آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

النص والتراث  .  دراسات قرآنية

دراسات حديثية    |    الفقه و الأصول    |    العقيدة و الكلام

  •     

تكوينية نظرية الفهم والتأويل في السنن الرمزية العربية الإسلامية

أبو يعرب المرزوقي


تعرض هذه الدراسة المطولة لنشوئية علم التفسير التاريخية في التقليد الاسلامي من تلخيص ابن خلدون مراحل التفسير فنحلل الأصناف التي أحصاها والأصناف التي يبدو قد أهملها لنستكمل عرضه بصيغتين نظريتين مشروطتين صيغة الاستثمار الفلسفي فتحدد نسقا يجمع بين بعدي الهرمينوطيقا فهما وتأويلا، وصيغة التأسيس الفلسفي الذي يستخرج من علم الدلالة المطبق على المفردات القرآنية المتعلقة بالفهم والتأويل، والاستثمار والتأسيس كلاهما ذو مستويين: استقرائي لتاريخ التفسير ولنص القرآن، واستنتاجي منهما كليهما لتحديد مقومات مناهج التفسير ودلالاتها الفلسفية...
 
تمهيد(1):
 
لعل أهم العلل التي آلت بفكرنا الفلسفي إلى عدم الاسهام الجدي في فهم الأسباب التي أغرفت المسلمين في مآزق حضارتهم المتراكمة اثنتان تشتركان في ما أصابتاها به من عقم على مستوى ادراك العالم وعلى مستوى ادراك ادراكها للعالم شرطي التجاوز المبدع. وكلتاهما تبدوان صفتين أكثر وضوحا في وجود حضارتنا المادي منهما في وجودها الرمزي. ففي وجودها المادي لا توجد ثقافة أو حضارة يميزها التبعثر والفوضى إلى حد جعل مقومات وحدتها مجرد أسماء دون مسميات مثل الحضارة الاسلامية في عصرنا. لكن وجودها الرمزي لا يقل عن ذلك تشتتا وشعثا واضطرابا. فليس يمكن لأي مفكر أن يقدم منظومة نسقية من أي عمارة فكرية لضرب من ضروب فكرها عمارة ذات وحدة حية يمكن أن تعلل كونه ما كان فتمكن من فهم ما يمكن أن يكون عليه في المستقبل فضلا عن توقعه. 
ولا غرض لهذه المحاولة إلا بيان مراحل النضوج الفلسفي الذي يخولنا الحق في اعتبار الدور النقدي الذي أداه الفكر الفلسفي غير المنتسب إلى الجماعة الموسومة باسم الفلاسفة(2) رغم غلبة الدور السلبي (الرفض والنقد) عليه قد حقق قفزة نوعية ليس في الفكر الاسلامي فحسب بل في الفكر الانساني عامة. وحان الوقت لابراز معالم هذا الدور السالب وثمراته الموجبة لتحقيق شروط التجاوز المبدع بعد أن نفهم شروط الاستيعاب الغربالي المعد له في العمل النقدي الذي دام أربعة عشر قرنا:
فأما العلة الاولى فهي بناء المسلمين عمارة قيام حضارتهم المادية ونظامهم السياسي على الغاء جل مقومات نظرية الإسلام في القيام المادي والسياسي خلال تبنيهم الاضطراري الانظمة التي كانت موجودة في عصر ثورته التي أتت لتخليص البشرية منها فأصبحت دما جديدا يجري في عروقها ليطيل في عمرها: نظام الاستبداد السياسي الناتج عن المزيج الفوضوي والفصامي بين سنن الساسانيين والبيزنطيين في المجال.
وأما العلة الثانية فهي بناؤهم عمارة قيام حضارتهم الرمزية ونظامهم التربوي على الغاء جل مقومات نظرية الإسلام في القيام الرمزي والتربوي خلال تبنيهم الاضطراري الانظمة بنفس المنطق فواصلوا نظام الاستبلاد التربوي الناتج عن المزيح الفوضوي والفصامي بين السنن اليهودية المسيحية والسنن اليونانية اللاتينية في المجال.
وحتى لا نعجب كبير العجب فينبغي أن نفهم أن أمة تغلب عليها البداوة لم يكن بوسعها أن تكون حائزة على كل الشروط التي تحقق الرسالة الخاتمة فتؤسس هذه الأنظمة الاربعة (النظام الاقتصادي والنظام السياسي ونظام الحضارة الرمزية ونظام التربية) من عدم لأن مبادئ الاسلام العامة لا يمكن ترجمتها إلى أنظمة متناسقة في هذه المجالات قبل أن تفهم وتحلل وتنسق بفضل العلوم التي ستكون ثمرة المناهج التي هي موضوع هذا البحث. لذلك فهي قد كانت مضطرة لاستعمال ما حضر من الامكانات بصورة السنوح العملي وخاصة بعد مرحلة التأسيس التي يمكن حصرها في اللحظة الرسولية وفي أهم فترات حكم الخلفاء الراشدين(3). 
ولما كانت الامكانات السانحة مستمدة كلها من حضارات المستعمرات التي حررتها الثورة الاسلامية(4) والبلاد التي فتحتها(5) فانها قد اخذت مضطرة مع ما أخذت مختارة ما كان ينبغي أن تتخلص منه لو كان عملها يجري فعلا بمقتضى ثورتها الدينية التي هي ثورة نقدية بالاساس على هذه الأنظمة. فالدولة الاسلامية التاريخية قد تبنت مزيجا من النظام السياسي والاقتصادي البيزنظي والفارسي ولم تستطع التخلص من أفسد ما فيهما لأن ملطفاتهما المتماشية مع نظراتهما الوجودية قد ازيلت لتنافيها الواضح مع الإسلام(6). والتربية الاسلامية التاريخية قد تبنت مزيجا من النظام التربوي والثقافي اليوناني اللاتيني واليهودي المسيحي لأن النخب التي قامت بهذه الوظائف كانت كلها قد تكونت بهذه الانظمة. وهنا أيضا نرى أنها لم تستطع التخلص من أفسد ما في هذه الانظمة بسبب ترك ما كان ملطفا لها حسب منطقها وأزيل في الأخذ لمعارضته الواضحة للاسلام(7).
أما العرب فقد بدأوا يصبحون مباشرة بعد العصر الراشدي وبالتدريج أشبه بعرب اليوم إلى أن بات سلطان الخليفة دون سلطان أمير أي جزيرة من جزر الخليج أي دون الصفر. والفرق الوحيد هو أن عرب الامس كانوا تابعين لمواليهم بوهم السيادة التي يستمدونها من عروبة النبي وحصر الخلافة في احدى قبائلهم إلى أن ألغى الفقهاء شرط القرشية. لكنهم اليوم فقدوا حتى هذا الوهم فأصبحوا موالي لمستعمريهم ماديا ورمزيا بعد أن استولى المستبدين بسلطان الرمز والقوة فيهم سلطان الهوى الذي أخلد نخبهم ومترفيهم إلى الدنيا. ولأن مستعمريهم اليوم بذكاء موالي الأمس أو أكثر فقد أبقوا لهم على اسم الدولة واسم التربية من دون مسمياتهما وثمراتهما إلى حين امتصاص آخر قطرات ثروات أرضهم وأدنى ذرات عرضهم فيعودوا إلى ماعادوا إليه خلال عصور الانحطاط بعد ثورة الصدر. 
