آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

الاجتماع والفلسفة  .  قضايا فلسفية

الظاهرة الدينية    |    فلسفة الدين    |    فلسفة الأخلاق    |    المرأة و النسوية    |    الإسلام و الغرب

  •     

بين أبي يعرب المرزوقي وطه عبد الرحمن /جدل مفهوم المفكر ودوره الحضاري من خلال برنامج

محمد عمر سعيد


زمان واحد هو ذاك الذي جمع أقدار مفكرين عربيين من المغرب الإسلامي لهما من الصيت ما ذاع وشاع في أقطار العرب وما يمتد خارجها، مفكران هما من أنجب ما أنجبت الأمة (في لسانها العربي) من مثقفين وعلماء، تشاركا في معايشة أوضاع الاستعمار ومرحلة الاستقلال وما بعدها بكل أفراحها وأتراحها ـ وإن كانت الأتراح هي ما ساد ويسود إلىغاية اليوم ـ؛ ومن آخر ما جمع بينهما برنامج "مسارات" الذي تبثه قناة الجزيرة والذي يعده ويقدمه الأستاذ مالك التريكي، وما سنحاوله في هذا العمل تقديم قراءة تساعدنا على الغوص في مناقشة ما جادت به قريحة أستاذي الفلسفة وتلميذاها في السوربون في هذا البرنامج.

ومما جمع أيضا بين الأستاذين القديرين الممارسة الأدبية، إذ يذكر أبو يعرب أنه لم يسجل في الفلسفة إلا بعد أن يئس من الآداب العربية والسبب هو أن أساتذة العربية في رأيه أكثر تمثيلا للذهنية الفرنسية الاستعمارية، كما أن كبار أساتذة الفلسفة الفرنسيين كانوا يدرّسون في الجامعة التونسية أشهرهم ميشيل فوكو، فقرر أن ينهل منهم مباشرة، أما طه فقد بدأ بكتابة قصائد لقيت تشجيعا منذ سن مبكرة لكنه قرر أن يوقف الشعر، ومن أسباب ذلك هزيمة 1967 حيث أصابته كما يذكر بزلزال مما جعل سؤال العقل يستولي عليه، فلماذا هزم العقل الذي انهزم ولماذا انتصر العقل الآخر؟، كما أن حدثا سياسيا كذلك جعل من أبي يعرب يصاب بأزمة شبه وجدانية هو مناسبة عيد الجلاء حين اجتمع كل من بورقيبة وعبد الناصر وبن بلة يوم 15 أكتوبر 1963 في بنزرت أين ألقوا خطابات تختلف في عمقها حول النظر إلى الإسلام ومكانته في العالم المعاصر، وهو ما تصادف مع يأسه من ابن رشد وهيغل فكان الغزالي مخرجا له من الأزمة كما يذكر؛ هكذا إذن و مع الرّجُلين يتداخل الحدث السياسي والوجداني ضمن إطار يتحدد فيه مستقبلا نسق فكري كامل.وجزء هام من المشهد الثقافي العربي الإسلامي المعاصر.

أما أوجه اختلاف المفكرين فعديدة وتتفق في مجالها المتحدد ضمن المضمون الفكري لأعمالهما لكن تنتهي كما سيتبدى إلى جوهر تنافري عميق، أما منطلقنا فسيكون من الهم الذي يسعى إليه كلاهما فأبو يعرب يبقى هاجسه الأساسي إعادة الفلسفة سيرتها الأولى حسب عبارة الأستاذ التريكي أو كما يقول هو استئناف الأمة مسيرتها الفكرية على مسلمة توقفها أو تعثرها، أما طه فهو يحاول جهده تقديم الدين والتدين في صورة تناسب المعطى الحضاري المعاصر ومنه تعريفه للإيمان والحقيقة، أيضا من محاور سعيه الفكري إقدار الإنسان العربي العادي على التفلسف، والدعوة الطهائية مقرونة بشوق كبير يبلغ حد الهوس إلى إبداع تعريف للإيمان لا سابق له وذلك ما يقتضي أسلوبا لغويا جماليا هو مما ينفرد به هذا المفكر الذي بدأ حياته شاعرا ويبدو أنه يواصل هواه القديم في شكل ومضمون آخرين.

