آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

النص والتراث  .  دراسات قرآنية

دراسات حديثية    |    الفقه و الأصول    |    العقيدة و الكلام

  •     

في رحيل المسيري واستئناف دور فلسفي في تفسير الظواهر

أحمد الحمدي



" شُـعَاعْ ":

" أَخْشَى مَا أَخْشَاهُ أَنْ تَبْدَأَ الأجْيَالُ القَادِمَةُ مِنْ نُقْطَةِ الصِّفْر!!".

المِسِيِرِيِرِحْلَتِيَ الفِكْرِيَّة، ص: 11).

نَمَا إليَّ خَبُرُ رَحِيِلِ المُفَكِّرِ المِصْرِيِّ البُرُوفِيِسُوُر عَبْدُ الوَهَابِ المِسِيِرِي فِي مَسَاءِ 3/7/2008م، عَنْ عُمْرٍ يُقَارِعُ السَّبْعِيِنَ عَاَمَاً، بَعْدَ صِرَاعِهِ مَعَ المَرَضِ الذِّي تَغَشَّاهُ مُنْذُ سَنَوَات، -وَالذِّي أَنْتَجَ فِيِهِ أَخْصَبَ أَعْمَالِهِ الَمَعْرِفِيَّةِ- فَكَانَ بِالنِّسْبَةِ لِيِ مُشَكِّلاً لِصَدْمَتَيْنِ: الأُوُلَىعَامَّة، وَهِيَ رَحِيِلُهُ الذِّيِ عَصَفَ بِمُحِبِيِهِ، وَدَارِسِي نِتَاجِهِ الفِكْرِي وَأَحْزَنَهُمْ، وَأَهَمِّيَةِ الدَّوْرِ الذِّيِ كَانَ يُؤدِيِهِ فِي الوَاقِعِ السِّيَاسِيِّ المِصْرِيِّ خُصُوُصَاً- عَبْرَ عُضْوِيَّتِهِ فِي حِزْبِ الوَسَطِ الإسْلَامِيِّ، وَتَنْسِيِقِهِ العَامْ لِحَرَكَةِ كِفَايَةْ- وَالثَّانِيَة: خَاصَّة: ذَلِكَ أَنِي كُنْتُ حَرِيِصَاً عًلَى إِنْجَازِ مُسَوَّدَةِ المَرْحَلَةِ الأُوُلَى مِنْ مَشْرُوُعٍ مَعْرِفِيٍ خَاصٌ بِالدِّرَاسَاتِ الفَلْسَفِيَّةِ الأوَّلِيَةِ، وَالسَّعْيُ لِبَلْوَرَةِ أَعْمَالٍ تُسْهِمُ فِيِ مَنْهَجِيَّةٍ عَرَبِيِةٍ إِسْلَامِيَّةٍ عَالَمِيَّةٍ، لِتَحْلِيِلِ الظَّوَاهِرِ، وَالمُصْطَلَحَاتِ المُرَكَّبَةِ. وَالتِّيِ وَافَقَ عَلَيْهَا، وَرَحَّبَ بِهَا، وَنَوَّهَ إِلَىَ أَهَمِيَّتِِهَا، بَعْدَ إِعْطَاءِهِ التَّصَوُّرَ العَام الشَّفَهِيَّ لَهَا، وَوَصْفِ الخُطُوُطِ العَرِيِضَةِ لِلِمَشْرُوُعِ لَهُ؛ لَكِنَّ سُرْعَةَ القَدَرِ كَانَتْ هِيَ الغَالِبَة! وَالقَدِيِرُ لَهُ فِيِ خَلْقِهِ مَقَادِيِر!.

