يمكن اعتبار كتاب تودوروف الجديد "الخوف من البرابرة : ما وراء صدام الحضارات" بمثابة رد واضح و صريح على أطروحة صدام الحضارات التي شكلت و لا زالت تشكل انجيلا للمحافظين الجدد و لحلفائهم فيما وراء المحيط الأطلسي.
يلاحظ تودوروف أن هذه الأطروحة و ما يصاحبها من تهويل للآخر و حشره في خانة البرابرة و المتوحشين الذين يجب القضاء عليهم و محاربتهم لم تعد تقتصر لأسف على الأوساط السياسية المحافظة و الامبريالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، بل تعدتها الى التأثير بشكل كبير على الرأي العام الأوروبي و على رأسه بعض الساسة المتنفذين و المثقفين المؤثرين .
ما هو أكثر من محاربة البرابرة و حشد القوة و العتاد ضدهم هو تربية الخوف في النفوس من خطر "البرابرة" بإطلاق ، حيث الخوف من "برابرة" ما يظل ضرورة للبقاء ، و هذا ما يأخذ تودوروف على عاتقه تحليله و دراسته، حيث يرجع إلى الأصول التاريخية لمقولة البرابرة و كيفية استعمالها من قبل مختلف الشعوب و الاقوام ضد شعوب و أقوام أخرى لدرجة انه بامكاننا القول ان كل شعب كان "برابرة" في وقت من الأوقات لشعب آخر.
بعد انقضاء الحرب الباردة لاح في الافق تحقق حلم بعض الحكماء و العقلاء الذين تطلعوا دائما الى حل المشاكل و المواجهات بالحوار السلمي و العقلاني ، لكن بعد عشرين سنة يستنتج تودوروف ان العالم يعيش انقساما و فصلا نكدا أكثر حدة و خطورة من ذي قبل.يستند تودوروف الى الصنافة التي قام بهاد ومنيك مويسي في كتابه "صدام العواطف" حيث يرى مويسي أن هناك ثلاث مجموعات بشرية : فهناك ما يمكن ان نسميه بمجموعة "الشهية" حيث إن شعوب هذه المجموعة يحركها الشعور بالاقصاء الذي تتعرض إليه من قبل العالم المتقدم فترى ان الوقت قد حان لاستفادتها من كعكة العولمة و الاستهلاك، و قد افتتحت اليابان هذا المسار و اليوم توجد دول على طريقها مثل دول جنوب شرق آسيا و الهند و الصين و إلى حد ما البرازيل ، و هي لا تألو كل الوسائل لتحقيق هذا اللحاق.هناك مجموعة ثانية يحركها "الشعور" الناتج عن الاحساس بالاهانة سواء كانت هذه الاهانة حقيقية او متخيلة .و يمثل مويسي لذلك بدول العالم الاسلامي و بعض دول امريكا اللاتينية و يكون هدف هذا الشعور هو الدول الاستعمارية القديمة بالاضافة الى الولايات المتحدة الامريكية بالطبع .
اما المجموعة الثالثة فهي ما يصطلح عليه تودوروف بدول الخوف أو الشعور بالخوف و هي ممثلة بشعوب الغرب التي تهيمن على العالم منذ قرون عديدة .ان خوف هذه المجموعة يتجه صوب المجموعتين السابقتين.فهي تخاف "شهية" المجموعة الاولى المفتوحة عن آخرها و المالكة لامكانات اقتصادية لا يستهان بها خاصة قدرتها على انتاج الكثير بتكلفة اقل.اما خوفها من المجموعة الثانية فهو خوف من هجوم مادي فيزيقي أي الخوف من العمليات الارهابية و الخوف من الامكانات المادية لتحقيق ذلك مثل وجود مخزون هائل من البترول...
هناك مجموعة رابعة تتسم بالتردد و هي موزعة على مختلف القارات و هي لازالت تقع خارجا عن المجموعة الأولى و الثانية و في معزل عن الثالثة ، لكن في انتظار انتهاء مخزونها من الثروات الطبيعية عن طريق النهب الذي تتعرض له بتعاون مع أولياء أمورها و بتواطئهم ، لا يستبعد أن تلحق مستقبلا بالمجموعة الأولى أو المجموعة الثانية .
يصرح الكاتب ان تحليله سينصب على المجموعة الثالثة أي المجموعة التي يحركها الخوف و التي يعرفها عن كثب لانه يعيش داخلها.و يلخص اطروحة كتابه بقوله :إن الغربيين لهم كامل الحق في الدفاع عن انفسهم ضد كل اعتداء و كل تعد على القيم التي اختاروا بناء انظمتهم الديموقراطية على اساسها .لهم كذلك ان يحاربوا بكل حزم كل تهديد ارهابي و كل اشكال العنف.لكن ليس في مصلحتهم ان ينساقوا الى رد فعل مبالغ فيه و متطرف من شانه ان يؤدي الى نتائج عكس المبتغى.