بينما لا يعترف أبو يعرب إلا بـ"الكلاسيكيين" من الفلاسفة اليونان والعرب والألمان بل هو يتوقف عند ثلة قليلة منهم باعتبارهم قدموا المساهمات الأهم في السير بالفكر الفلسفي إلى الأمام وهو ما يعني أن الإسهام في الفلسفة منوط بأفراد يندرون حيث يؤدون جهدا عزيزا عن التكرر في الزمن الواحد مما يوجب المرور بهم لمن أراد أن يصل درجتهم، وبالتالي فهو يقوم بذلك سعيا للوصول إلى الحقيقة لعل ذلك يشكل نقطة بدء في طريق النهضة الحضارية،.و كما يصرح لا يهمه أن يقدم مشروعا فكريا بقدر ما يحاول فهم ما قد تم الوصول إليه حتى يتمكن المرء من امتلاك ناصية الإبداع، الأمر الذي جعله يقرر العودة بنفسه إلى أدغال الفلسفة بدءا باليونان إلى غاية اللحظة.

والغريب أننا بالمقابل نجد الأستاذ طه ينقم على "الكلاسيكيين" أمثال أرسطو وابن رشد وديكارت ولايبنتس ذلك التصور للفلسفة على أنها معرفة كلية وتجريدية وينادي لقيام تصور جديد للفلسفة منبن على المبدأ مابعد الحديث وهو التعدد والاختلاف، لذلك نستنتج أن كلا من الأستاذين يقفان على طرفي نقيض فيما يخص اقتصار الأول على الفكر الحديث وما قبله واقتصار الثاني على الفكر مابعد الحديث، وطبعا لا أعني هنا الإطلاع من عدمه فلا شك أن لكل منهما دراية بما يحدث في الطرف النقيض ولكن المسألة تكمن في الزاوية المرجعية ومنبع التكوين الشخصي الذي لايعمد الإنسان إلى نقده إلا وهو قائم على حقله باستشعار أو دونه ولكن اللاوعي يقرر أشياء ما بوسع الإنسان الانفصال عنها بما في ذلك الفيلسوف نفسه!!

وأما مطلبيهما فهامان أهمية قصوى، إذ من المفيد إحياء النقاشات والسجالات الفكرية التي تعمل على إنضاج الأفكار والرؤى وبالتالي السير بالفلسفة والفكر قدما، كما من الهام أيضا تقديم أطروحات فكرية تعمل على تمكين الإنسان العادي من زمام ملكة النقد الذي به تحيا الأمة بوعي سليم يقوم على طلب الحجة بالحوار؛ إلا أنه ومن حيث التطبيق العملي يصعب التسليم بإمكانية تحقق الطموح الثاني وهو مسعى الأستاذ طه إلى التغيير دون وسائط ولا آليات تدرجية تنزل بالإبداع النخبوي إلى أرض الواقع العملي، الأمر الذي يتوافق مع "النظرة التبسيطية" للمفكر المغربي إذا ربطناها باعتراضه على الفلاسفة "الكلاسيكيين" فالبساطة هنا إذن تطال المضمون والشكل معا بلا انفصال، والأغرب من كل ذلك هو أن دعوته إلى اعتماد المجال التداولي الإسلامي على "العلم النافع" تأتي من باب اعتراضه الأخير نفسه، الأمر الذي يدعونا وبإلحاح إلى التساؤل عن مدى استيعاب الأستاذ طه للموروث الفلسفي الذي خلفه الفلاسفة المعترض عليهم وغيرهم من قبل طه؟ لأنه حسب معرفتنا لآليات الممارسة الفلسفية فإن القدر الذي يدعو الفيلسوف للتعمق النظري في المسائل الفلسفية هو نفسه القدر الذي يطرحه الجانب العملي عليه إذ ما الذي يدعو الفيلسوف إلى إشغال عقله في أمور لا يجد نفسه أصلا مدعو لعلاجها لولا المكابدة العملية التي يفرضها عليه مجرد وجوده حيا في هذا الكون؟