قَفَزَتْ إِلَىَ سُوُحِ ذَاكِرَتِي عَطَاءَاتُ أَرْضِ العَطَاءْ، مِصْرْ! وَارْتَسَمَتْ فِيِ مُخَيِّلَتِيِ أَسْمَاءُ العِدِيِدِ مِنَ الرَّاحِلِيِنَ حَدِيَثَاً، مِنَ الَّذِيِنَ عَزَفُوُا يَوْمَاً مَا، أَحْلَىَ الأُّنْغُوُمَاتِ الفِكْرِيَّةِ، عَلَىَ وَتَرِ الوُجُوُدِ الإِّنْسَانِيِّ عُمُوُمَاً، وَالعَرَبِيِّ خُصُوُصَاً؛ إِلَّا أَنَّ اسْمَيْنِ مَا فَتِـئَا يَبْرُزَانِ جَلِيَّاً كَعَلَمَيْنِ كَانَتْ سِمَةُ الصَّنْعَةِ الفَلْسَفِيَّةِ هِيَ أَبْرَزُ مَظَاهِرِ نِتَاجِهِمْ، الأَوَّلْ: فَقَدْنَاهُ مِنْ قَبْلُ، إِنَّهُ الـ د.عَبْدُ الرَّحْمَنْ بَدَوِي، الشَّخْصِيَّة التِيِ- بِرَأيِ كِثِيِرٍ مِنَ البَاحِثِيِن- هَيْمَنَتْ بِجَدَارَةٍ عَلَىَ الفِكْرِ العَرَبِيِّ الإسْلَامِيِّ فِيِ المُنْتَصَفِ الثَّانِيِ مِنَ القَرْنِ العِشْرِيِن، وَ صَاحِبِ المَشْرُوُعِ الفِكْرِيِّ وَالفَلْسَفِيِّ الضَّخْم، وَالَّذِيِ لمَْ يَقْتَصِرْ فِيِهِ عَلَىَ الحَضَارَةِ العَرَبِيَّةِ الإسْلَامِيَّةِ فَحَسْبْ، بَلْ تَجَاوَزَهَا إِلَىَ غَيْرِهَا، الغَرْبِيَّةِ إِجْمَالَاً، واليُوُنَانِيَّةِ تَفْصِيِلاً،- واعْتُبِرَ وَاحِدَاً مِنْ أَهَمِّ دَارِسِيِهَا، وَمُتَرْجِمِيِهَا، فِي عَالَمِنَا العَرَبِيِّ الحَدِيِثِ وَ الُمَعَاصِرْ- تَأْرِيخَاً، وَفُنُوُناً. وَالَّذِيِ قَالَ فِيِ ذِرْوَتِهِ يَوْمَاً مَا:" غَايَةُ المَوْجُوُدِ أَنْ يَجِدَ ذَاتَهُ وَسَطَ الوُجُوُدْ!...وَوُجُوُدُ الإنْسَانْ نَسِيِجٌ مِنَ الوَاقِعِ وَالإمْكَانْ!"أ.هـ(الزَّمَانُ الوُجُوُدِيِّ، صَ:4-5)، وَمِنْ بَعْدِهَا قَالَ:" لِكُلِّ فِكْرٍ مُمْتَازٍ، حَيَاةٌ حَافِلَةٌ فِيِ الضَّمِيِرِ الوَاعِيِ المُتَطَوِّرِ لِلإنْسَانِيَّةِ"أ.هـ.(أَرِسْطُوُ عِنْدَ العَرَبْ، صَ:6).

وَالثَّانِيِ: هُوَ د.عَبْدُ الوَهَاب المِسِيِرِي، الَّذِيِ وَقَفَ بَيْنَنَا مِثَلَ " دُوُنْ كِيِخُوُتَهْ " يُحَارِبُ وَحْدَهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ فُرُوُسِيَّةَ الآخَرِيِنْ! حَيْثُ كَانَ يَغْزِلْ بِنَسِيِجِ مَقُوُلاتِهِ، وَعَبْرَهَا، ثَوْبَهُ الخَاصْ! فَكَانَ تَوَجُهَهُ تَصَاعُدِيَّاً فِيِ بِنَاءِ صَرْحِهِ الفِكْرِيِّ، مَا يَجْعَلْ بُذُوُرَ "الفَيْلَسُوُفِ المُبْدِعِ" تَبْدُوُ جَلِيَّةً فِيِ تَبَدِّيَاتِ تَطْوِيِرِ "النَّمَاذِجِ التَّفْسِيِرِيَّةِ" وَ"الرُّؤيَةِ التَّرْكِيِبِيَّةِ" لِفَهْمِ العَالمَِ، كُلّ العَالمَ، تَبْدُوُ فِيِ حَالٍ لَوْلَبِيَّةٍ لإدْرَاكِ أَبْعَادِ الظَّوَاهِرِ الإنْسَانِيَّةِ سَعْيَاً فِيِ "دَفَاعٍ عَنِ الإنْسَانِ" وَمُحَارَبَةٍ لِكُلِّ مُحَاوَلَاتِ "تَفْكِيِكِ الإنْسَانِ" وَتَسْلِيِعِهِ، عَبْرَ" عَلْمَنَتِهِ الشَّامِلَةِ، وَالجُزْئِيَّةِ" وَخِدَاعِهِ عَبْرَ أرْخَنَةِ" اليَّهُوُدِيَّةِ، وَصَهْيَنَتِهَا" بِرُكُوُبِ دِيِبَاجَاتِهَا الأُسْطُوُرِيَّةِ؛ وَالتِّي أَخَذَتْ حَظَّهَا الوَافِرْ مِنْ "رِحْلَتِهِ الفِكْرِيَّةِ" لِأَنَّهَا أَخَذَتْ نَصِيِبَ الأَسَدِ مِنْ هُمُوُمِ إِنْسَانِهِ العَرَبِيِّ وَالإسْلاَمِيِّ المُعَاصِرْ.

