آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

كتب ومراجعات  .  عروض و مراجعات

إصدارات

  •     

الإنسان والقرآن وجها لوجه

محمد عمر سعيد


ينطلق المؤلف في مقدمة الكتاب (1) من ثلاث ملاحظات استنتج منها ازدياد الاهتمام بالدراسات القرآنية خاصة بانضمام نوع جديد من الدارسين هم ليسوا من خريجي المعاهد الشرعية، وبالتالي تدعمت هذه الدراسات بدخول اهتمامات معرفية حديثة، كما أكدت الملاحظات احتفاظ النص القرآني بمكانة مرجعية في المنظومة الثقافية العربية؛ لينتهي الكاتب التونسي إلى طرح إشكاليته الأساسية في الكتاب وهي محاولة معرفة مدى تغير مكانة الإنسان وطبيعة الوعي المراد منه من خلال دراسته للخصوصيات المعرفية والمنهجية للإنتاج التفسيري للقرآن في العصر الحديث.
يفتتح المؤلف بحثه بمبحث عنوانه "النص والأسئلة" يبحث فيه عن الأسس التاريخية التي حكمت مدلول التفسير وغاياته، إذ وبعد أن كان التفسير بابا من أبواب الحديث ظهرت في القرن الثاني الهجري وبفضل تفاعل المسلمين مع باقي الحضارات محاولات تعنى بمعاني القرآن ومُشكِلِه، فيرى المؤلف أن النمو الحقيقي للمدونة التفسيرية كانت خلال القرن الثالث إلى العاشر الهجريين وهذا يفترض ضرورة اعتمادها على منهجية معينة لم يصرح بها المفسرون لكنهم كانوا واعين بها!! 
ويقرر بعد ذلك أنه وعلى اختلاف طرق التفسير مثل التي تعتمد الإجتهاد العقلي (تفاسير الرأي) أو تلك التي تكثر الرجوع إلى الموروث النبوي (تفاسير الأثر) وغيرها، كان التفسير دائما يرتكز على نظام فكري ونسق ثقافي مؤسس على خلفية الإقناع والأسلوب الدفاعي ومنه يرى المؤلف أن هذا (القاع الفكري) سكنته رؤية متعالية لا تجعل من المعاني والقيم إلا خارج السياق التاريخي دونما ارتباط بالواقع؛ وكنتيجة لذلك "تحولت هذه التفاسير على تنوعها المذهبي إلى ضرب من الترديد داخل إطار معرفي قار لتقدم المدلولات القرآنية في محاورها الكبرى على البناء نفسه وكأنه وقع التوصل بها إلى معنى كلام الله في صيغته المثلى... إنه المنهج الذي يعيد إنتاج المعرفة نفسها والفهم للنص نفسه وكأن الوحي الإلهي قد ضبطت دلالاته نهائيا" الصفحتين 16و17 من الكتاب نفسه.
وسواء اتفقنا مع رؤية الكاتب هذه أم لا فإن هناك سؤالا هاماًّ يرتبط بمقاصد المفسرين الذين أقدم على نقدهم منهجهم هو: هل أن المفسرين وإلى القرن العاشر الهجري كانوا واعين بانغلاقهم المنهجي هذا إن صح التعبير؟ ... والكاتب يبدو أنه يرد على هذا الجواب بالإيجاب عندما يرى بأن منهجية التفسير غير مصرح بها لكن المفسرين كانوا واعين بها؛ وهذا الجواب يستند إلى عقدة فكرية من الجانبين هي: أن المفسرين كانوا يحملون أيديولوجية خاصة بهم وهي التأسيس لغلق باب الاجتهاد منذ البداية والثانية أن المؤلف يؤسس هو الآخر لأيديولوجية القطيعة معهم منذ البداية بالنظر إلى إجابته بالإيجاب على سؤالنا!! 
