تحديدات أولية*
المقصود بالدرس المصطلحي هنا دراسة المصطلح القرآني بمنهج معين، فهو نوع من الدرس للقرآن الكريم ينطلق أساسا من المصطلحات أو المفاهيم، وهو ما يسمى في أوساط المهتمين بهذا النوع من الدرس "بالدراسة المصطلحية".
ودون الدخول في تفاصيل تعريف الدراسة المصطلحية[1] أشير باختصار إلى أن هذه الدراسة ترتكز في دراسة المصطلح على أدوات منهجية مستمدة أساسا من الطرق الوصفية، ومن أهم هذه الأدوات: الإحصاء أو الاستقراء، ودراسة النصوص وتحليلها تبعا لأوضاعها اللغوية ومقاماتها التداولية.
وقد يطلق على هذه الدراسة أحيانا اسم "منهج الدراسة المصطلحية "، والمقصود بهذا الإطلاق: الأصول المنهجية التي ينطلق منها الباحث والإجراءات التي يتبعها في دراسته للمصطلح، وهذا يعني أن الدراسة المصطلحية ليست منهجا علميا قائم الذات كباقي المناهج العلمية المستعملة في العلوم الإنسانية (كالمنهج التاريخي، والمنهج النفسي...)، بل هي دراسة تستفيد من مناهج مختلفة، لكن الأساس الذي ترتكز عليه وتنطلق منه ويعتبر علامة فارقة بالنسبة لها هو المصطلح، والنص الذي يوجد فيه، وأضيف النص هنا لنميز الدراسة المصطلحية عن المصطلحية التي تدرس المصطلح في أوضاع أخرى تتعلق بالوضع والترجمة والتعريب.
والقول بأن الدراسة المصطلحية "دراسة" وليست منهجا قائما بذاته، إنما هو وصف إجرائي ناتج عن وضعها الآن بين مناهج دراسة المصطلح ومناهج دراسة النصوص، حيث تعتبر منهجا جديدا ومجالا بكرا لم يمتحنه علم المناهج بعد، ولا عرفت خصائصه وأدواته ومقاصده لدى المهتمين بدراسة النصوص. لذلك لن نهتم الآن بمسألة الاسم والتعريف، وإنما بالخصائص المنهجية التي تجعل من الدراسة المصطلحية من المناهج الأكثر ملاءمة لدراسة القرآن الكريم.
وسنبرهن على هذه الدعوى من جهتين ترتبط كل واحدة منهما بأحد طرفي الضميمتين المتعاطفتين في عنوان هذه الورقة: الجهة الأولى ترتبط بالقرآن الكريم وحاجته إلى الدرس المصطلحي، والجهة الثانية ترتبط بالدرس المصطلحي ومدى ملاءمته للقرآن الكريم.
1. حاجة القرآن الكريم إلى الدرس المصطلحي
نود في البداية أن ننوه بأن "الحاجة" التي أضفناها إلى "القرآن الكريم" هنا، إنما هي حاجة المتلقين للقرآن الكريم إلى الدرس المصطلحي لفهم هذا الكتاب الحكيم، وإنما أضفنا الحاجة إلى القرآن الكريم توسعا، بمعنى أن القرآن الكريم لكي يفهم يحتاج لأن يدرس بها المنهج. وسنقيم هذه الدعوى على ثلاثة أمور: الأول مرتبط بطبيعة النص القرآني، والثاني مرتبط بطبيعة اللفظ القرآني، والثالث مرتبط بالمصطلح القرآني.
1.1. طبيعة النص القرآني
قد لا يكون من الغلو القول بأن النص القرآني هو من أكثر النصوص حاجة إلى الدرس المصطلحي، والدليل على ذلك وجوه:
1.1.1. أن نسقية القرآن الكريم، الذي (أُنزل على أحسن نظام وترتيب ومناسبة )[2]، تجعل فهمه متوقفا على معرفة هذا النظام وهذا الترتيب وهذه المناسبة، ولقد كان من صدى هذه المناسبة وهذا النظام، أن كانت مفاهيم القرآن الكريم أشبه بشجرة متشعبة الأغصان متنوعة الأفنان، والدرس المصطلحي، كما سنبين من خلال خصائصه، هو الأقدر على فك عرى هذا النظام، وعلى تفكيك هذه الشبكة المفهومية المترابطة.
2.1.1. أن من القواعد المعتبرة عند العلماء في فهم القرآن الكريم وبيانه: "تفسير القرآن بالقرآن"، أو بصورة أدق: (تفسيـر بعض القرآن ببعض، وعطف بعضه على بعض، وربط بعضـه ببعض)[3]. وهذه القاعدة تتجلى أكثر بالدرس المصطلحي الذي يكشف عن العلاقات والضمائم والقضايا وسائر ما يجلي هذا العطف والترابط.
