يختلف تناول المفكرين وفقهاء الأمة الإسلامية في المسائل الاقتصادية عن غيرهم في المرجعية النصية والمَنبت الشرعي للأفكار على عكس المفكرين الاقتصاديين الذين تكون مرجعياتهم الفلسفية لاعلاقة لها بالمراجع الغيبية، وهذا البعد الغيبي والإخباري السماوي هو الذي يجعل من المقارنة بين الفكر الاقتصادي في الخطاب الإسلامي مع الفكر الاقتصادي الغربي فيه نوع من الخلل المعرفي، لأن النسق المعرفي الإسلامي لايستطيع تجاهل النص القرآني والحديثي بل يمثل نقطة بداية للخطاب الاقتصادي ،لابل تدور الأفكار الاقتصادية ضمن فلك هذه النصوص وتختلف وتتفق عليها لذا يسترعي انتباه الباحث الاقتصادي أن هناك نوع من الانسجام بين علماء المسلمين حول مفاهيم كالتسعير على مدى القرون لأن هناك نص ورد في خصوصها، بحيث تجد أن أكثر الفقهاء اتفقوا على ترك آلية السعر حرة دون تدخل من الدولة في تحديدها، رغم اختلافهم في مدى الحاجة للتدخل الحكومي لإستعادة آليات السوق الحرة من مثل التدخل في محاربة بعض الظواهر المرضية الاقتصادية، كالإحتكار وتغالي التجار أو المالكين في الأسعار التي تخل بالتوازن الطبيعي في السوق بين العرض والطلب.
يعبر أبو يوسف (113-182 هجري) عن موقفه غير المؤيد للتسعير بقوله: "ليس للرخص والغلاء حدٌّ يعرف ولايقام عليه، إنما هو أمر من السماء لاندري كيف هو وليس الرخص من كثرة الطعام وغلاؤه من قلته، إنما ذلك أمر الله وقضاؤه فقد يكون الطعام كثيراً غالياً، وقد يكون قليلاً رخيصاً، ويروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم مؤيدأ قوله: "إن السعر غلاؤه ورخصه بيد الله وإني أريد أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة يطلبني بها إن الله هو المسعر هو القابض إن الله هو الباسط وإني والله ماأعطيكم شيئاً وماأمنعكموه ولكن إنما أنا خازن أضع هذا الأمر حيث أمرت وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة ظلمتها إياه في نفس ولادم ولامال" (الخراج 52)، وتأتي النصوص الحديثية المتقاربة لتصب في نفس الفهم للتسعير
من مثل الحديث الذي رواه أنس بن مالك في صحيح ابن حبان "غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا رسول الله ، غلا السعر ، فسعر لنا سعرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق ، وإني لأرجو أن لا ألقى الله بمظلمة ظلمتها أحدا منكم في أهل ولا مال )
وكذلك ماورد في سنن أبي داوود عن أبي هريرة : (أن رجلا جاء فقال يا رسول الله سعر فقال بل أدعو ثم جاءه رجل فقال يا رسول الله سعر فقال بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة)، وكذلك ماورد في سنن الترمذي عن أنس قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : (يا رسول الله سعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح)، وفي مسند أحمد عن أنس بن مالك قال : : ( غلا السعر بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال الناس : يا رسول الله غلا السعر ، سعر لنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ، إني لأرجو أن ألقى الله عز و جل و ليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم و لا مال)، وفي مصنف عبد الرزاق عن الحسن قال : : (قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : سعر لنا ، فقال : إن الله هو المسعر المقوم ، القابض الباسط .).
إن تناول الأسعار بهذه الحساسية خشية وقوع الظلم على المنتجين فيما يخص الزراعة البعلية التي يعتمد أهلها مطر السماء لأن عوامل الإنتاج خارج نطاق السيطرة البشرية هي التي دفعت النبي عليه الصلاة والسلام ومن ثم أبو يوسف على إنكار التسعير، ولكن الروح العامة هي ترك آلية التسعير مرهونة بالسوق شريطة عدم وجود احتكار، والدولة مهمتها مراقبة هذه الآلية حتى تمنع أي ظلم يلحق بالمستهلكين وقوتهم الشرائية في حال الإحتكار وارتفاع الأسعار، وكذلك لاتتدخل بالسعر خشية ظلم المنتجين أيضاً بحيث تصبح السلطة الإدارية الحكومية في وجه حافز الربح لدى المنتجين، ولعل غموض فهم أبي يوسف لآلية العرض والطلب سيضطرنا لانتظار الجاحظ (150-255ه)(767-869م) ليشرح هذه الآلية.