ومع ذلك فرغم ما يبدو من افراط التشاؤم في هذا التمهيد فإن التبعية للموالي في العصور السابقة كانت أحسن حالا من التبعية لاسياد اليوم لانها مكنت أجيال المسلمين الأوائل الصادقين في انتسابهم إلى ثورة الاسلام والمتخلصين من الطائفية والشعوبية من تحقيق بعض المنجزات بخلاف الاجيال الحالية التي صارت ألاعيب بيد الطفيليين المحليين من هم بدورهم دمى بيد المستشارين الخفيين في دهاليز الاجهزة الحاكمة. ويصح هذا الوصف على مجموعات الأمة الخمس التي أفرزها التاريخ الاستعماري الحديث وخططه المستقبلية حتى وإن كان ذلك في الخليج أظهر وأوضح: 1- مجموعة المغرب العربي 2- ومجموعة الخليح العربي 3- ومجموعة النيل 4- ومجموعة القرن 5- ومجموعة الهلال. فجل النخب في هذه المجموعات ران على قلبها شبه غيبوبة تاريخية فأغفلتها عن شروط القيام بالرسالة فلم تعد تبالي إلا بالفاني ولم تعد تتفانى إلى في البالي من الحضارات الخوالي توظفه في معاركها مع الاعاجم طالبي ثأر الموالي(8).
أفلحت الأجيال الأولى بفضل محاولات الصمود أمام التبعية والتصدي لضروب تدخلاتها في هذه الأبعاد الاربعة تدخلاتها المنافية لأصل الحصانة الروحية في القرآن والسنة والتجربة المحمدية إلى أن اكتمل الوجه السلبي فصار النقد نسقيا وذا أسس فلسفية أكثر عمقا وأشد صلابة من الفلسفات التلفيقية التي يتصدى لها. فكان ذلك بشيرا بأن ذرات الوجه الايجابي قد ضربت بعروقها في دار الاسلام وفي ثقافته لتكون منطلقا نحو ثورة كونية تطابق ثورة الاسلام على الأقل في مستوى الوعي الرمزي بها أعني: مشروعي ابن تيمية وابن خلدون في اعادة تأسيس الفلسفة النظرية والفلسفة العملية لتحقيق الاصلاح. 
لذلك فقد كان مصدر الانجازات كلها وثمرته المثلي بلوغ الموقف السلبي من التبعيات الاربع التي أشرنا إليها ذروته في عمليهما إذ هما بدآ يتحسسان البذرات الموجبة لشروط التجاوز المبدع وأدركا أنه لا يمكن تجاوز الفلسفات التلفيقية بما هو من جنسها بل لا بد من تأسيس جديد لفلسفة النظر والعقيدة (ابن تيمية خاصة) وفلسفة العمل والشريعة (ابن خلدون خاصة): فأصبح الاجتهاد الفكري الاسلامي جدلا حيا مع أصول الفكر الفلسفي بدل ذيوله كما أثبتنا في غير موضع لأنهما نقلا الفكر الاسلامي من تململ(9) محاولات التحرر بالنقد والصد السلبيين الذي دام سبعة قرون إلى تأمل الفكر النظري والفكر العملي المبدعين لشروط قيام الأمة الذاتي لجمعهما بين الفرقان والوجدان المتلازمين في كل ثورات العقل البشري. فالاول حقق التجاوز الفعلي والمبدع الاول في تاريخ العقل البشري لنظرية العلم والوجود الارسطية. والثاني حقق التجاوز الفعلي والمبدع الاول في تاريخ العقل البشري لنظرية العمل والقيمة الافلاطونية. لكن هذه المنجزات كادت تبقى حبرا على ورق لأن جوهرها لم ينتقل بعدهما من رد الفعل الذي يقبل السائد بالاستسلام للحاصل أو يرفض السائد بالاستسلام للمعدوم لم ينتقل إلى الفعل الذي يبدع أنظمة بديل من الانظمة الموروثة على حضارات البلاد المفتوحة أنظمة تستوجبها ثورة الاسلام حتى في هذه الذروة التي لم تتجاوز رد الفعل إلا في مستوى الصوغ الرمزي دون التحقيق الفعلي منها. 
وسنطبق هذا التصور لفهم المنطق الذي خضع له تكون العلوم الاسلامية. سنطبقه لفهم نظرية الفهم والتأويل ومنهجهما النظرية والمنهج اللذين استعملهما علماؤنا لتفسير القرآن الكريم دون أن نكون ممن يقول بالقطيعة بين الحضارات. إنما نظرتنا تقر صراحة بالتواصل بين السابق واللاحق المشروط بابداع اللاحق الحلول التي تنزله منزلة اللاحق في التوالي التاريخي المؤثر فتمثل دم الحضارة الانسانية الجديد حتى وإن كان ذلك مشروطا بمرحلة تعلم من السابق لا غنى عنها. ذلك أنه ما كان للثورة الاسلامية أن تحقق التجاوز من دون شرطه أعني الاستيعاب النقدي التام خلال التعلم الذكي. 
فمن دونه لا يمكن الارتفاع فوق المستوعب الذي يتحول إلى مادة يصورها مستوعبها بغربال اضافته الحضارية التي من دونها ليس لموقعه في التاريخ معنى(10). ولولا التوالي الاستيعابي المغربل لماحصل الصعود نحو الكلية التي اكتملت عندما حققت توحيد المتعدد غير النافي للاختلاف فحافظت على حيوية التاريخ البشري المتعالي على الخصوصيات الثقافية العرقية وحتى الدينية في ثورة الرسالة الخاتمة. وحتى يكون عرضنا متخلصا مما يمكن أن يتهم به من اسقاط للنظريات الحديثة سينطلق عرضنا لنشوئية علم التفسير التاريخية في التقليد الاسلامي من تلخيص ابن خلدون(11) الوجيز مراحل التفسير فنحلل الأصناف التي أحصاها والأصناف التي يبدو قد أهملها لنستكمل عرضه بصيغتين نظريتين مشروطتين في كل تنظير فلسفي يعود من التالي إلى المقدم أو يتقدم من الشرط إلى المشروط في الاستثمار والتأسيس النظريين:
1- صيغة الاستثمار الفلسفي الذي يستخرج مقتضياتها فنحدد نسقا نظريا قابل للصياغة يجمع بين بعدي الهرمينوطيقا فهما وتأويلا.
2- وصيغة التأسيس الفلسفي الذي يستخرج من علم الدلالة المطبق على المفردات القرآنية المتعلقة بالفهم والتأويل التصورات الرئيسية التي يرجع إليها هذا التطور في علاج الفكر الاسلامي لظاهرات ثقافته الرمزية عامة والنص القرآني خاصة. 
والاستثمار والتأسيس كلاهما ذو مستويين: 1-استقرائي لتاريخ التفسير ولنص القرآن 2- واستنتاجي منهماكليهما لتحديد مقومات مناهج التفسير ودلالاتها الفلسفية. فيكون البحث مؤلفا من أربع مسائل تتفرع عن مسألة متقدمة عليها بالذات ومتأخرة بالعرض هي أصلها جميعا. فالفصلان الاولان يستثمران التصنيف الخلدوني ليحللا نشوئية أصناف التفسير استقراء تاريخيا وتحليلا بنيويا. والفصلان الثانيان يؤسسان الاستثمار على استقراء نص القرآن الكريم وتحليل بنيوي لمقومات تصوره لكيفيات قرائته. وتستند العلاجات الاربعة إلى نظرية "المعرفة-التربية" القرآنية الشاملة. وتلك هي المسألة الأصل المتقدمة بالذات والمتأخرة بالعرض على فروعها. وبذلك تكون مسائل البحث خمسا هي مواد فصوله على النحو التالي:
الفصل الأول: استقراء تاريخي لأصناف التفسير التي حدثت في تاريخ الفكر الاسلامي الفعلي.
الفصل الثاني: تحليل بنيوي لمناهج التفسير والتأويل بصورة كلية لا تقتصر على السنن الاسلامية. 
الفصل الثالث: تحديد القرآن لمناهج فهمه وتأويله استقرائيا من آياته المتعلقة بعمل الفكر الانساني.
الفصل الرابع: علاقة مناهج التأويل والتحليل بالتصورات المحددة لضروب الاستفهام والفهم..
الفصل الأخير: نظرية المعرفة-التربية القرآنية الشاملة وهي أصل المسائل السابقة وشرط كونها ماهي.
 
