/
فيما قاله البابا عن العقل والإيمان والإسلام
توفيق فائزي
تمهيد
أبدأ في أول هذا الكلام بالتنبيه على الأمر التالي: كلما وضع الكلام في سياق ما سبقه وما لحق به، واستحضر مقامه، كان مساعدا أكثر على فهم المقاصد، لا أقول المقاصد النهائية ولكن المقاصد المتوسطة بين البدائية والنهائية وهي لا تبلغ أساسية المقاصد النهائية وهي التي نشك أحيانا في وجودها وحتى إن وجدت فهي مما لا يعلمه إلا الله. نستحضر ما يلي: لقد كان راتسينجر Razinger أستاذا لعلم أصول الكلام ومذاهبه في المدرسة العليا للفلسفة وعلم الكلام في فرايزنج Freising،وفي جامعات بون Bonn ،منسترMünster ،تبنجنTübingen ، وقد كان أستاذ كرسي علم الكلام المذهبي وتاريخ المذاهب في جامعة راتسبونRatisbonne ، والتي كان فيها نائب الرئيس من عام1969 إلى عام 1971. عاد إلى الجامعة نفسها لإلقاء محاضرة بعنوان الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وتأملات، حاملا صفة جديدة هي البابوية. المحاضرة في علم الكلام، وهي تجيب عن مشكلة كلامية. نعم للمحاضرة مقتضيات عملية وسياسية أي أنها بقصد أو بغير قصد تسعى إلى إنشاء واقع غير موجود أو ترسيخ بعض مما هو موجود في الواقع مما يطابق ما يراد وقوعه. ولكن الجواب عن أسئلة كلامية هو الذي يؤسس العملي والسياسي، واختيار أجوبة خاصة هو الذي يستدعي إنشاء واقع معين أو ترسيخ جزء من الواقع مطابق ما يراد وقوعه. إن اختيار أجوبة أو مواقف خاصة من الأسئلة يعني أنها مواقف وأجوبة ضمن أخرى سيحاول راتسينجر التذكير بها ورفضها. لا ننسى أن جمهور مخاطبيه كان من رجال العلم. سنسعى فيما يلي إلى عرض مختصر للمحاضرة، ولكن يجب أن أعترف أن ما ستقرؤونه هو ما فهمته منها، لا ما هي عليه في نفسها، والفهم يقتضي أحيانا أن أسيء فهم بعض الأمور، أو أغيب وأهمش بعضا من المعاني،أو أغفل عن بعضها الآخر، ولذلك دعوتي أن نتبين ونعود إلى المصدر، وألا نكتفي بأفهام الآخرين، ولكن نستأنس أو نستكمل بها. سأعمل أولا على التنبيه على مقصد المحاضرة، وسأحاول أن أختصر فهمي لها، وأن أرد على بعض ما ورد فيها، مقدما وجهة نظري في قضيتي العقل والإيمان، وقضية توظيف مغالطات حول الإسلام.
I- مقصد المحاضرة(1) ومختصرها
1- مقصد المحاضرة
الإيمان الحقيقي هو المتفق مع العقل، ونشر الإيمان بالعنف غير موافق للعقل، والدليل: العنف مخالف لطبيعة الله وطبيعة الروح، وهذا الاتفاق موجود بين الإيمان في المسيحية،وبين العقل، اليوناني بالخصوص. وجب السعي لتأكيد الاتصال بينهما، وإحياء هذا العقل وبعثه من جديد، والجامعة هي التي ستحضن هذا البعث وهذا الإحياء.
2- مختصر المحاضرة
المعنى العميق للجامعة
عبر راتسينجر في أول محاضرته عن جيشان شعوره لوجوده ثانية في فضاء الجامعة، وبدأت الذكريات تتداعى، فتذكر جو الجامعة الذي كان يسمح بتواصل مستمر بين الأساتذة والطلبة، وبين الأساتذة فيما بينهم. كان الأساتذة من تخصصات مختلفة:التاريخ والفيلولوجيا... يجتمعون ويتحاورون، وهذا الذي كان يعطي للجامعة معناها الحقيقي Universitas أي الموحدة بين المتفرق والمتعدد. يتذكر راتسينجر زمنا كانت فيه الجامعة حقا جامعة ومقربة بين التخصصات ومكانا لتعارف الأساتذة من مشارب متعددة،وهو الذي جعل الجامعة كلا. إن الذي جعل أمر الاجتماع والوحدة ممكنين أمران:الأمر الأول هو الانطلاق من العقل الذي هو الوحدة الجامعة والمنتجة لمختلفة المعارف والأمر الثاني المسؤولية الأخلاقية المتحملة لحسن استخدام العقل. ويتحدث راتسينجر عن كليتي علم الكلام اللتين كانتا جزءا من كل الجامعة، لقد عملت الكليتان على دراسة علاقة العلم بالإيمان، ولكن يتذكر خاصة يوم أعلن أستاذ في الجامعة عن استغرابه لوجودهما، إذ كيف تهتم كليتان بدراسة شيء غير موجود، وكان الأستاذ ملحدا لا يؤمن بالله. رغم الشك الذي تعرضت له رسالة الكليتين يؤكد البابا أهمية البحث والتساؤل عن الله بواسطة العقل ولكن يؤكد أن هذا البحث والتساؤل يجب أن يتم في سياق تقاليد الإيمان المسيحي.
