|
|
|
|
|
|
|
آخر تحديث للموقع
2022-08-20
|
|
|
|
|
|
النص والتراث . دراسات قرآنية |
|
|
|
الكتاب: الإسلام شريكاً المؤلف: فريتس شتيبات ترجمة: عبدالغفار مكاوي الناشر: عالم المعرفة عدد نيسان (ابريل) 2004م ------------------------------------------------------------------ استعادة فريتس شتيبات 11 أيلول (سبتمبر) وأجندته التي تلخصت - أميركياً - في "عداوة العالم الحر", وخطر الأصولية الإسلامية, وبروز الدين في جوهر الصراع الذي تحدث عنه هنتنغتون, هذه الاستعادة تبدو ذات دلالة مهمة خصوصاً في عنوان شتيبات الدّال: "الإسلام شريكاً". فريتس شتيبات (1923 - ...) يعد نموذجاً رفيعاً للمستشرق الذي جمع بين النظر والعمل, وألف بين العقلانية والتعاطف والإنصاف, وبحوثه تشهد على موضوعية المنهج التاريخي الذي اتبعه. وهو استمرار وثمرة لذاك التوجه الحضاري في دراسة الشرق الإسلامي وعلومه, الذي يرجع للمستشرق البرليني ك. بيكر (ت 1933م) الذي تتلمذ عليه فالتر براونه أستاذ شتيبات. كما أن جهود شتيبات تأثرت أيضاً بجهود الفيلسوف البروتستانتي باول تليش (ت 1965م) من ناحية الإيمان بالطابع الديني الجوهري للحضارة بكل ظواهرها وتجلياتها في العالم الحاضر. لغات وحضارات الماضي - عند شتيبات - كانت ولا تزال واقعاً ينبض بالحياة, ومن هنا تصدى مبكراً لما لاحظة "ميلاً شديداً ومفاجئاً في الغرب الى اعتبار الإسلام خطراً يهدد العالم الحر" مع تفكك الاتحاد السوفياتي. من هنا كان الإلحاح على ضرورة تفسير الظاهرة وعدم تركها, خصوصاً في رده على هنتنغتون في مقاله عن صدام الحضارات (1933م) مؤكداً ان العالم الإسلامي تكتنفه مشاعر ومصالح مختلفة, وأن الإسلام يتيح أفقاً رحباً للتفسير, ولا توجد فيه سلطة عليا لتقرير ما هو التفسير الصحيح؟ وبالتالي سيتوصل المؤمنون الى استنتاجات مختلفة حول قضية ما. والظاهر ان استخدام مفهوم الحضارة مع مفهوم الدين الملازم له باعتبارهما يمثلان الخط الأساسي للتفرقة بين أطراف الصراع الكبرى في عالم اليوم, لن يساعد كثيراً على تفهم هذه الصراعات. كما ان إعطاء الدين هذا الوزن الكبير في تكوين الجماعات يمكن أن يـؤدي الى نتائج بالغة الخطورة, خصوصاً أن هنتنغتون يعني بالصراع "الحرب"!, كما أنه خطأ فادح في التفكير. حتى ظاهرة الحرب الدينية يجب أن تفسر دوماً في إطار سياق تاريخي. الإسلام كظاهرة تاريخية ليس بحكم طبيعته أصولياً, وإذا كان يقدم للإنسان تعاليم توجه حياته بأكملها, فإنه يضطر على الدوام للدخول في حوار مع الواقع التاريخي, ونصوصه المقدسة تحتاج على الدوام الى التفسير, من هنا طورت الشريعة عدداً من القواعد المرنة (القواعد الفقهية) وهكذا سمح الإسلام بالتفكير في مبادئه تفكيراً عقلانياً مع اعتبار الواقع دوماً. إنما تنشأ الأصولية (الشمولية, النصوصية, الانحياز المطلق) في وضع تاريخي محدد, ولم تكن ردود المجتمعات الإسلامية على تفوق الغرب وأطماعه التسلطية ردوداً ذات طابع أصولي في كل الأحوال, ولم تبدأ الجماعات الأصولية بدور مؤثر إلا في القرن العشرين, ولم تبرز إلا في منتصفه, الأمر الذي يفرض ضرورة البحث عن أسباب الأزمة التي يشعر بها المسلمون, والتي نجمت عن مجموعة من الإحباطات التي فجرتها وغذتها, تمثلت في محاولات التنمية الاقتصادية والاجتماعية القاصرة, والسخط على الحكومات المسؤولة عن تعثر مشاريع التنمية وحرمان الشعب, والنظام العالمي الظالم الذي يعامل معتنقي الإسلام معاملة ظالمة (كمسلمي البوسنة مثلاً). وهذه العناصر جميعاً لا علاقة لها بالدين ومن الطبيعي أن يعبر المسلمون عن احباطاتهم من خلال المفاهيم المألوفة لديهم والمستمدة من دينهم. إن الإسلام لا يمثل أي تهديد للعالم بل العكس هو الصحيح, فشعور كثير من المسلمين انهم مهددون يتسبب في ظهور بعض الاتجاهات اللاعقلانية أو التصرفات العدوانية. لكننا إذا اعتبرنا أن الأصولية الإسلامية هي رد فعل لموقف تاريخي محدد, فلا يجوز أن نتوقع لها أن تفقد أهميتها وتأثيرها قبل أن يتغير الموقف تغيراً جذرياً. أما الانسياق وراء رسم الإسلام كعدو للغرب فسيدعم شعورهم بأنهم مستهدفون, وندفعهم دفعاً