آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

الفكر السياسي  .  الدين و الدولة

التراث السياسي    |    الحقوق و الحريات    |    الإسلام السياسي

  •     

الدين والفكر في شراك الاستبداد: عرض وتحليل نقدي لكتاب الرئيس محمد خاتمي

أبو يعرب المرزوقي


صدر للسيد محمد خاتمي رئيس جمهورية إيران الإسلامية بعنوان الدين والفكر في شراك الاستبداد, جولة في الفكر السياسي للمسلمين(1) نقله من الفارسية إلى العربية السيد ماجد الغرباوي. وقد رأينا من الواجب أن نعرض هذا العمل ونحلل الأفكار الواردة فيه لسببين: 
1- موضوعي ويتعلق بالخاصيتين الطريفتين اللتين يتصف بهما عمل هذا المفكر النهضوي الذي باشر الفعل السياسي معارضة ويباشره حكما: إحداهما تحدد طبيعة البحث الذي يتضمنه الكتاب والثانية تحدد طبيعة الالتزام الذي يؤمن به مؤلفه, وكلتاهما تدعوان كل مؤمن بالصحوة الإسلامية أن يحييهما. 
2- وذاتي ويتعلق بالتدعيم الجدي الذي وجدناه في بحث يباشر صاحبه العمل السياسي على علم به لفرضية فلسفية اقتضاها البحث في رسالتنا( 2) حول وحدة السلوك السياسي في العالمين السني والشيعي دون أن نثبتها في ذلك الحين رغم بيان ضرورتها العقلية ومؤيداتها التاريخية لكونها لم تكن مطلوبنا المباشر.
وسنحاول علاج مسألتين إثنتين كلتاهما مضاعفة نقدم عليهما عرض مضمون الكتاب عرضا ماديا ومعنويا سريعا: هما مسألة توحيد الفكر الإسلامي وأهميتها ومسألة توحيد التاريخ الإسلامي وأهميتها:
1- فأما المسألة الأولى فلها صلة بإسهام هذا الكتاب العلمي في تبين السبل المساعدة على استكمال المشروع الذي ينبغي ان يسعى إليه كل المفكرين المسلمين المؤمنين بضرورة تجاوز خلافات الماضي والشروع الفعلي في تحقيق شروط النهوض الفاعل. ويقتضي إيضاح هذا الإسهام مناقشة العلاج الوارد في هذا العمل الأصيل ومحاورة مفكر شيعي نلمح عنده بوادر شروع الفكر الشيعي الحديث في ثورة نقدية للفكر الميتافيزيقي والميتاتاريخي قد تنتهي إلى ما يقرب مما حصل في الفكر السني منذ القرن الثامن الهجري ( عند ابن تيميه بالنسبة إلى الميتافيزيقا المشائية والكلام النظري السني خاصة وعند ابن خلدون بالنسبة إلى الميتاتاريخ الأفلاطوني والكلام العملي الشيعي خاصة ). وإذن فهذه المسألة مسألة مضاعفة لذلك فسيكون العلاج فيها مضاعفا للتناسب مع مضمون الباب الثاني الذي يقبل القسمة إلى جزئين رغم تعدد فصوله: جزء الفصل الأول وجزء الفصل الأخير لكون المؤلف يعتبر الفكر السياسي قد انتهى بعد الفارابي(3 ) ويعتبر ما تلاه تبريرا للاستبداد وليس فكرا فلسفيا في السياسة. 
2- وأما المسألة الثانية فلها صلة بالمشروع الذي يمثله السعي إلى إثبات الوحدة التاريخية كما تعينت في مسألة الخلاف الأساسية بين المذهبين الرئيسيين في الفكر الإسلامي: المسألة السياسية عامة ومسألة مبدأ الشرعية التي يستند إليها الحكم خاصة. فاختيار الواقع والسلوك السياسيين موضوع دراسة لإثبات الوحدة العميقة وراء الخلاف الفكري بين المذهبين في الماضي مهم جدا بالنسبة إلى من يسعى إلى توحيد المسلمين في المستقبل وخاصة بالنسبة إلى من ينطلق من الفكر الشيعي الذي كان يتجاهل هذا "الماوراء" الواحد فيكتفي بالمقابلة بين الأخيار والأشرار, إذ قل أن تجد بين مفكري السنة الكبار من يحط من شأن أهل البيت أو من الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه. وهي مسألة مضاعفة كذلك للتناسب مع الماوراء المضاعف, كما يتبين من فصلي الباب الأول رغم عدم وضوح الفصل بين البعدين: تاريخ الوقائع السياسية ومنطق المواقف العقدية.
فتكون خطة محاولتنا مناسبة لخطة الكتاب نفسه مع عكس الترتيب بحسب منطق العرض والمراجعة العلمية:
العرض المادي
المسألة الأولى: في فكر المسلمين السياسي وفيها فصلان الأول لمناقشة حلول 
المؤلف والثاني لمنطق حلول الفكر الإسلامي للمسألة السياسية 
المسألة الثانية: في شروط تحقيق الوحدة الإسلامية وفيها فصلان الأول لعرض نسق 
الحلول التي بحثت في طبيعة الثورة المحمدية بما هي جمع بين السياسي 
والديني والثاني للبحث في تحديد طبيعة هذه الثورة وآفاق الصحوة 
الإسلامية المستندة إليها.

العرض المادي

يقع الكتاب في 408 صفحات من الحجم المتوسط تنقسم إلى العناصر التالية: كلمة الناشر( ص. 7- 9 ) وكلمة المترجم ( ص.10-12) ومقدمة المؤلف ( ص. 13-21) وبابان يفضل الثاني منهما الأول بمثله تقريبا. فالباب الأول ( ص. 23-146) يؤرخ للواقع السياسي الذي حدد الفكر السياسي. والباب الثاني ( ص. 147- 391 ) يؤرخ لأهم نظريات الفكر السياسي في الإسلام السني والشيعي, وأخيرا حديث الختام (ص.393-406). 
وعنوان الباب الأول التاريخ السياسي الإسلامي مع شبه عنوان هو الخلفيات ( ص. 23-146). وهو يؤرخ للواقع السياسي والمذهبي في فصلين غير متساويين من حيث الكم. فالفصل الأول بعنوان سيطرة الاستبداد وإعصار الغلبة ( ص.25-72) يحلل الأزمة الأصلية التي سيطرت على التاريخ الإسلامي كله ويكاد يحصرها في ما ينسب إلى الأمويين من حيد عن قيم الإسلام وعودة إلى قيم الجاهلية. والفصل الثاني بعنوان الأبعاد العقدية والفكرية يعادل كمه مرة ونصفا كم الفصل الأول ( ص.73- 147) ويعالج ما تولد عن هذه الفتنة من صراع فكري ومذهبي حدد مآل الفكر السياسي الإسلامي كله تحديده للواقع السياسي الإسلامي كله الذي جعله يكون محكوما بشراك الاستبداد خلافا لما تقتضيه عقيدة الإسلام ورسالته. 
أما الباب الثاني الذي عنوانه الفكر السياسي فيعرض الفكر السياسي الإسلامي ( ص.147-391 ) في سبعة فصول يغلب عليها فصلا البداية والغاية أعني الفصل المتعلق بفكر الفارابي مؤسسا للفلسفة السياسية ( ص. 149- 226) والفصل المتعلق بفكر ابن خلدون مؤسسا لعلم اجتماع التغلب ( ص. 353- 392 ). أما الفصول الخمسة الأخرى التي تصل بين البداية والغاية المتقابلتين تقابل الفكر المؤسس لطلب المثال والفكر المؤسس لعلم الواقع الحاصل فتتعلق على التوالي بأبي حسن العامري ( الفصل الثاني ص. 227- 244 ) ومسكويه ( الفصل الثالث ص. 255- 280 ) والماوردي ( 281- 304 ) ونظام الملك والغزالي ( في نفس الفصل الخامس ص. 305- 336 ) وابن باجة ( الفصل السادس ص. 337- 352 ). كما يتضمن الكتاب ببابيه ما يشبه الفصل الثامن المحذوف ويتعلق بفكر أخوان الصفا ودوره في الفلسفة السياسية الإسلامية وهو حاضر بغيابه إذ لم يغفل المؤلف الإشارة إليه قائلا:" وجدير بالذكر أني أعلم أن استعراض الفكر السياسي لإخوان الصفا سيختزل النواقص الكبيرة هنا إذ تركت هذه الجماعة من خلال نشاطها الفكري الوجداني بصماتها على فكر المسلمين وسلوكهم غير أن تراكم الأعمال لم يسمح بتنظيم ما سجل من ملاحظات على هذه الجماعة كي يمكن إدراجها بابا مستقلا في هذا الكتاب"(4 ).