 
I- أصناف التفسير الحاصلة في التاريخ
 
عرض ابن خلدون مراحل تطور علم التفسير فاقتصر على اثنتين منها بوجهيهما الايجابي والسلبي:
1- مرحلة التفسير بالأثر(12) ونقدها(13)
2- ومرحلة التفسير بعلوم اللغة(14) ونقدها(15). 
وهذا العرض على وجاهته ليس علميا بالقدر الكافي. فهو لم يأت على أشكال التفسير التي وجدت فعلا في تاريخ علم التفسير قبل تأليف المقدمة(16). كما أنه أهمل تحديد طبيعة الوظيفية التي تؤديها أداتا التفسير (الأثر واللغة إيجابا وسلبا) رغم تعليله شكلهما بالحال الحضارية العامة للمسلمين بذواتهم وبمن أثر فيهم من غيرهم تركيزا على يهود الجزيرة في بداية عهد الاسلام ووظيفتهما بدروهما في عقائد المذاهب. فهو قد فسر خاصيات الاثر المستعمل في النوع الاول من التفسير بالاثر بالامية والبداوة واعتبر نقد الأثر ثمرة لتجاوزهما. كما علل غلبة اللسان في النوع الثاني من التفسير بالتقدم الحاصل في علوم اللسان والبيان. وأرجع محاولة استعمال الأداتبن ونقده إلى التوظيف العقدي من الناقد والمنقود مبنبها إلى أن كل ما يتعلق بالاحكام العملية كان بمنأى عن عيوب الآلتين لمحكمية الاحكام بذاتها ولتحرز المسلمين بخصوصها. 
لكنه لم يتطرق إلى الامر الأعمق وراء أداتي الأثر واللسان وأثره السلبي والايجابي في الشريعة والعقيدة إلا سلبا في فصل كشف الغطاء عن المتشابه من الكتاب والسنة في المقدمة. فلاداة اللسان والأثر في وظيفه فهم شكل القرآن وفي وظيفة فهم مضمونه وجه أعمق يحدد نسق العقيدة ونسق الشريعة بتأسيس علم الاصول النظرية أو علم أصول العقيدة (الذي انحط فصار علم الكلام= منهج الخصام المدهبي بتوظيف النص ) وعلم الأصول العملية أو علم أصول الشريعة (الذي انحط فصار أصول الفقه = منهج الاستنباط التشريعي بتوظيف النص) باستخراجهما من معاني النص القرآني(17). 
1- فوراء اللسان المفسر للفظ يوجد المنطق المحلل للمعنى والمحدد لبنيان الأسس النظرية في نص القرآن أعني نسق نظرية المعرفة والوجود القرآنية ومنطق مسائلها: وذلك هو الامر الذي حصره المتلكلمون بالتدريج في المدخل الزهيد لتأسييس توظيفهم النص للخصام المذهبي. 
2- ووراء الأثر المفسر للنص نسق التوالي التاريخي (عملا وقيمة) أعني نسق نظرية العمل والقيمة القرآنية ومنطق مسائلها: وذلك هو الأمر الذي حصره الفقهاء بالتدريج في المدخل الزهيد لتأسيس توظيفهم النص لتحيلهم الفقهي. 
ومعنى ذلك أن علم التفسير ليس مجرد شرح نص مقصورا على الوظيفة الشكلية لأدوات التفسير من أجل فهم نص بل هو تأسيس لعلم أصول النظر والعقيدة و لعم أصول العمل والشريعة قبل أن ينحط الاول فيصبح علم كلام مقصورا على الدفاع والخصام وينحط الثاني فيصبح أصول فقه مقصورا على التحكم والارغام. وهو يحقق هاتين الوظيفتين بمحاولة الوصل بين قطبي علاقة التواصل في النص: الانسان و الله. وذلك هو الجسر الرابط بين هموم الفكر الديني العقدي (نظرية المعرفة والوجود الدينية) والشرعي (نظرية العمل والقيمة الدينية) وهموم الفكر الفلسفي النظري (الفلسفة النظرية) والعملي (الفلسفة العملية). 
لكن ابن خلدون أغفل هذا العنصر الثالث(18) فلم يغص إلى الجمع بين الوجه العميق من الأداتين في وظيفتهما الشكلية (المنطق وراء اللسان والنقد التاريخي وراء الأثر) والوجه العميق وراء وظيفتهما المضمونية (ما بعد الطبيعة وما بعد التاريخ). وذلك هو بالذات هم الفلسفة التي تتجاوز الكلام إلى الإلهيات الفلسفية (قطع الجسر من القطب الالهي إلى القطب الانساني) وتتجاوز الفقة إلى التصوفيات الفلسفية (قطع الجسر في الاتجاه المقابل )(19) بمعنى يختلف تماما عما يسمى بهذين الاسمين في ممارسة العصر كما نبين في القسم التصوري من البحث. 
وبين أن ابن خلدون لم يتسثن ما استثنى لجهل أو غفلة بل لالتزام عقدي يستثني التفسير بالمضامين الفلسفية والصوفية التي تزعم الاحاطة والعلم بالغيب أي المعنى المنهي عنه من التأويل في سابعة آيات سورة آل عمران. وهذا الاستثناء كان يمكن ان يكون مقبولا لو كان صريحا. ونحن لا نقبل بالتفسير الفلسفي الذي من جنس ما عرف فكرنا في الحالات التي استثناها ابن خلدون بحجة منهجية لم ترد في نفي ابن خلدون لكنها من لوازم تعريفه للتوحيد. فنحن نستثني التفسير بالمضمون الفلسفي والصوفي عندما يكونان قائلين بالعلم المحيط بالغيب ومتقدمين على حصيلة التفسير التي يطلبها البحث والتي لا يمكن أن يعلمها قبل اكتشافها في عملية التفسير لئلا يتحول التفسير عملا هدفه فرضهما على القرآن(20). وتلك هي العلة إلتي ميزنا بين الإلهيات الفلسفة والتصوفيات الفلسفية اللتين نقصدهما وما كان معمولا به عند فلاسفة ذلك العصر ومتصوفيه. أما إذا كان نظير المضمون الفلسفي أيا كان جنسه موجودا فعلا في القرآن وأوصل إليه البحث غير الخاضع لمضمون مسبق يفرض عقديا عليه فإن رفضه يكون هو بدوره من الالتزام العقدي الاعمى الذي نرفضه باطلاق.
فإذا أضفنا عمقي وظيفة أداتي التفسير المضمونيتين هذين إلى وجهي وظيفتهما الشكلية صارت أصناف التفسير الحاصلة في التاريخ الفعلي أربعة مع محاولات لتأسيس صنف خامس يتألف منها جميعا في غياب أصلها الذي كان ينبغي أن تتفرع عنه والذي نبين شروط حصوله في تحليل محاولتي ابن تيمية وابن خلدون. وتقبل هذه الأصناف الرد في بعدها النظري إلى فلسفة أرسطو النظرية ولو بصورة غير مباشرة بتوسط المشائية العربية وإلى الرد في بعدها العملي إلى فلسفة أفلاطون العملية ولو بصورة غير مباشرة بتوسط الاشراقية العربية. وهي في الحقيقة ترد جميعا إلى الافلاطونية المحدثة الهلنستية الجامعة بين الفلسفة والاديان الشرقية الطبيعية والمنزلة والتي كان مشكل المشاكل بالنسبة إلى الفكر الاسلامي هو طلب شروط التخلص منها(21).
وهذه التفاسير يمكن ان تكون موظفة إيديولوجيا في المذاهب النظرية الفلسفية والكلامية وفي المذاهب العملية الفقهية والصوفية كما حصل فعلا في تاريخ فكرنا الماضي ويمكن ان تكون علمية إذا نقدت توظيفاتها نقدا علميا لا يستهدف استبدال مذهب بمذهب تعتبر معتقداته حقائق سابقة على عملية التفسير لتكون سعيا إلى تأييدها بتفسير مغشوش. فالنقد العلمي ينبغي أن يكون الهدف منه تمحيض الأدوات الشكلية والمضمونية للفهم والتفسير من أجل الكشف عما في النص من معان لا من أجل الدفاع عن مذهب أو ملة بصورة تفرض مضمونا مسبقا على النص المفسر أو المؤول فلا يكون التفسير أو التأويل طلبا للحقيقة بل تأييدا لمعتقدات متقدمة الوجود على العمل التفسيري نفسه(22). 