ويعرج بعد ذلك إلى ملاحظة وفرة التفاسير المعاصرة و مسائلا إياها لمدى حداثة مناهجها والحد الذي بلغته وظيفة المفسر في تجددها وعلاقته بالقرآن فيعرض أربع نماذج تفسيرية مختلفة من العالم الإسلامي وهي للمفسرين على التوالي: الألوسي، القنوجي، البيرختي واطفيّش؛ فيحكم بعسر إيجاد الجديد على المستوى المعرفي فيها حيث تتميز بظاهرة "الثبات المنهجي"، لكن كل هذا لم يمنع حسب المؤلف من ظهور تحول في مجال التجديد المنهجي لتفسير القرآن رغم هيمنة المنهجية التراثية منتهيا إلى التساؤل عن مدى وجدوى الإلتزام بـ"القراءة المغلقة" للنص القرآني؛ فيصوغ إشكاليته بشكل أكثر تحديدا معتبرا إياها إشكالية جميع المفسرين المعاصرين: كيف يكون التفسير معاناة للحكمة الإلهية بمشاغل الواقع؟ أو كيف يصير التفسير هو جدل الوحي والتاريخ؟ وهي إشكالية فيما نرى دقيقة جدا لكونها لم تحمل في مضمونها مسبقات ظرفية أو ردة فعل بقدر ما هي بلورة موضوعية هدفها الأساسي وجداني في الشق الأول ومعرفي في الثاني.
في المبحث الموالي وهو بعنوان "المدرسة التراثية" يكشف الدكتور النيفر عن نوعين من القراءات للنص القرآني الأولى يسميها بـ"التفاسير المنجزة" وهي التي يتم فيها تناول النص القرآني بكامله، والثانية بـ"القراءات المقترحة" التي تقتصر على تقديم المنهج دون تطبيقه كليا على النص؛ فيعتبر المؤلف أن أصحاب القراءات المقترحة أدخلت تجديداً على قراءة النص القرآني بما يدخل الخصوبة عليه شرط تسلح أصحابها بـ"الوعي العلمي والفكر التاريخي" حيث يصبح النص القرآني بعبارة الفرنسي بورديو (رأس مال رمزي) لا يتم الإكتفاء باستمداد قدسيته من التاريخ بل بإبداعه من الحاضر والمستقبل حفظا لراهنيته.
وبعد عرضه لجملة من التفاسير السلفية التراثية واستنباطه مفاهيمها الأساسية التي تتعامل بها يعلق قائلا "هكذا تشكل الفكر السلفي أسيرا للمفارقة التي جعلته صاحب الكلمة العليا رسميا وسياسيا لكنه فكر ومنهج معطلين في نموهما وقدرتهما على التجاوز والإبداع" ص 44؛ لتظل الجهود المعاصرة إذن أسيرة رؤية السلف رغم الجهود المبذولة لتجاوزها، فيبرز تفسيري ابن عاشور والطباطبائي كأرقى المحاولات التراثية لتجاوز ذاتها السلفية لكن دون جدوى ولو أنهما تمكنا من تقديم بعض الإجتهادات التي وصفها المؤلف بالطريفة.
بعدها انتقل مؤلف الكتاب إلى بحث "مدرسة المنار أو السلفية الإصلاحية" المتمثلة في رائديها الأفغاني وعبده التي عملت على تنقية التفسيرات من جدل نحوي وكلامي فذهبت إلى محاولة فهم الهدف من النص والحكمة العملية منه، إلا أنه منهج وحسب المؤلف لن يساعد على تجاوز السطحية الظرفية وهو ما يحرم النص من راهنيته، والغريب أن الكاتب يقرر أن بين مقولات الأفغاني وعبده ورشيد رضا تراجع تدريجي لا مراء فيه!! إضافة إلى ذلك يرى أن منهج مدرسة المنار "كان عبارة عن شرخ في صلب البناء المفاهيمي... لكنه لم يفض إلى تجديد منهجي" ص 76؛ كما تقرر المدرسة أنه لا يجب على المفسر أن يَغفَل عن مهمته السياسية والإجتماعية لتحريك سواكن المجتمع، ويختم قوله عن المنار أن مبررات التحرر من المستعمر لم تتح أية فرصة لأي مراجعة للمنهجية التفسيرية السائدة لأن مسَّها وحسب الكاتب يمكن عده نوعا من التواطؤ مع المستعمر وتفكيك الهوية؛ وهذه الفكرة تحيلنا إلى السؤال عن مدى إمكانية تواطؤ المحاولات الإصلاحية الفكرية الراهنة مع مشروع الإصلاح الأمريكي في العالم العربي ومدى التحرر منه.