وطبعا فهذه الأصناف من الأعمال ليست من طبيعة واحدة بل هي تنقسم إلى أصناف القول في السياسة الأربعة المعهودة: 1- الفلسفة العملية ويمثلها الفارابي خاصة, 2- فقه القانون العام ويمثله الماوردي خاصة, 3- أدب نصائح الملوك ويمثله مسكويه خاصة, 4- علم اجتماع السياسة ويمثله ابن خلدون خاصة, 5- القول العام الجامع للأصناف الأربعة السابقة ويمثله باقي المؤلفين المذكورين في الكتاب بالحضور أو الغياب. ويبين هذا العرض المادي أن الازدواج في بابي الكتاب ليس من المصادفة في شئ, رغم أننا لسنا متأكدين من أنه مقصود من المؤلف. فيكفي أن نقارن العلاقة بين فرعي الباب الأول بالعلاقة بين الفرعين اللذين يقبل الباب الثاني الرد إليهما مع عكس ترتيب الفرعين الثانيين بالقياس إلى الفرعين الأولين. فالنسبة بين تأويل التاريخ الفعلي ( الفصل الأول من الباب الأول ) وتصوره ( الفصل الأخير من الباب الثاني ) وبين تأويل الموقف منه ( الفصل الثاني من الباب الأول ) وتصوره ( الفصل الأول من الباب الثاني ) واحدة. مما يجعل ابن خلدون ممثلا لتصور هو أقرب ما يكون من التصور السني الذي غلب في تاريخ الحكم كما وصفه الفصل الأول من الباب الأول والفارابي ممثلا لتصور هو أقرب ما يمكن من التصور الشيعي الذي غلب في تاريخ المعارضة كما وصفه الفصل الثاني من الباب الأول.
وبذلك فقد لا يكون العلاج في الكتاب تخلص حقا من المقابلة بين المذهبين إذ هي قد عادت بصيغتها الجديدة التي تقاسم الصيغة التقليدية الحيلولة دون البحث عن علم الظاهرة السياسية بصرف النظر عن النسبة إلى الموقفين السني الحاكم الذي يصفه الكاتب بالظاهري السطحي والشيعي المعارض الذي وصفه الكاتب بالباطني العميق دون اعتبار للعلة التي جعلت الموقف الأول يتحدد بظرف التاريخ الفعلي الذي كاد يخلو من اعتبار المثال وجعلت الموقف الثاني يتحدد بظرف التاريخ الخيالي الذي كاد يخلو من اعتبار الواقع( 5). والمعلوم أن فكر المسلمين لا يمكن أن يصبح فكرا بحق إلا إذا تعالى على التحدد بكونه سنيا أو شيعيا ( مذهب صاحبه الديني في ما ورثناه عن الماضي الذاتي ) أو بكونه يمينيا أو يساريا ( لون صاحبه السياسي في ما ورثناه عن الحاضر الأجنبي ) فتعين بطبيعة موضوعه ( سياسي, طبيعي الخ ) وبطبيعة منهجه ( علمي, تقني الخ. ) وبقصده المعرفي ( تفسيري, تأويلي, نقدي الخ. ). يومها فقط يمكن ان نقول إن الحوار بين المسلمين بجميع فرقهم العقدية وألوانهم السياسية قابل لأن يصبح حوارا مثمرا وفكرا ناجعا لكونه يجعلهم مسهمين في التاريخ الإنساني بما يسهم به العقل الإنساني عامة في التاريخ اعني بإبداع القيم الخمس المناسبة لحضارته: الذوقية ( جميل- دميم ) والخلقية ( خير- شر) والمعرفية( صدق- كذب ) والتشريعية ( حر- مضطر ) والوجودية ( شاهد- جاحد ) وحفظها وتبادلها واستهلاكها لتحقيق نسيج الحضارة الإنسانية في خدمة القيم العليا التي يحددها علمنا بالشرائع والطبائع وما بينهما من تبادل في الاتجاهين ووحدة متعالية عليهما وعلى تفاعلهما.