وليس يعني ذلك أننا نتصور الانسان قادرا على التخلص من معتقداته. ما نعنيه هو التخلص من تأثيرها اللاواعي أولا ومن تجاوز هذا التأثير الحد المقبول منهجيا أي الحد الذي لا نستطيع الغاءه فنقبل به لكونه لا يلغي صفة العلمية على البحث بجعل النتيجة معلومة مسبقا ليس على سبيل الفرضية بل على سبيل الحكم المسبق. وهذا النقد العلمي(23) بدأ يبرز بوضوح تام في محاولات ابن تيمية الذي وجه نقده لتوظيف الفلسفة النظرية خاصة لكونه يتصور النتائح الشريعية تابعة للمقدمات العقدية دون أن يهمل توظيف الفلسفة العملية وفي محاولات ابن خلدون الذي وجه نقده لتوظيف الفلسفة العملية خاصة لكونه يتصور النتائج العقدية تابعة للمقدمات الشريعية دون أن يهمل توظيف الفلسفة النظرية. 
فكان عملهما النقدي ذا منطلقين متقابلين وبالاستناد إلى مقياس خارجي بالاضافة إلى النص القرآني يقاس عليه الفهم المضموني بنتائج علوم غير قرآنية حتى وإن كان صاحباها يدركانها من منظور قرآني هي علم النقد التاريخي المستند إلى نظرية جديدة في العمل والعمران المتحرر من الفلسفة العملية الافلاطونية عند الثاني وعلم النقد الابستمولوجي للنظر المستند إلى نظرية جديدة في العلم والوجود المتحرر من الفلسفة النظرية الارسطية عند الأول. وبذلك فأصناف التفسير البسيطة التي تقدمت على مرحلة النقد الجذري هذا(24) أربعة وليست اثنين فقط مع امكانية تصور صنف خامس ذي وجهين: أولهما مؤلف منها مجتمعة وهو وجه الأصل السالب الذي نقده ابن تيمية وابن خلدون والثاني مصدر لها لكونه تتفرع عن عدم تحققه وذلك هو وجه الأصل الموجب أي نسق المفروضات التي ينبني عليها نقدهما(25):
1- التفسير بالاثر أي بالاخبار والمرويات وأغلبها اسرائليات 
2- والتفسير بعلوم اللسان أي بفقه اللغة والنحو والبيان والادب
3- والتفسير بالنسق النظري للوجود ( الطبيعة وما بعد الطبيعة فلسفيا والخلق والعقيدة دينيا )
4- والتفسير بالنسق العملي للوجود ( التاريخ وما بعد التاريخ فلسفيا والأمر والشريعة دينيا )
5- والتفسير الجامع ويستعمل كل هذه المناهج إيجابا لاثبات ما يريد اثباته وسلبا لنفي ما يريد نفيه. 
وكل هذه الأصناف من التفاسير لها نظائرها النقدية لانها تتضاعف بالنقد(26) أو إن شئنا يقابلها رد بنفس الادوات للتحقق من استعمالها الموضوعي حتى وإن غلب على النقد في الجملة الدافع العقدي. ولما كانت التفاسير بأصنافها الخمسة مستندة إلى مضمون الفلسفة النظرية وأداتها وذلك هو مدلول ما بعد الطبيعة وأداتها علم المنطق وما يتبعهما في نظرية اللغة والمعرفة وإلى مضمون الفلسفة العملية وأداتها وذلك هو مدلول ما بعد التاريخ وأداته علم التاريخ وما يتبعهما في نفس النظريتين فإن الردود ستركز على هاتين الفلسفتين صراحة أو ضمنا كما نبين إلى أن اكتملت محاولة التجاوز الفعلية لهذه الأصناف الخمسة من التفسير في عمل ابن تيمية وابن خلدون: والاكتمال يعني وضع فلسفة نظرية بديل وذلك هو دور ابن تيمية ووضع فلسفة عملة بديل وذلك هو دور ابن خلدون أو الاصل الموجب الذي أشرنا إليه واعتبرنا التفاسير السيئة ناتجة عن عدم تقدمه عليها. لذلك فقد تعلقت محاولتهما بهذين الامرين. 
فابن تيمية حاول نقد ما بعد الطبيعة والمنطق ليؤسس ما يعتبره فلسفة القرآن النظرية وثمراتها. 
وابن خلدون حاول نقد ما بعد التاريخ والتاريخ ليؤسس ما يعتبره فلسفة القرآن العملية. 
ولهذه العلة اعتبرناهما مؤسسي حركة الاستئناف التاريخي ببعديه الرمزي (الابداع الفكري عامة) والفعلي ( باقي الابداع الحضاري أو موضوع الابداع الفكري) في الحضارة العربية الاسلامية واعتبرنا كل ما ولاهما في تاريخ فكرنا دون ما في فكرهما وعيا بطبيعة الإشكال فضلا عن السعي لعلاج الادواء. ذلك أن هذه المرحلة الاخيرة من مراحل تأسيس التفسير ذي المنهج العلمي شكلا ومضمونا حددت الشروع الفعلي في وضع المعايير العلمية لمنهجية الفهم والتأويل ويمثلها ابن تيمية (الذي يمكن اعتباره مؤسس ما بعد النقد الشكلي والمضموني مع غلبة الأول) وابن خلدون (الذي يمكن اعتباره مؤسس ما بعد النقدين مع غلبة الثاني). ومن محاولتهما وقع الاستئناف السوي الذي ينبغي أن يسعى إلى الاسهام في تطوير المنهجيات من منظور محددات العملية التفسيرية ما كان منها كونيا وما كان محددا بظرفيات الامر المفسر. 
لكن أغلب المحاولات التي تتصدر عملية التجديد أفسدها تنازع الاصلانيتين المتصارعتين فآلت إلى الفشل بسبب عدم الوصل الفلسفي الحي(27) بينها وبين هذه الجذور العميقة في التطور الفعلي للفكر التفسيري والتأويلي كما حددته معطيات التاريخ الفعلي في حضارتنا بوصفها مرحلة أساسية تجاوزت التقابل بين السنتين اليونانية اللاتينية واليهودية المسيحية لاستعمالها الموقف النقدي بغربال التصديق والهيمنة القرآني(28).
1- المدخل الأول غاية تطور الدراسات اللغوية: ثورة الخليل ابن أحمد وجمعه بين سنتي الاستنباط اللساني: الاستقرائية في الدلالات والتراكيب العنصرية(29) والاستناجية في مجال المؤلفات منها(30).
2- المدخل الثاني غاية تطور الدراسات الفقهية وأصولها: ثورة الشافعي جمعا بين السنتين القائلة بالنص والقائلة بالرأي(31).
3- المدخل الثالث: غاية تطور الدراسات الادبية وأصولها: ثورة القرطاجني جمعا بين السنتين: النقد الادبي في السنن الادبية العربية(32) والنقد الادبي الفلسفي(33) مستندا إلى شرح ابن سينا للاثر الشعري على النفس.
4- المدخل الرابع غاية تطور الدراسات السنية والتاريخية: ثورة ابن خلدون جمعا بين السنتين المستندة إلى النقد الخارجي(34) (لامانة المخبر) والداخلي(35) (لنسقية الخبر وتطابقه مع الظاهرات)
5- المدخل الخامس:غاية تطور الدراسات القرآنية وأصولها: وفيها ثورات مضاعفة شكلية ومضمونية ونقدية لاعادة البناء إما من منطلق العقيدة والنص (ابن تيمية) أو من منطلق الشريعة والتاريخ (ابن خلدون).
 