3.1.1. أن حاجة القرآن الكريم إلى الدرس المصطلحي تعكس في حقيقة الأمر حاجة الأمة إلى فهم القرآن الكريم بهذا المنهج، ومعلوم أن تفسير القرآن الكريم عملية مستمرة في الزمان والمكان، عملية تعكس تفاعل الإنسان مع القرآن الكريم، وهذا التفاعل لا يكون إيجابيا إلا إذا انطلق من حاجة المفسر وحاجة الناس إلى تفسير القرآن الكريم بالمنهج الذي يلبي هذه الحاجة المرتبطة بالزمان والمكان، وكما كانت الحاجة يوما إلى التفسير اللغوي والنحوي والبياني، ويوما إلى التفسير الفقهي والكلامي والصوفي، فإننا اليوم، بعد أن بعدت الشقة عن صفاء القرون الأولى، وتكالبت على الأمة المفاهيم الغريبة والمصطلحات المقلوبة، نحتاج أكثر إلى تصحيح الفهم انطلاقا من تصحيح المفاهيم والمصطلحات وإحلالها في الفكر والواقع على صورتها وسيرتها التي كانت عليها في نشأتها الأولى.
2.1. طبيعة اللفظ القرآني
إذا كان القرآن الكريم بمتنه الكامل يستدعي الدرس المصطلحي بالخصائص التي ذكرناها آنفا، فإن هذا الاستدعاء يتجلى بوضوح أكبر إذا نظرنا إلى طبيعة اللفظ القرآني أو المفردة القرآنية, والدليل على ذلك وجوه:
1.2.1. أن اللغة هي الأداة الأولى الموصلة إلى فهم القرآن الكريم، والألفاظ هي مفاتيح فهم هذه اللغة، ولذلك كانت الألفاظ القرآنية محط درس وعناية منذ نزول القرآن الكريم. وكثيرا ما كان تفسير المفردة كافيا للدلالة على معاني الآيات، كما نجد ذلك في التفسير المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتفسير المأثور عن الصحابة. ويكفي أن نمثل لذلك بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للفظ الظلم في قوله عز وجل: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [4]، بالشرك، وكيف أزال ببيانه ذاك الإشكال الذي حصل للصحابة في فهم الآية.
2.2.1. أن فهم الألفاظ القرآنية عليه يتوقف فهم القرآن الكريم كله، وهذا أمر نبه عليه العلماء قديما وحديثا، فقد تحدث الراغب الأصفهاني في مقدمة كتابه "المفردات" عن أهمية الألفاظ في تحصيل معاني القرآن الكريم، كما تحدث عن اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم على الألفاظ القرآنية [5]. ونبه على هذا الأمر من المحدثين العلامة الهندي عبد الحميد الفراهي في إحدى مقدمات كتابه "المفردات" حيث قال: (ولا يخفى أن المعرفة بالألفاظ المفردة هي الخطوة الأولى في فهم الكلام، وبعض الجهل بالجزء يفضي إلى جهل بالمجموع... فمن لم يتبين معنى الألفاظ المفردة من القرآن أغلق عليه باب التدبر وأشكل عليه فهم الجملة، وخفي عنه نظم الآيات والسورة)[6]. ولا تقف خطورة الجهل بالمفردة القرآنية عند حد الجهل بالمعاني والنظم، بل تتعدى ذلك إلى سوء الفهم وسوء التأويل (وذلك بأن المرء قلما يقف على جهله بل يتجاوز موقفه فيتوهم من اللفظ ضد ما أريد، فيذهب إلى خلاف الجهة المقصودة (...) وربما ترى أن الخطأ في معنى كلمة واحدة يصرف عن تأويل السورة بأسرها) [7]. ولما كان القرآن الكريم عبارة عن نسق مترابط تكتنف المناسبة سوره والنظم آياته، كانت مخاطر سوء فهم ألفاظه منعكسة على فهم مجموعه وكليته.
3.2.1. أن التعامل مع الألفاظ القرآنية في تاريخ التفسير القرآني تم من جهات مختلفة: نحوية وبيانية ومعجمية، نجد ذلك واضحا في كتب الغريب والمعاني وكتب التفسير الجامعة، وتلك التي ركزت على الجوانب البيانية، وكذلك في معاجم الألفاظ القرآنية، وكتب الوجوه والنظائر، ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى التعامل مع هذه الألفاظ من جهة الاصطلاح أي باعتبارها مصطلحات قرآنية تدرس بمنهج مصطلحي. وسنؤكد هذه الحاجة بعد بيان اصطلاحية الألفاظ القرآنية في ما سيأتي.
3.1. طبيعة المصطلح القرآني
أهم الخصائص التي تجعل الحاجة قائمة إلى دراسة المصطلح القرآني بمنهج الدراسة المصطلحية:
1.3.1. أن المصطلح القرآني هو أصل مصطلحات العلوم، فلا يكاد يتبادر إلى الذهن مجال من مجالات العلوم والمعرفـة، إلا ونجـد لـه مصطلحات دائرة في القرآن الكريم، مستعمَلة فيه بشكل من الأشكال، حاملة لدلالة من الدلالات، سواء كانت من مصطلحات العلوم الشرعية، أو من مصطلحات العلوم الإنسانية، أو من مصطلحات العلوم المادية. وبسبب هذه المركزية، فإن الدارس لهذه المصطلحات في المجالات العلمية والتخصصات التي آلت إليها واستُعملت فيها فيما بعد، لا مناص له من دراستها في أصل دلالتها، إذ يلزم من معرفة المآلات معرفـة الأصول، وبذلك تتكشف له مناحي التطور في تلك الدلالة. وهذا الأمر لا يتأتى إلا بالدرس المصطلحي لهذا المصطلح في الأصل الذي خرج من رحمه، أي في القرآن الكريم.