المسألة الأولى, شروط تحقيق المشروع 

الفصل الأول: حلول المؤلف ومناقشتها

كتاب السيد خاتمي مجموعة من المحاضرات الجامعية حول أهم الأعمال التي أنتجها فكر المسلمين السياسي (الباب الثاني) مسبوقة بوصف الواقعين التاريخي والعقدي (الباب الأول). وقد ألقى المؤلف هذه المحاضرات بصفته أستاذ الفلسفة السياسية على طلبة المرحلة الثالثة (درجة الماجستير) لسنتين جامعيتين متواليتين. لذلك فطبيعتها تقتضي أن تكون بحوثا علمية هدفها عرض الفكر السياسي الإسلامي عرضا نسقيا سنده المصادر الأصلية والأحداث التاريخية. ومن ثم فهي مبدئيا لا يمكن أن تنتسب إلى أصناف الأعمال التي تستهدف التقريب الجمهوري أو أن تعتمد على المعلومات السطحية النافقة في المراجع الثانوية حبيسة المقابلات العقدية والعرض الإيديولوجي لنزاعات المذاهب في الفكر الإسلامي: إنها قراءة مختصة(6 ) لمصادر الفكر السياسي الإسلامي ولأحداث التاريخ الإسلامي تتقدم عليها بصورة صريحة مسلمة منهجية وغاية عملية تعتبران إثبات وحدة المسلمين في الماضي والسعي إلى توحيدهم في المستقبل شرطين ضروريين لتحقيق صحوتهم الحالية التي يحول دونها عائق الاستبداد. 
ولما كان المؤلف ملتزما بموقف يؤمن بوحدة الفكر الفلسفي الإسلامي متجاوزا الخلافات الشعوبية ( بين العرب والفرس )(7 ) والعقدية ( بين السنة والشيعة )( 8) السطحية مثله في ذلك مثل قيادات النهضة الراشدة في الإسلام السني والشيعي تخلصا من الخلافات المذهبية لتحقيق الوحدة الإسلامية أمام الهجمة الاستعمارية في بدايات النهضة(9 ) فإن واجب التحية يقتضي تأييد مشروع الكتاب من خلال الإسهام في تحقيق هذا الهدف بطلب الحقيقة ومناقشة شروطه وشروط صموده أمام رواسب الصراع المذهبي بين السنة والشيعة أولا وأمام ثوابت تأويل تاريخ هذا الصراع في النظريات اليسارية المعاصرة ثانيا وخاصة.
ذلك أننا نعتبر الموقف الذي يلتزم به الأستاذ خاتمي شبة فرضية علمية يسعى صاحب الكتاب لإثباتها بفرعي التاريخ اللذين يعالجهما. فتاريخ الواقع السياسي وتاريخ الفكر السياسي الإسلاميين كما يعرضهما المؤلف من خلال أهم الوقائع التي حددت التاريخ المشترك وأشهر الفلاسفة السياسيين من المذهبين جعلاه يسعى في مقصد بحثه المعلن إلى تجاوز المقابلة العقدية بين الشيعة والسنة بل وإلى بيان طابعها السطحي لكون الواقع السياسي الذي كان واحدا اقتضى سلوكا سياسيا واحدا, رغم الخلافات العقدية( 10). لذلك فإنه علينا أن ندقق البحث في المسائل التالية تعميقا للحوار حول إشكالية الفكر السياسي في الحضارة الإسلامية بصرف النظر عن المقابلة المذهبية بشكليها التقليدي ( بين السنة والشيعة ) والحالي ( بين يسار التيار التحديثي ويمين التيار التأصيلي ) :
1- هل تجاوُزُ المؤلف الصريح وبقصد معلن العائق الايديولوجي الناتج عن الانتساب المذهبي والمقابلة بين الشيعة والسنة - لإثباته التماثل بين المذهبين في السلوك السياسي الاستبدادي صراحة في كلمة الختام التي تدرس فكر المحقق السبزواري من القرن الحادي عشر للهجرة – خلصه فعلا من الشكل الجديد الذي اتخذه هذا العائق الحائل دون علم تاريخنا السياسي واقعا وفكرا أعني المقابلة بين يسار تيار التحديث ويمين تيار التأصيل المقابلة التي تسيطر على قراءة هذا التاريخ قراءة إيديولوجية فتواصل شق كلا المذهبين السني والشيعي إلى فريقين من نوع جديد قد لا يقل ضررا عن النوع القديم ( 11) ؟
2- وبعبارة أوضح هل يوجد في الكتاب ما يثبت أن الفكر الإسلامي الحديث ممثلا بمصنف الأستاذ خاتمي تخلص فعلا من العائق المعرفي الذي يجعل العائق العقدي في شكله الجديد طاغيا(12 ) فلم يعد يفضل القراءة الخلقية الإنشائية ( ما ينبغي أن يكون ) على القراءة الطبيعية الخبرية ( ما هو كائن ) لتاريخ الواقع والفكر السياسيين الإسلاميين بحيث يقف الموقف العلمي من العلاقة بين القيم بما هي غايات لأفعال البشر تتحقق بآليات بشرية هي أدوات الفعل السياسي من حيث هو سياسي أعني شروط تحقيق المثل وصلتها بقوانين الواقع أم هو لم يتخلص من هذا العائق كما يتبين من مواصلة نفس المفاضلة بين فكر الفارابي وفكر ابن خلدون؟
3- ولما كان الجواب الذي ينتهي إليه كل قارئ موضوعي أقرب إلى النفي منه إلى الإثبات في حالتي السؤالين السابقين بات من الواجب أن نسأل: لمَ لمْ تكن الوحدة الواقعية والسلوكية بين السنة والشيعة كافية لإيجاد فكر سياسي علمي يمكن من تحقيق شرط التعالي على العلاج الإيديولوجي ويحرر من عرض التاريخ عرضا يبقيه - كما ظل عليه الأمر في تواريخ المواقف المذهبية المتقابلة بشكلها الجديد أعني شكل التحديث والتأصيل- مجرد صراع بين إرادة خيرة وإرادة شريرة, وليست ظاهرة خاضعة للقوانين التي تحكم الظاهرات الإنسانية فنسعى إلى تفسيرها بدلا من التحصر على كونها ما كانت أو على عدم كونها على ما كنا نتمناها أن تكون عليه ( وهو الموقف المشترك بين يسار تيار التحديث و يمين تيار التأصيل رغم التقابل بينهما في أعيان المرغوب فيه والمرغوب عنه عندهما ) ؟ 
4- وبعبارة أوضح هل استطاع المصنف أن يقدم علاجا لواقع الاستبداد وكيفية تعامل الفكر الإسلامي معه نظريا وعمليا يكون علاجا من طبيعة واحدة تتعالى على التقابل بين المذهبين أم إن المقابلة بين الفكرين الشيعي والسني ما تزال في الحقيقة فاعلة بشكلها الجديد ( تطرف التحديث والتأصيل ) مما يبقي على الإعاقة المعرفية التي تعبر عن حقيقة عميقة لا بد من فهمها لدراسة الظاهرة السياسية عامة دراسة علمية تتخلص من أساس المقابلة وليس من تعينها المذهبي, أعني المقابلة بين خصائص مشروع الفارابي الفلسفي ممثلا للفكر الشيعي وخصائص مشروع ابن خلدون الفلسفي ممثلا للفكر السني إذ إن كلا الفيلسوفين صريح الانتساب إلى أحد الموقفين المعرفيين وكذلك إلى أحد المذهبيين؟ 
5- وأخيرا هل يمكن أن نحقق مشروع وحدة المسلمين- وهو مشروع نتفق عليه ونطلبه بكل إيمان وثقة – مشروع وحدة النهضة الإسلامية الجامعة بين الحرية والعدالة بمصالحة لعلها شكليه لا غير بين الموقفين القديمين؟ أليست هذه المصالحة قد تخلصت من المقابلة بين المذهبين في الظاهر فحسب لكونها أغفلت النفاذ إلى حقيقة ما جعلها تكون ممكنة ليس بين المذهبين فحسب بل بين أصحاب التصور اليتوبي وأصحاب التصور العلمي للظاهرات الإنسانية في كلا المذهبين؟ ألا يمكن أن يكون ذلك حائلا دون البحث عن الحقيقة التاريخية وشروط المعرفة العلمية للظاهرة السياسية في التاريخ الإنساني؟ وأخيرا ألا يبدو القول في هذا الكتاب غير بعيد عما تعودنا عليه من عروض تقليدية للصدام بين من اعتاد المفكرون وصفهم قديما بحزب الأشرار وحزب الأخيار وحديثا بحزب التنوير وبحزب الظلاميين ؟ 
وبيّن أن هذا السؤال الأخير الذي تعددت فروعه يجمع الأسئلة الأربعة في مسألة الكتاب المركزية أعني طلب الشروط الضرورية والكافية لتحقيق هذا المشروع الطموح ( وحدة المسلمين لتحقيق النهضة: الحرية والعدالة ليس في العالم الإسلامي وحده بل في العالم ككل بمقتضى الواجب الذي تلزمهم به رسالتهم ) والتي تتحدد سلبا بالتخلص من عائقين أساسيين لعل المؤلف لم يتخلص منهما إلا في الظاهر: 
1- تصور التاريخ مجرد تحكم يحصل فيه ما يحصل بمقتضى إرادة البشر المتحررة من كل مؤثر موضوعي ( عائق ابستمولوجي ) الأمر الذي قد ييسر العودة إلى المقابلة بين التصور اليتوبي الغالب على الفكر الشيعي والتصور الواقعي الغالب على الفكر السني للظاهرة السياسية حتى وإن بين الكاتب أن بعض المفكرين الشيعة برروا أحيانا الغلبة والاستبداد مثل المفكرين السنة,
