. من الواجب وقبل الدخول في تفاصيل حيثيات الخطاب المسجدي في وادي ميزاب من تحديد بعض الأطر المنهجية التي تمكننا من التوغل المتين في متاهاته ومجاهيله وكذا إنجاز بعض التحصين ضد الوقوع بين مثالب الأيديولوجية الملازمة للإنسان؛ لذلك سنطرح بعض الأسئلة التي بها نبتدىء بها محاولتنا هذه التي تهدف أساسا إلى استكشاف المضامين الفكرية للخطاب المسجدي الميزابي(1).
فالمقصود بالخطاب المسجدي هو و إضافةً إلى دروس الوعظ والإرشاد الديني المُقامة غالبا بين صلاتي المغرب والعشاء في مختلف مساجد وادي ميزاب و زيادة إلى خطب الجمعة، يتشكل جوهر مضمون الخطاب بالعلاقة بين الوعاظ والخطباء وبين الجمهور المتلقي المتمثل في رواد المسجد والمتلقي بشكل عام ومدى ترابط عناصرها وكذا فعاليتها الميدانية، فإلى ماذا تهدف؟ وما هي الوسيلة الخطابية المعتمدة في ذلك؟ ومن يقوم ببنائه؟ وما مدى ارتباطه بالواقع الاجتماعي؟
إنه وبداية يتقسم العمل الوعظي على مجموعة أشخاص غالبا هم ذوو كفاءة في ميادين الفقه والشريعة الإسلاميين وأكثرهم من ذوي التكوين المحلي خريجو الكتاتيب والمعاهد القرآنية كما نجد قلة منهم من خريجي الجامعات والمعاهد الأكاديمية هنا وهناك وإن وجدوا فأغلبهم شباب، وهنا يجب أن نبرز الفرق بين خريجي المعاهد القرآنية (معهد الحياة بالقرارة أو معهد عمي سعيد بغرداية مثلا) التي تعتمد في التكوين على الجمع بين التربية الروحية والأخلاقية وبين التكوين العلمي المناسب لأهداف المعهد، وبين خريجي المؤسسات الأكاديمية (جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة أو جامعات للعلوم الإسلامية في المغرب والأردن مثلا) التي تركز أساسا على التكوين المعرفي للطالب من خلال اجتياز الامتحانات والاختبارات بغض النظر عن التوجهات والنزعات التي تتحكم بالطلبة.
ومنه فإن غلبة الواعظين من ذوي التكوين المحلي يقتضي غلبة التوجه الفقهي المرتبط بالسلوك والأخلاق في دروس الوعظ وخطب الجمعة، بمعنى أن يكون الوعظ محكوم بالواقع الاجتماعي ومراقبته ومعايشته دونما انفصال عنه وهو ما يجعله مفصولا عن متابعة التطورات ذات الأبعاد العالمية وكذا الانقطاع عن الأبحاث المستجدة في ميدان الفقه والشريعة، وهو ما يحكم خطابه بنوع من التحصّن بالذات ورفض المستجد خاصة عند شعور أصحاب الخطاب بأن الذات الدينية والاجتماعية مهددة بفعل دخول مظاهر ثقافية مغايرة، وهو في العمق ينم عن منافحة الوعاظ عن التهديد الذي يلحق مكانتهم الاجتماعية التقليدية التي اكتسبوها في زمن لم تكن فيه التغيرات على هذه الوتيرة من السرعة.
أما الفريق الثاني ففي اعتماده على الجانب الفقهي الذي قد يمتد إلى مجرد عرض لآراء العلماء والفقهاء فينفصل في الخطاب عن الواقع كون الإجازات الجامعية تعتمد الاختبار والامتحان إضافة إلى الأبحاث التي يفرض إنجازها على الطلبة حتى يتسلموا شهاداتهم؛ بذلك يكون الخطاب الأكاديمي في المسجد مفصولا عن الهم الاجتماعي وبالتالي فإنه سيركن إلى نوع من (تجديد الخطاب)، كون مجالاتهم التخصصية لم يذع صيتها ولم يتم التعرف إلى مفاهيمها واصطلاحاتها بما يوجِد نهما وإقبالا عليها لدى المتلقي خاصة إذا تم ربطه بمفاهيم مستجدة من قبيل العولمة والرؤية الكونية والعلوم الحديثة، وهو أمر يسمح لأصحاب (الخطاب المجدَّد) بالنزوع من خلاله إلى اكتساب المكانة الاجتماعية.