الى الأصولية. في حين أن أهم شيء بالنسبة الينا هو أن نتفهم الدوافع التي تحركهم تفهماً عميقاً. وفي ما يخص الدور السياسي للإسلام, فليس الإسلام هو القوة الأصلية المحركة لموجة البعث الإسلامي التي نلاحظها اليوم. صحيح ان الدين هو أساس الشعور بالتضامن بين الشعوب الإسلامية, لكن العامل المشترك بين الحركات الإسلامية الراهنة لا يأتي من الدين, وانما من الموقف التاريخي الذي تجد نفسها فيه مع كثير من الشعوب غير الإسلامية: وهو موقف التبعية للدول الصناعية الغربية, والبحث اليائس عن توجه يعينها على التحرر. فالظواهر المقلقة في علاقات بعض الدول العربية ببعضها بعضاً ترجع بصورة مباشرة الى التأثيرات الأجنبية, وجزء كبير منها نجم عن تعثر خطوات التنمية والتقدم, وان كانت غير مقطوعة الصلة بالتبعية للأجنبي. من هنا, فإن خيبة الأمل المريرة لم توجه في الأساس الى التحديث في ذاته, بل الى نوع منه لم يجلب على الناس نفعاً بل ضرّاً, وزاد من إحساسهم بالضياع, هذه الخيبة ارتبط بها شعور بالتمرد والاحتجاج على مصادره والممثلين له: القوى الصناعية الغربية. ومن الطبيعي أن يتجه الناس إزاء تلك التبعية للأجنبي وخيبة الأمل في الأفكار الأجنبية الى المألوف لديهم والسند الذي يمنحهم القوة: الدين الإسلامي, كما عبر عنه المستشرق فالتر براونه. إن المصادر الأولى للدين لا تقول إلا القليل عن شكل الدولة الإسلامية التي يسعى لها الإسلاميون, لذلك فلا مفر من اعتبار شكلها من شأن الناس أنفسهم في العصر الحاضر. إلا أن هناك نقطة واحدة ينعقد عليها الإجماع وهي ان مهمة الدولة الإسلامية تطبيق الشريعة, وهذا مشروع بالغ الضخامة والأهمية, ومع ذلك فمما ييسر الأمر أن الشريعة ليست نظاماً جامداً متصلباً, فقد توسعت التعاليم التي نزل بها القرآن من خلال علم أصول الفقه ومقاصد الشريعة, ما يدل على القدرة الفائقة لعلم الشريعة على أخذ الظروف الفردية والاجتماعية الخاصة في الاعتبار. يلح شتيبات على صعوبة الاتفاق على ماهية الدولة الإسلامية وما يمكن أن تكون عليه طبيعتها في ظل الظروف الواقعية الملموسة في عصرنا, مستعرضاً أحوال دول ثلاث: ايران وباكستان وليبيا, ويقول: "ان مهمة اقامة وادارة دولة تتفق مع مبادئ الدين تضع الإسلام في معضلة من نوع خاص, فمثل هذه الدولة تنتمي لمملكة المثل العليا التي قد يتاح للإنسان أن يرى ظلها في العالم, ولكن ليس في وسعه تحقيقها في الواقع", وصعوبة النهوض بهذه المهمة في رأيه تنبع من عدم وجود صيغة واضحة لها, وأن الوحي لا يحتوي على مشروع دستور مفصل, كما ان علماء الدين المبكرين لم يهتموا بالتفكير في بنية الدولة تفكيراً منهجياً. ويصف ماسينيون الدولة الإسلامية بأنها دولة العلمانيين الدينية, القائمة على المساواة, فهي دينية لأن القوة والسلطة كلها لله وحده, ودولة للعلمانيين لأن الإسلام لا يعرف نظام الكهنوت, وهي قائمة على المساواة بين الناس جميعاً, وتتمثل ثورية مبدأ المساواة الإسلامي في شكل أعظم بالنسبة الى بنية الدول الشرقية العظمى القديمة بتفرقتها الحادة بين الحاكم والرعية. وإن كان الإسلام في وضعه الحاكم والرعية ضمن نظام واحد من الحقوق والواجبات, ووضعه حدوداً ضيقة تقيد قوة السلطة والطاعة, كاد أن يجعلهم مواطنين بالمعنى الذي نفهمه, فشتيبات لا يعني أبداً أن الدولة الإسلامية المثالية كانت ديموقراطية بالمعنى الحديث.
تاريخ النشر : 16-03-2005
|
|
|
|
|
|
|
الصفحة الرئيسية
l
دراسات قرأنية l
دراسات حديثة l
الفقه و الأصول l
العقيدة و الكلام l
فلسفة التجديد
قضايا التجـديـد l
إتجاهات الإصلاح
l
التعليم و المناهج l
التراث السياسي l
الدين و الدولة l
الحقوق و الحريات
مفاهيم و مصطلحات l
الإسلام السياسي l
الظاهرة الدينية l
فلسفة الدين l
فلسفة الأخلاق l
قضايا فلسفية
المـــرأة و النسوية l
الإسلام و الغرب l
عروض و مراجعات l
إصدارات l
حوارات و شخصيات l
مـؤتـمـرات و متابعات
جديد الملتقى l
سجل الزوار l
رأيك يهمنا l
اتصل بنا
©2024
Almultaka جميع الحقوق محفوظة
Designed by
ZoomSite.com
|
يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.