2- عرض التاريخ بوصفه صراعا بين الخيرين بإطلاق والشريرين بإطلاق الأمر الذي قد ييسر العودة إلى التاريخ المذهبي (عائق إيديولوجي ) حتى وإن حاول صاحب الكتاب التخلص من حصر الأمر في المقابلة بين السنة ( ممثلين بدولة بني أمية ) والشيعة ( ممثلين بدعوة آل البيت ). لكن المقابلة التقليدية يبدو أنها قد عوضها شكلها الحديث أعني يسار تيار التحديث ويمين تيار التأصيل (13 ).
وحتى نناقش هذين العائقين نقاشا يبعدنا عن التأويل المذهبي سننطلق من مناقشة مفهوم "الغلبة"( 14) الذي انبنى الكتاب على محاولة تحليله وفضحه. فالمؤلف قد عده من ثوابت التاريخ الإسلامي( 15) خلال القرون الإثني عشر(من بداية الدولة الأموية إلى بداية النهضة) معتبرا إياه مرادفا لمفهوم الاستبداد. وهذا التصور يجعل المفهوم حسب رأينا غير قابل للتحليل الفلسفي والتعليل العلمي المساعدين على التمييز بين صورتة المرفوضة وصورته المطلوبة دينيا( 16). فالمؤلف اعتبره مرادفا للاستبداد ومقابلا لمفهوم Tyranny الإنجليزي وهو ما لا يمكن أن يقبل به الفكر الفلسفي عامة والفكر الفلسفي الذي يعلم حقيقة الثورة الإسلامية خاصة إذا كان يستهدف تحقيق شروط علمية الظاهرة السياسية خاصة والظاهرة الإنسانية عامة. وذلك لعدة علل أهمها: 
وأول العلل الاستعمال القرآني لمفهوم الغلبة وصفا للذات الإلهية. فعندما يصف القرآن الله بكونه الغالب على أمره لا يمكن ان يعني أنه متحكم أو ظالم أو مستبد(17 ).
وثاني العلل الاستعمال القرآني لهذا المفهوم وصفا لحزب الله وجنده بكونهم هم الغالبين فهو لا يمكن ان يقصد أنهم مستبدون أو ظالمون(18 ). 
وثالث العلل العلاقة الإيجابية التي يحددها القرآن الكريم بين هذا المفهوم ومفهوم التدافع من أجل تحقيق القيم العليا وخاصة القيم الدينية(19 ).
ورابع العلل هو أن ابن خلدون الذي ينسب إليه المؤلف هذا المفهوم لا يستعمله بمعنى العسف بل بمعنى يتطابق فيه العقل والنقل دائما وبعكس مدلوله عند الفارابي دائما إذ هو يعتبر الشرع والوجود متفقين على أنه لا يمكن أن يحكم إلا من كانت له الغلبة( 20). 
وآخر العلل هو أساس الثورة التي توصل إليها ابن خلدون في الفكر السياسي مستمدا إياه من الكلام الأشعري( 21)ومستبقا بذلك جميع الفلاسفة من بعده وخاصة فلاسفة النهضة وفلاسفة القرن السابع عشر في أوروبا أعني شرط المعلومية في مجال علوم الإنسان وهو عمادنا في هذا النقاش: إذا كان مفهوم الغلبة والقوة اللذين لا معنى للسياسة من دونهما مفهومين غير طبيعيين وناتجين عن تحكم الإرادات أو عن الخصائص الخلقية عند بعض الناس بات علم السياسة ممتنعا بل بات العلم بالشأن الإنساني والعمل على علم به مستحيلين. 
وبذلك يصبح مشروع توحيد المسلمين بالتغيير السلمي والديموقراطية التي نسعى إليها جميعا ممتنعا لسببين: 
1- ابستمولوجي هو علة سوء تأويل ثورة ابن خلدون التي أدرجت ضمن النظريات التبريرية للاستبداد حتى وان اعتبرت علم اجتماع للتغلب(22 ) وليست محاولة لتحقيق المعرفة العلمية التي هي شرط في كل تغيير على علم ومن ثم في كل تغيير يكون مقصورا على ما لا بد منه من عنف مشروع .
2- وإيديولوجي هو علة العودة إلى فكر الفارابي الذي نقده ابن خلدون عند التمييز بين علم العمران وفلسفة المدينة الفاضلة التي يصفها المؤلف بكونها الفلسفة السياسية الوحيدة الجديرة بهذا الاسم في تاريخنا. 
ذلك أن تغيير العالم التاريخي ( العمران ) مثله مثل تغييرالعالم الفيزيائي( الطبيعة ) يشترط شرطين لا يمكن أن نجدهما في فلسفة المدن الفاضلة: 
أولهما أن يكون العمران ذا قوانين معلومة هي موضوع النظرية العملية وهي ليست بالضرورة راجعة إلى ما ترغب فيه إرادتنا أو ما ترغب عنه كراهتنا أعني أنها غير ما نعتبره من وجهتنا خيرا أو شرا رغم كوننا لا يمكن أن نقبل بها علما إلا لتغييرها عملا بمقتضى القيم.
والثاني أن يكون عملنا مستندا إلى علمنا بتلك القوانين التي لا تتعلق بنظرية الظاهرات فحسب بل وكذلك بنظرية التأثير فيها بالعمل السياسي حيث تعد نسبة العمل السياسي إلى النظرية السياسية عين نسبة التطبيق التقني إلى النظرية الطبيعية مع عدم استثناء الإيمان الواجب بالقيم. 
من هنا فقد تكون عودة المؤلف إلى تفضيل فكر الفارابي خيارا منافيا لتجاوز المستوى العقدي والإيديولوجي من الإشكالية وحائلا دون تحقيق الغاية التي يسعى إليها ( تخليص المسلمين من الاستبداد بالعمل على علم لتحقيق ذلك ) ودون الأداة التي تحقق تلك الغاية ( التوحيد بين الموقفين السني والشيعي من الاستبداد ). فلا يكون التوحيد بين الفكرين السني والشيعي حينئذ إلا توحيدا ظاهريا يحقق صلحا ظرفيا وسطحيا ويبقي على عمق الخلاف وأساسه البنيوي. فهو حسب رأينا ما يزال مستندا إلى حل فلسفي لم يول المقابلة المعرفية بين ابن خلدون والفارابي ما تستحقه من دلالة لحصرها في بعدها القيمي وعدم اعتبار بعدها الإبستمولوجي: إذ المفاضلة بين الفكرين ما زال مقياسها عند المؤلف دوافع الفكر الايديولوجية وليس مفعوله العلمي مما لا يخلص الفكر الإسلامي من التقسيم إلى ممثلين لفكر الأشرار وممثلين لفكر الأخيار بلغة إخوان الصفا وإلى تنويريين وتظليميين بلغة إيديولوجية التحديث بدلا من اعتبار الكل مجتهدين. 
لذلك فاعتبار فكر ابن خلدون مندرجا في محاولات تبرير الاستبداد ووصف فلسفته بكونها علم اجتماع للغلبة بمعنى الاستبداد بدلا من اعتبارها كما هي فعلا علم اجتماع السياسة بمعناها الذي لها في المعرفة العلمية وخاصة بشروط علمها التي يمكن أن تكون مقدمة لشروط العمل فيها على علم بقوانينها, رغم ورود ذلك ورودا صريحا في دوافع ابن خلدون التي يميزها بوضوح عن المقومات المعرفية لعلم العمران(23 ) يمثل عندنا أكبر العلامات النظرية على عدم تجاوز التحليل الإيديولوجي. ولعل عدم تنسيب الموقف التقليدي من الأمويين ( رغم محاربته الشعوبية حربا لا هوادة فيها) من الأدلة العملية المؤيدة لهذا الفهم على هذه الفضالة المذهبية المستعصية في محاولات الفكر الإسلامي الحديث رغم النوايا الحسنة. 
ولعل العلامة الأساسية الجامعة بين الأمرين والدالة على أن هذا التأويل قد جانب الصواب هي حسب رأينا إهمال الفائدة المعرفية ( الابستمولوجية ) من تمييز مقصد البحث في علمه الجديد ومقصد الفلسفة العملية عامة وفلسفة الفارابي خاصة والفائدة العملية من تحليله النقدي للثورات السياسية الفاشلة في التاريخ الإسلامي عامة ولمراحل الحرب الأهلية الإسلامية الخمس خاصة. ويجمع بين التجاهلين الإغفال شبه الكامل لدلالة التمييز الخلدوني الصريح في أحكامه على وقائع التاريخ السياسي بين المستوى المجرد للقيم الخلقية والروحية حيث لا دخل لميزان القوى ومستوى تحقيق هذه القيم في التاريخ الفعلي حيث يكون حسبان ميزان القوى أساسيا كما يمثل لذلك ابن خلدون بثورة الإمام الشهيد بالذات أعني سيدنا الحسين رضى الله عنه:" فرأى الحسين أن الخروج على يزيد متعين من أجل فسقه لا سيما ( على) من له القدرة على ذلك. وظنها في نفسه بأهليته(= معيار خلقي وروحي ) وشوكته (= معيار سياسي ومادي ). فأما الأهلية فكانت كما ظن وزيادة. وأما الشوكة فغلط يرحمه الله لأن عصبية مضر كانت في قريش وعصبية قريش في عبد مناف وعصبية عبد مناف إنما كانت في بني أمية... فقد تبين لك غلط الحسين إلا إنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه. وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه لأنه منوط بظنه وكان ظنه القدرة على ذلك "( 24).

