آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

الاجتماع والفلسفة  .  الإسلام و الغرب

الظاهرة الدينية    |    فلسفة الدين    |    فلسفة الأخلاق    |    قضايا فلسفية    |    المرأة و النسوية

  •     

نحن وهم: قيم الامتناع وسياسة الإقناع

بومدين بوزيد


تنشيط فكرة مشروع "المتوسطية" ثقافياً وسياسياً من جديد، وحوار الحضارات ولقاءات الشمال والجنوب في صيغ سياسية وأمنية أصبح حاضراً وقوياً بعد 11 سبتمبر وتزايد الخوف عند الغربيين من تدفق الهجرات السرية وتكاثر الجماعات المسلحة طبعاً مع أزمة الشرق الأوسط في أكثر تجلياتها خطورة، كلّها عوامل يختلط فيها الرمز والتاريخ بالمصالح الاقتصادية والمال، فالرمز هناك قيم الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان كفضاء للإقناع، وهنا الدين واللغة والتاريخ كفضاء للامتناع ومطالبة الحقوق ومنها الحقّ في استقلال فلسطين والمقاومة والحق في التنمية، إن العلاقة بين الاقتصاد والقيم تأخذ تراتباً وعلاقة يختلف مثلاً بين الرؤية الفرنسية والأوربية والرؤية الأمريكية، وبينهم هم ونحن، والخلاف حول الرسوم المسيئة لنبي المسلمين تجلي خلافاً حول طبيعة القيم وحضورها في الذاكرة والمخيلة وتأثيرها في القول السياسي، ومن هنا تبقى الرؤية الفيبرية ـ ماكس فيبر ـ  في بعض جوانبها صالحة لتفسير ذلك، وهي أن الاقتصاد في مراحل تاريخية يقوم على أرضية رأسمال رمزي يتمثل في الدين والقيم المشتركة ـ طبعاً هنا الاقتصاد بالمفهوم الذي سيصبح تقليدياً، لأنه اليوم يعني تحول القيم المعرفية والثقافية إلى ثروة مادية "اقتصاد المعرفة" ـ.
حاولت العودة إلى مشاريع فكرية وثقافية أو إلى مادّة نشرتها مراكز بحث تتعلق بهذه الرؤى ومنها "المتوسطية" التي أنشئ لها "بيت المتوسط في إكس بروفنس" بفرنسا منتصف التسعينات من القرن الماضي، وكانت المرجع في ميدان الدراسات المتوسطية وقد اجتمع في برشلونة خريف 1997سبعة وعشرين بلداً متوسطياً لإقامة شراكة مبنية على التفاهم بين شعوبها وتحسين شروط إدراكها المتبادل، أي التخفيف من حدّة سوء الفهم المتبادل، انضم إلى هذا المشروع مؤسسات علمية وثقافية وإعلامية أخرى، نتيجة هذا التعاون ومع باحثين وكتاب عرب أصدرت هذه المؤسسة " بيت المتوسط" عشرة كتب لعشرة بلدان متوسطية وتم التركيز في هذه الكتب على كيفية بروز المتوسط خصوصا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين مع تخصيص الجزء الثاني من كل كتاب لرؤية ذاتية لكل أديب معروف ليتحدث عن علاقته بالبحر وبالآخر، وقد طبعت هذه الأعمال في دار ميزوناف ولاروس، للأسف الجزائر هنا غائبة لنتعرف على رؤية مثقفيها للمسألة، تعمّدت في المراجعة لهذه الكتب العودة بالخصوص إلى رؤية العرب ومنهم التوانسة والمغاربة، فوجدت فكرة واحدة تكاد تسيطر على مفاصل هذه النصوص وهي أن المتوسطية دعا إليها رحّالة أو مصلحون أو أدباء منذ منتصف القرن التاسع عشر، ففي مصر نجد الطهطاوي ثم طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة المصرية"، في حين كانت كتابات المغاربة يتزواج فيها الحديث عن البحر كخطر وكمدخل للغزو والأوربي والسعي الدائم للتعاون وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع بلدان فرنسا واسبانيا، هذا التباين في الكتابة عن المتوسطية حين نعرضه كما هو نكون أقرب إلى الحقيقية التاريخية لكن حين نحاول تأويلاً مفسداً للمعنى وجرّ التاريخ إلى تأكيد رؤية سياسية وحاضرة يعتبر من قبل الإيديولوجيات وليس العلم، وهنا مفارقة بيينا وبين الغرب، فالرؤية السياسية هناك تصنعها المراكز العلمية والإستراتيجية ولك أن تقرأ عن الأرمادة من المفكرين والباحثين الذين يصنعون السياسة الأمريكية منذ منتصف الأربعينات من القرن الماضي واستغلال خبرة العلماء اليهود الذين هجّرتهم النازية، وكل وزارة خارجية أوربية لها مركز بحث وقواعد علمية دفاعية وهجومية معرفياً، من هنا سوف لن يكون لعلاقة الثقافي بالسياسي من توتر أو يؤول أحدهما الآخر تعسّفاً، بينما نحن طبعاً القواعد هنا هي الولاءات التقليدية والإرث التاريخي الثقيل وسيطرة المجموعات وليس المؤسسات، ويتم على المستوى الثقافي والعلمي تأويل متعسف وذاتي لكل قول نريد الآخر أن يسمعنا بالكيفية التي ترغبه أذنه أو العكس تماماً نقدم ذاتنا كرافضين له مطلقاً حين نكون مرتهنين لثنائية دار الكفر ودار الإيمان. مستويان من القول يشتركان في تقديم رؤية لا علمية ولا تاريخية لقيمنا وتراثنا وهويتنا، فبعضهم من المستوى الأول يتحدث بجمل "المصير المشترك" بيننا وبين الفرنسيين ويحاول النسيان أو يسعى جهداً لتصوير أن البحر المتوسط لم يكن مصدر خطر في تاريخ المنطقة العربية والمغاربية أو يكيّف حديثه حسب المضمون الذي يعطيه الآخرون لحوار الأديان والحضارات، وبالتالي سنكون أشبه بكتاب الحواشي على المتون.


تاريخ النشر : 09-07-2008

6130 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com