2.3.1. أن المصطلح القرآني مطبوع بطابع النسقية والنظام الذي يطبع القرآن الكريم كله، فلا تكاد تنظر في مصطلح إلا وتجد نفسك مشدودا إلى مصطلحات أخر تتعالق معه نوعا من التعالق، وإلى ضمائم له يمتد عبرها إلى دلالات جديدة، وكما كان فهم بعض القرآن الكريم في عرف السلف متوقف على فهم بعضه الآخر، كذلك هي مصطلحاته تتمايز بأضدادها، وتتحدد خصائصها المفهومية من خلال مواقعها من غيرها من المصطلحات، والكشف عن هذه العلائق والضمائم والخصائص والمواقع إنما يتم بالدرس المصطلحي.
3.3.1. أن المصطلح القرآني ككل المصطلحات لا يحاط به علما إلا بوضع الحدود والتعريفات المبينة لسماته وخصائصه، وحاجة المصطلح القرآني إلى التعريف هي أم الحاجات، نظرا لما حدث في الأمة من انحراف في الفهم وتحريف في التصور نتج عنه ركام من الفوضى المصطلحية. ولقد صدق الشيخ الفراهي حين رآى أن ( الخطأ في حد كلمة واحدة أنشأ مذهبا باطلا، وأضل قوما عظيما، وجعل الملة بددا) [8]. وإذا كان الأمر كذلك فإن كتب اللغة والغريب والمعاني، وكتب التفسير تقصر عن إعطاء التعريفات الدقيقة للمصطلحات القرآنية، لا لقصور معرفي لدى أصحابها، ولكن لعدم استصحابهم فكرة اصطلاحية هذه المفردات، فكتب التفسير وإن اشتملت على تعريفات للمصطلحات القرآنية، إلا أن تلك التعريفات لم تكن نتيجة دراسة مصطلحية تتتبع وتحصي، وتدرس وتحلل، وتصنف، ثم تعرف، بل هي تعريفات مستقاة من فهم المفردة في موضعها من الآية، وفي أحسن الحالات، في مواضعها في أكثر من آية.
2. ملاءمة الدرس المصطلحي للقرآن الكريم
إذا تبين أن القرآن الكريم بطبيعة متنه ومفرداته ومصطلحاته يستدعي الدرس المصطلحي، أو بتعبير أدق منهج الدراسة المصطلحية، فإن المنطق يقتضي إثبات ما يدلل على ذلك في الطرف الآخر، أي إثبات ملاءمة الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم. والسبيل إلى ذلك بيان الخصائص المنهجية لهذا النوع من الدرس التي تؤكد هذه الدعوى، وكذا الخصوصيات التي تطبع هذا الدرس لتعلقه بالقرآن الكريم وليس بأي نص عادي، ثم بيان بعض الثمار المعرفية التي يجنيها الدارس المصطلحي للقرآن الكريم.
1.2. خصائص منهج الدراسة المصطلحية
إن أهم ما يميز الدراسة المصطلحية أنها تنطلق من المصطلح وتحلل النص الذي يوجد فيه لتصل إلى وضع التعريف، كما توضح ذلك الخطاطة التالية:
هذه الخاصية هي ما يميز الدراسة المصطلحية عن علم المصطلح، وعن الدراسات اللسانية، وعن التفسير، وهي نفسها الخاصية التي توفر أكبر قدر من الموضوعية والعلمية في تفسير دلالات المصطلحات القرآنية وما يرتبط بها من قضايا، فهي تهتم بالمصطلح داخل النص، وليس بمعزل عنه، وبالنص من خلال المصطلح، لا بعيدا عنه. وهذا الأمر يمنح الدارس قدرا مهما من التجرد عن أي رأي مسبق، أو مذهب حادث، وذلك لعمري هو ما يعصم من مزالق سوء الفهم والتأويل، و مهالك تحريف الكلم عن مواضعه. ولبيان هذا الأمر نحاول تبين هذه الخاصية العامة بتفرعاتها الثلاثة:
1.1.2. الانطلاق من المصطلح، وهو يتم عبر الإحصاء الدقيق والاستقراء التام الذي يعصم الدارس من السقوط في "الانتقائية" و"العفوية"، و يوفر أول مؤشر على بيان السمات الدلالية المميزة لمفهوم المصطلح. حيث يتم تحديد نسبة حضور المصطلح في النصوص، ويستخلص من ذلك ما يستخلص من دلالات، ناهيك عن أن هذا الإحصاء يمكن من تجميع المادة العلمية وإعدادها للتصنيف والتحليل في المراحل اللاحقة. كما يمَكن من خلال الشروط التي يتطلبها ـ وفي مقدمتها: التمرس بالمجال العلمي الذي ينتمي إليه نص المصطلح، والتعرف على النص قراءة وفهما له ولما راج حوله من شروح دراسات ـ يسهل عملية دراسة النصوص في المرحلة اللاحقة.