مناسبة تذكر ما مضى
الذكريات السابقة استثيرت وتداعت بسبب قراءة راتسينجر ما نشره البروفيسور تيودور خوري من حوار دار بين الإمبراطور البيزنطي العالم مانويل الثاني Manuel II وبين عالم فارسي.
اعتماد حجة وردت في قول الإمبراطور مانويل الثاني على أن الإيمان الحقيقي يتفق مع العقل.
ما يعني البابا في هذا الحوار هو ورود حجة بصورة هامشية في كلام الإمبراطور سيجعلها البابا منطلقه للتأمل في موضوع العقل والإيمان، في الحوار السابع الذي يتحدث فيه الإمبراطور عن الجهاد سيورد ما قاله الإمبراطور عن النبي محمد، ولكن قبل ذلك يستطرد استطرادات يظهر من خلالها أنه يتبنى الرأي الذي يعتبره رأي المتخصصين والقائل إن آية:"لا إكراه في الدين" نزلت حين كان محمد مهددا ولم يكن يملك قوة، وأن الآيات فيما بعد جاءت لتنسخ ما سبق ولتؤكد ضرورة استخدام العنف لإبلاغ الإيمان. لكن الذي اهتم به البابا أكثر هو بعض المعاني والاستنتاجات التي استنبطها الإمبراطور أهمها هو:نشر الإيمان بالعنف أمر لا يوافق العقل. والدليل:العنف مخالف لطبيعة الله وطبيعة الروح. إن الذي سيعتني به البابا هو هذا الدليل. إن الإيمان هو ثمرة الروح لا الجسد، ولإقناع شخص بالإيمان نحتاج إلى ننطق: أي أن نقول أقوالا ذات معنى ومعقولة لا أن نجبره إجبارا بالتأثير على جسده.وأستعين بالترجمة المؤولة التي قام بها الفاتيكان لبعض مقاطع المحاضرة إلى العربية:"فالرب لا يحب الدم والعمل بشكل غير عقلاني مخالف لطبيعة الله...لذا من يريد حمل أحد على الإيمان يجب أن يكون قادرا على التحدث بشكل جيد والتفكير بشكل سليم وليس على العنف والتهديد...فقناع روح عاقلة لا نحتاج إلى ذراع أو سلاح ولا أي وسيلة يمكن أن تههد أحدا بالقتل" إذن، الدليل الذي سيعتمده هو:فعل ما يخالف العقل مخالف لطبيعة الله للاستدلال على أن الإيمان الحقيقي متصل بالعقل. ويعود البابا ليستشهد بما قاله تيودور خوري ناشر الحوار ليؤكد أن الأمر السابق أمر بديهي بالإضافة إلى بيزنطي، أما بالنسبة للمذهب الإسلامي فالأمر غير بديهي والعلة هي أن الله متعال في الإسلام تعاليا يجعل مما يفعله غير مفسر بأي حكمة.ويستشهد بما استشهد به تيودور خوري من قول أرنالديز Arnaldez الذي هو الآخر استشهد بقول ابن حزم الذي بلغ درجة القول: إن الله ليس مجبرا على أن يفي بما وعد ولا على أن يبلغنا الحق وهو مختار بين أن يجعلنا نعبده وبين أن يجعلنا نعبد الأوثان.