وإن خطر خطاب من مثل ذاك في حال فقدان الوعي به يعد أشد خطرا من تمسك الخطاب التقليدي بذاته كون التجديد منفصل عن أداء دوره الاجتماعي وأيضا يعد تجديدا صوريا أي من حيث المبنى، أما المعنى فقد يكون أقدم من الخطاب التقليدي؛ إذ إن الإشكال التحدي الذي يطرح نفسه جديا هو مسألة انفصال هذا الخطاب عن معالجة الواقع الاجتماعي بالنسبة للفريقين، الأول عن طريق عدم الاستيعاب الذي ينجم عن الرؤية التقليدية المنكفئة في محليتها والثاني من خلال القصور الحاصل عن عدم التفاعل المباشر بالواقع الاجتماعي وإدراك منطقه ومنطق الناس فيه.
وهنا نستكشف خطا رفيعا بين الخطاب وتجديده، ففي نظرنا العابر والسريع نجد أن المسألة تكمن في حداثة الخطاب الذي ينزع نحو التحرر من المذهب و الابتعاد عن التخندق ضمن إطار معين وكون الخطاب التقليدي مرتبط تمام الارتباط بمرحلة مذهبية خاصة جدا من التاريخ؛ لكننا بمتحيص القضية بشيء من التمعن نجد أن الخطاب الذي يدعي الحداثة والعودة إلى عهدة النبي مثلا أكثر تقليدية وقدما من الزاوية الكرونولوجية التاريخية من الخطاب الذي يدعو إلى اتباع سيرة السلف كون الحقبة النبوية أقدم تاريخيا من فترة نشوء "الحضارة المصغرة" في وادي ميزاب كما وصفها مالك بن نبي.
ولاشك أن للحركة الإصلاحية التي قادها بداية الشيخ ابراهيم بيوض في بدايات القرن العشرين وقبله القطب الشيخ محمد بن يوسف اطفيّش والمتأثرة بالحركة الإصلاحية في الوطن عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي والعالم الإسلامي محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، كان لها أكبر تأثير في توليد الاختلاف داخل المجتمع المحلي بحدوث الانشقاق بين المدافعين عن الفكرة والرافضين لها وهو ما انعكس على الخطاب المسجدي ومصادره بخلق جو من التفاعل مع المذاهب الأخرى إذ كان الأمر مقتصرا في التفقه في الدين على المذهب الإباضي دون غيره.
فالفتوى اليوم في وادي ميزاب لا تقتصر على الاستمداد من الفقه الإباضي خاصة بعد ميلاد الحركة السنية بقيادة رائدها الشيخ إبراهيم أدّاود أحد تلامذة الشيخ بيوض أواخر سبعينيات القرن المنصرم والذي سار بالفكر الإصلاحي إلى نهاياته مستمدا مرجعيته من السنة النبوية، وهو الأمر الذي جعل من الخطاب المسجدي بعد امتداد الفكر السني وتأثيره على المدارس الأخرى المحافظين والمُصلحين أكثر قابلية للتفاعل مع مستجدات الواقع التي صارت أكثر ارتهانا بالعالم الخارجي والآخر؛ فالفكر الإصلاحي بقدر ما هدف إلى محاربة البدع والجهل المنتشر في المجتمع، والذي تم التقاعس عن إصلاحه من قبل هيئات العزابة التي تكون قد ركنت إلى الاهتمام أكثر فأكثر للحفاظ على مكانتها الاجتماعية، بقدر ما عملت الحركة ولوعن غير وعى بتهيئة المجتمع برمته لمواجهة المستجدات والمتغيرات الراهنة كون نجاح الثورة الإصلاحية فرض على الحزب المحافظ تكييف نفسه مع النتائج حتى يضمن ويحافظ على السلطة التي بقيت لديه، ونفس الشيء تكرر مع الحركة الإصلاحية إزاء ثورة الشيخ إبراهيم أدّاود الذي عمد بعد انتشار دعوته وتعديها إلى باقي المدارس الأخرى قديمها (المحافظين والإصلاح) وحديثها (التبليغ والإحباط) إلى المراوحة لدى فكره إلى درجة التراجع عن بعض أفكاره.