الفصل الثاني: منطق الحلول السياسية في الحضارة الإسلامية

تعد إشكالية الحكم وطبيعة الشرعية التي يستند إليها من أهم إشكاليات الفكر الإسلامي, حتى وإن كنا نرفض ما يذهب إليه البعض من إرجاع الفكر الكلامي إلى مجرد صراع مذهبي مقصور على الصراع السياسي عامة. وأصحاب هذا الرأي لم يتمكنوا, رغم هذا الظن الذي كنا نتصوره كافيا لكي يحققوا ثمرته على الأقل, من تحديد منطق المواقف السياسية ونسق النظريات التي تعللها إذا ما استثنينا شبه التحليل السطحي بالصراع الطبقي أو بما يرد إليه. لذلك فنحن سنحاول في هذا الفصل تحديد هذا المنطق مستدلين عليه بتناسق نظرياته فيما بينها أولا وبمطابقته لما حدث في تاريخ المسلمين الفعلي ثانيا و بتناسقه مع الفكر السياسي الإنساني أخيرا لكوننا لا نتصور المسلمين خارجين عن سنن التاريخ البشري: وتلك هي العلامات الثلاث التي تحدد علمية القول. 
فالمعلوم أن المسألة السياسية قد كانت منطلق الحرب الأهلية التي عاشتها الحضارة الإسلامية منذ مقتل الخليفة عثمان ( رضي الله عنه ) إلى الآن( بوجهيها الحار والبارد ). والمعلوم كذلك أن هذا التاريخ ما يزال يعرض عرضا عقديا فيعتبر صراعا بين حزب الملائكة وحزب الشياطين بلغة القدماء وحزب التنويريين وحزب الظلاميين بلغة المحدثين. ومن عجائب الأمور أن هذا العرض مشترك لعموم المفكرين من السنة والشيعة سابقا ومن اليسار واليمين حاليا. ومن يقصر دور الشياطين على المذهب المقابل ودور الملائكة على مذهبه يكون عادة من غلاة المذهبين: بحيث إن هذه التسميات تشق الفريقين عند الجمهور ولا تطابقهما إلا عند الغلاة منهما. وكان الإنصاف يقتضي أن يقرأ التاريخ بعين ناقدة وموضوعية تبين أن المواقف التي تتغاضى عن شروط بناء الحضارات الجديدة قد حالت دون هؤلاء المفكرين وفهم دور بناة الدولة الإسلامية الأولى والضرورات التي جعلتهم يكونون ما كانوا ويفعلون ما فعلوا.
فالخلاف الذي حصل حول خلافة الرسول عبر عن نفسه بصيغتين إحداهما كانت صريحة عاد بمقتضاها المسلمون ( الذين كان جلهم من العرب في بداية الدعوة ) إلى الانقسام بحسب محور لم يتخلص بعد من العصبيات الجاهلية ويرمز إليها عبارة منا أمير ومنكم أمير, والثانية كانت ضمنية وشرع المسلمون في ولوجها وفيها سيصبح الانقسام بحسب محور بات قريبا من مذاهب الحكم التي ستتحدد لاحقا ويرمز إليها تأخر الإمام علي في المبايعة(25 ). أما الحل الذي حصل في التاريخ فكان بالضرورة أشبه بعدم الحل منه بالحل مما آل بالأمر إلى الحرب الأهلية التي يحدد خصائصها المبدآن اللذان تتضمنهما الصيغتان بعد أن وصلا إلى صورتهما الكلية: فمبدأ العصبية الجاهلية اتسع ليصبح مبدأ العصبية القومية ومبدأ العصبية السياسية اتسع ليصبح مبدأ العصبية العقدية. وهما المبدآن اللذان حكما الحرب الأهلية التي تكونت في ظلها الحضارة الإسلامية وازدهرت رغم كونها قضت على وحدة الدولة الإسلامية( 26). وهذه الحرب بدأت منذ توقفت محاولات الخليفتين الأولين تأجيلها بسعيهما الحثيث إلى تخليص الأمة من تطرف المبدأين.
فالمبدأ القبلي انضم إليه بعد الشعوبية ليصبح صراعا قوميا فبعث الوعي بالقومية الفارسية وكون الوعي بالقومية العربية ( وهو أمر لو لم يحصل لما وجدت آداب الأمتين اليوم بين أيدينا ). والمبدأ السياسي انضم إليه بعد المذهب ليصبح صراعا عقديا فكون الوعي بالفهم السني والوعي بالفهم الشيعي للرسالة المحمدية ( وهو أمر لو لم يحصل لما وجد فكر الإسلام الفلسفي والكلامي في أهم معضلات الوجود الإنساني عامة والمسألة السياسية على وجه الخصوص). وقد تراكبت المقابلتان تراكبا جعل الصراعين متواليين في التاريخ الإسلامي بالتداول ( بين العرب والفرس ثم بين الفرس والترك ثم بين العرب والترك ) ومتصاحبين دائما في كل قوم من أقوام الأمة الإسلامية ( بين السنة والشيعة من هذه الأقوام جميعا ) . وذلك هو سر حيوية الحضارة الإسلامية. ولا معنى لهجاء مثل هذه الظاهرات ومدح مقابلاتها. فتوسع المبدأ القبلي إلى مبدأ العصبية القومية وتوسع المبدأ الحزبي إلى مبدأ العصبية العقدية لم يقضيا على وحدة الحضارة الإسلامية رغم قضائهما على وحدة الدولة لأن محاولات الخليفتين الأولين أجلت هذه الحرب فخلصت الأمة من تطرف المبدأين إلى أن صلب عودها ( 27) فتمكنت من تحقيق دورها الكوني بتوحيد غايتها أعني طموح الأمة الروحي أو نشر الرسالة المحمدية ( القضاء على الردة وتوحيد القرآن الكريم في المصحف العثماني ) وتوحيد أداتها أعني طموح الأمة التاريخي أو تكوين دار الإسلام( توحيد المسلمين ضد العدو الخارجي ببداية الفتح خارج الجزيرة ): والأمر الثاني كان مصدر التوسع الجغرافي والتأثير الحضاري أساسا لظاهرات الواقع التاريخي والأمر الأول كان مصدر الجدل الفكري والصراع التأويلي أساسا لكل الفلسفات الإسلامية.
ومن ثم فلا معنى حسب رأينا للموقف اليتوبي المتحصر على ما كان ينبغي ان يكون خاصة وأن ما كان ليس ما به يستهان: فما كان حصل وما وقع هو الذي علينا فهمه لتكوين من نتمنى تحقيقه بحسب مبدأ العمل على علم. وعلينا أن نبحث في طبيعة الخلاف السياسي الذي لم يكن خلافا طرأ بعد وفاة الرسول كما يتصور البعض بل كان خلافا موجودا حتى في حياته لكونه من جوهر الرسالة الإسلامية ذاتها: فالرسالة التي تختم الرسالات ينبغي أن تتضمن بطبعها أعوص مشكل عرفه العقل الإنساني: كيف يكون الأمر في إدارة الشأن الإنساني الديني والسياسي بعد توقف الوحي الذي يختم الوحي وحتى قبل هذا التوقف كما في حالات تصرف الرسول تصرفا غير مستند إلى الوحي ؟ فأهم مفارقات الدين الإسلامي التي هي جوهره موجودة فيه منذ حياة الرسول حتى وإن لم تبرز بوضوح إلا بعد وفاته. إنها مميزه الأساسي الذي جعله يصلح تحريف الدينين المتقدمين عليه صراحة( 28) ويصلح تحريف الفلسفتين المتقدمتين عليه ضمنيا.