2.1.2. تحليل النصوص، وهو ما يسمى في عرف الدراسة المصطلحية بالدراسة النصية، فهي السمة الثانية المميزة لهذا النوع من الدرس، حيث يتم استثمار كل معطيات تحليل النصوص، وفي مقدمة ذلك علوم اللغة (من صرف ونحو وبلاغة ومعجم)، وسائر ما يعين على معرفة أوضاع النصوص المقالية والتداولية، وهذا الأمر بالذات يتطلب من الدارس إلماما بكل العلوم الخادمة للقرآن الكريم، التي يتوسل بها المفسر في عمله، كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ، والعموم والخصوص، والمناسبة. دون أن نغفل أن المدخل إلى هذه الدراسة النصية هو معرفة الوضع المعجمي للمصطلح في اللغة قبل نزول القرآن الكريم ( الدراسة المعجمية)، مما يسمح بملاحظة التطور الدلالي الحاصل بالاستعمال القرآني له، وأن نتائج هذه الدراسة هي التي ستكون موضوع تصنيف دقيق (الدراسة المفهومية) يسمح بحصر كل السمات المكونة للمفهوم، وما يتصل به صفة وحكما، وما يتعلق به ائتلافا واختلافا، واتصالا وافتراقا، وهي السمات التي ستكون مادة التعريف الأولى. وبهذا يمكن القول إن دراسة نصوص المصطلح هي قطب الرحى في الدراسة المصطلحية.
وإذا كان الإحصاء يقي الدارس من العيوب التي قد تفقد دراسته السند المنهجي، فإن الدراسة النصية تعطيه سندا معرفيا قويا، إذ ليس هنالك أكثر صحة وصوابا، في فهم مراد المتكلم من كلامه، من الاحتكام إلى لغته، وسياقات استعماله لها، ومقامات خطابه للمتلقين لها في زمن الخطاب، والأحوال المصاحبة لكل ذلك، وذلك هو صميم ما تقوم به الدراسة النصية.
3.1.2. وضع التعريف وهو العملية المتوجة لكل ما سبق، والمقصد الأعلى للدراسة المصطلحية، وأحد سماتها المميزة، فبه تتضح أحد أهم النتائج العلمية لدراسة المصطلح القرآني وهي: معرفة حدوده ولوازمه، فيتم العلم به حق العلم. وكما أن التعريف هو التتويج العملي لما يسبقه من مراحل، فهو أيضا زبدة جهد الدراس، بما يتطلبه من قدرة ذهنية على الانتقال من الاستقراء إلى الاستنباط، وقدرة لغوية على الاختزال والتركيب، والصياغة العلمية الدقيقة الجامعة.
وبالوصول إلى وضع تعريف المصطلح القرآني نكون قد أمسكنا بمفتاح فهم المصطلح، الذي يعد مفتاحا لفهم النص بكامله، فإذا كانت المصطلحات مفاتيح النصوص، فالتعريفات مفاتيح المصطلحات، وهذا التلازم بين المصطلح والتعريف، هو الذي يجعل التعريف في الدراسة المصطلحية هو الغاية المطلوبة، وهو الذي يميزها عن التفسير. وهو أيضا الذي يؤكد على جدوى الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم، إذ بالتعريف تضبط المصطلحات، وتحدد معانيها التي جعلت لها قصدا، فتفهم كما أنزلها الله عز وجل، دون أن تحمل على دلالات حدثت بعد النزول لم تكن معروفة في خطاب الله عز وجل وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم.
2.2. خصوصية الدرس المصطلحي للقرآن الكريم
إذا صح القول بأن النص القرآني هو أكثر النصوص حاجة إلى الدرس المصطلحي، فينبغي أن ننوه إلى أن له من الخصوصيات في ذلك ما يحتاج إلى جهد لحصرها واعتبارها في الدرس، وهي في عمومها خصوصيات مستمدة من طبيعة مصدره، فهو "نص" مصدره الله جل جلاله، ثم من طبيعة متلقيه، فالمخاطَب فيه هو الإنسان أيا كان وحيثما كان، وهو لذلك نص يمتد في الزمان والمكان، وهو مع هذا كله نص لا يمكِّن أيا كان من فهمه وبيانه حتى يؤمن به كامل الإيمان، وتكتسي نفسه منه بجميل الخُلق والإحسان، مع التضلع من اللغة التي نزل بها، وإجالة النظر في العلوم التي نسجت حوله لخدمته. وتفصيل القول في هذه الخصوصيات نورده مقسما إلى قسمين: الأول نخصصه لما له تعلق بمصدر النص، والثاني لما له تعلق بالمخاطب به.