وإلى غاية اللحظة لم يحدث بعد ذلك تجديد منهجي يواصل المسيرة الإصلاحية والنهضوية التي ابتدأها الشيخ اطفيش وواصلها الشيخين ابراهيم بيوض و ابراهيم أدّاود؛ علما أن العلاقة بين الرجال الثلاث كلها علاقة تلمذة.
أما الخطاب المحافظ فهو كذلك لم يحافظ على صلته الرمزية بالماضي بشكل تام كونه أصبح يخوض في الدفاع عن نفسه واندرج ضمن الجدل المعاصر للخطاب المسجدي بما يفك ارتباطه بصفاء المراحل الأولى لنشأة المجتمع المسجدي (المجتمع المحلي الميزابي) الذي خلف روائعه الخالدة إلى يومنا من كنوز عمرانية من مساجد عتيقة وصوامعها التي تصلنا بعبق التاريخ وعظمة إنسانه المبدع لنظام اجتماعي متفرد جمع بين مكونات الدين (المذهب الإباضي) والعرق (الجنس الأمازيغي) والجغرافيا (الموقع المغاربي) دونما انفصال؛ والأكثر من ذلك كله وهو عين إشكاليتنا هو التوافق التام بين الذين أسسوا لحضارة القرى السبع بوادي ميزاب(2) وبين معطيات زمانهم وإلا كيف لحضارة أن تنشأ وهي جاهلة/أو متجاهلة لمحيطها ناهيك عن أن تفيد وتستفيد منه.
فالإشكال الأساسي يكمن في الرؤية التجوهرية التي حكمت نظرتنا إلى مبدأ حضارة القرى السبع عندما توهمنا أنها وليدة مرحلة تاريخية توفرت لها الظروف الجيدة للنشوء!! فهذا والحق أقول عين التجريح في عظمة إنساننا الأول والطعن في جهوده وعبقريته التي استعصت علينا.
فرحنا في اتجاهين يجمع بينهما تفكير سكوني لم يفهم جدل المرحلة وإنسانها، الأول قام بعملية نكوص ماضوية سعت إحياء الثراث بنهج دوغمائي مغلق والثاني بعملية هروب إلى الأمام سعيا للتجديد بفكاك عن الجذور فقام بالقطيعة مع الماضي طبعا ليس بشكل نهائي ولكن النهايات المنطقية لفكره يمكن أن تشي بذلك، بدليل أن جماعة الدعوة والتبليغ فعلت ذلك مع التيار الإصلاحي كونها امتدادا طبيعيا لها حيث سارت إلى نهاياته، بل مع ورود حديث جدا لذكر أفراد فضلوا السلفية التي تقصي الآخر إلى حد التكفير بما فيها المذهب الإباضي نفسه!! إضافة إلى بذور فكرية تهيء للإنسياق وراء دعوة التشيع التي صعد نجمها مؤخرا بفعل عوامل سياسية وإعلامية، وجماعة تسمي نفسها باحثة في "المسألة" تعرف اجتماعيا بالإحباط، ومسألتها أن مرتكب المعصية مآله النار مهما كانت تلك المعصية وهي اجتهاد في العودة إلى جذور العقيدة التي قدّمنا أنها في استشعار لزوالها؛ وعلى كل حال تبقى كلها اجتهادات مهما حملت من أفكار.
ونحن هنا لسنا بصدد تقديم بديل جاهز ولا ندعي امتلاك البديل، كما أن الصورة ليست قاتمة ولا في تمام الضبابية هناك محاولات جادة هنا وهناك شيوخا وشبابا يجتهدون في ربط المحلي بالعالمي أو قل محاولة الانسجام مع روح العصر كما فعل الأولون ولو أن أغلبها يعاني من غياب الوعي، كما أنها لم تعد قاصرة على الفقهاء وعلماء الشريعة فحسب بل امتدت ليس فقط إلى دارسي الإنسانيان ولكن إلى كل التخصصات...، أصبحت المسألة مسألة هم وقلق يستشعره البعض جماعات وفرادى من واقع ومآل المجتمع سواء كان ذلك عبر الطموح الشخصي للتميز أو استشعار للتناقض من المعطيات الواقعية ومحاولة إيجاد الحلول أو حتى من قبيل المغامرة وحب الإطلاع والاستفادة أوكل ذلك جميعا!!