اتفاق الإيمان المسيحي والعقل اليوناني
ما أراده البابا هو الدليل على أن العقل أساسي في الإيمان، لكن أيضا أن هذا الأمر أصبح كذلك بسبب توافق ما هو يوناني و ما هو الإيمان بالله في العهد القديم هذا التوافق الذي سيترسخ في العهد الجديد. الذي يؤشر على التوافق السابق هو قول كتاب التكوين في أول آية من إنجيل يوحنا:"في البدء كانت الكلمة Logos" والتي يمكن ترجمتها أيضا في البدء كان العقل الناطق أو النطق العاقل. ويؤكد البابا أن الإيمان المسيحي قريب العقل اليوناني ومتناسب معه، وأن هذا الأمر هو الذي جعل بولس الرسول يتجه صوب ماسيدونياMacédoine بعد أن أغلقت أمامه أبواب آسيا التي أراد نشر المسيحية فيها. ويؤكد ما سبق أيضا بتنبيهه على الشبه بين وضعية سقراط الذي رفض الأسطورة محاولا تجازها ووضعية وردت في الكتاب المقدس تؤكد أن الله وحده هو من يستحق صفة الألوهية لا غيره. إن بداية الاتصال بين العقل اليوناني والإيمان المسيحي كانت مع ترجمة العهد القديم وستترسخ في الفترة الهلينية . إن حدث الترجمة ذو دلالة خاصة وهي: لقاء الإيمان والعقل. يعترف البابا أن في المسيحية مذاهب لا تذهب مذهبه، كما هو الشأن بالنسبة لمذهب دانس سكوتDuns Scott الذي اعتبر دلالة الموجود دلالة متواطئة Univoque( رغم أن دلالة الموجود عند دانس سكوت متواطئة إلا أن دلالتها عامة وغير مميزة، بحيث لا تشارك بين الخالق والمخلوقين رغم اتصافهم بالموجودية) وأننا لا نعرف عن الله سوى المعاني البشرية، وأن عقلنا باعتباره ملكة نميز بها بين الحق والباطل وبين الخير والشر ليس مرآة لله. ويتبنى البابا الحل الذي انتشر في القرون الوسطى لمشكلة علاقة الخالق بالمخلوق، وهو الحل الذي يرى أن هناك تناسبا بين العقل الإلاهي المطلق والعقل الإنساني، فدلالة الموجود لا هي بالمتواطئة ولا هي بالمشتركة. يقول:"إن الله الذي يستحق الألوهية هو الله الذي تجلى عقلاـكلاما وفعل باعتباره كذلك، ويستمر في فعله ذلك ممتلئا بالحب إكراما لنا" لما سبق مقتضيات يؤكد من خلالها مسيحية أوربا ، ذلك أن المسيحية وجدت طابعها الخاص بها من الناحية التاريخية في أوربا، وميلاد أوربا كان بسبب لقاء الإيمان المسيحي بالعقل اليوناني مضافا إليه تراث روما.
رفض المحاولات الثلاث لفصل الهلينية عن المسيحية Dés-héllenisation
إن اتخاذ الموقف السابق دفع البابا إلى رفض محاولات ثلاث لفصل الهلينية عن المسيحية، أو تخليص وتبرئة المسيحية من شوائب اليونان. المحاولة الأولى: محاولة كانط الذي أرسى الإيمان فقط انطلاقا من العقل العملي منكرا تمكن العقل في بعده النظري من بلوغ حقيقة الموجود. المحاولة الثانية: محاولة آرناكHarnack الذي دعا وعمل هو على العودة للمسيح غير الهلنستي، واجتهد للعثور ثانية عليه، وغايته كانت أن يعيد الاتصال بين الدين والعقل الحديث(وقد تنكر لألوهية المسيح، وفكرة الثالوث) وقد هاجم بالمناسبة البابا العقل الحديث الذي اعتبره جمعا بين الأفلاطونيةPlatonisme التي اقتضى إحياؤها في السياق الجديد، البحث عن البنية الرياضية للمادة وبين التجربية Empirisme والتي اقتضت الاستعمال الوظيفي للطبيعة لتحقيق غايات بشرية. ولما سبق آثار عظيمة منها نبذ السؤال عن الله ، واختزال العقل والعلم فيما هو قابل للتجربة بمعناها الضيق، أما الدين فسيصبح أمرا شخصيا فالذات هي التي تحدد تبعا لتجاربها ما يجب اتباعه. المحاولة الثالثة: وهي التي دعت إلى تخليص المسيحية مما أضيف إليها من مكونات الثقافات الأخرى(كالمكون الثقافي اليوناني) والرجوع إلى رسالة المسيح الأولى. ويرد البابا على هذه المحاولة بتأكيد الاتصال بين المسيحية والثقافة اليونانية، فالعهد الجديد كتب باليونانية، ويتضمن الاتصال بروحها الذي هو العقل، وهذا الاتصال بدأ حينما ترجم العهد القديم إلى اليونانية ونضج مع العهد الجديد.
الروح العلمية الحديثة تستمد من الروح المسيحية
يبين البابا أن الروح العلمية الحديثة وهي روح إرادة الخضوع للحق مطابقة للروح المسيحية، والمسكوت عنه في العلم الحديث هو أن بنية المادة بنية منطقية معقولة، وأن هناك إمكانية مطابقة عقولنا لهذه البنيات.
الدعوة إلى توسيع مفهوم العقل
نحتاج إذن إلى توسيع مفهوم العقل وتوسيع استعماله، وذلك بعدم الاعتراف بالحدود التي يضعها العقل الحديث، ذلك أنه ينبذ كل ما لا يخضع للتجربة.
مهام علم الكلام الجديد
ويحدد وفقا لما سبق مهام علم الكلام الجديد، فهذا العلم سيتخذ مكانه ضمن الحوار الواسع القائم بين العلوم، شجاعة الانفتاح على اتساع العقل.