و اللافت هو أن أبا يعرب يسعى ضمنيا إلى نفس رغبة الأستاذ طه لكن في قالب مضموني آخر وهو بحثه في تاريخ الفلسفة عن أسس التنوير الديني والعقلي فتوصل إلى نموذجين يبعدان عن الحقبة الراهنة، الأول هو ابن تيمية الذي سعى إلى البحث في الأسس النظرية عملا على إيضاح سبل الحقيقة اللسانية الموحدة حيث لا تقابل بين الحقيقة والمجاز في اللغة، والثاني هو إبن خلدون الذي سعى من جانبه إلى بحث الأسس العملية حيث لادخل للدولة في نشاط الإنسان بل البديل هو في الكفاءة التربوية أو صحوة الضمير التي تضمن الوصول إلى تحقيق السياسة العقلية؛ وبالتالي الخلوص إلى تحقيق النهضة من خلال تحرير العقيدة من استبداد المجتمع المدني (ابن تيمية) وتحرير إرادة الفعل الحر من استبداد المجتمع السياسي (ابن خلدون)، هنا يقف المسار الفلسفي اليعربي موقف النشاز ليس من جل المفكرين العرب المعاصرين فحسب كما قرر صاحب برنامج مسارات بل وبدهيا كان ناشزا في مقاربته الفلسفية عن الدائرة الزمنية الراهنة، وهو ما يؤكد موقفه من البحث عن الحقيقة ضمن أرقى شروط المنزلة الإنسانية بمعنى التحرر التام من كل الظرفيات حتى لو كانت فلسفية!! وهو ما نجد ضده العميق لدى ممارسة طه عبد الرحمن الفلسفية التي اختارت نشازا من نوع آخر هو التماهي التام مع أحدث الأنساق الفلسفية الغربية وأعتاها وهي المنظومة مابعد الحديثة (التي يصفها أبو يعرب بالسفسطائية المحدثة) الأمر الذي يتجلى بوضوح في ما يشرحه لنا الأستاذ طه في فهمه الزئبقي لتعدد الحق إضافة إلى غيرية الهوية واستحالة ثباتها ومن هنا قوله بالعقلانية الحوارية، حيث لا يخفي عنا طه إعجابه بالألماني هابرماس الذي يشتغل بمفهوم التواصل في كل ما يكتب.

ولعل الاحتكام إلى العلاقة المباشرة بين المفكرين تفيدنا في تقديم مقارنة أوفى إذ قد نجد بعضا من الاجابات في المحاورات غير المباشرة بينهما؛ فقد كان عتب أبو يعرب على طه جد شديد إلى درجة انتهائه إلى أن مشروعه خطر على الفكر العربي الإسلامي واعدا بتقديم دراسة نسقية لمشروعه الفلسفي المنتم حسبه إلى المنظومة مابعد الحداثية والتثليثية وذلك لكونه وحسب ما يمكن فهمه من أبي يعرب لا يقدم معرفة بقدر ما يؤسس لأيديولوجيا منغلقة مرادها تحقيق النجومية في ظل العولمة وبسط السلطان الروحي واستعاضة سلطة الإكليروس المتوارية بالمثقف العصري؛ في مقابل إحجام الدكتور طه عن الرد ولا حتى الحديث عن مشروعه الفلسفي وعن أهدافه كما أوضح ذلك وبشكل عابر ضمن هامش إحدى صفحات آخر كتبه؛ لكن بالمقابل يمكن وضع كل مشروعه الفكري ضمن نقد صريح أحيانا ومبطن أحيانا أخرى للنّدّين على الدوام السلفيين والعلمانيين، وأذكر أنه قال ذات مرة على المنبر التلفزيوني نفسه في برنامج "الشريعة والحياة" أن الفكر العربي المعاصر مسكون بالتقليد ناقدا العلمانيين بقوله أنه إذا جاءت البنيوية صاروا بنيويين وإذا جاءت التفكيكية صاروا تفكيكيين...، فلو أردنا أن نمحص هذا القول ضمن محاسبة الأستاذين في مدى انسجام الجانب الدعوي من كتاباتهما مع الممارسة الفكرية بما هي علاقة بين الذات العارفة بفعل المعرفة ألفينا لدى الأستاذ طه تناقضا صريحا بين عتبه الأخير على النخبة المتعلمنة وبين الاتجاه الفكري الذي يلتزم به لأنه صار من متجاوزي الحداثة لما جاءت ما بعد الحداثة، وأكثر من ذلك أنه إذا كانت البنيوية والتفكيكية (وهي مدرسة مابعد حداثية) مدارس فكرية يجوز لأي امرئ أن ينهل منها والمهم هو النسق الذي تصب داخله، نجد الدكتور طه عبد الرحمن يتبنى المنظومة مابعد الحداثية بشكل كامل كخيار مقصود من طرفه؛ وربما كان مسعاه اقتناص آخر مبدعات الفكر الغربي لتحريرها إلى ما يمكن أن يكون عودة بالوعي الغربي إلى رشده بعد أن فقده بتفكيك الإنسان بعد أن فكك مسلماته في عهد الحداثة، والحكم على هذا المسعى ليس من اختصاص هذه المقارنة القصيرة، لكن علينا أن نذكر ملاحظة أبي يعرب على انعدام مقروئية مفكرينا في المجال الغربي نظرا لكونها لاتتعدى اجترار فتات فكره.