الحقيقة أن دليل تحريم علماء المسلمين للتسعير " وهم جمهور الفقهاء ومنهم فقهاء التابعين والزيدية والإمامية والظاهرية"(الدريني 147) وكذلك الأحناف الذين قالوا بالكراهية التحريمية هي النص الحديثي الذي أوردناه بمعظم رواياته، فالبعد النصي حاضر بقوة في الفكر الاقتصادي والعلة هي رفع الظلم عن المنتجين والمستهلكين. لذا يرى الشيزري في كتابه "نهاية الرتبة في طلب الحسبة" أنه لايجوز للمحتسب – أو وزارة التموين في زمننا الحالي- تسعير البضائع، ولاأن يلزمهم بيعها بسعر معلوم (نقولا زيادة 95) حيث تصدى الشافعي لفكرة الحريات الاقتصادية وأهمها أحقية التصرف بالأموال – طالما ضمن الإطار الشرعي - فقد أكد الإمام الشافعي في كتابه الأم على عمل آلية العرض والطلب واقفاً بحزم ضد التسعير وذلك "لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها ولاشيئاً منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي تلزمهم" (الأم 8:191)
يلمح أبو يوسف في موضع آخر من كتابه "الخراج" تفهم طفيف لمسألة ارتفاع الأسعار وارتفاع تكلفة عوامل الإنتاج مشيراً لما قاله عمر بن عبد العزيز الذي سئل عن سبب غلاء الأسعار رغم كون تكلفتها رخيصة فقال: "إن الذين كانوا قبلي كانوا يكلفون أهل الذمة فوق طاقتهم، فلم يكونوا يجدون بداً من أن يبيعوا ويكسد مافي أيديهم، وأنا لاأكلف أحداً إلا طاقته، فباع الرجل كيف شاء" ثم أحال هذا الفهم للنص الحديثي "ليس لنا من ذلك شيء إنما السعر إلى الله" (الخراج 142)
إن تلاقي مدرسة الفيزوقراطيين (الطبيعيين) منذ فرانسوا كه نه (1774-1694) الذين قالوا باليد الخفية التي تنظم كل شيء وتوافق بين المصالح في السوق مع فكرة الإسلاميين رغم أن هناك عشرة قرون سابقة للإسلاميين في مسألة التسعير يسترعي الانتباه، لكن النسق المعرفي الإسلامي دار حول مدار النص والوحي وبعدها يُترك العقل ليبحث في مآلات وعلة النص، بينما المفكريين الغربيين أحالوا المسألة للتجربة والعقل فقط، لذا فإنه بالرغم من قولنا بهذه التقاطعات فإنه لايصح أن نقول أن الطبيعيين أخذوا فكرة اليد الخفية من المسلمين لأن الأنساق المعرفية والمصادر المعرفية متباعدة أيما تباعد، لكن في نفس الوقت لايصح أن يتحدث بعض المؤرخين التاريخيين عن الفراغ التاريخي للفكر الاقتصادي.