1.2.2. مصدر النص:
لا يخفى على المهتمين بالدراسات اللسانية الحديثة أن مسألة مصدر النص (أو منتجه وقائله) ومركزيته في عملية فهم النص وتحليله والوصول إلى مقاصده، ضلت مثار جدل بين تيارات لسانية مختلفة، حيث أسندت مهمة تحديد معنى النص تارة إلى المؤلف (مع المذهب التاريخي)، وتارة إلى النص نفسه (مع البنيوية)، وتارة إلى المتلقى (مع التفكيكية ومدرسة التلقي). ورغم دفاع مؤسسي الفلسفة الظاهرية الألمان عن مبدأ القصدية، الذي هدفَ ابتداء إلى الربط بين القول بقائله، فقد خرج من صلب تلاميذ أولئك الشيوخ المؤسسين من قتل القائل والقول معا، بحجة القصدية نفسها، حيث صارت القصدية هنا: قصدية القارئ لا المؤلف، ما دام النص خطابا مكتوبا "إليه" ومتوجها "نحوه"!. ثم ما فتئت أن أعادت "التداولية" الاعتبار للمؤلف، حين أدخلته ضمن السياق الكلي المنتج للنص، أو الوضعية الكلية للخطاب، إلى جانب المتلقي ومتن القول نفسه.
إن إثارة هذه المسألة هنا ضمن خصوصيات الدرس المصطلحي للقرآن الكريم، لا يعني أننا طرف في هذا النزاع، فعلماؤنا كانوا أكثر وعيا من فلاسفة اللغة ومن أرباب المذاهب اللسانية اليوم، حين أعلنوا منذ قرون عديدة أنه لا بد أن يكون هناك (متكلم قد عرفت عادته ومستمع قد عرف عادة المتكلم بذلك اللفظ، فهذه القيود لابد منها في كلام يفهم معناه) [9]. وأن ( الكلام كلام من اتصل به، واتصف به وألفه وأنشأه، وكان مخبرا بخبره وآمرا بأمره، وناهيا عن نهيه ) [10] . لكن الذي ساقنا إلى هذه التوطئة، التأكيد على أن منهج الدراسة المصطلحية من أكثر المناهج مراعاة لطبيعة مصدر النص القرآني، فهذا المنهج لا يؤكد على ضرورة مراعاة المتكلم في دراسة نصوص المصطلح فقط، بل ينص على ضرورة مراعاة قدسيته، التي كان من أكبر تجلياتها وجود الرسول المبلغ لهذا النص المتلقي له بواسطة الملك الأمين، وهو نفسه المبين الأول لهذا النص.
وأول ما تثيره هذه الحقيقة من خصوصيات هو معرفة موقع نصوص السنة من دراسة النص الأصل، والسؤال الذي يفرضه هذا الأمر هو: كيف نتعامل مع هذا النص في الدراسة، هل نعتبره نصا موازيا للنص الأصل، أم نصا شارحا مبينا ؟
فإذا اعتبرناه موازيا للنص الأصل، واجهتنا مسألة الصحة والضعف فيه، وهي مسألة لها امتدادات في علوم الحديث، حيث نجد المعايير المعتبرة عند العلماء لتمييز الصحيح من السقيم في الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما دام مدار الدرس في هذا المنهج على المصطلح، فإن "صحة المتن"، وقضية "التواتر اللفظي" من أكبر العقبات في وجه اعتبار النص الحديثي موازيا للنص القرآني، ومن ثم لا نضمن مدى دقة النتائج التي يمكن حصدها في الدراسة.
أما إذا اعتبرنا النص الحديثي نصا شارحا ومبينا، فنحن بهذا المقياس ملزمون باعتبار السنة الفعلية أيضا، باعتبارها تشكل الجزء الأكبر من البيان، وهنا نصبح أما كم هائل من الأحاديث والأفعال والإقرارات ـ وكذا السيرة ـ التي تحتاج هي أيضا إلى دراسة وتمحيص لتمييز الصالح منها للبيان من غيره، والمناسب منها لبيان هذا المصطلح أو ذاك من غيره. وفي كلا الحالتين نحتاج إلى الاستعانة بمناهج علوم أخرى، فضلا عن مواجهة احتمال التعارض بين المعاني الحديثية والمعاني القرآنية للمصطلحات.
لذلك كان على الدراس المصطلحي أن يستحضر كل هذه المعطيات وهو يتعامل مع المصطلح القرآني، ولعل أفضل مخرج له من هذا الإشكال أن يعتبر النص الحديثي، والسنة النبوية، الشارح الأول للقرآن الكريم، فيضعه في الاعتبار الأول في تعامله مع باقي النصوص الشارحة كما سيأتي في الفقرة الموالية.
2.2.2. المخاطب بالنص ( تلقي النص)
فيما يخص تلقي النص، يمكن حصر خصوصية النص القرآني في ذلك في أمرين:
1.2.2.2. نزول القرآن الكريم على فترات متراخية استمرت ثلاثة وعشرين عاما، مما يقتضي ضرورة مراعاة أحوال المخاطبين بالقرآن الكريم خلال تلك الفترات، واعتبار التحولات الكبرى المصاحبة لنزول القرآن الكريم، كالانتقال من البيئة المكية إلى البيئة المدنية، والذي بني عليه ما سمي في علوم القرآن بالمكي والمدني، الذي أصل العلماء من خلاله قواعد لفهم كتاب الله عز وجل وبيانه، ومن ذلك أن " المدني من السور ينبغي أن يكون منـزلا في الفهم على المكي، وكذلك المكي بعضه مع بعض، والمدني بعضه مع بعض حسب ترتيبه في التنـزيل، وإلا لم يصح، والدليل على ذلك أن معنى الخطاب المدني في الغالب مبني على المكي، كما أن المتأخر من كل واحد منهما مبني على متقدِّمِه، دلَّ على ذلك الاستقراء... وإذا تنـزَّلْتَ إلى سائر السور بعضها مع بعض في الترتيب وجدتها كذلك حذو القذة بالقذة، فلا يغيبن عن الناظر في الكتاب هذا المعنى فإنه من أسرار علوم التفسير، وعلى حسب المعرفة به تحصل المعرفة بكلام ربه سبحانه"[11].
