/
محمد إقبال: السياق التاريخي والوعي بضرورة التجديد.
عبد الله إدالكوس
شهد الوعي العربي والإسلامي خلال القرن التاسع عشر، تحولات شديدة العمق وتغيرات حادة بسبب عوامل سياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية وفكرية، ترجع في مجملها إلى التحدي الحضاري الذي شكله الآخر الأوربي " بهذا اتخذ الفكر العربي نسقا آخر حيث جعل في أفق منظوره " الآخر المختلف واعتبره خصما له مهدد لكيانه الاجتماعي والحضاري- فسعى إلى أساليب جديدة تعيد إليه نضارته، لأن المفكرين في القرن التاسع عشر قد بدؤوا يفكرون في واقع التأخر الذي بات يخيم على واقعهم مقارنة مع الوافد الآخر. وستغذي هذه الموضوعة كوكبة من المفكرين المسلمين من ذلك جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في إطار الصحيفة العربية العروة الوثقى والمفكر محمد إقبال. هذه الموضوعة هي التأخر، عالجوها بمقابلتها بنقيضها وهي موضوعة التقدم والترقي والتفوق التاريخي الكامن في الحقل الغربي، وتعمل هذه الكوكبة من المفكرين على صياغة الحلول قصد الخروج من هذا المأزق الحضاري، فبدأ الحديث عن إعادة فتح باب الاجتهاد وإعادة قراءة الأصول قراءة حديثة مواكبة في ظل الفتوحات الفكرية والنظريات الفلسفية الناشئة حديثا، لأن هذه النخب واعية لأهمية مقولة "الواقع التاريخي" وصيرورته وهذا الإدراك سبيل إلى إعادة النظر في المقولات والمسلمات وفقا للمنظور الجديد لكن دون التضحية بالهوية وبالأصول، فمحمد إقبال مثلا تنطوي مؤلفاته المتعددة الأغراض على نداء إلى السلفيين والعصريين، إلى العلماء والباحثين المسلمين إلى تأويل السنة وقراءة القرآن قراءة جديدة، مع التمسك بالتوحيد" وهو المفكر الذي "قاده شغفه المبكر للفلسفة إلى دراستها وتحصيلها في جامعات بريطانيا وألمانيا واقترب كثيرا من الفلسفات الأوربية الحديثة وتعمق في دراستها وتكوين المعرفة بها، ووجد فيه الأساتذة الأوربيون بأنه يمثل الطالب الذكي الذي يستحق العناية والاهتمام به، لهذا فقد كان من السهل على إقبال أن يصبح مفكرا متغربا، وتلميذا نجيبا للثقافة الأوربية. كما حصل ويحصل مع الكثيرين في العالم الإسلامي الذين مروا بمثل تجربة إقبال، مع ذلك بقي إقبال محافظا على جوهره الديني ومتمسكا بعقيدته وشريعته، ومدافعا قويا وبدون مواربة عن الإسلام والأفكار الإسلامية ومحاججا المفكرين الأوربيين في أفكارهم وفلسفاتهم" . وتكمن أهمية إقبال في جانب آخر في كونه مفكر إسلامي خارج السياق العربي وهو ما سمح بتعدد روافده الفكرية يقول حميدة النيفر: " كان العمل الفكري لمحمد إقبال موصولا بالتراث الثقافي الهندي والفارسي وبتكوين معرفي أوربي فهو مفكر عالج مسألة الإنسان من خارج الثقافة العربية فكان له موقع يمكننا من رؤية وتمش مختلفين للعلاقة التي بين الإسلام والتاريخ. لم يكن إقبال عربيا ولم يفكر بالعربية وهو رغم شديد إعجابه بالجزيرة العربية ورسالتها الحضارية يقدم رؤية إسلامية للإنسان والزمان من خارج الفضاء العربي" . أبدع محمد إقبال في الشعر فكتب دواوين حملها تصوره الفلسفي الذاتي وفكره الخاص عبر قوالب من القوافي ترجمت إيمانه الشديد بالوحدة بين مجالات التعبير الإنساني التي تجمعها غاية واحدة، لكن إقبالا عرف واشتهر بمؤلفه الذائع