المرحلة الراهنة تفرض على الناس البحث والمساءلة والتقدم بالوضع المترهل، يحاولون الاستفادة من معطيات العصر التكنولوجية والعلوم المعاصرة، لا يمكن الرهان على اتجاه أو نزعة واحدة فالحقيقة ليست قابعة في مكان واحد نحن بحاجة إلى أن نرتبط بمرجعياتنا الرمزية الأولى كما نحن بحاجة إلى أن نرتبط بالمرحلة الإسلامية الأولى نحن بحاجة إلى أن ننسجم مع ذاتنا كما نحن بحاجة إلى أن ننسجم مع المعطيات العالمية نؤثر ونتأثر لكن إيجابيا، قد يكون العائق الخوف من الضياع في متاحات ومتاهات عصر وكون سيطر فيه الظلم والطغيان لكنه الإحساس بعظم المسؤولية وتسارع الأحداث بما يخيف من الانسحاق في مقبرة التاريخ، هذه وضعية بارادوكسالية تخنق كل فعاليات المجتمع ...لا يمكن إغفال ظهور بعض الخطابات التي حاولت استغلال هذا بفرض وجودها على بعض المنابر بتسذيج الناس ومحاولة سوقهم كالقطيع برضاهم طبعا تعاملت بسطحية مع المسألة واستغلوا فراغ المنابر واعتمدوا الإشهار والتشهير عبر الإعلام لمشروعاتهم واتخذوها مطية للشهرة والنجومية، وذلك لا ينفي كونها تأتي دائما ضمن السياق التاريخي وضرورات المرحلة، لكن على المجتمع وأفراده أن يقلقوا أكثر ويطلبوا أكثر من هذه المرحلة حتى ينجو من الغرق!!؟
تجدر الإشارة إلى الفارق الجوهري الذي أحدثته الحركة السنية بوادي ميزاب كون الخطاب التجديدي الذي جاءت به خطاب نخبوي في صميمه حيث اعتمد طرح الإتباع العملي لسنته صلى الله عليه وسلم وهو طرح يقتضي أساسا تحقيق الأحاديث وتخريجها و كما هو معلوم فإن ذلك اشتغال علمي بحت بما يقابل طرح الإصلاح الاجتماعي الذي أحدثته الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي وانتهجه الشيخ بيوض وهنا تحديدا يكمن التجديد المنهجي الذي جاء به الشيخ ابراهيم أدّاود بما يمكن أن يطلق عليه تسمية الإصلاح الديني والفكري.
وتجدر الإشارة إلى بعض المشاريع الفكرية والاجتماعية المعاصرة التي عمدت نفس توجه الإصلاح البيوضي كونه يهدف التربية أساسا وهي مشاريع عملت على حرق المراحل وتسرعت في طرح ما لديها بالنظر إلى المعطى الواقعي الذي هو محصلة الجهود التاريخية التي وجب المواصلة على روحها و الذي بدا متوافقا إلى حد ما بين التفكير المحلي و التوجه العالمي، حيث أن أزمة المجتمعات المسلمة اليوم ظهرت أساسا في اختلال منهج التفكير أمام فكر علمي عالمي آخذ في التقدم دون هوادة بعدما امتلك زمام المنهج منذ قرون!! وهو ما قدمنا أن واضع أسه محليا هو الشيخ أدّاود دون منازع عندما لم ينازع المدرسة الإصلاحية في صميم ما جاءت به لكنه عمد إلى طرح مشروع تكميلي لمسيرتها كونه تلميذا لها كان ذا نزوع بحثي صرف لم يكن الشأن الاجتماعي هدفا له بقدر ما كان الشأن الفكري والديني يهمه فالمجتمع قد حصّل الكفاءة التربوية اللازمة التي تؤهله للانطلاق في مسار بحثي تنويري بوسيلة الفكر.