2.2.2.2. استغراق تلقي القرآن الكريم للزمن الدنيوي كله، فعلى خلاف كل النصوص السماوية منها والوضعية، لا يتعين المخاطب بالقرآن الكريم في بيئة أو ثقافة أو زمن، بل المخاطب به هو الإنسان عموما. وينتج عن هذه الخاصية وجود حركة من الفهم والبيان تفاعلت مع النص بحسب حاجة كل زمان ومكان ومخاطب، فنتج عن ذلك توارد كم هائل من النصوص الشارحـة له الممتدة عبر الزمان والمكان. والسؤال الذي تفرضه هذه الحقيقة هو: كيف يتعامل الدارس المصطلحي مع هذه النصوص؟.
إن الدرس المصطلحي ينطلق أولا من المصطلح ونصوصه، فالأولوية بالنسبة له للنص الأصل لا للنصوص الناشئة حوله، وهو مع ذلك ملزم بالنظر في هذه النصوص، لا لأنها أصبحت مكونا من مكونات النص الأصل، كما يقول أصحاب نظرية التناص ( L’intertextualité )، بل لأنه قد يجد فيها ما يعينه على الفهم الصحيح لها، وخاصة ضمن الجهود الأولى للتفسير على يد تلامذة المتلقي الأول له والمبين الأول له، أعني الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وتلامذتهم، وهم أكثر الناس فهما للقرآن الكريم، وأكثرهم صفاء في تصورهم لمفاهيمه، وهذا، باعتراف دارسي علوم النص وأحوال الخطاب، أصح طريق لتفسير نص، إذ (الذين يعاصرون النص في نشأته الأولى هم أولى الناس بفهمه)[12]. لكن الكثرة و التنوع في النصوص الشارحة المتتالية للقرآن الكريم، أفسحت المجال لأشكال من الفهم والاستنباط تراوحت بين إصابة الحق حينا وإخطائه حينا آخر، وهذا يتطلب من الدراس المصطلحي أمرين: أولا ملاحظة منشأ الخطأ في التفسير الذي يجب تجنبه، والذي لا يخدم مقاصد الدراسة المصطلحية، وثانيا إيجاد معايير يميز بها بين الغث والسمين في هذه الفهوم.
أما الأول، فيمكن حصر أبرز أسباب الخطأ في التفسير في سببين: الأول إسقاط الفهم الخاص بالمفسر، الحادث بعد زمن النـزول، النابع من تصورات مذهبيـة وفكرية معينة، على المصطلحات القرآنية، فتُحَمَّل من المعاني ما لم ينـزل الله بها من سلطان[13]. والثاني: الخلط بين دلالة المصطلح في سياق معين بدلالته أو دلالاته في سياقات أخرى مختلفة. وإذا تأملنا هذين الأمرين وجدنا أن جل مزالق المفسرين والعلماء في الفهم والاستنباط، ترجع إليهما. وقد تنبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى شيء من ذلك حين نبه في مقدمة أصول التفسير إلى أن الاختلاف الحاصل في التفسير من جهة الاستدلال يؤول إلى سببين: الأول، حمل ألفاظ القرآن الكريم على معان مُعتَقَدة (دون نظر إلى ما تستحقه ...من الدلالة والبيان) والثاني: مراعاة (مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم وسياق الكلام) [14] .
وأما الأمر الثاني، فيمكن حصر هذه المعايير في:
- اختيار المصادر الأكثر قربا من القرون الأولى، والأبعد عن المذهبية الضيقة.
- التركيز على ماله علاقة ببيان المصطلحات والمفاهيم.
- التمييز في ذلك بين التفسيرات النابعة من الرؤى الخاصة، وبين التعريفات المستمدة من الدلالة القرآنية الخالصة، فالتعريفات هي المطلب الأول للدارس المصطلحي وهي ثابتة لا تتغير، وأما التفسيرات الخاصة، فهي نابعة من رؤية خاصة للمفسر وهي لذلك متغيرة لا تثبت.
وخلاصة القول، إن النص المفسر يعتبر بالنسبة للدارس المصطلحي أداة من الأدوات المعرفية التي تحتاجها الدراسة النصية، فهو ليس المنطلق والحكم في تحديد معنى المصطلح، ودلالة الآيات ـ لأنه بذلك يكون مخالفا لقواعد الدراسة المصطلحية ـ وإنما يستفاد مما فيه من تعاريف وشروح للمصطلح، وما قد يجاورها من إفادات، مع الاحتكام دوما إلى قاعدة التقيد يالدلالات القرآنية الخالصة دون غيرها من الدلالات الحادثة. وبذلك لا يكون النص المفسر باعثا على التقليد بقدر ما يكون باعثا على التحليل والنقد والتجديد.