الصيت "تجديد التفكير الديني في الإسلام" بأكثر من غيره- وهو عبارة عن محاضرات ألقاها إقبال باللغة الإنجليزية، ما بين 1928م 1929 تلبية لطلب الجمعية الإسلامية في مدارس بالهند صدرت في كتاب باللغة الإنجليزية مع بداية ثلاثينات القرن العشرين ولم تترجم إلى اللغة العربية، إلا في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، يقول عن هذا الكتاب: " لقد حاولت في هذه المحاضرات التي أعددتها بناء على طلب الجمعية الإسلامية بمدارس وألقيتها في مدارس وحيدر آباد وعليكره بأن أحاول بناء الفلسفة الدينية الإسلامية بناء جديدا، آخذا بعين الاعتبار المأثور من فلسفة الإسلام إلى جانب ما جرى على المعرفة الإنسانية من تطور في نواحيها المختلفة واللحظة الراهنة مناسبة كل المناسبة لعمل كهذا" . يقول زكي الميلاد: " جدير بالعالم الإسلامي أن يتذكر ويفتخر بوجود مفكر وفيلسوف مثل محمد إقبال فمن يتعرف على أفكاره وأشعاره يتملكه الإعجاب به، وهو من طبقة المفكرين الكبار ومن الفلاسفة الذين يذكرون بفلاسفة المسلمين السابقين، وقد كان صاحب فلسفة عرف بها، هي الفلسفة الذاتية، حيث يرى أن هدف الإنسان الديني والأخلاقي هو إثبات الذات لا نفيها، وكماله يتوقف على قدر إثبات ذاته وتمكين استقلاله وأن الذات العليا هي المثل الأعلى للإنسان وكلما تخلق الإنسان بأخلاق الله كما جاء في الأثر قرب من كماله، وتنقص ذاته على قدر بعده من الخالق، وهذا يعني أن إقبال لم يكن فيلسوفا بلا فلسفة، كما لم يكن مقلدا أو تابعا لغيره بل كان صاحب نزعة فلسفية تجديدية" . جدلية النص المقدس والوعي التاريخي في منظومة إقبال التجديدية. يعتبر الدكتور حميدة النيفر كتاب تجديد التفكير الديني في الإسلام بمثابة " الإسهام الحاسم في الدفع بالمفهوم التجديدي إلى السياق التأسيسي والخروج به نهائيا من حالة الاستهجان وما صاحبها من القلق والغموض (فقد) كان محمد إقبال المفكر المسلم الأول في الفترة الحديثة الذي طرح على النخب العربية مسألة التجديد من الداخل الثقافي قصد تأسيس لها قائم على فكر نسقي يعمل من أجل الوصول إلى آليات إنتاج معرفة جديدة عبر حركة تبادل وتداول بين فكر قديم له تاريخيته وفكر جديد له راهنيته" . فمحمد إقبال ما يفتأ يؤكد على ضرورة عقلنة الخطاب الديني للدخول به إلى العالم الحديث يقول: " وفي الحق أن الدين نظرا لوظيفته أشد حاجة حتى من المبادئ العلمية، إلى أساس عقلي لمبادئه الأساسية، فقد يتجاهل العلم الإلهيات (الميتافيزيقا) التي تعتمد على العقل، بل لقد تجاهلها حتى الآن، ولكن الدين لا يكاد يستغني عن السعي إلى التوفيق بين المتضادات التي نجدها في عالم التجربة، وعن تعليل يبرر أحوال البيئة التي تجد الإنسان محاط بها، ولهذا نجد الأستاذ هويتد يلاحظ بحق أن عصور الإيمان هي عصور النظر العقلي" . ويقول في موضوع آخر: " ليس ببعيد ذلك اليوم الذي يكشف فيه كل من الدين والعلم اتفاقا متبادلا بينهما لم يكن حتى اليوم منتظرا. على أنه ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن التفكير الفلسفي ليس له حد يقف عنده، فكلما تقدمت المعرفة، وفتحت مسالك للفكر الجديد، أمكن الوصول إلى آراء أخرى غير التي أثبتها في هذه المحاضرات وقد تكون أصح منها، وعلى هذا فواجبنا يقتضي