ان الخوف يصبح خطرا على الخائف نفسه بل انه غالبا ما يصبح ذريعة و تبريرا للسلوك الذي نسميه "سلوكا لاإنسانيا ".ان الخوف من الموت الذي يهددني يجعلني قادرا على القتل و التنكيل و التعذيب .و هذا ما حدث و يحدث بعد الحادي عشر من سبتمبر" فباسم حماية الأطفال و النساء (عندنا) ذبح الكثير من الرجال و النساء و العجزة و الاطفال (عند الآخرين) .
إننا حينما نطلب من عسكر جنوب إفريقيا لماذا اقترفتم ما اقترفتموه إبان نظام الابارتيد من أعمال وحشية و لا إنسانية فإنهم يجيبونك اننا كنا نحمي النساء و الأطفال الأبرياء من وحشية الثائرين.و هكذا "فالذين نسميهم وحوشا هم غالبا اولئك الذين لجأوالى ذلك خوفا على أنفسهم و على ذويهم" .ان الخوف من البرابرة هو ما يوشك أن يجعل منا برابرة.
يرى الكاتب ان هذا ينطبق تماما على ما تفعله الولايات المتحدة خاصة بعد احداث 11 سبتمبر في افغانستان و العراق و لبنان ، و يرى ان بلدان الاتحاد الاوروبي تتببع في ذلك الولايات المتحدة لكن على مضض و بتردد واضح.
و علاوة على ان ما يسمي بالحرب على الارهاب اصبح من علاماته البارزة سجن غوانتنامو و ابو غريب و بجرام فانه ، كما يرى الكاتب أدى الى فشل مزدوج تمثل في "تقوية الخصم و اضعافنا نحن" .فمع قدرة الولايات المتحدة الامريكية على تدمير الجيوش و القتل و الفتك ب"الاعداء" فانها من جهة اخرى تربي و تنمي الشعور بالاهانة و الظلم عند شعوب المجموعة الثانية .
ان هذا العنف الذي تقوم به الدول الغربية يدمر العالم الغربي من الداخل فباسم الدفاع عن الديموقراطية نتخلى عليها !" كيف نستمتع بانتصار على عدو بشع اذا كان هذا الانتصار جعلنا نصبح مثل عدونا تماما؟".انه حينما يصبح كل شيء مباح في الحرب ضد الارهاب ، فان هذه المحاربة تختلط بالارهاب نفسه ان لم تتماهى معه.
من جهة اخرى يرى الكاتب انه داخليا عوضت الاحزاب اليمينية عدائها للمهاجرين بعدائها للاسلام لان الاول يسهل مطابقته بالعنصرية بينما الثاني يتم باسم حرية نقد الاديان و المعتقدات و الافكار ، مع العلم ان النزعة العنصرية واضحة في هذا الخطاب الاسلاموفوبي الجديد /القديم.بل ان العنصرية القديمة ضد المهاجرين تنضاف اليها الاسلاموفوبيا التي بدات تغزو أذهان كثير من الساسة و غيرهم فاصبح سهلا تفسير كل سلوك هؤلاء المهاجرين بارجاعه الى الدين الاسلامي الذي اصبح ، ليس فجاة بالتأكيد، العدو رقم واحد الذي يجب تعبئة المجتمع الغربي ضده.
يخصص الكاتب الفصل الاول و الثاني للتدقيق في معاني و دلالة بعض المصطلحات التي يؤدي استعمالها العشوائي و المكثف الى خلق و مراكمة الرؤى الاقصائية و الاحكام العنصرية .يقف اولا مع مفهوم البربرية في تقابله مع مفهوم الحضارة ، ثم يعرج على مفهوم الثقافة في تقابله أو ترادفه مع مفهوم الحضارة.ان " البرابرة" عند اليونان هم اولئك الذين لا يعترفون باشتراك الآخرين معهم في خاصية الانسانية و من ثم يرون احقية معاملتهم كما يعامل الحيوان .في مستوى آخر استعمل نعت البرابرة لتعيين أولئك الذين لا يفهمون لغة البلاد و ثقافتها.لكن سرعان ما غطى الاستعمال الاول على الاستعمال الثاني.
اما عن مفهوم الثقافة فيعتبر الكاتب انه يتجلى على مستويين مترابطين اشد الترابط : مستوى الممارسات الاجتماعية ذاتها و مستوى الصورة التي تحدثها هذه الممارسات في ذهن أعضاء جماعة ثقافية ما .ان الثقافة تستند الى ذاكرة جماعية مشتركة و قواعد للحياة المشتركة.لا انسان بدون ثقافة كما انه لا ثقافة بدون انسان .