تلك هي أهم الخصوصيات التي يفرضها النص القرآني على الدارس المصطلحي، وهي خصوصيات نابعة من طبيعته، وطبيعة مكونات خطابه: أي المتكلم والمخاطب وأحوال الخطاب المتضمنة فيهما، وقد اقتصرنا على بيان المسائل المنهجية الكبرى المترتبة على هذه الخصوصيات، وتبقى هنالك خصوصيات ومسائل تتفرع عما ذكرناه مما يرتبط بالأدوات المنهجية الإجرائية التي يتوسل بها الدرس المصطلحي، والتي تتباين بحسب نوع المصطلح وحجمه.
3.2. ثمار الدرس المصطلحي للقرآن الكريم
إن الحديث عن ثمار الدرس المصطلحي للقرآن الكريم يعني أن هذا المنهج قد طبق وجُرب، وظهرت نتائجه، والحق أن هذا المنهج جديد، وتطبيقاته غير كثيرة، مع العلم أنه نشأ وظهرت أولى تطبيقاته ونتائجه في مجال المصطلح النقدي، وكانت نتائجه هنالك رائدة. ثم ما لبث هذا المنهج أن شب ونقل عبر تجارب مختلفة إلى المصطلح الأدبي القديم والحديث، والمصطلح اللغوي، ثم إلى مجال العلوم الشرعية، في المصطلح الأصولي، والحديثي، ثم كانت النقلة النوعية التي طبق فيها في مجال القرآن الكريم. ورغم أن الدرس المصطلحي للقرآن الكريم لا يزال في بداياته، فقد أمكننا رصد بعض ثمار هذا الدرس نجملها في الآتي:
1.3.2. تحقيق المفردات القرآنية، وامتحان جهود العلماء في تفسيرها: ذلك هو أول ما يجنى من ثمار الدرس المصطلحي للقرآن الكريم، إذ يمكن اعتبار هذه الدراسات جهودا علمية رصينة تضاف إلى جهود العلماء الأوائل في تحقيق المفردات القرآنية كالراغب الأصفهاني، والسمين الحلبي، والفيروزآبادي، والفراهي. كما أن هذه الدراسات قد مكنت بفضل الأدوات المنهجية التي تمتلكها، من امتحان جهود العلماء في تفسير الألفاظ القرآنية، ويمكن التأكد من ذلك بمقارنة نتائج بعض هذه الدراسات مع ما جاء في كتب الوجوه والنظائر مثلا، أو مع ما جاء في بعض كتب التفسير.
2.3.2. إعادة الاعتبار للمصطلحات القرآنية باعتبارها المصطلح الأصل، بتصحيح مفاهيمها وإعادة إدخالها "في الوعي العقدي للأمة بحيث تصبح تتنـزل في الأذهان على أنها أسس من الدين، وأن الإخلال بها إنما هو إخلال بالدين [ وهذا ] من باب إرجاع المفاهيم إلى نصابها الحقيقي، وإحلالها في التصور على الوضع الذي جاءت عليه في نصوص الوحي" [15]. ومما يترتب على ذلك إشاعة هذه المصطلحات بين الناس باستعمالها – في كل الأوقات والأحوال- حتى تألفها الأسماع وتأنس لها القلوب، فتخط طريقها نحو الإحلال في الواقع بعد الإحلال في التصور.
3.3.2. الكشف عن التطور الدلالي الحاصل في الألفاظ القرآنية، وذلك بفضل الدراسة المعجمية التي تعتبر مدخلا لبيان دلالات هذه الألفاظ، فمن الأمور الدقيقة التي تكشف عنها هذه الدراسة المعجمية: تحديد المعنى الذي تخلق منه المصطلح، ولذلك أهمية قصوى في فهمه.
4.3.2. بيان العلاقات المفهومية بين المصطلحات، والفروق المعنوية بين الألفاظ التي يظن ترادفها، وكذا تحديد مواقع المصطلحات من بعضها، وهذا وإن كان واضحا بالنسبة لدراسة المصطلح الواحد، فإنه سيكون أكثر وضوحا وفائدة، إذا استخلص من دراسات متعددة لأكثر من مصطلح، وهو ما سيكون ميسرا، إذا أنجز المعجم المفهومي للقرآن الكريم[16]، بإذن الله تعالى.
إن هذه الثمار تعكس دون شك مدى ملاءمة الدرس المصطلحي للقرآن الكريم، ومدى حاجة القرآن الكريم إلى الدرس المصطلحي، وهي بعد ثمار أولية، إنها أول الغيث الذي نرجو أن يعم ويصيب، وأن يكون صيبا ونافعا بإذن الله عز وجل.