أن نرقب في يقظة وعناية تقدم الفكر الإنساني وأن نقف منه موقف النقد والتمحيص" . إن ما نستشفه من النصين ونصوص أخرى كثيرة هو سعي إقبال الحثيث إلى إذكاء الوعي التاريخي في تعاطينا مع إشكالات وموضوعات الفكر الديني، وأهم إنجازات التجديد بهذا المعنى هو "إيجاد مسافة فاصلة بينه وبين الموروث الفكري والعقدي والفقهي والاجتماعي يتمكن من خلالها من استيعاب معقولية الموروث وتاريخيته" وإقامة تمايز واضح مع الخط السلفي الحديث الذي انطلقت مساعيه في القرن التاسع عشر "بنزعته المقتصرة على استعادة المقولات الإسلامية عبر التواصل مع الموروث الديني الخاص المعرض كل الإعراض عن القضايا المستجدة في البلاد الإسلامية فضلا عن البناء الفكري العلمي ومقتضياته المعرفية" . هذا التوجه السلفي حسب برهان غليون كان ينطلق في فكره من مبدأين: 1) نقاوة الأصول بما يتيح إحداث اختزالات زمنية تمكن من الرجوع إلى الأصل الممثل للنقاد. 2) تصور للمجتمع والإنسان قائمين على علائق دينية أساسا. إنها رؤية ثيوقراطية فاقدة لكل حس تاريخي تختزل مجالات المجتمع وحركيته في البعد الأخلاقي الديني فحسب. مقابل هذا كانت الجهود التجديدية الأولى – ومحمد إقبال أحد ابرز ممثليها- تعمل فكريا على: 1) إذكاء الحس التاريخي وذلك باعترافها بالمجال السياسي الاجتماعي وبضوابطه الخاصة. 2) إثبات ما للإنسان من استعداد للوصول إلى الحقائق عن طريق الدليل العلمي بما يجعله قادرا على استيعاب إيجابيات الآخر وإعادة النظر في القيم والمفاهيم الإسلامية من زاوية حاجات العصر. مثل هذا المسعى وضع خطوطا أولية تواجه القصور الثقافي الذاتي الذي أفقد الهوية الخاصة مصداقيتها وفاعليتها" . إن ما يميز محاولة محمد إقبال التجديدية هو هذا التجاوز للمقولات السلفية من جهة ونقده من جهة ثانية مساعي النخب العربية العلمانية الداعية إلى لاندراج في التاريخية الحديثة فقد أراد بهذا الموقف رفض الحتميات التاريخية بشقيها السلفي والحداثي يقول: " ظل التفكير الديني في الإسلام راكدا خلال القرون الخمسة الأخيرة، وقد أتى على الفكر الأوربي زمن تلقى فيه وحي النهضة عن العالم الإسلامي، ومع هذا فإن أبرز ظاهرة في التاريخ الحديث هي السرعة الكبيرة التي ينزع بها المسلمون في حياتهم الروحية نحو الغرب ولا غبار على هذا المنزع فإن الثقافة الأوربية في جانبها العقلي ليست إلا ازدهارا لبعض الجوانب الهامة في ثقافة الإسلام، وكل الذي أخشاه هو أن المظهر الخارجي البراق للثقافة الأوربية قد يشل تقدمنا فنعجز عن بلوغ كنهها وحقيقتها" . من أجل ذلك كان إقبال يروم ويؤكد على "ضرورة إعادة تركيب الفكر الديني، بما بفضي إلى تقديم تفسير جديد غير إيديولوجي لمقولة "الإسلام صالح لكل زمان ومكان" أي قائم بالأساس على أنساق معرفية جديدة لا يمكن بلوغها دون رؤية للعالم مختلفة جذريا" . وربما هذا ما دفع بأحد منتقديه وهو الدكتور محمد البهي في كتابه "الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي" إلى الاعتراف بمكانة الرجل العلمية وبقوة طرحه ودقته يقول: " كان إقبال دقيقا عندما عبر عن حركته الفكرية ب" إعادة بناء الفكر الديني" في الإسلام دون التعبير ب" الإصلاح الديني"، لأن أية محاولة إنسانية تدور في محيط الإسلام. لا تتعلق بتعديل