/

 

 

من ذاكرة الملتقى .. مجلة الملتقى - العدد التجريبي الأول

هيئة التحرير

لمـاذا المـلتقى ..؟


n للإجابة عن هذا السؤال نقول:

إذا رصدنا واقع الاتجاهات الفكرية في عالمنا العربي الخاص، نلحظ أنها بتلاوينها المختلفة، وتنوّع مشاربها تتوزع على تيارين اثنين هما: الأول التيار التغريبي العلماني الذي يصف نفسه بالعقلانية والتنوير. والثاني: التيار الإسلامي الذي يصف ذاته بالأصالة والهوية.

وإذ ننطلق في ملتقانا هذا بحس تشاركي لا يمارس الإلغاء أو التهميش أو التهمة تجاه أي طرف كان، وفق مسعانا الداعي للتواصل لا للتفاصل، للتناصُت لا للتَّصامُم، للتعارف لا للتضاد، للالتقاء لا للافتراق، فإننا لا نعتبره مسعاً يحول دون تشخيص حالة الفكر العربي العام أو مداهنة بعض أطرافه، بالرغم من بعض الجهود التي تبقى جَد متواضعة إذا قيست بحجم التحديات المفروضة والأسئلة المعرفية المعلَّقة، وتطلب الاشتغال بها. ومتواضعة أيضاً في مواجهة حجم وحركية الفكر العالمي وفاعليته وحدود تأثيره وعولمته.

ما زال التيار التغريبي العلماني  يَرهن حركة العقل لديه لرحى الفكر الغربي بمدارسه المختلفة من وجودية وماركسية وبنيوية وليس آخراً تفكيكية وما بعد حداثية. فيقع في تقليد الآخر ومحاكاته من حيث يريد التجديد والتحديث. يفكر بعقلانية محكومة بآليات إنبناء مخصوصة في سياقاتها التاريخية، وأطرها الاجتماعية، وحقولها الابستمولوجية، ظاناً أنه يمارس عقلانية حرَّة خالصة. فَـيُستعبَد من حيث يريد الحرية. ويحاكي من حيث يريد الابداع.

أما التيار الإسلامي فإن قطاعاً واسعاً منه لا تقل أزمته عن أزمة التيار التغريبي عمقاً وانتشاراً. فهو يقدِّم ذاته باعتبارها تيار الهوية «المَأْصُولة» ولا يستطيع أن يحدد معالم هذه الهوية أو شروط بعثها الراهن، أو فعاليتها في تاريخ التدافع الحضاري المعيش. يعطِّل النص من حيث يريد تحكيمه في الناس. يأبِّد فترة تاريخية مضت، وهو مَن يسعى لدور في التاريخ. يصادر الواقع ولا يَسْتَفْتِيه وهو من يريد تغييره. الإبداع لديه إبتداع. والاجتهاد المخالف زندقة. وإنجازات المغاير مهما عَظُمَت دَنْيَوةٌ دنيا. حَوَّل اجتهادات الآباء من نهج تجديد وتثوير للفكر وللواقع  الى قيود تكبل حركة الاجتهاد وتلغي الواقع.

أما علاقة التيارين فيما بينهما فحالها على ما هي عليه منذ مطلع هذا القرن. وهي علاقة لم تخرج عن أحد شكلين: إما احتراب فكري قوامه الاتهام بالرجعية والجمود والماضوية والأصولية والسلفية من قبل التيار التغريبي، أو الاتهام بالتبعية والعمالة والزندقة والجاهلية من قبل التيار الإسلامي. والشكل الآخر للعلاقة هو المداهنة والتشدق بشعارات الحوار والتعايش التي لم تُفلح في تغطية جذر القطيعة، والنفي المتبادل، كلٌ منها للآخر ..

هذا هو واقع تيارات واتجاهات الفكر العربي والإسلامي وحالها، وهو واقع وصل حداً من الفوضى والتقليد والسكونية أفضى إلى عطالة تكاد تصبح بنيوية. وهو الواقع الذي تَجْهَد الملتقي أن تتجاوزه إسهاماً منها في حركة الإبداع والتجديد.

نسعى للإبداع ولا ندعيه. نحاول التجديد ولا نزعمه، نحرص على باب الاجتهاد مُشْرَعاً ولسنا مجتهدين. نقارب واقع الفكر العربي ونجهد لحل مأزوميته دون أن نملك السحر أو الحقيقة كاملة.

وعـليه فمرحى بالجميع في الملتقى الفكري للإبداع n

 

 

06-11-2015 .   الملتقى /  /    .   http://almultaka.org/site.php?id=925