عن حوار الثقافات
ويؤكد البابا أن حوار الثقافات غير ممكن إن لم يوسع مفهوم العقل، ذلك أن العقل يتعامل مع ثقافات تعتبر إقصاء الإلاهي من كونية العقل هجوما على ما تعتبره كيانها الخاص. ويختم راتسينجر بحجة الإمبراطور التي يمكن اعتبارها محورية في محاضرته "عدم التعقل أو عدم موافقة أفعالنا للعقل، مخالف لطبيعة الله" مؤكدا أن الإمبراطور استحضر في ذهنه تصور المسيحيين لله، داعيا إلى جعل هذا العقل منطلقا لحوار الثقافات، والعثور المتجدد عليه الشغل العظيم للجامعة.
II- الرد
1- في الرد على ما قاله عن العقل والإيمان
لا ندري ماذا يقصد راتسينجر بالعقل، ولا ندري أيضا ماذا يقصد بالعقل اليوناني، ولكن الظاهر(وفي النص إشارة إلى ذلك، لحظة تحدث عن مذهب دانس سكوت) أنه يعتبر العقل ما يجعلنا نميز الخير من الشر، وما يجعلنا ندرك الحق. وهذا العقل هو الذي يمكننا من إقناع غيرنا بالإيمان من خلال الكلام الذي يتجلى فيه ذلك العقل.الإيمان بماذا؟ بالحق وبالله أو بالعقل الناطق المطلق. من مقتضيات ما سبق أن يكون عقل الإنسان قادرا على التمييز بين الخير والشر مطلقا، وأن يدرك الحق ، ومن مقتضياته أن يكون الخير والشر مطلقين، والحق كذلك. ولا شك أن هذا تصور عن العقل ليس مطلقا، وهو يوافق ما ذهب إليه بعض الفلاسفة اليونان وأرسطو أشهرهم، وما ذهب إليه ابن رشد، وقوله هذا يدل عليه:"والقول الكلي الذي يحل هذه الشكوك: أن الموجودات تنقسم إلى متقابلات وإلى متناسبات. فلو جاز أن تفترق المتناسبات لجاز أن تجتمع المتقابلات. لكن لا تجتمع المتقابلات، فلا تفترق المتناسبات. هذه هي حكمة الله تعالى في الموجودات، وسنته في المصنوعات، ولن تجد لسنة الله تبديلا. وبإدراك هذه الحكمة كان العقل عقلا في الإنسان، ووجودها في العقل الأزلي كان علة وجودها في الموجودات. ولذلك العقل ليس بجائز، فيمكن أن يخلق على صفات مختلفة، كما توهم ذلك ابن حزم"(2). لست أدري بصورة دقيقة ماذا يقصد راتسنجر بالعقل اليوناني، وفي نصه إشارات تشير فقط إلى بعض التشابهات بين بعض الوضعيات عند اليونان وبين بعض الوضعيات المسيحية، إذ يقارن وضعية سقراط الذي رفض الأسطورة، محاولا تجاوزها، بالوضعية التي تم ذكرها في التوراة حين أعلن الله أنه هو وليس غيره من يستحق صفة الألوهية. وإشارة أخرى تشير إلى الدلالة الاشتقاقية لكلمة لوغوس التي تعني العقل والنطق في الوقت نفسه وهي التي استثمرها ليستنتج أن الإيمان يكون بأن نقنع غيرنا بالقول المعقول، وأفهم منه أننا يجب أن نخاطب الروح في غيرنا، وأن نقدم أدلة عقلية على صحة الإيمان. ولكن لا يعدو الأمر هذا. وفي نظري أن راتسينجر يحمل تصورا ساذجا وواقعيا، يعتبر فيه العقل ذاتا منفصلة تقع خارج الأذهان. وفي نظري أن العقل بصفة عامة عبارة عن تصورات وأكوان مفهومية، هي التي تمد ماهيته. إن العقل عند اليونان ليس تصورا واحدا، وعلى راتسينجر أن يحدد ماذا يقصد. العقل كلمة مستعملة، وقد استعملت في صيغ مختلفة وفي النصوص الشعرية الأولى، عند هوميروس وغيره،بمعان خاصة، سيكتب لها أن تتحول، واستعمل العقل عند الفلاسفة الطبيعيين، وعند سقراط وأفلاطون وأرسطو والرواقيين وعند أفلوطين. بلغ الأمر عند أرسطو درجة جعل