يبقى الكلام عن اعتماد الدكتور المرزوقي على الماضي الفكري للأمة، بل هو يرتكز في أحد الأصول الفلسفية وهو الجانب النظري أو العقيدي على مفكر حوله شبه اجماع على رجعيته كما يقرّر التريكي هو ابن تيمية، ويجمعه مع الأصل الثاني في الجانب العملي مع ابن خلدون فيصير ماضويا بامتياز على الأقل من حيث الشكل، على أنه يدافع التهمة عن نفسه بشدة رغم أنه يشير بوضوح إلى أنه اتجه نحو ابن تيمية مرغما حيث لم يكن بداية "في حسبانه" وذلك في بحثه عن كيفية إعادة تأسيس فلسفة النظر في الفكر الإسلامي.

و يظهر وجه اتفاق بين الرجلين فيما يقوله مالك التريكي: "...ما ينسبه معظم المفكرين العرب والغربيين لابن رشد من التفرد فإن طه عبد الرحمن ينكره ويفنده بكثير من الحجج المنطقية والتاريخية وبهذا يكون هو وأبويعرب المرزوقي المفكرين الوحيدين تقريبا الخارجين على الاجماع الرشدي السائد،..." لكن هل مرد هذا الاتفاق متفق عليه لديهما؟ إن طه عبد الرحمن يرى فيه فيلسوفا غربيا بلسان عربي قدم الفلسفة الأرسطية صافية مخلصة من كل شائبة إسلامية، لذلك فهو يحكم عليه بأنه مقلّد كما أن أبايعرب يرى أن ابن رشد "لا يمثل شيئا" مادام لا يمثل الفلسفة إلا من حيث هو شارح للفلسفة اليونانية، وهو يتحيّز للغزالي كونه عالج الموقف الرشدي في السجال الشهير بينهما على أساس إفساد ابن رشد للفلسفة بإحلال الميتافيزيقا محل الحقائق الدينية ورد في "فضائح الباطنية" على إفساد الباطنية للدين لاعتبارها الآراء السياسية حقائق ملهمة تأسيسا لمفهوم العصمة أو ما يشبه ولاية الفقيه، وهو النقد نفسه الذي يوجهه أبويعرب لطه عبد الرحمن كما تبين سالفا!!، أما طه عبد الرحمن فلارشديته لا تعني غزاليته ومرد لا رشديته هو عدم توافق رأي الأستاذ طه مع منهج ابن رشد في الترجمة التي يعتبرها توصيلية مقابل الترجمة التأصيلية التي يعتبرها الأرقى بعد الترجمة التحصيلية لذلك فإن جوهر نقد طه لابن رشد يدخل في إطار "تجاوزي" بينما يأتي نقد أبويعرب من الزاوية "المنهجية"، وبالتالي فاعتراض الرجلين على ابن رشد تماهى تماما من حيث الشكل وتنافر تماما كذلك من حيث القصد.