فاعتراضنا على أصحاب تلك المشاريع يأتي من هذا الباب نفسه، فنحن نحتاج الآن إلى مرحلة عودة المثقف إلى ذاته لمراجعتها بما يتطلب نوعا من الاعتزال على المستوى الاجتماعي لسببين أولها إخلاء السبيل لطاقة فكر الإصلاح الاجتماعي لتسير إلى نهاياته إلى غاية نفاذ قدرته الإشعاعية وكذا الوصول بالمثقف المعاصر إلى امتلاك ناصية المنهج الذي يسمح له بالتأثير في المجتمع ومن ثم البدء في مرحلة التنوير والإصلاح الفكري.
ولو عدنا إلى نقطة العلاقة بين الفكرين العالمي والمحلي ومدى توافقهما عند الخطاب المسجدي في وادي ميزاب بما ينم عن اتحاد المرجعية الرمزية للمجتمع المحلي الميزابي بعالمية الفكر وبالتالي حمل المجتمع منذ نشأته لبذور العالمية التي افتتحها محمد بن عبد الله نبي الإسلام في إشارة إلى صلاح الفكر العقدي الإباضي التي تأسست بالموازاة مع الفكرين السني والشيعي؛ ثم لو ربطناها بما تحدثنا عنه سالفا في مسألة المحاولات التي يجريها الكثيرون من أجل استيعاب روح العصر فسنجد أننا ضمن سياق تاريخي محكوم لا يمكن الخروج عليه إلا عبر جهود وطاقات فكرية ومعرفية كبيرة تهدف تجاوز الذات دونما انسلاخ عن إكراهات التاريخ والجغرافيا.
أخيرا واستكمالا لهذه المحاولة وإضافة إلى كون الحركة الإصلاحية المحلية ظهرت بتأثر من الفكر الإصلاحي الذي سيطر في الفترة التي ظهر فيها فإن ظهور الفكر السني كان كذلك بإيعاز مشرقي صدى لظهور الحركة السلفية في المشرق العربي لكن دائما مع الحفاظ على ميزة التأصيل التي يختص بها الميزابيون في كل ما يستقدمونه مادة وفكرا...فيبقى التوجه نحو الغرب بوعي فهو قد أحدث الأثر لكن عشوائيا وسلبيا غالبا؛ هذا إلى حين ظهور موافقة جديدة وبروزها لابد من المثابرة والجهاد الفكري الذي لن ينجح فيه إلا المصطفون الذين عليهم أن يطمحوا للتأثير كذلك، لأن الإنسانية بقيادة الأمة المسلمة بصدد الدخول في مرحلة البث بعد استكمال مرحلة التلقي........!!
-------------
هوامش
(1) - لم تعد عبارة "حلقة العزابة" المفهوم المركزي ـ حيث يعتمده أغلب الباحثين في المجتمع المحلي الميزابي عليه كمضمون محوري له؛ كون المجتمع المحلي اليوم دخلت عليه متغيرات داخلية أساسية بدّلت وحولت وقسمت فيه بما لم يتيسر البقاء على الولاء المطلق للحلقة، فكيف بالباحثين يعدونه وإلى يومنا هذا المفهوم المركزي؟! لذلك لا بد اليوم من إحداث نقلة فكرية واعية تتناسب والمعطى المجتمعي المحلي الميزابي ـ وطبعا لا يعني ذلك نكران ثبوت تلك الحال في الماضي ولا اندثارها الكامل اليوم ولا حتى دورها التاريخي الهام ـ من خلال البحث عن الأصول التاريخية التي تربط النسق الإجتماعي الميزابي المعاصر بجذور تقوم بإضفاء الوحدة عليه؛ والتي من المؤكد أن تكون أبعد زمنيا من مرحلة ظهور الحلقة على يد أبوعبد الله محمد بن بكر الفرسطائي
(2) يقع سهل وادي ميزاب على بعد 600 كلم جنوبي الجزائر شمالي الصحراء الكبرى، ذو مناخ صحراوي بارد شتاء وحار صيفا، ويعتبر النخيل أفضل استثمار فلاحي في المنطقة على غرار المناطق الجنوبية الأخرى، بالنظر إلى المنطقة التضاريسية الجبلية الصعبة التي تتموقع داخلها، بنى فيها الميزابيون حوال القرن الحادي عشر الميلادي قراهم السبع أو ما يسمى بالقصور على التوالي من الجنوب إلى الشمال؛ العطف، بنورة ، مليكة، بن يزقن، غرداية ثم بريان و القرارة.
يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.