/
مشروع الموسوعة القرآنية الألمانية: عرض وتعريف
سامر رشواني
الموسوعة القرآنية أو (Corpus Coranicum) هو الاسم الذي أطلق على المشروع الذي ترعاه أكاديمية برلين_براندنبرج للعلوم (Berlin-Brandenburgische Akademie der Wissenschaften) عام 2007. وهي أكاديمية علمية عريقة تعود أصولها إلى مطلع القرن الثامن عشر. ويدخل هذا المشروع في إطار المشاريع الموسوعية الخاصة بتراث العالم القديم وعالم العصور الوسطى، مثل موسوعة النقوش اللاتينية واليونانية، أو معجم اللغات المصرية القديمة، وغير ذلك كثير. تعد أنجليكا نويفرت، الأستاذة في معهد الدراسات العربية والسامية في جامعة برلين الحرة، الأب الروحي للمشروع والمشرف العلمي عليه، أما إدارته فيتولاها تلميذها ميخائيل ماركس. وقد حظي المشروع بتمويل يمتد حتى عام 2025. وقد أعقب انطلاق هذا المشروع قراءات مختلفة لأهدافه وسياقه الزماني وطبيعة ما سينجزه. إذ تلقَّاه البعض باعتباره فتحا علميا منتظرا سينتهي بالخروج بنسخة نقدية للقرآن، الأمر الذي سيثير حفيظة المسلمين ويغذي غضبهم تجاه الغرب[1]. بينما لم ير فيه آخرون جدة أو أصالة على مستوى المنهج والرؤية، اللهم إلا على مستوى شمول العمل وسعة مراميه[2]. هذا الجدل دفع القائمين على المشروع إلى القيام بجولات عديدة في البلدان الإسلامية؛ لغرض بيان غايات المشروع وأهدافه، وأنه لا يرمي بحال إلى إخراج نسخة جديدة من المصحف، كما زعم بعض الصحفيين، وأن المشروع وإن كان ينطلق من مقاربة تعتمد النقد التاريخي، إلا أنه لا يختلف من حيث الجوهر عن مقاربات مشابهة في التراث الإسلامي، مثل البحث في أسباب النزول وما شابهها[3]. ورغبة في تقديم صورة دقيقة عن هذا المشروع، نقدم فيما يلي تعريبا لرؤية المشروع الأصلية حسبما هي مثبتة في موقع أكاديمية برلين-براندنبرج للعلوم[4]، مشفوعة بصور عن المنجز المبدئي الذي عرض على صفحة المشروع الخاصة[5]: إن مشروع الموسوعة القرآنية يهدف إلى الوفاء بمطلبين ملحَّين في البحث القرآني: أولهما توثيق النص القرآني من خلال مخطوطاته، ومن خلال نقله الشفاهي (القراءات)، وثانيهما تقديم تفسير مستفيض يضع القرآن في سياقه ظهوره التاريخي. فعلى خلاف النسخ المتداولة للقرآن في يومنا هذا والتي تستند إلى طبعة الملك فؤاد القاهرية في 1923/24؛ فإن المشروع المزمع يرمي إلى استقراء شامل لشهادات المخطوطات الأولى، وكذلك للقراءات القرآنية التي تم حفظها ووثقها التراث الإسلامي. وبما أن نظام كتابة المخطوطات القرآنية القديمة يتيح - بسبب خلوه من النقط والإعجام- تعددا في الدلالة، فقد تم اختيار الفصل بين نتائج البحث في المخطوطات، ونتائج البحث الخاصة بالقراءات القرآنية. ووفق ذلك فإن التوثيق النصي سوف يتخذ شكل عرض مزدوج ومتواز لكلا الطريقتين. أما التفسير المروم فإنه أولا سيتناول القرآن من منظور تاريخي (دياكروني) تعاقبي، أي؛ باعتباره نصا نشأ بالتدريج عبر عقدين من الزمان، باحثا عن التطورات الشكلية والمضمونية والمفهومية، وكذلك ما طرأ على النصوص القرآنية الأولى من إعادة تأويل أو تغيير في الدلالة عبر إحالات أو إضافات لاحقة. أما ثانيا فإن هذا التفسير يعتمد مقاربة تنظر للسورة باعتبارها وحدة، وأن السور المكية على الأقل – في اتفاقها الثابت مع الأنماط البنائية المعهودة وأشكال الخطاب المناسبة - هي وحدات أدبية. ثالثا: يعتمد التفسير كذلك على استقراء واسع للنصوص الموازية يهودية كانت أو مسيحية. ولكن هذا التفسير يتجاوز فيلولوجيا القرآن التقليدية - التي قامت على مبدأ الكشف عن الأصول المباشرة، مطلقة من رؤية معرفية تؤمن بخضوع القرآن لتأثيرات النصوص الدينية السابقة عليه- ويرى : أن القرآن لم ينطبع سلبا بالأشكال والمضامين السابقة عليه، بل انتقى منها أشياء، فعدلها أو أعاد عرضها في ضوء الأفكار والأسئلة التي تتصل بالجماعة القرآنية، بل إنه لربما أقام معها جدلا نقديا. تفاصيل أخرى في المرفق: [1] Frank Schirrmacher, "Bücher können Berge versetzen" ("Books can move mountains"), Frankfurter Allgemeine Zeitung Bücher, 10 October 2007. [2] Oliver Leaman, Journal of Qur'anic Studies. Volume 15, Page 142-148 DOI 10.3366/jqs.2013. [3] Michael Marx, Angelika Neuwirth and Nicolai Sinai, "Koran, aber in Kontext — Eine Replik" ("The Qur'an, but in context — a reply"), Frankfurter Allgemeine Zeitung, 6 November 2007.
01-02-2016 . الملتقى / / .
http://almultaka.org/site.php?id=946 |