و إذن ليس لنا بعد هذه النهاية التي قضت على كل أمل في اتفاق الرجلين ليس لنا أن نحكم إلا بهيمنة بالتوافق الطردي المضموني بينهما وذلك في نظري وجه التوافق الصريح بينهما وفي الآن نفسه هو عين النجابة فيهما، وهذا لتمكنهما من إنجاز مشروعين نخبويين (ليس بالمعنى المشروع الفكري حيث لا يسلم الدكتور أبويعرب بأنه صاحب مشروع) متكاملين شكلا ومضمونا، حيث النتيجة الرئيسة بعد ذلك هو الاتساق الكامل للبناء النظري والمنهجي لكل منهما وأما التناقض الصريح الذي تكشّف لنا خلال هذه الدراسة النقدية القصيرة عما وقع فيه الأستاذ طه فهو ليس إلا دليلا على الاستيعاب المتين للأستاذ طه للمنظومة مابعد الحديثة التي لا تمانع الوقوع في شراك التناقض كونه يعبر لديها عن الحقيقة وليس أكثر من ذلك!!

والاختلاف الرئيس بينهما يكمن في تصور الفكر لدى كليهما والذي يعتبر مصدر نموذجهما النظري وهما: 1- اعتبار طه عبد الرحمن الفكر الاسلامي مستقلا عن مسيرة الانساق الفكرية الأخرى على غرار الفكر الغربي على أساس أن الفكر الانساني أرخبيل (مجموعة جزر) لارابط بين مكوناته، 2- واعتبار أبو يعرب المسيرة الفكرية الانسانية وحدة لاتتجزأ أي أن الفكر على اختلافات المذاهب والنحل التي ليست إلا انعكاس لنسق واحد هو نسق الفكر الإنساني وهو تصور مستمد من التصور الهيغلي لتاريخ الفلسفة الذي وضعه في كتابه "تاريخ الفلسفة"، الأمر الذي يفسر الإشتغال اليعربي بمنزلة الكلي "في تجليات الفلسفة العربية" و "وحدة الفكرين الديني والفلسفي"، والخلفية الطهائية تفسر لنا اقتصار معالجاته لأزمة الفكر العربي الإسلامي بالاقتصار عليه نفسه و لاتطال الآخر إلا من الزاوية الأداتية النظرية فـ "حَقَّيْ الاختلاف" العربي في الفلسفة والإسلامي في الفكر أفضل تجل لنموذجه النظري إذ لا يقدم العلاج إلا من الزاويتين المجالية (اللسان العربي من حيث الأداة الشكلية والغاية) و الظرفية (اللحظة الكونية الراهنة)؛ ورأيي أن إثارة النقاش في جدل الكلي (التصور اليعربي) بالكوني (الرؤية الطهائية) سيكون أفضل استثمار لجهد الرجلين من خلال صياغة إشكاليات نقدية للموقفين تعبر عن جوهر الأزمة الوجودية للإنسان العربي والمسلم مثل الفعل والانفعال، الخصوصية والعالمية، الكفاءة العلمية وموقف المقاومة، المعرفة والأيديولوجيا...إلخ 



ختاما يبقى السجال مفتوحا إلى غاية...؛ وليس لأحد الحق في محاولة إنهائه ولا الحكم النهائي عنه إلا بما يمكن أن يعد تراكما في طريق البحث عن حل للمشكلة الحضارية التي لسنا ندري أنحن في نهايتها أم بدايتها؟، ومع ذلك وجب أن نصرح بأنه علينا العمل لتحقيق حركة فكرية تعاصر واقعها وتؤثر فيه، وذلك حسب رأيي الغاية التي يجب أن ترفق بكل جهد فكري بل وحضاري دونما تخصيص، ولعل موقعي المفكرين أبو يعرب وطه يأتي بعد التنافر الشديد والاختلاف العميق ليعيد نقطة التشارك التي انطلقنا منها وهي معايشة المرحلة التاريخية بكل تناقضاتها وآلامها وحتى آمالها، فلا يمكن لموقفيهما أن يكونا إلا صادرين عن مرحلة مشروطة بماض ليس هنا مجال التفصيل فيه وشارطة لفكر الرجلين على أن يكون كما هو، بما ينم في كل الأحوال إلى الحاجة الملحة لاستئناس الحركة الفكرية بواقعها الاجتماعي المعاصر لها، و الأكيد أن ما بيدهما حيلة إلا فعل ما فعلاه وبذل ما بذلاه بانتظار تراكم يمكّن من استبصار المدى الشفاف بين ماض الأمة التليد وبين نهايات الإنسان المسلم في تقمصه للآخر في أبدع حال!! 


تاريخ النشر : 07-08-2006

7294 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com