العقل ذو مبادئ مطلقة. نعم يمكن أن نستخرج خصائص عامة للعقل عند اليونان، ولكن ما هي هذه الخصائص التي جعلت راتسينجر يعتبر العقل اليوناني أساس الإيمان المسيحي. أما عن كون ترجمة العهد القديم إلى اليونانية كان حاسما في الوصل بين المسيحية واليونان، وكون ذلك ترسخ، وكونه أضاف صبغة يونانية للمسيحية، فيرد عليه أن الترجمة أصابت بأثرها المسيحية ولكن الذي ترجمت إليه المسيحية أصابه الأثر نفسه، وكانت أبلغ الآثار نسيان الأصل الذي حاول بعض من يرد عليهم راتسينجر كآرناك Harnack أن يعود إليه محاولا العثور ثانية على رسالة المسيح الأولى. ثم إن الجمع بين العقل اليوناني والإيمان المسيحي استمر حتى في القرون الوسطى، وتعلمون أن جهود الحضارة الإسلامية لنقل اليونان وشرحهم، والاجتهاد داخل ما نقلوه منهم، له الفضل العظيم على الفلاسفة المسيحيين خصوصا في ما يتعلق بمشكلة العقل والإيمان، وقد اجتهد الفلاسفة المسلمون للوصل بين الإيمان والعقل،و لهم آثار عظيمة سنرى بعضها حين الحديث عن نظرية تناسبية أو تشكيكية الموجود Analogia entis. وفي كل الأحوال فإن دفاع راتسينجر عن العقل اليوناني سيجعله يهاجم العقل الحديث، وهو عقل متسع لا كما ادعى من أنه ضيق، وهو يساند ما قاله ابن حزم ودانس سكوت، وهما اللذان أظهرا أن الله لا يمكن حصره في مقولات العقل الإنساني وهو الضيق، ولكن في نظري يمكن لهذا العقل إذا اتسع أن يكشف عن عظمة الله وتعاليه، وتعالي الله لا يعني عدم إمكانية تواصله مع البشر، ذلك أن عظمته تتجلى وتنكشف نسبيا حسب طاقة البشر الفانين في الاستيعاب. لم تعد مبادئ العقل الأرسطية صالحة للعمل، فالله خلق من أسرار الطبيعة ما لا يسمح اللحظة بتطبيق مبدإ الثالث المرفوع لوصفها، واضطر علماء الفيزياء إلى الحكم بما يخالفه. إن العلم الحديث جعل أمر المطابقة المباشرة بين الأذهان والأعيان بعيدا. نعم هناك تمكين وعناية إلهيتين تسمح بالكشف الجزئي والنسبي لما هو موجود، ولكن ليس يمكن أن نكشف عن ذلك الجزء إلا بعد أن نوسع مداركنا العقلية، وإدراك بعض مما في الأعيان يحتاج إلى الوضع الذهني. وعالم الأذهان يكشف عن اتساعه يوما بعد يوم حتى صار ما نقدره في الأذهان أكبر بكثير مما هو في الأعيان، فأي عقل ضيق هذا الذي يدافع عنه راتسينجر وهو أضيق من جحر ضب. ولكن نوافق البابا في دعوته إلى أن يكون العقل الحديث متسعا ليضع الأسئلة الكبرى ومن بينها سؤال العلاقة بين الإيمان والعقل. هذا ما أستطيع اللحظة التعليق به على ما قاله في العقل، وسننتقل للتعليق على توظيفه مغالطات حول الإسلام لإثبات ما يريد إثباته من أن الإيمان المسيحي يوافق العقل.
2- في الرد على ما قاله عن الإسلام موظفا إياه لإثبات دعواه السابقة