 
II- نشوئية مناهج فهم النصوص في الحضارة العربية الاسلامية 
 
"النسق-الحصيلة" من التطورات المنهجية
بمنطور يجمع بين ما حصل في تاريخ الفكر الوسيط وتاريخ الفكر الحديث
 
بخلاف الفصل السابق لن نقتصر على تحليل التكوينية التاريخية للتفسير بل سنعمق العلاج لنحدد طبيعة أدوات تحليل الشكل التي استعملت لفهم النص القرآني ببعديها السطحي والعميق وأداوات تحليل المضمون التي استعملت لتأويل معانيه في ضوء النظريات الفلسفية والتجارب الصوفية. ويهدف هذا الفصل في الغاية إلى بيان التماثل الوظيفي بين المناهج المستعملة في علاج مآثر ثقافة الكتاب كما تلخصت في الثقافة الاسلامية التي يقر نصها بأنها ثمرة التجارب الأربع التي عرفتها حضارة ملتقى القارات الثلاث الغالبة في التاريخ الحالي ووريث التجربتين الرئيسيتين المتقدمتين عليها واللتين حددتا معالم التاريخ القديم بأبعاده الاربعة كذلك(36): آسيا وافريقا وأوروبا أو الهلال المحيط بالحوض الشرقي من الابيض المتوسط والذي يمكن اعتبار الجزيرة العربية مركز ثقله الجغرافي إلى أن صارت مركز ثقله التاريخي بمجيء الاسلام. 