ان ما يسبب في سوء تفاهم الشعوب هو اختلاف الثقافات و ليس الحضارة ، اذ الحضارة واحدة و هي تقابل البربرية فليس من الحضارة مثلا الانغلاق على الذات و اعتبار الجماعة البشرية محدودة فيمن تجمعهم خصائص العرق و الدم و الدين فقط و كل ما عدا ذلك خارجا عنها ، و ليس من الحضارة التفريق بين اهل البلد الواحد في القوانين على اساس العرق او الاصل او الدين ..و لا شك ايضا ان التعذيب و التنكيل و الاذلال و الابادات الجماعية من سمات البربرية لاالحضارة .
من جهة أخرى ان انكار وجود البربرية او بالاحرى انكار اخراج البرابرة من فئة الانسانية كما يفعل ذلك شتراوس ليس معناه تساوي "البربرية " و " الحضارة" بل ان معناه فقط ان البربرية هي احدى "الغرائز الحيوية " الكامنة في الانسان كما كان يرى فرويد .بهذا المعنى ان الحضارة و البربرية قطبين لمحور واحد ذو طبقتين اخلاقيتين تمكناننا من تقويم الافعال الانسانية.
يقف الكاتب في هذين الفصلين عند بعض الاستعمالات الخطيرة و المغالطة لمفهومة الثقافة و الحضارة كما هو الشان مع ارنست رنان واوريانا فلاشي و ايلي برنافي و الان فلكنكروت و غيرهم ممن سعوا الى تاسيس قطبية حادة من ثنائية نحن و هم او الخير و الشر و النور و الظلام...
يخصص الكاتب الفصل الرابع لتحليل اسباب نجاح اطروحة صدام الحضارات لصامويل هنتنغتون .و هو يرجع هذا النجاح الى التبسيطية الفارطة لاطروحته التي تحدد في جملتين العدو و الخطر و التحدي و الحل .و هو لا يتورع ان يضع اسم هنتغتون و فالاشي و برنافي في نفس السلة لا ن ما يجنمع بينهم هو الكثير من التبسيطية و الاختزال.يفند الكاتب مقولة حروب الاديان و يرى ان الحروب الدينية تتم داخل البلد الواحد و ليس بين البلدان و كل الحروب التي تمت في القرون الاخيرة انما كانت في الاغلب حروبا سياسية و القليل منها حروبا اديولوجية .حتى الحروب الصليبية لا نغلب في ايجاد تفسيرات سياسية لها.
في هذا الفصل يناقش الكاتب متعلقات هذه الاطروحة و تطبيقاتها في الادراة الامريكية الحالية مثل شرعنة التعذيب و شرعنة كل الوسائل التدميرية الممكنة لمحاربة "العدو" ..
في الفصل الخامس يحلل تودوروف بعض الاحداث التي حاول من خلالها بعض اليمينين المتطرفين الصاق "خصائص جوهرية و ماهوية " بالاسلام مثل العنف و معادة الآخرين ..فيقف على حدث مقتل تيو فا غوخ في هولندا و الفكر التبسيطي اليميني الذي تمثله الصومالية ايان هيرسي علي ، كما يتناول بالتحليل الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية و يفند مزاعم حرية التعبير التي تستر وراءها الناشرون مخفين دوافعهم الحقيقية المتمثلة في معاداة الاجانب و الايمان بصراع الاديان و الحضارات، و يقف أخيرا عند محاضرة البابا في راتسيبون عن علاقة المسيحية بالعقلانية و ما ورد فيها لثلم للاسلام بمعاداة العقل ..و في كل ذلك يبين الكاتب عن موضوعية كبيرة و حصافة تحليل و تميز نظر نادرا ما نجده عند غيره.فهو في كل هذه الاحداث ينتقد النفاق الاسلاموفوبي الذي يتستر وراء حرية التعبير لكي يستهدف ثقافة اقلية مهمشة في الدانمارك او فرنسا في حين ان الشجاعة التعبيرية تعني التجديف ضد معتقد او رأي يكون غالبا او راسخا في العقول و ليس بالضرب على وتر افكار متخلفة تعشش في اذهان كثير من العامة و الخاصة منذ القرون الوسطى و ما فعلته الرسوم الكاريكاتورية مثلا ليس الا التعبير عما في اذهان العامة باخراجه الى العلن ، فليس هذا شجاعة تعبيرية و لا شهامة راي .كما ينتقد لجوء الاعلام و السياسيين الى الوقوف عن الخلفية الدينية و الماهوية لقاتل فان غوخ و عدم سلوك نفس الشيء مع قاتل بيم فورتاين المسيحي نشاة و تربية الهولندي نسبا و عرقا.
أما بخصوص محاضرة البابا فهو يبين حجم المغالطات و السطحية و معاكسة التاريخ في خطابه لا بالنسبة الى المسيحية و لا بالنسبة الى الاسلام.