في بحثه لـ"التيار الأيديولوجي" يرى الباحث أن نقطة الإرتكاز الداخلي له هي اعتبار المعنى أمرا ثابتا بإطلاق؛ فدفع هذا التيار بجهود مدرسة المنار إلى نهاياتها ليصل بالنص المفسَّر إلى خدمة سلطة ما؛ فهذا سيد قطب في الظلال سلفي في طبيعته مختلف عن التيارات السلفية الأخرى التي اعتنت بالتفسير، فالنص عنده مرجعية نضالية حركية، وهو فهم للنص لا يدانيه إلا فهم الجيل القرآني الأول برؤية تؤدي إلى مقولة (الهوية المثالية) بدلالاتها اللاتاريخية.
بعد ذلك يعرج المؤلف وتحت نفس التيار إلى ثلاث باحثين رأى أنهم قدموا دراسات قرآنية تتسم بدرجة معينة من المراجعة لما هو متفق عليه في التراث التفسيري وهم على التوالي: محمد شحرور، حسن حنفي و أبو القاسم حاج حمد، إذ تتفق طروحاتهم على خطاب أيديولوجي يتم إسقاطه على النص بتحميله ما لا يحتمل. 
فيورد الباحث فكرة في خضم نقده لرؤية حنفي للتفسير في أنه ورغم ثوريته التي تقول بضرورة تحويل الدين إلى أيديولوجيا ويبدو متأثرا بالفكر الإشتراكي، فمن منطلق تفسير القرآن الكريم استطاع الباحث أن يحيلنا إلى اكتشاف التوافق البنيوي بين الفكر التقليدي الإسلامي والفكر الثوري واشتراكهما بالرؤية الدفاعية... فعند خروجنا إلى هامش المؤَلَّف وموضوعه نرى بوضوح كيف أن الفكر التقليدي أو قل السلفي في صيغته العامة كان المفتاح لدخول التيارات الأيديولوجية بما هي غزو فكري من الغرب أي أنه لم يحقق الحصانة ضده !!
ويجمل الدكتور النيفر الملاحظات على هذا التيار بأنها أولا جاءت أقرب إلى الدراسات العلمية لكنها ظلت حاملة لرسالة تنويرية كما يصفها مع تطور العدة المعرفية حيث اتسعت دائرتها إلى الألسنية والنفس والإجتماع، كما أجمعت الدراسات محل البحث على إمكانية تحقيق الفهم الأمثل للنص، ليختم بأن الأعمال الأيديولوجية قصرت همها على المعنى الجاهز بإهمال جدل النص والقارئ والآفاق التي يفتحها لانطلاق جهود تفسيرية مجدِّدة.
في المبحث ما قبل الأخير بعنوان "المدرسة الحديثة" التي ترى ضرورة مراجعة المفاهيم الأساسية من اجل ابتكار وتجديد المنهج، يقرر أمين الخولي أحد رواد المدرسة أنه على المفسر المجدِّد تجنب النظرة الإستنطاقية للنص بحيث يقوم المفسر "بانتزاع ما يلائم حاجياته الآنية أو تسليط معارفه عليه ليولّْد من الأفكار ما هو أقرب للتعبير عن ميوله وأفقه الفكري والعاطفي" ص 120 بتصرف، كما ترى تلميذته عائشة عبد الرحمن أن بلوغ الدلالات القرآنية يكون من خلال الإهتداء إلى الخصوصيات البيانية للقرآن الكريم، واختص تلميذه الآخر محمد أحمد خلف الله بدراسة القصة القرآنية فتوصل إلى رأي بدا لنا مهما عرضه هو أن اختيار القصص في القرآن كان لغاية تجاوز ثقافة ذلك المجتمع والإنفتاح على آفاق ثقافة جديدة.