فالتفسير والتأويل اللذين عرفتهما هذه الحضارات وواصلتهما الحصارة الاسلامية هما فن قراءة النصوص وفهمها باستعمال الأداتين الشكليتين بعمقيهما (اللغة والنظام المنطقي ثم علم المنطق والاثر ونظام القص ثم علم التاريخ) والأداتين المضمونيتين بعمقيهما (أصول العقيدة والالهيات الفلسفية واصول الشريعة والتصوفيات الفلسفية ): بل إن اكتشاف هذه الأدوات كان بفضل هاتين الغايتين المضاعفتين بنظائرها العكسية كتابة النصوص وقراءتها وتأليف النصوص وفهمها(37). ويمكن تصنيفه برده إلى صنفين حدين وصنفين مؤلفين من تفاعلهما في اتجاهيه وصنف جامع يمكن اعتبارها جميعا فروعا عنه:
الصنفان الحدان:
1- التأويل اللساني للنصوص أو شرح النصوص بصرف النظر عن الذات المعبرة به. ولنسمه التفسير بفقه اللغة Philologische Auslegung :. وطبعا ففقه اللغة يتضمن المعلومات التاريخية بمعنيين: المعلومات التاريخية حول اللغة نفسها إذ هي نظام تاريخي الافادة والمعلومات التاريخية حول مجال تداولها لتحديد دلالاتها. وهذا النوع من الممارسة ملازم للابداع الادبي في المعنى المقصود عند العرب عند الكلام عن الشعر ديوان العرب بمعنى سجل تاريخهم وكل خصائص ثقافتهم. وهو الجزء الاهم من تذوق الادب ونقده.
2- التأويل الوجودي لصاحب العبارة. ولنسمه بفينومينولوجيا وجود الذات المعبرة أو بمصطلح هيدجر:Phenomenolgy der Existenz des Daseins . ويتضمن هذا التأويل التاريخ الشخصي والتاريخ الجمعي بوصفهما مجال تمظهر الدازاين المعبرة عن كل ما وعته الذات من تجاربها في الحياة. وهذا النوع ملازم لرمز البطل في الاصل ثم يصبح ملازما للذوات التي يجعلها التمحض للابداع الرمزي أكثر المدركين لتجاربهم الذاتية فيكون تابعا للصنف السابق من خلال علاقة النص المبدَع بصاحبه أو من خلال البطل بأعماله كما تظهر في ما يدور حولها من ابداع أدبي يتحول إلى أساطير.
صنفا التفاعل بين الصنفين الحدين:
3- أثر 1 في 2: ولنطلق عليه اسم التأويل الربوبي(38) حيث تقرأ العلاقة بين وجود الله ووجود الانسان النظري والعملي في ضوء النصوصTheologische Hermeneutik . وهو محاولة للارتفاع بالأمرين السابقين إلى علاقة مجردة بين ذاتين متراسلتين علاقة “ذات-ذات” فرديتين ينتشر وجودهما في ممارسات الجماعة وفي العالم.
4- أثر 2 في 1 ولنطلق عليه اسم التأويل الصوفي حيث يقرأ النص في ضوء العلاقة بين وجود الانسان ووجود الله : Mystische Hermeneutik. وهو نفس المحاولة السابقة ولكن بسلبها أي بجعل علاقة الذاتين خصوصية خارج الجماعة والعالم. لذلك فهي تتعلق بما لا ينقال Das Unsagbares من التجارب غير القابلة للتعبير عنها بالكلام Unaussprechliche Erlebnisse.
الصنف الأصلي وهو أصلي بمعنيين:
5- فكل واحد منها يرد إليه في الغاية وكل صنف تحضر فيه بقية الأصناف الاخرى حضور الخلفية فينتأ عليها نتوء الصورة على خلفيتها. لكن هذا الصنف الخامس متردد تعينه الفعلي في تاريخ الاساليب بحسب ميله إلى الحد الأول أو الى الحد الثاني. فهو متردد بين أسلوبين يحددان طبيعة القطبين الرابطين بين هذه المستويات ما بعدا لكل واحد منها وأصلا جامعا أي ما بعدا لفقه اللغة وفينومينولوجيا الدازاين والتأويل الكلامي والتأويل الصوفي وهما أصلها جميعا من حيث تضمنهما بذرتها فتكون كلها فروعا لهما: 
1- قطب الابداع الادبي المطلق وهو الوجه الأول مما سميناه بالشعر المطلق صعودا من 4 إلى 1 
2- وقطب الابداع الفلسفي المطلق وهو الوجه الثاني مما سميناه بالشعر المطلق نزولا من 1 إلى 4. 
وأفضل جنس ابداعي تلتقي فيه كل هذه العناصر هو النص المقدس عند كل الجماعات البشرية ذات النصوص المقدسة التي هي غاية الشعر المطلق بوجهيه. ففيه يتعادل التجاذب بين القطبين. لذلك فهو أدبيا ترجمة ذاتية ربوبية في وجهه الاول:Autobiographie . وهو فلسفيا تحليلية دازاين ربوبية وجهه الثاني: Analytik des Daseins . لذلك كان الاسلوب الغالب على القرآن الكريم متضمنا كل أساليب الترجمة الذاتية وتحليليات الدازاين من منظورين:
1- ففيه الترجمة الذاتية الربوبية وتحليل دازاينه من خلال علاقته بدازاين الانسان: وبهما تفهم مقومات العقيدة في أصول العقيدة التي تدنت إلى كلام (القرآن المدني) و في أصول النظر الذي تدنى إلى ميتافيزيقا ( القرآن المكي).
2- وفيه الترجمة الذاتية الرسولية وتحليل دازاينه من خلال علاقته بدازاين الله: وبهما تفهم مقومات الشريعة في أصول الشريعة التي تدنت إلى فقه (الحديث العادي) وفي اصول العمل الذي تدنى إلى تصوف (الحديث القدسي).
ويبين هذا النموذج النظري الذي يساعد على تحليل تطورات الفكر الديني في كل حضارات الكتاب منزلا كان أو غير منزل ببعدي هذا الفكر النظري (الكلامي-الفلسفي) والعملي (الفقهي-الصوفي) أن هذه السنن عالجت نفس الظاهرات وخضعت لنفس المؤثرات رغم اختلاف المناظير(39). فأما الظاهرات التي عالجتها فهي:
1- ظاهرة الكتاب عامة مقدسا كان أو غير مقدس.
2- وظاهرة التاريخ عامة مقدسا كان أو غير مقدس.