ننبه أولا على أن كلام راتسينجر عن الإسلام لم يكن مقصودا لذاته،أو لم يقصد قصدا أوليا الكلام عن الإسلام، وأنه لم يقم بتصريحات حول الإسلام ذلك أن كلامه عن الإسلام وظف لإثبات وتأكيد المقصد الأساسي وهو أن الإيمان الحقيقي متصل بالعقل،الإساءة كانت بطريقة غير مباشرة، ولكن لا نستبعد أن يحقق البابا بإشارته للإسلام تلك الإشارة العابرة مقصدا من مقاصده وهي لا شك كثيرة. لسان حال راتسينجر ولسان إشارته لو نطق لقال: إن المسيحية ليست كالإسلام إنها دين يتحقق فيه اتصال العقل بالإيمان. يؤكد ذلك لا استشهاده بقول مانويل الثاني، عن الرسول صلى الله عليه وسلم:"أرني شيئا جديدا أتى به محمد، فلن تجد إلا ما هو شرير وغير إنساني..." بل ما أحاط به استشهاده من إشارات تشير إلى آراء يتبناها، من مثل تبنيه لرأي قام بتمتينه ودعمه بالقول إنه رأي المتخصصين، وهذا الرأي يرى أن الآية " لا إكراه في الدين " نزلت " حين كان محمد مهددا ولم يكن يملك قوة " أي أنها آية لا تدل على موقف مبدئي من الإكراه الديني، بل آية تراعي الأحوال المطيفة للنبي الذي كان لا يملك القوة، فبمجرد تغير الظروف وانتقاله من الضعف إلى القوة يبطل الموقف ويبرر استخدام القهر والإكراه. ويؤكد هذا أيضا أن راتسينجر واستدلالا على رأيه السابق يقدم حجة عليها: إن الله في الدين الإسلامي متعال تعاليا مطلقا لا يسمح بتواصل بينه وبين البشر بل وما بينه وبين العقل البشري، فالعقل البشري لا يستطيع إدراك ولو جزء من طبيعة الله وحقيقته. يقتضي ما سبق أن تغيب الحكمة في الفعل الإلاهي. لن نخوض فيما ينتج عن الأساس الكلامي السابق من سلوك فهو سلوك مبرر طبقا لذلك الأساس، وذلك الأساس هو الذي يجعل أحدنا يأمر غيره بالإيمان: آمن، دون تقديم أي حكمة لما يدعو إليه أو حجة عليه. وأعتقد أن الأصل المتفق عليه في الدعوة إلى الإيمان عند البشر هو تقديم أدلة وحجج، وأن الاستثناء هو الذي يشير إليه راتسينجر، وهذا الاستثناء موجود في كل دعوات الديانات البشرية، إذ نجد من يدعو غيره إلى الإيمان دون أن يقدم حجة ولا دليلا على صحة الإيمان. ولن تكون ممارسات رجال الدين المسيحيين مبرأة من ذلك. وفي كل الأحوال فالدعوة إلى الإيمان والأمر بالإيمان، يخفي أغراضا كثيرة. والمستجيب للإيمان كذلك قد يستجيب ويشوقه إلى الإيمان غير ما قدم له من الأدلة والحجج. يغيب في قول البابا البعد الإنساني، وتبرز فيما قال مركزية مسيحية أوربية. لا ننسى أهمية البعد الشعوري في الإيمان، وهو يحتاج إلى دراسة مستقلة، ولكن نبدي الملاحظة التالية: إن في قول راتسينجر تهميشا لما هو شعوري وشوقي في الإيمان. الحجة الرئيسة في دعوى راتسينجر المتعلقة بالإسلام، وهي التي سنناقش، هي أن الله في الدين الإسلامي متعال تعاليا مطلقا، ونحن نوافقه هذا الرأي، ونقول إن الله عند المسيحيين تجسد تجسدا مطلقا وأصبح بشرا كالبشر عذب وصرخ وبكى وتألم، إنه قريب قربا شديدا وعندنا أن الله بعيد في عظمته وعليائه، قريب من عباده.
إن الله يتواصل مع البشر وقد نطق وتكلم، والقرآن كلامه
تعالي الله في الإسلام لا يعني أنه لم يرسل الرسل ليتواصل مع البشر، سواء أكان الرسل ملائكة ليكلم رسله من البشر، أم كان الرسل بشرا ليتواصلوا مع البشر، وهو قد كلم موسى تكليما.إنه يتواصل، إذن، وقد أنزل القرآن، والقرآن كلامه. يبطل بهذا جزء عظيم مما قاله راتسينجر من أن الإيمان المتصل بالنطق والكلام غائب في الإسلام، فالله تكلم وأنزل القرآن يخاطبنا به. ولكن ما طبيعة الكلام الذي هو القرآن، هنا يتسع المجال لجدال كلامي طويل، وقد اختلف المتكلمون في كلام الله ومعناه آراء، يقتضي كل رأي من آرائهم مقتضيات وآثارا عظيمة.
