مع: 
• أطراف الدولة الرئيسة شاملة وزارة المرأة ووزارة العدل وادارة تطوير الاسلام ومكتب النائب العام. 
• المنظمات غير الحكومية خاصة مجموعات النساء ومجموعات حقوق الانسان. ففي الماضي خاصة من بضع سنوات بدأ غير المسلمين في ماليزيا ادراك تأثير اضفاء الصبغة الاسلامية وتطبيق القوانين الاسلامية على حقوقهم كمواطنين داخل البلاد وأصبحوا أكثر استعداد أن يأخذوا مواقف علنية حول أمور اسلامية كانوا يرونها في الماضي حقاً خالصاً للمسلمين. بدأ الكثير من غير المسلمين في حضور جلسات البحث والدراسة التي نعقدها والمحاضرات العامة والبرامج التدريبية بشكل منتظم. 
• مجموعات النساء المتمسكة بالتقاليد ومجموعات الاسلاميين. وبينما بدأ صوت جمعية الأخوات في الاسلام يشتهر أكثر فأكثر بدأ هذين القطاعين في العمل مع جمعية الأخوات في الاسلام خاصة في المجالات ذات الاهتمام المشترك. استطاعت جمعية الأخوات في الاسلام أن تحشد مجموعات النساء المتمسكة بالتقاليد مثل جمعية زوجات ضباط الشرطة ومجلس رفاهة النساء المسلمات وجمعية الموظفات الحكوميات كي ينضموا إلينا في حملتنا التي تطالب بالزواج من زوجة واحدة فقط في عام 2003. 