فليس أساس الحكم ربوبيا ( ثيوقراطيا ) كما هو الشأن في الدينين المحرفين (= السنة العبرانية ), وإلا أصبح ختم الوحي غير قابل للفهم, إذ من شرط هذا الحكم أن يكون الوحي محتاجا لتوالي الأنبياء أو لمؤسسة للأوصياء التي تنوب عنهم ( الكنيسة: الجماعة الروحية ). وليس أساسه بشريا ( انثروبوقراطيا ) كما هو الشأن في الفلسفتين المحرفتين (= السنة اليونانية ) وإلا أصبح وجود الوحي غير قابل للفهم, إذ من شرط الحكم الأنثروبوقراطي أن يكون العقل مكتفيا بتوالي العقلاء أو بمؤسسة الحكماء التي تنوب عنهم ( الجمهورية: الجماعة العقلية )( 29). إنما الأساس أمر فريد النوع: إنه من طبيعة مختلفة عن النوعين الربوبي والبشري لكونها تحدد كيفية تنظيم العلاقة بين الديني من دون كنيسة الأوصياء ( لكون نقد الفكر الديني كما ورد في القرآن يعتبر ذلك من أهم أسباب توظيف الوحي وإفساده ) والسياسي من دون جمهورية العقلاء ( لكون نقد الفكر الفلسفي قياسا على نقد الفكر الديني يعتبر ذلك من أهم أسباب توظيف العقل وإفساده ) تنظيما يصل بين الديني والسياسي ويكون فيه الديني غير مستثن للسياسي والسياسي غير مستثن للديني. وهذا يقتضي أن تكون الأمة كلها مشاركة في السلطانين الروحي والعقلي تحديدا للغايات والأدوات وقياما بالأمرين قياما ذاتيا: والمشاركة فيهما بآليات ومؤسسات وإجراءات ترك تحديدها للاجتهاد البشري فرض عين. وكل تحريف لطبيعة النظام السياسي حصل في تاريخنا كان مصدره جعل هذه المشاركة فرض كفاية, عجزا عن تصور المؤسسات والآليات(30 ) التي تحقق فرض العين هذا, أعني أساس البيعة العامة أو الديموقراطية الحقيقية.
تلك هي صيغة المفارقة التي كان على الفكر الإسلامي علاجها وهي صيغة طرحها الإسلام لتجاوز الحلين اللذين يعتبرهما محرفين أحدهما صراحة والثاني ضمنا ( الحل العبراني المستند إلى الاستبداد الذي تبرره النخبة الروحية والحل اليوناني المستند إلى الاستبداد الذي تبرره النخبة العقلية )( 31). وهما حلان عرفتهما ومارستهما الرقعة الحضارية التي بعث الإسلام في قلبها. لكن قلة من المسلمين ألغت هذه المفارقة بسرعة عجيبة وبحل جمع خصائص الحل العبراني وخصائص الحل اليوناني متناسية نفي الإسلام الصريح لفرعي هذين الحلين. ويبدو هذا المهرب من المفارقة المحمدية معقولا ومتناسقا بل وبدهيا لكونه يعالج ما في ختم الوحي من تناقض ظاهري( 32): إنه حل يعوض اتصال الوحي الذي ينفيه الوحي المختوم بعلم الأئمة المعصومين الموصى لهم بحكم المسلمين( 33) علمهم الذي يقوم مقام الوحي المتصل ( وهذا الحل لم يتغير منذئذ ولا يمكن لهذا الحل- الذي لقب منذئذ بحل شيعة الإمام علي كرم الله وجهه- أن يتطور حسب رأينا إلا بالتخلص منه. والخوف هو أن يحصل التخلص بالصورة التي تمخضت عن وحدة الحل العبراني واليوناني الحديثة في التوراتية المحدثة الجرمانية أعني صورة الفصل بين الدين والدولة مما يجعل الشيعة مرشحة لتحقيق العلمانية إذا لم تتحرر من مهربها السهل من المفارقة المحمدية ). لذلك فلا عجب إذا رأينا في التاريخ الإسلامي كيف أن هذا الإلغاء ازداد تدعيما بفضل الحل الصوفي المستند إلى لدنية علم الأولياء, رغم تناقض الحلين( 34) وبفضل الحل الفلسفي لكون التقارب بين الحل العبراني والحل اليوناني تم بتوسط الكلام المسيحي اليهودي في العهد الهلنستي. والمؤلف يكثر من مدح هذا الكلام (35 ) الذي لا يزال مؤثرا بتوسط فلسفة الإشراق كما تعينت في أرقى صيغه الصوفية ( ابن عربي) وأرقى صيغه الفلسفية ( الملا صدرا )(36 ).
أما غالبية المسلمين فإنها لم تلغ المفارقة ولم تهرب إلى الحل السهل بل فرضت على نخبها تجريب الحلول الممكنة عقلا لفهم هذه المفارقة التي لا نظير لها في تاريخ الحل الروحي والحل العقلي المعلومين أعني التقليد العبراني والتقليد اليوناني. فقد ظل المشكل عندهم معضلة المعضلات وصار فكرهم السياسي بحثا دائما عن حله بالتجريب العقلي والفعلي لكل الحلول السياسية الممكنة عقلا. لذلك ففهم منطق هذا التجريب هو المبدأ الذي يساعد على فهم تاريخنا السياسي كما نحاول وصفه وصفا نسقيا ومنطقيا يخرجنا من تحليل الفكر والتاريخ بالاتكاء على المهارب القديمة أو بالاستناد إلى الموقف النفساني التحكمي(37 ). 
ولكي نعرض هذا المنطق عرضا فلسفيا يقبله العقل السليم ويخرجنا من التفريع التحكمي الذي لا يعلل كونه هو ما هو وبالعدد الذي هو عليه, سنعتمد القسمة الأفلاطونية منهج اكتشاف. فأساس الحكم يمكن عقلا أن نعتبره بما هو فعل إنساني مستندا إلى أحد المبدأين التاليين أو إلى التأليفات الممكنة منهما عقلا: فلما كان الحكم الإنساني بحسب التصور العقلي إما مستندا إلى القانون الطبيعي ( فيكون قانون القوة والإلجاء أو القانون الطبيعي أساس الحكم الوحيد ) "أو- و" إلى القانون الخلقي ( فيكون قانون العقل والاختيار أو القانون الخلقي أساس الحكم الوحيد) فإنه يستند إليهما إما: 1- متصلين أعني إليهما مركبين بحسب تأليف معين بينهما, 2- أو هو يستند إليهما منفصلين أعني إليهما بسيطين كلا على حدة. والتأليف يكون: 1- إما بالتناغم المطلق بينهما, 2- أو بالتصادم. والتصادم يكون: 1- إما بغلبة هذا, 2- أو بغلبة ذاك. ومثلما يمكن أن نعتبر التناغم المطلق بين المبدأين حالة حدية من الوحدة في الذات البشرية يمكن اعتبار حالتي الفصل المطلق بين المبدأين حالة حدية من الفصام فيها: فيكون فيها التصادم بين المبدأين قد بلغ بمفعول التحريف حدا ينفي أحدهما نفيا مطلقا ويثبت الآخر إثباتا مطلقا, لكون المبدأين لا يمكن أن يكونا بذاتهما قابلين للفصل في الموجود الذي تقتضي فطرته أن يكونا متحدين فيه.