القرآن كلام استدلال وحجاج
بالإضافة إلى ما سبق يتضمن الكلام الذي هو القرآن حجاج غير المؤمنين، يستدل القرآن وهو يخاطب في ذلك العقول، ويتخذ عادتها في طلب الأدلة والحجج منطلقا، كما اتخذ عادة العرب في كلامها منطلقا للتفاهم والتواصل. استدل القرآن على وحدانيته:"لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا"(3) وعلى البعث "وهو يبدئ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه"(4) "أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى، بلى إنه على كل شيء قدير"(5) وعلى البعثة النبوية، وعلى أمور كثيرة تتعلق بأركان الإيمان. وقد سميت أجزاء القرآن آيات.ولم يقتصر الأمر على هذا بل أمر القرآن الناس بأن يقرؤوا كتاب الكون، وينظروا فيه، وهو المليء بالآيات الدالة على وحدانيته وعظمته. يبطل الجزء الثاني من دعوى راتسينجر من أن الإيمان المتصل بالعقل غائب في الإسلام، فالعقل بمعنى من المعاني التي نعتبرها جزئية مؤسس للإيمان في الإسلام. نستخلص مما مضى أن الحجة التي قدمها غير ذات أثر، وهي حجته أن الله متعال تعاليا ليستدل على أن الإسلام ليس كالمسيحية التي يتواصل فيها الإيمان والعقل. ولكن دعونا نفصل القول أكثر في تعالي الله عند المسلمين. لا شك أن تعالي الله في الإسلام نتيجة منطقية لوحدانيته، فكونه أحدا ووحيدا يؤكد كونه لا مثيل له، إذ لا مثيل للواحد الحقيقي. وفي القرآن ما يؤكد هذا الأمر الآية:"ليس كمثله شيء" وهو تأكيد لأن الآية في أحد التفسيرات لا تعني فقط أن لا شيء يماثله، بل أكثر من ذلك أن لاشيء مثل لمثله. ولكن هذا الأمر لا يعني، وبغاية التواصل، أن القرآن خال من التمثيلات والإشارات الإلاهية، التي استخدمت ليمثل الله بها نفسه تمثيلات رمزية، ففي القرآن تمثيلات كثيرة وصور كصورة الاستواء على العرش، وصورة اليد فوق أيدي الأعداء، وصورة عرشه وهو فوق الماء، وأكثر هذه التمثيلات دلالة، تمثيله نفسه بأنه نور. والله وصف نفسه بصفات هي مشهورة ومعروفة عند المسلمين،والمسلمون يخاطبون الله خطاب القريب، وبلغ الأمر القمة مع متصوفيهم، وفي القرآن أن الله أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وإذا سأله عباده فهو قريب، ولا وساطة بين الله وعباده، ولن يحتاج المسلم لغيره ليتواصل مع الله.
الخلط بين ما هو مذهبي وما هو من صميم الدين
يخلط راتسينجر بين ما هو مذهبي وبين ما هو من صميم الدين. نعم، قد يختلط المذهبي فيصير من صميم الدين، وهو قد جعل بعض المكونات اليونانية من صميم المسيحية. لقد استشهد راتسينجر بقول ابن حزم الذي يرى أن الله:"ليس مجبرا على أن يفي بما وعد ولا على أن يبلغنا الحق، وهو مختار بين أن يجعلنا نهبده هو، وبين أن يجعلنا نعبد الأوثان فيأمرنا بذلك" والظاهري ابن حزم يمثل رأيا يرى، وهو رأي الأشعرية أيضا، أن العقل الإنساني عاجز عن إدراك المقاصد الإلاهية النهائية، وأن الإنسان في حاجة إلى النقل، وأن العقل لا يستغنى عنه عكس ما ذهب إليه المعتزلة. وأن الله يفعل ما يريد، فلا قيد يقيد إرادته، لأنها مطلقة. لقد كان هذا من أجل بيان العظمة الإلاهية، ومن أجل التنزيه المطلق. وقد ظهرت في تاريخ الإسلام مذاهب حرصت على تنزيه الله تنزيها مطلقا، ولكن من المذاهب من اعتبرته جسما وهو المجسمة. وبلغ الأمر بالغزالي إلى التنكر لمبدإ السببية فاعتبرها غير ضرورية، والله يخلق ما يريد، والمقصد واضح فالغاية كانت هي التوحيد والتنزيه المطلقين. وقد انتبه راتسينجر على أن الأمر موجود في بعض المذاهب الفلسفية المسيحية، كمذهب دانس سكوت. وهو لو انتبه أكثر لانتبه أن الديانات الكبرى كالإسلام تسمح بتعدد المذاهب والاجتهادات وأن الأمر في الإسلام بلغ مبلغا عظيما من التسامح، ولذلك على راتسينجر أن يطلع على تنوع المذاهب والاجتهادات الكلامية في الإسلام وأن يبحث عن المقاصد والعلل التي دفعت كل صاحب مذهب إلى أن يذهب مذهبه، ولعله إن اطلع على هذا الأمر لكشف عن وحدة عميقة في الأديان، وسيكتشف لا شك مناسبات كثيرة بين بعض الآراء في تاريخ الإسلام وبعضها في تاريخ المسيحية تجعله أكثر تفهما. إن اطلاعه الدقيق على كيفية تكون وتشكل الآراء والمذاهب والاجتهادات في ميداني الفلسفة والكلام سيبصره بشدة التفاعل بين الحضارات، وفي مقامنا هذا نقصد بالخصوص الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية. لقد كان تأثير الفلسفة الإسلامية غير هين في صياغة آراء الفلاسفة المسيحيين في فترة من فترات القرون الوسطى، ولن نخوض في هذا الأمر فالكتابات التي درست الأمر وبينته كثيرة.