خلاصة واستنتاجات
خلاصة القول، إذا كانت هناك من حاجة إلى دراسة الخطاب القرآني بمناهج لسانية جديدة، تناسب حاجات هذا العصر، فإن الدراسة المصطلحية ـ التي تستحق أن تكون أكثر من مجرد دراسة ـ تعتبر من أكثر المناهج استجابة لهذه الحاجات العلمية والحضارية، ولن نزعم بأن الدراسة المصطلحية هي البديل لعلم التفسير، ولا يحق لنا ذلك، وإنما نؤكد على أنها المدخل الصحيح له، بما أوتيت من أدوات منهجية تعين على سبر حقائق الألفاظ القرآنية، التي يجمع العلماء قديما وحديثا على أنها المدخل الأساس لفهم النص القرآني، كما أنها بفضل ارتباطها بالمصطلح ونصوصه، ومراعاتها لخصوصياتهما وبتوسلها بسائر المعطيات المعينة على فهم هذه الخصوصيات، تكون أقرب إلى تلمس المعنى الصحيح والصائب.
إن هذه الحقيقة تدعونا إلى التأكيد على وجود حاجةً متبادلةً بين الدراسات القرآنية والدراسة المصطلحية:
فمن جهة تحتاج الدراسة المصطلحية إلى الدراسات القرآنية لتحقيق مطلب التوسيع: أي توسيع الإجراءات والمجالات، لأن امتحان علمية المنهج لا يكون إلا باختبار مدى فاعليته في المجالات المختلفة. لأن تعدد المجالات يقضي بحصول اتساع في الأدوات والأساليب، وغنىً في إمكانات المنهج، نظراً وتطبيقاً. وهذا التوسيع في المجالات من شأنه أيضا أن يؤدي إلى تنوع في خطوات المنهج، وفي أشكال تنفيذه.
ومن جهة ثانية، فإن بالدراسات القرآنية اليوم حاجة إلى هذا المنهج لتحقيق مطلب التجديد الذي صار مطلبا مُلحًّا على العلماء والمتخصصين اليوم، في زمن اشرأبت فيه الأعناق إلى مدارس ومناهج مستوردة، وشخصت الأبصار إلى مذاهب تاريخية متجاوزة. وإننا لنعلم أن مركب التجديد ركبه الكثيرون منهم الظالم لذاته وتراثه، ومنهم الذي يرجو أن يسبق للخيرات، نسأل الله عز وجل أن نكون من السابقين للخيرات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- دلائل النظام، عبد الحميد الفراهي، الدائرة الحميدية، ط: 1، 1388هـ..
- دور الإصلاح العقدي في النهضة الإسلامية، عبد المجيد النجار، إسلامية المعرفة، ع:1/1995.
- فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم وابنه، مؤسسة قرطبة، القاهرة، 1969م.
- القرآن المجيد، محمد عزة دروزة، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت (د.ت).
- اللغة والتفسير والتواصل، مصطفى ناصف، عالم المعرفة، الكويت، 1995م.
- مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين والإسلاميين الشاهد البوشيخي،دارالقلم، ط1993م.
- المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. (د.ت).
- مفردات القرآن، عبد الحميد الفراهي، تحقيق محمد أجمل أيوب الإصلاحي، دار الغرب الإسلامي، ط: 1، 2002م.
- مفهوم التأويل في القرآن الكريم والحديث الشريف، فريدة زمرد، أنفو برانت، فاس، 2005م.
- مقدمة أصول التفسير، ابن تيمية، تحقيق: فريال علوان، دار الفكر اللبناني، ط1، 1992م.
- الموافقات في أصول الأحكام، أبو إسحاق الشاطبي، دار الفكر 1413هـ.
- مجلة إسلامية المعرفة، ع:1/1995.
* قدمت هذه الورقة في ندوة (القرآن الكريم ولسانيات الخطاب) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس، بتاريخ: 22، 23 /04/ 2006م.
[1]- ينظر في تعريف الدراسة المصطلحية: مفهوم التأويل في القرآن والحديث، ص: 24-38.
[2]- دلائل النظام، الفراهي: ص28.
[3]- القرآن المجيد، محمد عزة دروزة: ص209.
- الأنعام : 82[4]
- مفردات القرآن الكريم، ص: 6.[5]
- المفردات للفراهي، ص: 95.[6]
- نفسه: 95- 96.[7]
- المفردات، ص: 51.[8]
- الحقيقة والمجاز: ف 20 / 495.[9]
- فتاوى 12 ص: 463.[10]
[11]- الموافقات، الشاطبي: 2/3/244-245 .
[12]- اللغة والتفسير والتواصل، مصطفى ناصف، ص 76.
[13]- وإن أصدق مثال على هذا الأمر ما حدث مع مفهوم لفظ" التأويل" الذي حُمِّل في شروح المفسرين – في الغالب- معاني اصطلاحية حادثة بعد زمن النـزول، إذ لم يراعوا في تفسيرهم له الدلالة القرآنية الخالصة المستمدة من سياقات استعماله في النص القرآني.
[14]- مقدمة أصول التفسير، ص 52.
[15]- دور الإصلاح العقدي في النهضة الإسلامية، عبد المجيد النجار، إسلامية المعرفة، ع:1/1995، ص68.
[16]- وهو المشروع الذي يعمل على تحقيقه معهد الدراسات المصطلحية الذي يرعى هذه الدراسات.