منطق الخلاف بين وجهات النظر الاقتصادية بين فقهاء المسلمين تدور حول مدار مسألة العدل، ورفع الظلم وانقسام فقهاء الاقتصاد –إن صح التعبير- حول فهم النص وليس هجر النص الحديثي على خلاف الفكر الغربي الذي يقوم بمعالجة السوق بعيداً عن أي بعد ديني فلقد طرح العلماء مسألة المضاربة في الأسعار بطرحهم قضية من مثل أن سعر السوق غال وأراد أحد العارضين البيع بأغلى من هذا السعر فإن الإمام مالك قال بمنعه ولكن انقسموا حول ماإذا أراد أحد العارضين أن يطرح العارضين سعر أقل قام عندها فريق ممن يروا أن في ترك آلية السوق عين العدالة وأيد فكرة عدم منع التسعير بأقل من سعر السوق الشافعي وأصحاب أحمد كأبي حفص العكبري، والقاضي أبي يعلى والشريف أبي جعفر,أبي الخطاب وابن عقيل وغيرهم، ولما قام مالك محتجاً بمارواه في موطئه عن يونس بن سيف عن سعيد بن المسيب: "أن عمر بن الخطاب مرّ بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيباً له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا" قام الإمام الشافعي بالرد على هذا الفهم بسرد النص كاملاً كما رواه القاسم بن محمد عن عمر: "أنه مر بحاطب بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعّر له مدين لكل درهم، فقال عمر: قد حدثت بغير مقبلة من الطائف تحمل زبيباً وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت. فلما رجع عمر (وهنا موضع الشاهد عند الشافعي) حاسب نفسه، ثم أتى حاطباً في داره، فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولاقضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع!" وتابع الشافعي مفنداً رأيه مستنداً إلى مرجعية نصية عمرية "وبه أقول لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها أو شيئاً منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي تلزمها، وهذا ليس منها" (الإمام النووي 13/35)
لقد نضج مفهوم السوق خلال حوالي ستة قرون منذ أبي يوسف مما يتضح من وعي ابن تيمية (661- 728 ه) في كتابه الحسبة في الإسلام (22ص) من حيث جرأته في فهم النص وفهماً ثاقباً فيما يخص مسألة التسعير :
"فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء، وإما لكثرة الخلق، فهذا إلى الله، فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق...وأما الثاني فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولامعنى للتسعير إلابإلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به.
وأبلغ من هذا أن يكون الناس قد التزموا أن لايبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون، لاتباع تلك السلع إلا لهم ثم يبيعونها هم فلو باع غيرهم ذلك منع، إما ظلماً لوظيفة تؤخذ من البائع أو غير ظلم لما في ذلك من الفساد، فههنا يجب التسعير عليهم بحيث لايبيعون إلا بقيمة المثل ولايشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء، لأنه إذا كان قد منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه فلو سوّغ لهم أن يبيعوا بما اختاروا أو يشتروا بما اختاروا كان ذلك ظلماً للخلق من وجهين: ظلماً للبائعين الذين يريدون بيع تلك الأموال، وظلماً للمشترين منهم، والواجب إذا لم يكن دفع الظلم أن يدفع الممكن منه، فالتسعير في مثل هذا واجب بلانزاع، وحقيقة إلزامهم أن لايبيعوا أو لايشتروا إلا بثمن المثل."
وواصل ابن تيمية بحذاقة الاقتصادي وفهم الفقيه بشرح مسهب كما قال ابن تيمية في مكان آخر (الحسبة 35) "ومن منع التسعير مطلقاً محتجاً بالحديث "إن الله هو المسعر" فقد غلط فإن هذه قضية معينة ليست لفظاً عاماً، وليس فيها أن أحداً امتنع من بيع أو عمل يجب عليه أو طلب في ذلك أكثر من عوض المثل" فابن تيمية أعاد مسالة التسعير للإدارة الحاكمة ولكن لنفس العلة وهي تحقق الظلم عند رفع سعر السلعة أكثر من ضعف، وكذلك قام أحمد بن سعيد المجيلدي (1088ه-1678م) في كتابه "التيسير في أحكام التسعير" بشرح أكثر دقة لمحددات دور الدولة في مسألة التسعير، حيث عارض فرض سعر مبيع معين دون معرفة التكلفة الشرائية لها، وأبدى إنكاره وعدم تجويزه للدولة لفرض نفس سعر الشراء بحيث ينتفي عندهم دافع البيع لديهم، وإنما يزيدهم ربحاً شريطة أن لايغلو السعر بالإجمال فإن على الدولة أن ترى مافيه مصلحةٌ للبائعين وللمستهلكين دون ظلم أحد الطرفين، ومدار الحكم على مدى نجاعة التسعير هو مصلحة الأمة وعدم معارضة المصلحة الخاصة للمصلحة العامة، حسب مايرتئيها الإمام الذي يشترط فيه العدل، لأنه سبب كثرة الجباية، كما أشار لذلك أبو يوسف سابقاً:
"إن العدل وإنصاف المظلوم وتجنب الظلم مع مافي ذلك من الأجر، يزيد به الخراج، وتكثر به عمارة البلاد، والبركة مع العدل تكون وهي ُتفقد مع الجور، والخراج المأخوذ مع الجور تنقض به البلاد وتخرب، وهذا عمر رضي الله عنه كان يجبي السواد، مع عدله في أهل الخراج وإنصافه لهم، ورفعه الظلم عنهم ومائة ألف ألف، والدرهم إذ ذاك وزنه وزن المثقال" (الخراج 120).