نظرية تشكيكية الموجود(6)Analogia entis وتأثير الحضارة الإسلامية
سنكتفي بالحديث عن نظرية تناسبية أو تشكيكية الموجود Analogia entis وهي النظرية التي كان لتوماس الإكويني Thomas d Aquin أثر عظيم في صياغتها صياغة خاصة، وصاغها أيضا كاجيطون Cajétan ضدا على دانس سكوت القائل بتواطئ الموجود. لا يمكن التنكر أن الكثير من عناصر النظرية ومكوناتها مصدره اجتهادات الفلاسفة المسلمين، ولا ننكر أن الفلاسفة المسلمين ذاتهم اعتمدوا على اجتهادات سابقة خصوصا اجتهادات شراح أرسطو. ولكن نريد أن نؤكد أن أمر التداخل بين الاجتهادات أمر لا يصلح معه التنكر ولا محاولة التخلص من آثار لمسات الاجتهادات الإسلامية(7) . من نص الغزالي في كتاب مقاصد الفلاسفة ن في مبحث المنطق،عن التفريق بين الدلالات وتنبيهه على نوع جديد هو دلالة الاتفاق أو التشكيك. ومن مقطع لابن سينا في الإلاهيات عن وحدة موضوع علم ما بعد الطبيعة واستخدامه لمصطلح المقول بتقديم وتأخير . ومن نص لابن رشد في تفسيره لكتاب ما بعد الطبيعة بالخصوص، سيستمد فلاسفة ومتكلمو المسيحية مكونات وعناصر نظرية تناسب الموجود،خصوصا في القرنين الثالث والرابع عشر، وهي النظرية التي تذهب إلى رأي البابا،القائل إن بين العقل الإنساني والعقل الإلاهي تناسبا يسمح بالمشاركة، والتواصل، ويستند الإيمان على ذلك المشترك، لأن الدعوة موجهة إلى العقل الذي هو الروح، والعقل الناطق الإنساني يشارك العقل الناطق المطلق الذي هو الله. إن شرح ابن رشد لمقطع من كتاب ما بعد الطبيعة واعتماده مفهوم : المنسوب إلى شيء واحد، سيكون معتمدا لما سيقترحه توماس الإكويني من حل مشكلة المشاركة، أو العلاقة بين الخالق والمخلوق.ولكن لنتذكر أن توماس الإكويني كان حريصا على تنزيه الله واجتهاده أداه إلى صياغة نظرية التناسب صياغة جديدة والقول إن الصفات التي يتصف بها الله لا تشارك ما يتصف به الإنسان منها. ذلك أن الصفة الموصوفه بها الإنسان بالإضافة إلى الصفة نفسها الموصوف بها الله كالنسبة بين المتناهي وغير المتناهي ولذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف المطلق بين الله وهو غير متناه ومطلق وبين الإنسان المتناهي والمحدود.
خلاصات واستنتاجات
نختصر النتائج فنقول: إن البابا لم يحدد تحديدا دقيقا ماذا يقصد بالعقل، وبالعقل اليوناني بالخصوص، ومن الإشارات علمنا أن تصوره للعقل ضيق،وذلك الذي جعله يهاجم العقل الحديث، ورأينا أن العقل الحديث عقل متسع أو حكم عليه أن يتسع لأنه فطن إلى أن إدراك الكون بلغة العادات العقلية الساذجة لن يصل بنا إلى أي نتيجة ذات فائدة،فاتساع العقول والأذهان بالكاد جعل فهم بعض من أسرار الطبيعة ممكنا، ورفع الستار عن عظمة الخالق ولو جزئيا، وتأكد أن الله لا يمكن حصره في مقولات العقل اليوناني الضيق. أما كلامه عن الإسلام فاعتمد لإثباته حجة الله تعالي عند المسلمين، وقد بينا أن تعالي الله عند المسلمين لا يؤدي إلى النتائج التي ادعاها وهي عدم التواصل، والإكراه في الدين، ذلك أن الله نطق وتكلم وحاجج واستدل، وأمر الناس أن ينظروا في آياته للاستدلال على عظمته. وخلصنا أخيرا إلى أن الرأي الذي اعتمده البابا عن المشاركة بين الخالق والمخلوقين وهو المسمى بتناسب الموجود هو رأي كان للفلاسفة المسلمين إسهام عظيم في صياغته. -------------------------------- الهوامش
1) http://eucharistiemisericor.free.fr موقع المحاضرة وهي مترجمة إلى الفرنسية، وهي التي تم اعتمادها.- 2) تهافت التهافت،ابن رشد، ص521، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت،2001 - 3) -سورة الأنبياء الآية 22 4) -سورة الروم الآية 27 5) -سورة الأحقاف الآية 33 6) تمت ترجمة المفهوم في النسخة العربية بالتطابق وهي خطأ يؤدي عكس المعنى.- 7) - انظر مقال بعنوان Analogie لصاحبه ألان دو لبيرا Alain de libera في الموسوعة الفرنسية العالمية.
|
04-10-2006 . الملتقى / / .
http://almultaka.org/site.php?id=430
|