الحركة الارتجاعية
ومما لاشك فيه أن انجازات جمعية الأخوات في الاسلام قد كلفتنا الكثير. فالعمل الذي نقوم به غالباً ما يعتبر مثاراً للجدل وغالباً ما يتم مهاجمتنا وادانتنا من جانب حزب PAS الاسلامي والنشطاء الاسلاميين وأخرين في الحكومة وفي الاعلام ممن لايتفقون مع ما يطلقون عليه الاسلام التحرري أو المنظور النسائي للقضايا. فهم يصرحون بأن هذه ما هي إلا قيم غربية غريبة علينا ونحن نحاول أن نفرضها على الاسلام فرضاً. وغالباً ما تأخذ تلك الهجمات أشكالاً ثلاثة: 
أولاً يقوضون حقنا ومشروعية التحدث عن الاسلام بأن يتساءلوا عن مدى أحقيتنا وأهليتنا للتحدث عن الدين. ويقولون أنه ليس من حقنا التحدث عن الاسلام لأننا لم نتلقى تعليمنا أساساً في مدارس دينية ولم نحصل على درجة علمية في الاسلام من جامعة عربية معترف بها وأننا لا نتحدث العربية ولانغطي رؤوسنا. ويضيفون أننا من سيدات الحركة النسائية اللاتي تعلمن في الغرب ونمثل الطبقة الراقية في المجتمع التي تحاول فرض القيم الغربية على الاسلام وعلى الأمة. فالبنسبة لهم الخطاب الاسلامي بناءاً على ما تقدم حق خالص لمجموعة معينة من المسلمين أي رجال الدين الذين تلقوا التعليم الديني وحصلوا الوضع والمكانة المناسبين. أما الأخرون فليس من حقهم التعبير عن أرائهم حول الاسلام. 
ثانياً يتهموننا بأننا قد انحرفنا عن الدين القويم. ويسوون ما بين تشككنا وتحدينا لأرائهم الظلامية عن المرأة والحريات الأساسية وتفسيراتهم للقرآن وبين التشكك في كلام الله المنزل من السماء ومن ثم يقولون أننا نتشكك في كمال الله وكمال الرسالة. وعلى هذا فهم يتهموننا بأننا ضد الدين. ويزعمون أننا نقيم حججنا على أساس منهجية مغلوطة وغير منظمة في تفسير القرآن. ويدعون أننا نستخدم العقل والمنطق بدلا من الرجوع إلى النصوص الكلاسيكية التفسيرية والاجتهادية للقرون الأولى في الاسلام. ويستطردون أن هذه النصوص كتبها علماء وفقهاء القرون الماضية الذين أجادوا فهم الاسلام وبناءاً على ذلك لابد أن تظل أبواب الاجتهاد مغلقة.
ثالثاً فهم يرون أنه أمر يعد خطيراً أن تقدم أراء وتفسيرات بديلة للدين حيث إنها هذا قد يثير اللبس داخل الأمة ومن ثم يؤدي إلى الفرقة. فلا يجوز وجود أكثر من تفسير واحد يقره العلماء وعلى كل المواطنين أن يلتزموا بهذا التفسير. فالأراء البديلة التي تحيد عن الأراء السائدة تعد اساءة للقرآن كما أنها تربي الكراهية تجاه الشريعة وتدني من مستوى المرأة كما يجزمون.
ومن دواعي السخرية أن الكثير من هؤلاء الذين ينتقدوننا هم أنفسهم لايتحدثون العربية كما أنهم لم يتتلمذوا في مجال الدراسات الاسلامية ومع ذلك فحقهم في التحدث والتعبير عن رأيهم مكفول. إذن فالقضية هي ليست من من حقه الحديث عن الاسلام ولكن ما هو موقف المرء تجاه العديد من القضايا في الاسلام. 
إذا أجاز أحد الأشخاص عقوبة الاعدام بسبب الردة وقانون اقامة الحدود والدولة الاسلامية وفرض الشريعة الاسلامية يتمتع هذا الشخص إذن بالحرية والمساحة في التحدث عن الاسلام حتى ولو كان هذا الشخص حاصل على شهادة درجة ثالثة في مجال الهندسة مثلاً من جامعة أمريكية درجة ثالثة أيضاً. ولكن إذا لم يؤمن المرء بعقوبة الاعدام جزاء الردة ولم يوافق على اقامة الدولة الاسلامية ولا على اقامة الحدود فعليه أن يظهر اثباتاته على أحقيته في الحديث عن الدين وذلك لأن ما يقال لايخدم الأجندة السياسية لهؤلاء الذين يستغلون الاسلام كأداة لحشد دعم الرأي العام من أجل قضيتهم السياسية.
إن جمعية الأخوات في الاسلام تؤمن بأنه عندما يتوقعون منا كمسلمين ان نحيا حياتنا وفقاً لتعاليم الاسلام وأن تسن القوانين لرجمنا حتى الموت وإلى جلدنا 100 أو 80 جلده وقطع أوصالنا وارسالنا إلى السجن وفرض الغرامات علينا إذا انتهكنا معتقدات الاسلام فمن حقنا أن نشترك في تحديد معنى الاسلام بالنسبة لنا وكيف يحكم حياتنا داخل السياق الدستوري الديمقراطي. 
ودائماً ما تكون هناك محاولات من جانب شرائح من السلطات الدينية أن تمنع هؤلاء "ممن ليست لديهم خبرة عميقة" بالاسلام من التعبير عن أرائهم بشكل علني حول قضايا الاسلام. وبينما يدرك بعضهم صحة القلق الذي يساورنا فهم يفضلون ان نثير هذه القضايا بشكل سري معهم خلف الأبواب المغلقة حتى لانتسبب في حدوث التنافر والفزع واللبس.