أخيرا يعلّق صاحب الدراسة على هذا التيار أنه يهدف إلى استبعاد التوظيف الأيديولوجي الذي يتجاهل بصفة شبه كاملة ما للنص نفسه من مضامين وخصوصيات، ويعتبر أن هذا الجهد عرف تراجعا ثم عاد للإنطلاق مع القراءات الحديثة للقرآن.
ليعرج الكاتب أخيرا إلى بحث نوع جديد من القراءات هو "القراءة التأويلية" عنوان المبحث الأخير في الدراسة، و ميزتها الرئيسة أنها خالية من أي توظيف أيا كانت دواعيه "إنها قراءات ترى النص ظاهرة ثقافية تُقْتَرح لها مناهج للتفكيك والتأويل بالإعتماد على فتوحات العلم الحديث وذلك قصد اكتشاف خصائص التفكير الذي جاء النص القرآني ليؤسسه" ص 134 ص 135.
وفي رأينا أن هذا النمط من القراءة للقرآن يخلو من الدافعية ليس لكونه يعتبر النص ظاهرة ثقافية مقترحة فهذا في الواقع يمكن أن يحمل في كمونه أكبر طاقة دافعة؛ لكن الإشكال في مقاصدية هذا النمط ـ الذي يتماهى معه الأستاذ النيفر بشكل يكاد يكون كليا ـ التي تجعل من جهودها محض سعي نحو الإكتشاف دونما مبررات!! حيث الإكتشاف يبقى رهين النصوص كما يقرر الكاتب نفسه وهذا بخلو القراءة التأويلية من أي رغبة توظيفية للجهد التفسيري والذي يناقض المعطيات الموضوعية!! فالجهد مهما كان لابد له من غاية عملية هي عين التوظيف المقصود، وهو ما يحيلنا إلى قراءات من مثل تلك، وبما يؤدي إلى زرع مركب التماهي مع أصل النمط المستمد من التقليد العلمي الغربي والمفتقر إلى أسسه مادام هذا النمط التفسيري ينهل من خارج النص القرآني، وبالتالي ينطلق من خارج القرآن ليسقط ليس أفكاره أو عواطفه كما هو التيار الأيديولوجي بل ليسقط على النص ما هو أعمق من ذلك وهو مقاصديته، فيصبح بذلك خطر القراءة التأويلية على النص القرآني أكبر من القراءة الأيديولوجية بالحجر ليس على النص فحسب بل على المقصد نفسه!! 
ويحتج على ذلك مؤلف الإنسان والقرآن بأن المفسرين القدامى أيضا تعاملوا مع النص بنفس الشكل فقد اعتبروه خطابا عربيا احتجوا له بالأشعار والنحو والبلاغة، وهو ما يفيد أن الوحي يعكس إنسانية العرب (بمعنى ظرفيتهم الزمانية والمكانية)، واضعا بعد ذلك لنتيجة نرى أنها لا تخص القراءة التأويلية دون غيرها هي أن المتعالي لايتجلى إلاّ في التاريخ والمقدس لا يظهر إلا عبر الدنيوي؛ وهي نتيجة لا نعترض عليها رغم اعتراضنا بل ومناقضتنا الصريحة لمقدماتها.
ففي عرضه لأعمال محمد أركون يرى الباحث أنه بلغ ذروة تفكيره عندما يدعو (يدعو!!) إلى "إسلاميات تطبيقية" وهي الإنطلاق من القرآن ـ عند أركون ـ باستعمال اللسانيات الحديثة بواسطة الحفر الأركيولوجي وكذا اعتماد الأنتروبولوجيا لتحليل المنظومات التفسيرية للعالم لربط العيني بالمتخيل، ثم ينتهي أركون إلى أن المنهج التفكيكي بتناول النص أفقيا وعموديا بغية اكتشاف "النظام المعرفي" الذي يقوم عليه؛ والحق أنها استراتيجيات معرفية مغرية لولا أن صاحبها ينبئ عن فراغها بنفسه، فعندما يقدم لنا مثالا تطبيقيا لطرحه يقرر أركون بأسطورية قصة أهل الكهف أكثر من كونها حقيقة تاريخية واقعة.