لكن الكاتب ينتقد في نفس الوقت ردود الفعل اللاعقلانية و السلوكيات الغوغائية التي صاحبت هذه الاحداث من قبل بعض المسلمين محذرا ان تزيد أشكال هذه الردود من تشويه الاسلام و الثقافة الاسلامية في الغرب و تعضد بذلك موقع المعادين للمهاجرين و المسلمين بصفة عامة.
يقف الكاتب وقفة قصيرة مع مآلات الاجتهاد و التجديد في الفكر الاسلامي المعاصر و اسباب تعثرها و آفاقها المحتملة منبها الى عدم تخصصه في المسالة مسطرا لبعض المحاولات التي اطلع عليها مثل محاولات علي عبدالرازق و عبدالمجيد الشرفي و عبدالوهاب المؤدب و محمود محمد طه..
و اخيرا يتناول تودوروف في الفصل الاخير مسالة الهوية الاوروبية ناصا على ان هذه الهوية لا تحدد بمحتواها بقدر ما تحدد بالموقع او المساحة التي تخصصها للاختلاف بين اقطارها و ثقافاتها. يقف الكاتب عند ما يشكل نقاط ضعف الاتحاد الاوروبي الا و هي السياسة الخارجية .فنتيجة تركيز هذا الاتحاد على القوام القانوني و المؤسساتي لهذا التجمع و نتيجة لنفوره من التاريخ الاليم الذي شكله التطلع الامبريالي لبعض دول اعضائه فيما قبل ، لم يبد هذا الاتحاد حماسا مذكورا للعب دور حقيقي على مستوى سياسته الخارجية مما أدى الى استأساد الولايات المتحدة و تبعية الاتحاد الى اختياراتها الكارثية او على الاقل سلبيتها تجاهها .فلا بد بالنسبة للكاتب من المزاوجة بين التطلعات الاخلاقية للشعوب الاوروبية و لمجتمعاتها المدنية و واقعية السياسيين حتى يحدث التوازن تجاه السيطرة الامريكية بل و حتى تستطيع تفادي إمكانية عودة التطلعات المسلحة (مثل ما هو شأن روسيا) أو بعض الاخطار الموجودة بالقوة كما اثبتت ذلك أحداث لندن و مدريد.و في فقرة في الفصل الأخير يتناول الكاتب مسالة حدود الاتحاد الاوروبي ، فإذا كان اولريش بيك قد دعا الى "أوربة" مستمرة و لا نهائية فان الكاتب يصيغ الاشكال بسؤال و جيز : . و ملموس : ما هي الحدود النهائية للاتحاد الاوروبي ؟
فاذا كانت المعايير التي على اساسها يتم قبول دخول دول جديدة ثلاثة : هي القبول بالترسانة القانونية التي طورها الاتحاد ، ان تكون دولة حقوق و ديموقراطية ، القرب الجغرافي ، فإن اضافة معيار ثقافي من الصعوبة بما كان خاصة في تحديد هذا "الثقافي" هل هو "الديني" ام "العلماني" ..و الكاتب لا يرى "الهوية الدينية المسيحية" معيارا صائبا على ما قدمته المسيحية للثقافة الاوروبية..و عليه لا يرى الكاتب مانعا ان يكون المغرب او تركيا جزءا من هذا الاتحاد.
من جهة اخرى يحذر الكاتب من مغبة اعتبار أوروبا هي الحضارة و الحضارة هي أوروبا ، فتلك هي الخطوة الاولى نحو البربرية كما شرح في الفصل الاول.لكنه يرى ان مشروع الاتحاد اذا ما احترم بعض "مثله المعلنة" فيمكن ان يكون خطوة نحو عالم اكثر حضارة.
في خاتمة الكتاب المعنونة ب"ما وراء الثنائيات المانوية" يدعو الكاتب الى النقد الذاتي الذي ينبغي ان تتسلح به كل ثقافة تجاه نفسها ان هي ارادت ان تدخل في حوار مع باقي الثقافات ، و يدعو الى نبذ اعتبار الذات خيرا مطلقا او الآخر شرا مطلقا كما تفعل الولايات المتحدة التي باسم هذه "الخيرية المطلقة " شرعت لنفسها حق التدخل العسكري بدون اي اساس قانوني او اخلاقي الا اساس القوة .ان الحرية لن تنشر بالاكراه و المساواة لن تتم بالاخضاع.و على هذا الاساس يدعو الدول الغربية الى سحب قواتها من العراق و افغانستان و اغلاق سجون و مخيمات التعذيب.و التوقف عن لوك الثنائيات الخطيرة مثل عالم التنوير/عالم الظلام و عالم الحرية / عالم العبودية..فانه ليس هناك اية ميزة في تفضيل الشر على الخير اذا كنا نحن من نحدد محتواهما سلفا. .