فتكون الحلول الممكنة عقلا خمسة حلول لا أكثر ولا أقل, رغم كون الحلين المركبين بتغليب أحد المبدأين يمكن أن يكونا لامتناهيي الدرجات: المتناغم المطلق بين المبدأين, غلبة الأول, غلبة الثاني, التنافي المطلق بينهما وشرطها أو الحل الخامس المتمثل في البراءة الأصلية أو النفي الأصلي بلغة أبي حامد أعني الحل المستعد لأن يكون أيا من الحلول الأربع السابقة رغم كونه ليس أيا منها بعد. وهذا الأصل واجب الفرض إذ من دون فرضه تكون الحلول الأخرى مترددة بين الوجوب والامتناع فلا تبقى ممكنة إمكان قابلية الحصول وعدمه. ولكي نعلم سبب حصر حالات التأليف النسبي بين المبدأين في حالتين يكفي أن نعلم علة اقتصارنا على منزلتين بين الحدين الطبيعي والخلقي المطلقين وحالة البراءة الأصلية: فالمقصود من التركيب ليس درجاته بل التوجه الذي يميزها. والمعلوم أنه لا يوجد إلا توجهان من الوسط إلى الحدين من حوله يمنة ويسرة وبهما تتفاضل المنازل, فضلا عن كون اللامتناهي الذي نتجنبه بهذه الصورة غير معلوم بالطبع. ولما كان الأمر مؤلفا من حدين ووسط وكان التوجه منه إليهما مزدوجا باتت الحالات الممكنة خمسا: وتلك هي علة كون القيم التي يعتمد عليها حكم الفعل الإنساني في التشريع الإسلامي كما أسلفنا خمسة( 38). فالحكم السياسي بما هو فعل يكون حكمه الشرعي مخمس القيم على النحو التالي:
1- إما واجبا ( وهو النوع الأول الذي يحكمه مبدئيا التناغم المطلق بين القانونين وعلامته تفضيل القانون الخلقي على القانون الطبيعي: وعندئذ يتحد الديني والسياسي في معناهما السوي ),
2- أو محظورا ( وهو النوع الثاني الذي يحكمه مبدئيا الصراع المطلق بين القانونين وعلامته تفضيل القانون الطبيعي على القانون الخلقي: وعندئذ تحصل الازدواجية الدينية والسياسية التي يرفضها الإسلام لكونها ليست في الحقيقة إلا فصاما نتج عن تقاسم السنتين العبرانية واليونانية حياة الإنسان فاجتمعت عيوبهما في النظام العلماني ( الكنيسة أو مافية الأليغارشية الروحية + الدولة أو مافية الأليغارشية المادية ) الذي هو جوهر العولمة الحالية حيث يكون الإنسان موزعا بين حياتين روحية ذاتية وسياسية جماعية ), 
3- أو مكروها ( وهو أول المزيجين غير المتساويين أعني المنزلة التي يميل صاحبها إلى قطب الصراع بين القانون الطبيعي والقانون الخلقي وعلامته عدم تفضيل القانون الخلقي. وهذا الموقف يطغى بالطبع على تاريخ الأفعال ويظهر خاصة في ممارسة الحكم: من هنا ذم فكر السنة السياسي لغلبة ممارسة الحكم عليها لكنها لما عارضت سلكت سلوك الشيعة ),
4- أو مندوبا إليه ( وهو ثاني المزيجين غير المتساويين أعني المنزلة التي يميل صاحبها إلى قطب التناغم بين القانون الخلقي والقانون الطبيعي وعلامته عدم تفضيل القانون الطبيعي. وهذا الموقف يطغى بالطبع على تاريخ الأقوال ويظهر خاصة في ممارسة المعارضة: من هنا مدح فكر الشيعة لغلبة ممارسة المعارضة عليها لكنها لما حكمت سلكت سلوك السنة ),
5- أو مباحا ( وهو الحالة الوسطى حالة البراءة الأصلية أو حالة الحرية التي يتعادل فيها القانونان لكون المرء لم يختر بعد بين قطبي التناغم والتصادم بين المبدأين على الأقل في القصد فيصبح متضمنا لكل المواقف بما هي حلول اجتهادية ممكنة لا بما هي مواقف عقدية: ولا يوجد إلا إذا وفرت التربية شروط الفطرة السوية(39 ) وحقق المجتمع المؤسسات التي تمكن من الاجتهاد للروية في النظر والعمل ومن الجهاد للحسم في النظر والعمل(40 ) فيتحقق شرطا عدم التأثيم(41 ) ).
لذلك فهذا الوسط هو الذي ينبغي أن ينطلق منه الضمير الإسلامي. ومن ثم فلا بد أن يصبح المنطلق الغالب على كل أفعالنا إذا حققنا شرطه أعني إذا حققنا المؤسسات التي تكوّن شروط الاختيار الحر. وأهم هذه الشروط التناغم بين القانونين في حياة الجماعة المسلمة وفي حياة الفرد المسلم كما يقتضي ذلك مفهوم الفطرة. فالإسلام يعتبر إطلاق الفصل بين المبدأين عين التحريف الذي يتنافى مع سنن الله( 42). وتحقيق هذه المؤسسات هو جوهر الثورة التي سعت إليها الرسالة المحمدية(43 ) من خلال تحديدها شروط المؤسستين الضروريتين لذلك: مؤسسة الاجتهاد التي مبدؤها التواصي بالحق لمعرفته معرفة هي فرض عين على الجميع ومؤسسة الجهاد التي مبدؤها التواصي بالصبر للعمل به عملا هو فرض عين على الجميع(44 ). وليس للقصص القرآني من غاية إلا بيان طبيعة تحريف الدين ( وقياسا عليها يمكن أن نعرف تحريف الفلسفة ) ما هي. فقد كان التحريف ولا يزال نفي هذه الحقيقة: تحريف الاجتهاد والجهاد استعاضة عن علم الحق والعمل به فرض عين على الجميع بجهل الحق والعمل بالباطل اللذين تفرضهما النخبتان الروحية والعقلية بسبب تبريرهما المختار أو المضطر لطغيان المرتزقة.
ويمثل جدل الفكر السياسي بين السنة والشيعة خاصة وبين كل الفرق عامة في الفكر الديني ثم بين هذا الفكر ببعديه ( الكلامي والصوفي ) والفكر الفلسفي ببعديه ( المشائي والإشراقي )( 45) محاولة لفهم الدلالة السياسية لهاتين المؤسستين(46 ) ولتجريب الحلول الممكنة عقلا. لكن هذا التجريب غلب عليه الفشل بحكم تأثير تعاضد التحريفين اللذين أرادت الثورة المحمدية إصلاحهما أعني التحريف الروحي العبراني والتحريف العقلي اليوناني والمرتزقة من الجند والمجرمين الذين استولوا على السلطة السياسية: المؤسستين الشارطتين لتحقيق هذا الوسط الذي يجعل الفعل على الإباحة في الاجتهاد والجهاد ويغني عن مؤسسة الأوصياء المعصومين ( الكنيسة ) والحكماء المطلقين ( الجمهورية أو المدينة الفاضلة ) ( 47) أعني المؤسستين المحرفتين اللتين أفسدتا شرط الثورة المحمدية النظري ( الاجتهاد النظري بما هو فرض عين أو التواصي بالحق ) وشرطها العملي ( الجهاد العملي بما هو فرض عين أو التواصي بالصبر ).