3- وأثر الأول في الثاني بمعنى فعل ما بعد التاريخ في التاريخ بالمعنيين المقدس وغيره.
4- وأثر الثاني في الاول بمعنى فعل التاريخ في ما بعد التاريخ بالمعنيين المقدس وغيره.
5- ووحدة الكل في التقليد التفسيري مضمونا الملازم لانماط العيش الجمعي في حضارات الكتاب. تلك هي الظاهرات المعالجة. 
وأما المؤثرات في العلاج فهي:
1- التراث اللساني الادبي الذي هو مجال التأويل بالقصد الأول(40).
2- والتراث المنطقي الفلسفي الذي هو مجال التحليل بالقصد الأول(41).
3- أثر الأول في الثاني أو أثر أساليب التعبير في الكشف عن الحقيقة بالطرق التأويلية: اللقاء الصدامي الاول بين التأويل والتحليل من منطلق التأويل(42).
4- وأثر الثاني في الاول أو أثر الكشف عن الحقيقة في أساليب التعبير بالطرق التحليلية: اللقاء الصدامي الثاني بين التحليل والتأويل من منطلق التحليل(43).
5- ووحدة الكل في التقليد التفسيري الملازم لانماط التفكير الجمعي في حضارات الكتاب والمتضمن لكلا الصدامين. 
ويحتاج هذا النموذج النظري الذي يساعد في تحديد الموضوعات والمناهج إلى تحليل دقيق لنفهم منطق التحولات التي حصلت في التاريخ الفعلي ومطابقتها للمقياس التصوري. ولنبدأ بالموضوعات. فالظاهرات التي عالجتها الحضارة العربية الاسلامية هي كما أسلفنا ظاهرات الكتاب والتاريخ وأثر الكتاب في التاريخ ( كتابة التاريخ متأثرة بوعي غائم بفلسفة القرآن التاريخية مع تأثر بالاسرائيليات لما فيه من قصص وبالقصص الشعبي المنسوج حول الفتوحات)(44) وأثر التاريخ في الكتاب (أحداث التاريخ المعلومة في التفسير بأسباب النزول)(45) ووحدة الكل (وحدة العلوم الدينية والوجوه الاساسية للثقافة العربية الاسلامية بكل أحداث تاريخها) في التقليد التفسيري مضمونيا وفي أنماط العيش. وأما المؤثرات فهي كما أسلفنا التراث اللساني الادبي والتراث المنطقي الفلسفي وأثر الأول في الثاني وأثر الثاني في الاول ووحدة الكل في التقليد التفسيري وأنماط التفكير شكلا. 
وكل ما عمله الغرب بعد الاصلاح عامة ومنذ القرن التاسع عشر خاصة نقدا للنصوص لتحقيقها العلمي تمييزا بين الصحيح والمنتحل وسعيا لفهمها كان قد تم ما يجانسه عندنا في نهاية القرن الأول للهجرة السابع للميلاد بالنسبة إلى نص القرآن الكريم عندما تم جمع نسخه فوحد نصه ونوقشت قراءاته(46) وحددت شروط رسمه ونطقه(47). وحصل نفس العلم في نهاية القرن الثالث للهجرة القرن التاسع للميلاد بالنسبة إلى الحديث عندما صنفت الصحاح وتم الاستدراك عليها. لكن المسيطرين على الفكر الديني الاسلامي الحالي من كان له ومن كان عليه بتجاهلون طبيعة هذا العمل العلمي الذي لم ينكره أحد من المذاهب الدينية عندئذ بخلاف متخلفي عصرنا, بل إنها جميعا شاركت في هذا الجهد العلمي واعتبرته مصدر حججها في الجدل الدائر بينها فيوقعون الدراسات الدينية الاسلامية في خطأين قاتلين:
الأول سببه متزعمي التحديث الجاهل إذ يزعمون أنهم في قطيعة مطلقة مع كل هذا الجهد النظري لانهم سيستعملون طرقا غير مسبوقة في حين أنها كلها أو جلها أو على الأقل بذراتها لا تخلو منها حضارة ذات آداب وكتب مقدسة. ينسبوون اكتشافها إلى الغرب لكأن شكلها المتأخر من طبيعة مختلفة عن مراحل تكونها المتوالية فيبنون على استعمالها ضرورة القول بما يقولون به في الدين لكأن الغرب نفسه ليس فيه مؤمنون يستعملون هذه المناهج دون أن يؤديهم ذلك إلى مزاعم الاقزام. إنهم يعتبرون خياراتهم الايديولوحية ثمرة مضطرة للمنهج الحديث المزعوم في حين أن المنهج ليس جديدا أولا وأنه ليس مسؤولا على تخريفاتهم ثانيا لكونه لا يقتضيها. فهو ليس جديدا كما نرى لاحقا وهو ليس مسؤولا لان نفس المنهج يمكن ان يستعمل لاثبات العكس أولا ولان اكتشافه نفسه علته خصوصية الظاهرات الانسانية عامة والظاهرات الدينية خاصة كما أسلفنا عند مناقشة مزاعم التحديثيين بالاسم.
الثاني سببه متزعمي التأصيل الغافل. فهم يزعمون التأصيل قابلا للحصول بالعودة إلى حال سابقة من المناهج التي يعتبرونها مطلقة الكمال فلا تحتاج للنقد والتجاوز بدل السعي إلى تطويرها عملا بما حققه المتقدمون عندما أبدعوا كثيرا من مراحلها أولا (من عدم أو يكاد ) وطوروا ضروب استعمالها أدوات لفهم النص وتأويله ثانيا. وبيان ذلك من مبررات انطلاقنا من عرض ابن خلدون أساليب التفسير ونقد الحديث وعلوم اللسان: وهم لا يدرون أنهم بذلك يصدقون المخرف من زاعمي التحديث عندما يؤيدون نسبة مواقفهم السلبية من الدين إلى استعمال المناهج الحديثة لا إلى الجهل بهذه المناهج نفسها فضلا عن الجهل بالدين ما جعل الغافل من رجال الدين يتهم كل من يستعمل هذه المناهج بالكفر تماما كما حصل في اللقاء الاول بالفلسفة عندما كان المنطق يعد استعماله زندقة ثم أصبح بالتدريج مشروطا في كل العلوم الدينية من رجال الدين انفسهم! لذلك فأخطر ثمرات هذا الموقف المر هو أن الفكر الحي يترك لغير أهله فيموت الفكر أو يتصف بأفسد آثاره الجانبية كما هي حال الأدوية التي يصفها المتطببون لاغبياء المرضى(48).
 