مبادئه، طالما أن مصدره وهو القرآن له صفة الجزم والتأكيد والأبدية، وأية حركة إصلاحية في الإسلام بعد ذلك هي إذن في دائرة الفكر الإسلامي حوله، وفي دائرة أفهام المسلمين لمبادئه. وليس هناك تطور للإسلام نفسه لأن الوحي به قد انتهى على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. كما ختمت برسالته الرسالة الإلهية، ولا يترقب إذن أن يكون هناك إصلاح ديني في الإسلام على نحو الذي تم بصنعة " مارتن لوتر" في المسيحية، فعدم التثبت في رواية الإنجيل وعدم الاتفاق على رواية واحدة مؤكدة له، أتاح منافذ عديدة، فدخل منها إلى رسالة المسيح عادات وأفهام أصبحت على ممر الزمن جزءا لا يتجزأ عن المسيحية، وبالتالي أتاح فرصة لإصلاح "لوتر" ومن على شاكلته" . المدخل إلى الحداثة: مبدأ الحركة. من أهم المبادئ التي أسس عليها محمد إقبال مراجعاته للفكر الديني مبدأ الحركة في الإسلام، فجعله مدخلا أساسيا للحداثة الموصولة بالمنظومة الدينية يقول: " إن الإسلام بوصفه حركة ثقافية يرفض ما اصطلح عليه القدماء من اعتبار الكون مارا ثابتا، ويصل إلى رأي يقول بأنه متحرك متغير، والإسلام بوصفه نظاما عاطفيا يقول بوحدة الكلمة يدرك قيمة الفرد من حيث هو فرد ويرفض قرابة الدم أساسا للوحدة الإنسانية" . إن تأكيد مبدأ الحركة في بناء الإسلام هو الذي دفع بمحمد لإقبال إلى التعاطي مع النص القرآني بنظرة واقعية تقطع مع التصورات المثالية المنفصلة عن الواقعو الإنسان، وسعى بالتالي إلى توظيف "مكتسبات الحداثة الفكرية الغربية في مجال إعادة النظر في النص القرآني والديني، فنحن إزاء نص منزل مكتمل، وواقع تاريخي في صيرورة دائمة وفكر متغير،من ثم كان لزاما وجود جدلية بين النص والزمن والإنسان" . " تلك هي النظرة الواقعية لمحمد إقبال في تعامله مع نصوص القرآن، فهو قد حاول الملائمة بين القرآن ومتطلبات العصر، وأثبت إمكانية التجاوز من خلال مفهوم الصيرورة المعوض لمفهوم الوجود، وهو بهذا قد استفاد من الفكر الفلسفي الغربي والعقلانية النقدية، لكن دون السقوط في شرك العبادة لتلك الأقانيم، ومن ثم استطاع – كما يقول الباحث التونسي إلياس القويسم- تأسيس الفكر الجدلي الإسلامي المقابل للفكر الجدلي الغربي، هذا الفكر الجدلي الغربي قد أسس نسق العقل المنعكس الذي يفضي إلى إقامة صراع بين الإله والإنسان، بحيث نتج عن هذا إقامة عالم أرضي قاطع للصلة مع الميتافيزيقا، أي عالم هجره الإله، فالوجود كائن في ال"هنا" بذلك وقع استبدال الوجود الإلهي بالوجود الإنساني نظرا إلى عدم إمكانية وجود طرفين، فما كان منهم، إلا تأليه الإنسان، وذلك من خلال تجاوز قيمة الإنسان إلى الإنسان الأعلى الذي ينحت قيمه بنفسه، بذلك يسموا الإنسان نحو الأرقى الذي هو الاسم الآخر للكمال، أي أكدوا أن تطور الإنسان يقع خارج دائرة الدين، بمعنى ضمن دائرة العلمانية، في حين أن محمد إقبال يرد هذا المفهوم للوجود، ويقر نسقا آخر يرتكز على التصور القرآني المقر بالتطور والصيرورة، لا الجمود والثبات الذي صنعه الفقيه المتأخر" . تلك إذن كانت أهم القواعد الأساسية لتحرير مفهوم التجديد من التوظيفات الإيديولوجية و الفكرانية، و عقلنته ويكون له بذلك "تصور مختلف للثقافة والهوية يخرجها عن دائرة الماهيات المتعالية ليضعها