المسألة الثانية, مشروع الوحدة أهميته وأزوفه

الفصل الأول: نسق الحلول السياسية في الحضارة الإسلامية

فكيف حصل هذا التعاضد الذي أفسد المؤسستين؟ وقبل ذلك شرطا فيه كيف تفرعت الفرق التي حددت هذه الحلول تحديدا جعلها تؤول إلى ما علينا فهمه لاستنباط الدرس من التعين التاريخي للحلول الممكنة عقلا ؟ كان مطلب أساس الحكم بهذا المعنى ( = اعتبار الدين جوهر الحياة الروحية المتعينة تاريخيا ومن ثم ذات التعين السياسي بما هو اجتهاد جماعي يسعى إلى علم الحق بمنطق التواصي بالحق وجهاد جماعي يسعى إلى العمل به في التاريخ الفعلي بمنطق التواصي بالصبر: وذلك هو مدلول صيغة المشاركة في التواصيين بما هما جوهر الإيمان والعمل الصالح كما حددتهما سورة العصر ) إذن منطلق الفكر السياسي في حضارتنا وكان الخلاف حوله بداية الحرب الأهلية التي لم تنته إلى الآن. إنه السؤال عن أساس الحكم كما صاغه ناقد الحلول السهلة ومحلل تجريب الحلول الممكنة عقلا أعني ابن خلدون( 48): هل الحكم ربوبي ( ثيوقراطي ) ينتسب إلى العقيدة بحسب العلم المطلق ( المتناقض مع ختم الوحي ) بالحقيقة الدينية ( نظام الوصية والتعيين في الإمامة الشيعية ) أم هو بشري ( انثروبوقراطي ) ينتسب إلى إدارة الشأن العام بحسب العلم النسبي ( الوحيد الممكن بمقتضى ختم الوحي ) بالمصالح العامة ( نظام الاختيار والمبايعة في الخلافة السنية )؟
والمعلوم أن هذا السؤال قد أفرز كل الأجوبة الممكنة عقلا ليس نظريا في ساحة الجدال فحسب بل وعمليا في ساحة القتال كذلك. فكان مصاحبا للحرب الأهلية التي عمت كل مستويات الحياة الإسلامية الاجتماعية والروحية. وكان هذا الإفراز يحصل دائما بمناسبة رفض الإخلال بشرط من الشروط المجمع عليها ضمنيا في فهم المؤمنين الحدسي لمؤسستي الاجتهاد والجهاد بما هما فرضا عين. وكانت عمليات الرفض المتوالية المحدد الرئيسي لصياغة معضلات الفكر السياسي صياغة فلسفية وللحلول التي توصلت إليها الفلسفة السياسية الإسلامية. لذلك فلا يمكن القبول بحكم المؤلف على الفكر السياسي الإسلامي
تاريخ النشر : 15-03-2005

6146 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com