III- تحديد القرآن بنفسه منهج قراءته وفهمه
 
ولنأت الآن إلى الكلام على المناهج. فلم نعتبرها صادرة عن تحديد القرآن نفسه لمناهج قراءته وفهمه؟ جوابنا ذو مرحلتين. فأما المرحلة الاولى فلها صلة بتاريخ تكون منهج القراءة والفهم من حيث علاقته بحضارات الكتاب. وأما المرحلة الثانية فلها صلة بمفهوم الكتابة والقراءة على العموم كما يحددهما موقف النبي الذي يبدو معارضا لاوامر القرآن في أول خطاب موجه إليه وفي نهيه عن تدوين الحديث. 
المرحلة الأولى: 
إن مصدر المناهج يقبل الصوغ التالي في المطلق. فهو يتمثل في ممارستين علميتين متصلتين بعلاج المضمون الذي أشرنا إليه في الفقرة المتعلقة بالمضمون وفي ما ورائه أو مضمون المضمون قصدت التاريخ وما بعده والطبيعة وما بعدها في شكلهما السوي وغير السوي: 1- النظر: أصول عقيدة (=كلام) - فلسفة نظرية (=ميتافيزيقا). 2- والعمل: أصول شريعة (=فقه) - فلسفة علمية (=تصوف). لكنه تعين في التاريخ بصورتين متقابلتين تمام التقابل ومتعاصرتين دائما على الأقل في السنتين الاسلامية والمسيحية خلال القرون الوسطى. 
فهو عند اللذين بيدهم الحكم الرمزي المؤيد للحكم السياسي القائم يكون النظر كلاما متفلسفا ويكون العمل فقها متكلما. وغالبا ما يكون معلم هذا التوجه الأول أرسطو.
أما عند الذين كانوا معارضين لهم ومطاردين منهم مع معارضي الحكم السياسي فإن النظر يكون فلسفة متصوفة وفقها متفلسفا. وغالبا ما يكون معلم التوجه الثاني أفلاطون. 
ويصح هذا الوصف على الأقل في القرون الوسطى عند النخب الاسلامية أولا وعند النخب المسيحية ثانيا وعند نخب اليهود أخيرا. وإذن فالتأليفان قد حصلا بترتيب مقابل تماما لتاريخ الظهور الفعلي للأديان المنزلة الثلاثة. فالمسلمون الذين كان دينهم آخر الاديان المنزلة الثلاثة ظهورا هم أول من طور هذه المناهج فأثروا في المسيحين الغربيين بعدهم. والمسيحيون قد استأنفوا الريادة في هذه الميادين وانضم إليهم اليهود بعد نكبة الاندلس بعد أن كانوا جزءا لا يتجزأ من الثقافة العربية الاسلامية التي كانوا يحاكونها حتى في الجزئيات. وانضمامهم إلى الحضارة المسيحية دون اندماج فيها هو الذي طبع كل خصائص فكرهم المقصور على رد الفعل الساعي إلى الانتقام من كل الانام. فكان التأثير الاخير هو التأثير الحاسم في كل إيديولوجياتهم التي يغلب عليها رد الفعل بعد أن كاد وجودهم بين المسلمين يشفيهم من مرض الانكماش وعقلية الجيتو. والعلة التاريخية لترتيب التأثير بالصورة التي وصفنا مضاعفة. 
فأما الوجه الأول من العلة فهو ذاتي للاسلام. ذلك أن الاسلام حدد مضمون تعاليمه بموقف نقدي من الأديان المتقدمة عليه وبأسلوب يقبل الوصف بالنهج التفكيكي مرتين: 
فموقفه من الدينين السابقين اللذين كانا ذوي وجود مؤثر في عصر نزول الاسلام نقدي ونصه يفكك كتابيهما اللذين يعتبرهما محرفين في كل ما يختلفان به عنه .
وموقفه من الدينين الطبيعيين السابقين اللذين كانا ذوي وجود مؤثر في عصر نزول الاسلام نقدي ونصه يفكك سننهما التي يعتبرها جاهلية في كل ما تختلف به عن قيمه.
وإذن فمفهوم التحريف مفهوم نقدي للسنن اليهودية المسيحية وهو مفكك لنصيهما ومفهوم الجاهلية مفهوم نقدي للسنن العربية اليونانية وهو مفكك لقيمهما وإذن فنص الاسلام نص نقدي للتراث الديني الشرقي وللتراث الفلسفي اليوناني بمعنيين: معنى تحرير البشرية من الوسطاء بنفي السلط الروحية سواء كانت دينية منزلة أو فلسفية طبيعية ومعنى ختم الوحي والعلم المحيط بنفي كل امكانية لتجاوز حدود العقل البشري بعد الاسلام الذي اعتبره الاداة الوحيدة لمعرفة الحقيقة والعمل بها رغم محدوديته. 
وأما الوجه الثاني من العلة فهو براني. إنه كيفيات وصول الفكر اليوناني والفكر الديني الشرقي وخاصة التفاعل بينهما في ما يمكن ان يوصف بكونه التراث الديني الشرقي ببعديه المنزل ( ما بقي حيا منه: اليهودية والمسيحية) والطبيعي ( ما بقي حيا منه: الاديان الشرقية الاخرى قبل الاسلام ومنها أديان الجاهلية العربية وأديان فارس والهند فضلا عما بقي في الممارسة الشعبية من أديان بابل ومصر فينيقيا وقرطاجة ألخ...). فهذا التراث انتقل إلى الغرب بعد أن أعيدت صياغته اسلاميا: ذلك أن نفس الروح النقدية والتفكيكية غلبت على الفكرين الكلامي الفلسفي والفقهي الصوفي على الاقل في عصر الازدهار الفكري والحضاري الاسلاميين وبمقتضى عدم التعارض الظاهر مع تعاليم الاسلام. فالتراث الديني الشرقي والتراث اليوناني لم يصلا إلى الغرب الذي آل إلى وضعه الحالي وصولا مؤثرا إلا في عصوره الوسطى المتأخرة بفضل المسلمين فلاسفة (يفكرون في قضايا الدين من منظور تناقضها مع مسلمات الفلسفة: من الفارابي ختما بان سينا) وعلماء دين (وعلماء دين يفكرون في قضايا الفلسفة من منظور تناقضها مع مسلمات الدين: من الاشعري ختما بالغزالي) إما مباشرة في المشرق والمغرب الاسلاميين أو بصورة غير مباشرة بتوسط يهود العالم الاسلامي بعد نكبة الاندلس. 
ولعل الخصومة بين الغزالي وابن رشد هي التي مثلت ذورة هذا التأثير لأنها تعد الزبدة المختصرة لخصومة نشبت بين الرافدين الديني والفلسفي فظلت مفتوحة ألفا وخمسمائة قرنا قبل أن تصاغ صيغتها المثلى عند الغزالي صيغتها التي أوصلتها إلى علاجها النسقي دون الذهاب إلى حد الفصام الكنطي(49). لذلك فلا غرابة أن يكون لها ما كان لها من تأثير كوني. فكل الفكر الديني الغربي بعد ذلك تبنى نفس الموقف النقدي المتبادل بين الفكرين الديي المتفلسف ( ممثلا بالغزالي وابن سينا ) والفلسفي المتدين (ممثلا بابن رشد والفارابي). لذلك فلا عجب أن تكون كل المسائل التي تهمنا قد تكونت خلال محاولات حسم هذه الخصومة وعلاج ما يترتب عليها من قضايا وجودية قيمية وابتسمولوجية منهجية في العصر الحديث.
وقد بلغ هذا النقد المتبادل الذروة في الانقلاب الكنطي ردا على هيوم. فكنط يبدو قد حسم مسألة التمييز بين نوعي المعرفة ( النظرية والعملية ) ونوعي الموضوعات ( الطبيعة مجال الضرورة والاخلاق مجال الحرية ) قبل النكوص المحتوم والناتج عن قراءتي الحل الكنطي المرسومتين فيه بالطبع:
1- برد طبيعة العمل وعلمه الى طبيعة النظر وعلمه (محاولات التأسيس الوضعي للعلوم الانسانية )
2- أوبرد طبيعة النظر إلى طبيعة العمل وعلمه ( الشكل الرومانسي من المثالية الالمانية أو الفشتية وما بعدها إلى شيلنج وهيجل). 
وقد انتهت الخصومة في التاريخ المعاصر وخاصة في مفتتح القرن العشرين إلى صياغة أوضح هي الصياغة الحدية للمقتضيات الابستمولوجية في علوم الروح Die Geisteswissenschaften وفي علوم الطبيعة Die Naturwissenschaften بمصطلح الفلسفة الالمانية المقتضيات الحدية الناتجة عن الرد المتبادل بين طبائع الظاهرتين المعلومتين في هذين النوعين من العلوم بما لزم عنه من رد فعل يتمثل في القول التقابل المطلق بين النظر والعمل والاختلاف الكيفي المطلق بين علمهما وموضوعها ومناهجهما.
I- الثورة الأولى: تتعلق بأداتي التفسير قصدت الاثر واللسان ( النقد الميثولوجي والايديولوجي)
1.1- مرحلة التفسير الشامل مع غلبة منهجية الاثر الظاهري (الاسرائليات) أو الباطني 
(الغنوصيات) ونقدهما شكلا ومضمونا: الطبري والتعالبي + بن عطية والقرطبي 
2.1- مرحلة التفسير الشامل مع غلبة منهجية اللسان الظاهري ( النحو والصرف والبديع ) والباطني ( المنطق والموسيقى والبيان ) ونقدهما شكلا ومضمونا: الزمخشري + شرف الدين الطيبي
II-الثورة الثانية: تتعلق بمادتي التفسير قصدت الحقيقة الفلسفية والحقيقة الصوفية: ابن سينا وابن عربي + الغزالي وابن تيمية: 
1.2- مرحلة التفسير الشامل مع غلبة منهجية التصوف الظاهري ( منهاج السائرين ) والباطني ( شرح التلمساني له) ونقدهما وهي متداخلة مع الموالية.
2.2- مرحلة التفسير الشامل مع غلبة منهجية الفلسفة الظاهرية (مشائية ابن رشد ) والباطنية (اشراقية السهروردي) ونقدهما وهي متداخلة مع السابقة.
III- الثورة الأخيرة: تتعلق با
تاريخ النشر : 02-04-2006

6419 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com