ولقد قاومنا مثل هذه المحاولات الخاصة باسكات علماء المسلمين المستنيرين والنشطاء بشكل علني ومحاولات منعهم من الاشتراك في الخطاب الاسلامي العلني في ماليزيا. وفي أحد خطاباتنا لرؤساء التحرير تساءلنا لماذا يعترف بحق هؤلاء الذين يحرضون على الكراهية ومقت النساء وعدم التسامح والتطرف ويتم حمايتهم بينما نحرم نحن من حقنا في تحديهم وفي الدعوة إلى اسلام يسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة والتسامح والاعتدال. لقد عبرنا عن القلق الذي يساورنا ازاء الصمت الذي يخيم على علماء المسلمين الذين يترددون في الحديث والتعبير عن ارائهم بشكل علني خوفاً من الدخول في طيات أي جدل او من الاتهام بكونهم ضد الاسلام من جانب زملائهم واخوانهم في الاسلام. أما الآخرون فيفضلون ان يبقوا منفصلين ومنعزلين في أبراجهم العاجية حيث يحيون حياة نعمة ورغدة ويتمتعون بالحماية. 
إذن فالأمر في النهاية يترك في يد مجموعات النساء وعلماء المسلمين المستنيرين والنشطاء من أمثالنا كي نطالب بمساحة عامة ونطالب بحقنا في تقديم رأي بديل للاسلام الذي يتمسك بمبادئ المساواة والعدل والحرية والكرامة. تلك هي المجموعات التي غالباً ما تتهم بالجهل بالاسلام وذلك بالرغم من أن مجهوداتنا لتقديم الرأي البديل تتم بعد بحث ودراسة متعمقين للاسلام وبعد مشاورات مع علماء مسلمين ذوي كفاءة عالية. 
إذا أعطي لنا الحق كمواطنين لبلد ديمقراطي أن نشارك بشكل كامل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد إذن فلماذا عندما يتعلق الأمر بالدين لابد أن نخرس فجأة وأن نحرم من حق المشاركة العامة. نحن نفرض هذا التحدي على من هم في طليعة الحركة الاسلامية التي ترغب في تحويل ماليزيا إلى دولة اسلامية: ولماذا يجب على الماليزيين أن يدعموا مبدأ اقامة دولة اسلامية تقر حقوق مختلفة للمسلمين والمسلمات وغير المسلمين والاقليات بدلاً من اقرار حقوق متساوية للجميع؟ ولماذا يقوم هؤلاء الذين يتمتعون بحقوق ومكانة متعادلة يكفلها لهم النظام الديمقراطي بدعم تأسيس دولة اسلامية تمييزية؟ إذا كانت الدولة الاسلامية تعني نظام سياسي ثيوقراطي سلطوي يلتزم بتنفيذ أحكام قانونية عقائدية ويعمد على اسكات أو حتى القضاء على كل من يتحدى السلطة وفهم الاسلام إذن فلماذا يقوم هؤلاء الذين يتمتعون بحماية حرياتهم الأساسية في ظل نظام ديمقراطي بدعم اقامة دولة اسلامية. 
تلك هي المعضلات الحقيقية التي يجب التعامل معها من جانب هؤلاء الذين يسعون إلى انشاء دولة اسلامية داخل مجتمعات ديمقراطية متعددة العرقيات ومتعددة الديانات. فإذا رغبنا كمؤمنين أن نحيا حياةً وفقاً لتعاليم الدين فالدعوة الساذجة بالعودة إلى عصر اسلامي ذهبي ومثالي غير متصل بالعالم اليوم ليس هو الحل. وبالرغم من كل ذلك فالحلول موجودة في داخل ديننا فقط إذا ما توافرت لدينا الحماسة الفكرية والشجاعة الأدبية والرغبة السياسية كي نسعى وراء تفسير تقدمي ومستنير للقرآن في بحثنا عن حلول للتعامل مع هذا العصر الذي تغلب عليه صفة التغير الدائم . فالبنسبة لنا كجمعية الأخوات في الاسلام لايعد هذا ابتداعاً بل لزاماً علينا إن أردنا أن يتصل الدين بحياتنا في الوقت الحاضر. 
--------------------------

(*) من أوراق مؤتمر: "حقوق الإنسان وتجديد الخطاب الديني:كيف يستفيد العالم العربي من تجارب العالم الإسلامي غير العربي؟" الإسكندرية في 18-20 أبريل 2006 
(ما ينشر في موقع الملتقى لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع)

فالبنسبة لمعظم النساء المسلمات تعد مسألة معارضة الدين خارج نطاق الخيارات. فنحن مؤمنات بالله وكمؤمنات بالله نسعى إلى الحصول على الحرية والحقيقة والعدالة النابعة من داخل ديننا. نحن نشعر بضرورة اصلاح ديننا واعادة تشكيله وبالمشاركة والاسهام للوصول إلى فهم للاسلام وكيفية تقنينه وتنفيذه بطريقة تأخذ في الاعتبار وقائع وخبرات النساء اللاتي يعشن في الوقت الحاضر
 

 

 

16-06-2006 .   الملتقى /  /    .   http://almultaka.org/site.php?id=360