إن خلاصة الرأي في مسألة التسعير في الفكر الإسلامي أنها مسألة تابعة للإدارة الحكومية الرشيدة التي يكون ديدنها رفع الظلم ممثلة بوزارة الاقتصاد في عصرنا الحالي، والأصل هو ترك آلية السوق من عرض وطلب المعني الأول بالاتفاق على تحديد السعر فيما عدا تسعير السلع الاستراتيجية لضمان الاستقرار والأمان وهذا ماخرجت به الدورة الثامنة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض (1396 هجرية/1977م) فيما يخص التسعير:
"إن التسعير جائز بشرطين: 1-أن يكون التسعير فيما حاجته عامة لجميع الناس 2-ألا يكون سبباً لغلاء قلة العرض، أو كثرة الطلب، فمتى تحقق فيه الشرطان كان عدلاً وضرباً من ضروب الرعاية العامة للأمر كتسعيرة اللحوم والأخباز، والأدوية، ونحو هذه الأمور مماهي مجال للتلاعب بأسعارها، وظلم الناس في بيعها" وخلصوا في النهاية : "إن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير فعلى ولي الأمر أن يسعر عليهم فيما تحقق فيه الشرطان المتقدمان، تسعير عادل، لاوكس، ولاشطط، فإذا اندفعت حاجتهم، وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل" (فقه الضرورة المعهد الإسلامي للبحوث ص 134) وهذا الرأي يصب في نفس مصب ماخرج به مجمع الفقه الإسلامي في منظمة المؤتمر الإسلامي 1988:
"أولاً: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحراراً في بيعهم، وشرائهم، وتصرفهم في ممتلكاتهم، وأموالهم في إطار الشريعة...
ثانياً: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة العامة، وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ماتقضي به الآداب الشرعية من الرفق، والقناعة، والسماحة، والتيسير.
ثالثاً: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار، الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
رابعاً: لايتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا من حيث يجد خللاً واضحاً في الأسعار ناشئاً من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش.
إن الخطاب الإسلامي أسس منذ البداية لفكرة صيانة الحريات، وحرية السوق ليست استثناء ولقد عدّها المشرع الضامنة الوحيدة لأسعار عادلة وتبقى مهمة الدولة محصورة في تأمين عوامل الاستقرار للسوق وذلك عبر محاصرة الاحتكار وإغفال معلومات أو رفد السوق بمعلومات خاطئة وهذا الحسم فيما يخص آلية العرض والطلب كانت واضحة وناضجة في أذهان المفكرين والفقهاء المسلمين منذ أكثر من أربعة عشر قرناً وذلك إنطلاقاً من النصوص وروح التشريع الإسلامي، ولم يكن المقصد من تأمين حرية الأسواق هو محض التقديس "الرأسمالي" لحرية الأسواق، وهنا يكمن الخلاف الجوهري في الأنساق المعرفية بين الفكر الاقتصادي الإسلامي والفكر الاقتصادي الغربي رغم مايظهر من تقاطعات في مايخص حرية الأسواق، فالمقصد الأساسي من وراء هذه الحرية هو إقامة أسواق أكثر عدالة، وأما دور الإدارة الاقتصادية يجب أن تكون بمثابة التسديد والمقاربة نحو تحقيق تلك العدالة للمجتمع ولاتلحق الظلم والجوع والفقر وارتفاع مستوى المعيشة والتضخم الذي يلحق أشد الأذى بالشرائح الفقيرة في المجتمع، فدور الدولة ليس إرضاء فئة التجار أو تغليب مصلحة فئة على أخرى، كما هي حال الفكرالاقتصادي الغربي الذي تكون صنمية الأسواق في المجتمع الاستهلاكي هي الهدف المرتجى مهما لحق بالمستهلكين والمجتمع من ضرر نتيجة لتواطؤ العارضين مع نظام السوق الذي تديره الإدارة الحكومية التي يكون منتهى هدفها هو تعظيم أرباح فئة من المجتمع لذا فإنه ليس من المستغرب أن يكون هناك في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 36 مليون أمريكي تحت خط الفقر باعتراف الحكومة الفيدرالية.
يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.