آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

كتب ومراجعات  .  عروض و مراجعات

إصدارات

  •     

انطفأ سراج أبو بكر

محمد عصام عيدو


بعد قرابة قرن من الزمان يرحل عنا الكاتب الأكثر شهرة بين المسلمين الغربيين الذي سطر أهم كتاب عن حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام" حياة محمد : بالاعتماد على أقدم المصادر التاريخية" والذي يعتبر بوابة ينفذ إليها كل غربي يريد الاطلاع على حياة النبي محمد.
مارتن لينغز ـ كما يحلو للغربيين مناداته ـ أو أبو بكر سراج الدين ـ كما يحلو للمسلمين الغربيين مناداته ـ يعتبر من أهم الكتَّاب، بل من أهم الأكاديميين الغربيين الذين قدموا للغرب مادة معرفية ضخمة عن التراث الإسلامي ومذاهبه العرفانية، وشهرة هذا العالِم الإسلامي ـ أو "سيد الروحانية الذي برز كمنارة في عالمنا الذي كثر فيه الشغب حول صراع الحضارات وحصار الدين الإسلامي" كما وصفته شوشا غوبي في جريدة الاندبندنت ـ أتت من نواحي متعددة:
• الكاتب الأشهر للسيرة النبوية المعروفة باسم " حياة محمد:بالاعتماد على أقدم المصادر التاريخية" حيث أن كتابه هذا يعتبر دليلاً لا بد لكل غربي أن يطلع عليه إذا أراد أن يعرف شيئا عن الإسلام.
• يعتبر حلقةً من أهم حلقات المدرسة الإشراقية الغربية أو "الحكمة السرمدية بالمفهوم اليوناني" في بريطانيا، حيث يعتبر من أهم المنظرين لهذه المدرسة الإشراقية بعد أستاذه "فريتشه شوان" أو " عيسى نور الدين" السويسري الأصل، وهذا الأخير يعتبر أهم منظرٍ على الإطلاق لهذه المدرسة التي لا يتجاوز عمرها أكثر من قرن من الزمان (أي مع بدايات القرن العشرين) التي ابتدأت بمؤسسها "رينيه غينون" أو الشيخ "عبد الواحد يحيى" الفرنسي الأصل، حيث يعتبر رينيه غينون في عرف هذه المدرسة المؤسس الحقيقي، ولكنه لم يتولى الإرشاد فيها بمعناه الصوفي؛ لانشغاله الكبير بمؤلفاته التي تربو على ثلاثين مؤلفا، والتي تدور أغلبها حول تحطيم مذهب الحداثة الغربي، والرجوع بالناس وتنويرهم بحقائق العرفان والإشراق، وقد ترجم له حتى الآن إلى العربية كتاب واحد بعنوان "مدخل عام إلى دراسة النظريات الهندوسية"، ولكن تلميذه فريتشه شوان هو الذي أخذ الصيت الأكبر؛ كونه انتقد كتب أستاذه أولاً، وثانياً:كونه أصبح مرشداً عرفانياً له شهرته الواسعة في الغرب، والذي يوصف من قبل أتباع مدرسته بأنه ثلاثي الأبعاد مقابل شيخه الذي يوصف بأنه ثنائي الأبعاد وقد ألف أكثر من أربعين كتاباً ترجمت إلى لغات عدة، وقد ترجم له كتابٌ واحدٌ إلى العربية بعنوان "الإيمان والإسلام والإحسان في مقارنة الأديان".
• تولى أمانة المخطوطات العربية في المتحف البريطاني.
• مرجع الموسوعة البريطانية "بريتانيكا" الذائعة الصيت، حيث كان مرجع هذه الموسوعة في القضايا العرفانية الشرقية، وقد كتب فيها مقالات عن التصوف الإسلامي.
• يعتبر من أهم الدعاة الذين ينادون بمرجعية الروحانية عند شكسبير، وأن شكسبير كان صاحب منحى عرفاني إسلامي، وقد أخذت هذه المسألة أبعاداً بين أوساط المثقفين الغربيين والإسلاميين في بريطانيا وخارجها.
ولد مارتن لينغز في شمال انجلترا في مدينة "لانكشَير" في عام /1909/م ، عاش في بداية حياته مسيحياً بروتستانتياً، ثم تحول إلى الماركسية وبقي هكذا خمس سنوات، وفي سنة /1938/ اعتنق الإسلام، ثم انتقل إلى مصر وعاش فيها أربعة عشر عاماً، وحاضر في جامعة القاهرة في قسم الأدب الإنكليزي، ثم أكمل بقية حياته في بريطانيا حيث حصل على دكتوراه في اللغة العربية من جامعة لندن، وعين منذ سنة /1955/ مساعداً لرئيس الشؤون بقسم الدراسات والكتب الشرقية المطبوعة والمخطوطة في المتحف البريطاني، ثم أمينا للمخطوطات، وتوفي في 11/5/2005م.
من أهم مؤلفاته:
• الشيخ أحمد العلوي مجدد القرن العشرين: حيث يعتبر الكتاب فريداً في موضوعه، فهو الكتاب الوحيد المكتوب باللغة الإنكليزية عن حياة الشيخ أحمد العلوي.
• المعتقدات البالية والخرافات العصرية.
• شكسبير في ضوء الأدب المقدس.
• الساعة الحادية عشر: الأزمات الروحية للعالم الحديث.
• قصائد شعرية في مجلدين.
• النماذج والطراز. 
• عجائب القرآن الكريم.
بالإضافة إلى كتب ومقالات عديدة. 
واليوم وبعد قرابة قرن من الزمان انطفأ سراج أبو بكر مخلفاً إرثاً إسلامياً كبيراً. وإن كان هناك من تعليقات على رحيله فلا أهم من أن هذا الرجل يعتبر مجهولاً في العالم العربي والإسلامي لا يكاد يعرفه إلا القليلون سواءً على المستوى الأكاديمي أم على المستوى الإسلامي، يتضح ذلك من خلال محركات البحث العالمية على الانترنت حيث لا يجد الباحث إلا مقالة واحدة مكتوبة باللغة العربية عن حياته تناقلتها ثلاثة مواقع عربية، وإذا قارنا هذه النتيجة مع ما كتب عن مارتن لينغز باللغة الانكليزية سنجد أن هناك 12600 نتيجة مؤهلة لزيادة كبيرة (خاصة بعد رحيله كعادتنا في تعاملنا مع الأموات) وإن كان هذا الأمر يدل على شيء فإنه يدل على القطيعة المعرفية الكبيرة التي تراكمت بين العالمين العربي و الغربي، والتي تعتبر شاهد عيانٍ على الحالة المظلمة التي جسدها كابلينغ في مقولته المشهورة " الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا " فقد جسد في مقولته هذه حالة القطيعة في الأنظمة والمناهج المعرفية، وهنا نشاهد مصداقاً محسوساً على هذه القطيعة بكل أبعادها المعرفية والاجتماعية والعرفانية.


تاريخ النشر : 30-05-2005

6136 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com