/
هل صحيح ألا مستقبل لدولة الإسلام؟ – هل هي مستحيلة فعلا؟
أبو يعرب المرزوقي
مقدمة: أنطلق من هذا السؤال الدقيق حول مسألة الدولة “هل صحيح ألا مستقبل لدولة الإسلام؟ هل هي مستحيلة حقا؟” في إطار بحث أوسع يخص ما أطلق عليه اسم عقد المسلمين وكيف نتجاوز الموقف الدفاعي لتحقيق الاستئناف الموجب. فما يبنغي فهمه لعلاج هذه المسألة هو: والغريب أن الدعويين يبدو أصحابهما وكأنهما يدافعان عن علوية الإسلام على التاريخ الفعلي للشأن السياسي إما بصورة عامة فصلا للدين عن السياسة (عبد الرازق) أو بمقتضى خلقي يتفرد به الإسلام وتخلو منه الدولة الحديثة (حلاق). لكن جهنم كما هو معلوم مبلطة بالنوايا الحسنة: فرب مدح هو في الحقيقة عين الذم خاصة إذا كان فيه تكذيب بنصوصه الصريحة. ذلك أن الدعويين تنافيان خاصيتي الإسلام كما يحدد ذاته في مرجعيتيه القرآن والسنة: لب الإشكال ليس من عادتي العناية بالموضة. خاصة إذا كانت تدور حول كليشهات فاقدة لروح الفكر الفلسفي أعني علاج القضايا من منطلق مفهوماتها التي يتعلق بها الإشكال. فمن السهل أن تثبت استحالة استعادة الماضي بالحال التي مضى عليها: ومحاولة الكلام في هذا من السخافة إلا إذا كان القصد بالاستحالة في زمن معين حدث بعد أن لم يكن. لكنها عندئذ ليست مستحيلة لذاتها بل لعارض هو ما يكتنف ذلك الزمان. لذلك فلن أتهم صاحبها بمعاداة الإسلام من خلال اعتبار أهم مقوماته أمرا ماضيا تجاوزه التاريخ ولا مستقبل له فهذا هو جوهر الاستراتيجية التي يعتمدها العلمانيون والليبراليون والقوميون الفاشيون الذين يريدون تأبيد تفيت دار الإسلام وتشتيت تاريخه لإضفاء الشرعية على الدويلات القطرية التي تسهل الاستضعاف والاستتباع من المستعمر وذراعيه إيران وإسرائيل ومليشياتهما لن أتهم نواياه خاصة وهو قد زين أطروحته بمغازلة الكبرياء الإسلامية فمجد الماضي وادعي أنه كان على أفضل حال بل وقد أضاف إليه إبراز مزاياه الخلقية التي يدعي أنها غائبة في العصر الحديث بالقياس إلى ما يزعمه من مزايا كانت للإسلام لكنها لم تعد مناسبة للعصر. فيعطينا من ناحية ثانية كاريكاتورا من الحداثة لا يقل سطحية عن كاريكاتور الأصالة. ذلك أن ذم الحداثة بهذه الطريقة هو من علامات غباء الكثير من الإسلاميين الذين يتصورون أن الأخلاق حكر على المسلمين وأنه يمكن أن توجد حضارة دولتها خالية من الأخلاق.
01-12-2015 . الملتقى / / .
http://almultaka.org/site.php?id=936 |