في سياق حراك الواقع ومتطلباته، إنه مشروع ذو بعدين أساسيين. - بعد داخلي مؤسساتي يمكن نخب المجتمعات العربية من الكفاءة والتحرر والانسجام مما يبعدها عن التبعية والانقسام. - وبعد إنساني فكري يؤسس لوعي بديل يحقق علاقة جدلية بين الذاتية والعالمية والأنا والآخر تجعل الثقافة المحلية قادرة على الإبداع وتمكن من الاندراج في ثقافة عالمية بالمعنى التعددي للكلمة مما يجعل الحضارة العالمية أكثر إنسانية" . مثل هذا المسعى لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تخلصنا من سلطة الماضي والنموذج، والاستفادة من الإمكانات المعرفية التي توفرها التجارب التاريخية على تنوعها واختلافها لأمتنا وللأمم الأخرى على حد سواء " فإن تبجيل التاريخ الماضي تبجيلا زائفا وبعثه المصطنع ليس علاجا لانحلال شعب من الشعوب، وقد أحسن كاتب من المحدثين –يقول إقبال- تصوير ذلك فقال: " إن حكم التاريخ هو أن الأفكار البالية لم تقم لها قائمة أبداء بين قوم بليت على أيديهم"، وعلى هذا فالقوة الفعالة الوحيدة التي تقاوم قوى الانحلال في شعب من الشعوب تكمن في تنشئة أفراد ذوي فردية قوية ومثل هؤلاء الأفراد هم وحدهم الذين تتجلى فيهم أعماق الحياة، فهم يجهرون مقاييس جديدة نبدأ نرى في ضوئها أن بيئتنا ليست واجبة الحرمة في كل شيء، بل تفتقر إلى التعديل، والميل إلى المبالغة في التنظيم بإظهار احترام زائف للماضي و الأمر الذي نلاحظه عند فقهاء المسلمين في القرن الثالث عشر وما تلاه، كان مخالفا لروح الإسلام" . إن هذه القيود التي كبلت الفكر الإسلامي، لا يمكن أن تنكسر في نظر إقبال إلا بالاجتهاد المطلق، وبواعث هذا الاجتهاد هي: 1- أن العالم الإسلامي أصبح يتأثر بما يواجهه من قوى جديدة أطلقها من عقالها تطور الفكر الإنساني تطورا عظيما في جميع مناحيه. 2- أن أصحاب المذاهب الفقهية لم يدعوا أن تفسيرهم للأمور واستنباطهم للأحكام هو آخر كلمة تقال فيها، وأنهم لم يزعموا هذا أبدا. 3- أن ما ينادي به الجيل الحاضر من أحرار الفكر في الإسلام من تفسير أصول المبادئ التشريعية تفسيرا جديدا على ضوء تجاربهم. وعلى هدي ما تقلب حياة العصر من أحوال متغيرة هو رأي له ما يسوغه كل التسويغ. 4- حكم القرآن على الوجود بأنه خلق يزداد ويترقى بالتدريج، يقتضي أن يكون لكل جيل الحق في أن يهتدي بما ورثه من آثار أسلافه، من دون أن يعوقه ذلك التراث في تفكيره وحل مشكلاته الخاصة" . فالتجديد إذن بهذا المعنى هو " إنهاء لمرحلة "لا تاريخية الفكر العربي" ومباشرة العرب والمسلمين قضاياهم ومعتقداتهم وأفكارهم ضمن قواعد الحركة العقلية الإنسانية أي نهاية التقسيم الديني الأخلاقي للعالم. بهذا المعنى يكون التجديد قد استقر على دلالة تميزه عن الإصلاح وعن الاجتهاد وعن التحديث في آن واحد، إنه أعقد من الإصلاح الذي يعني استيعابا لإيجابيات الآخر يتصل بتطوير المؤسسات الاجتماعية والسياسية، واشمل من الاجتهاد الذي لا يعدوا أن يكون تغطية لمستجدات العصر عن طريق حلول شرعية يجمع فيها بين القديم النافع والجديد الصالح، وهو أكثر تجدرا من التحديث الذي يقتصر على استرداد للحضارة توطينا لها قصد الفاعلية والولوج من جديد إلى التاريخ"
14-04-2009 . الملتقى / / .
http://almultaka.org/site.php?id=733 |