كما أن رؤية نصر حامد أبو زيد التي ترى أن التأويل هو الوجه الآخر للنص باعتباره محورا للحضارة تؤدي بنا لاكتشاف حقيقة مقاصدية نفسية ـ عند تأويلنا لتأويله ـ تهدف إلى سحق المتعاليات النصية وسحبها نحو فضاء التاريخانية المطلقة وهي في رأينا جذر العدمية الإنسوية لنكرانها الوجه الميتاتاريخي للفطرة الإنسانية؛ ومن ثم فإن هذا النزوع التاريخاني يضمر محاولة الحط من منزلة القرآن كونه محورا للحضارة الإسلامية وهو مصدر قوته وتميزه عن باقي النصوص، حيث يتم الإنطلاق منها (وهو نوع من ممارسة تفكيك داخلي) وصولا إلى تسوية منزلته مع منزلة غيره من النصوص وبالتالي القضاء على قداسته والقضاء تبعا على كل المقدسات الإسلامية. 
في النهاية وفي عنوان فرعي "نحو اكتمال النص" يقدّم النيفر تحليلا دقيقا أراه جديرا بالقراءة العميقة مع أنه دأب على ما يمكن أن يكون احتكارا لنتائج هي ليست حتما لنفس المقدمات كما سيظهر، حيث ركز في الصفحتين الأخيرتين على وثاقة الصلة بين منهجية التفسير ومسألة الإيمان والتدين؛ فبيّن خطر الذهنية التوظيفية للنص (أي أن التعامل مع القرآن لاستخراج الجانب النفعي منه تجعل من إيمان المسلم "قصير المدى") التي تؤدي في حال الصدمات الكبرى إلى أحد موقفين سلبيين إما اللامبالاة وإما العنف، فرأى في النقدية التاريخية ـ التي بينا آنفا كيف انساق معها المؤلف دونما تدقيق ـ أهلية إعادة الطاقة الروحية والفكرية للوحي فقال أنه "من المحتمل أن تفسح المجال لنوع آخر من الإيمان معتمد على يقين متسائل ومعتز برحابة رسالة القرآن وواع بأن هذه الرحابة لا تزيد المؤمن إلا تواضعا وسعيا إلى الآخر [ولكنه أضاف] مهما كانت المرجعيات التي يعتمدها."!! الصفحة الأخيرة.
ختاما نورد هذه الملاحظات العامة حول هذه الدراسة التي نبدأ بالقول عنها أنها عزيزة النظير:
1- هي دراسة قصيرة لكنها عميقة منهجيا فضلا عن تسلح صاحبها فيما يبدو بالعدّة المعرفية اللازمة التي سمحت له بتقديم نقد داخلي متين لمتن منهجية التفاسير القرآنية المعاصرة خاصة التراثية منها.
2- الدراسة تشعرنا بتعددية العلاقة بين النص القرآني وقارئه حيث نجد في النسق الواحد أو التيار الواحد قراءات مختلفة كل واحدة تختلف مع الأخرى في قليل أو كثير وهو ما يؤكد أمرين هما محورية القرآن في الثقافة الإسلامية كونه نصا متعاليا وطبيعته التعددية رغم وحدته النصية.
3- منهجية الكتاب أقامت ربطا تعارفيا غير تناكري (عدم صياغة علاقة تنافي) بين المدارس والتيارات التفسيرية وكذا بين فتراتها الزمنية مبتدئا من نزول القرآن إلى غاية الفترة المعاصرة.
4- إنه من غير الإقتضاء التلازمي بين فكرة ارتباط النص بالواقع وبالتالي حيويته وفعاليته وبين فكرة التنصل التام من توظيف النص وفق رؤية وضعية أقل ما يقال عنها أنها تتناقض وطبيعة إنتاج النصوص سواء المقدسة منها أو الإنسانية؛ ومن ثم نرى أنه من صميم الدغمائية والحجر على النص ـ حيث ادعى المؤلف التحرر منها عند إحدى التيارات المعاصرة ـ مسلّمة ضرورة التلازم بين بعض المقدمات وقصر النتائج عليها.
5- أخيرا نستغرب تماهي الكاتب مع إحدى التيارات التي طرحها رغم التزامه الصرامة المنهجية مع المدارس الأخرى، وهذا يدلنا على أن التزامه كان نفعيا في انتظار الوصول إلى نتيجة مسبقة بدليل عدم ميله إلى محاولة صياغة أو تقديم رؤية خاصة به ولو في شكل أضواء حيث كان يمكن لدراسة من مثل هذا العمق والمتانة تقديمه!!

(1) ـ احميدة النيفر، الإنسان والقرآن وجها لوجه (التفاسير القرآنية المعاصرة) قراءة في المنهج، دار الفكر دمشق سوريا الطبعة الأولى 2000، الكتاب من القطع الأصغر و هو من 160 صفحة.


تاريخ النشر : 23-02-2008

6159 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com