لَمْ تَكُنْ الخَارِطَةُ المَعْرِفِيَّة المِسِيِرِيِة، خَارِطَةً فُوُتُوُغْرَافِيَّة، تَرَىَ الوَاقِعَ فِيِ وَقَائِعِهِ الـمُتَنَاثِرَةِ وَالـمُـتَفَاصِلَةِ، وَلَا تَتَجَاوَزه، وَتَتَخَطَّاهُ، إلَىَ رُؤْيَةِ هَذِهِ الوَقَائِعِ مِنْ خِلاَلِ لَمِّ شَعَثِ مُحَرِّكَاتِهَا عَبْرَ "نَمَاذِجَ مُجَرَّدَةٍ" عَنْ أَكْوَامِ وَقَائِعِهَاَ بْعْدَ فَرْزِهَاَ، وَمَا ذَلِكَ إِلاَّ لِأَنَهُ يَرَىَ فِيِ العَقْلِ قُدْرَةً خَلاَّقَةً وَمُبْدِعَةً فِيِ عَمَلِيَّاتِ الدَّرْكِ، وَالفَرْكِ، وَالإدْرَاكِ، وَلَيَسَ صَفْحَةً بَيْضَاءْ، تُدَحْرَجُ عَلَيْهَا الصُّوَرُ الفُوُتُوُغْرَافِيَّةِ وَتُؤْخَذُ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَبْقَىَ العَقْلُ أًرْضَاً بَلْقَعْ!، وَإِنَّمَاَ كَانَ يُنَاضِلُ لِدَحْضِ هَذِهِ العَقْلِيَّةِ"الاخْتِزَالِيَّةِ" -- التِّيِ أصْبَحَتْ ظَاهِرَةً فِيِ الأكَادِيِمِيَّاتِ العَرَبِيَّةِ وَالإسْلاَمِيَّةِ عُمُوُمَاً، وَالتِّيِ يَصِفُهَا بِقَوْلِهِ:" رَمَادِيَّةٌ كَالِحَةٌ هِيَ هَذِهِ الـمَعْرِفَةُ الأكَادِيِمِيَّة، وَذَهَبِيَّةٌ خَضْرَاءْ هِيَ شَجَرَةُ المَعْرِفَةُ الحَيَّةُ المُوُرِقَةْ"أ.هـ(رِحْلَتِيِ الفِكْرِيَّة:صَ:332)، وَحَيْثُ أَدْرَكَ ذَلِكَ امتَدَّتْ اهْتِمَامَاتُهُ إلِىَ الأدَبِ، وَالفُنُوُن، وَكَتَبَ فِيِهَا، وَالقِلِيِلُ يَعْرِفُوُنَ أَنَّهُ نَاقِدْ مِنَ الطِّرَازِ الرَّفِيِعْ لِلنُّصُوُصِ، وَأَدِيِبٌ تَكْشِفُ فِيِ أَعْمَالِهِ مَلاَمِحَ الجَبَرُوُتِ الفِكْرِيِّ، -حَتىَّ إنِ اخْتَلَفْتَ مَعَهُ-، وَعِشْقُهُ لِلْبَرَاءَةِ، وَالطُّفُوُلَةْ.-- التِّيِ تَخْتَزِلُ الوَاقِعَ فِيِ وَقَائِعِهِ، وَعَنَاصِرِهِ الأوَّلِيَّةِ، حَيْثُ تَصِلُ فِيِ النِّهَايَةِ إِلَىَ "المَادِيَّةِ المُتَلَقِّيَةِ"الصَّلْبَةِ، وَالبَسِيِطَة،ِ وَالسَّاذَجَةِ، وَالتِّيِ بِدَوْرِهَا تَقْتُلُ فِيِ الإنْسَانِ أعْظَمِ مَصَادِيِقِ وُجُوُدِهِ! وَهِيَ المَسِيِرَةِ نَحْوَ السُّؤالاَتِ الكُبْرَىَ، وَالنِّهَائِيَّةِ، وَالمِصِيِرْ، لإنْسَانِ العَصْرْ!.

لَحْظَةُ "الانْبِعَاثِ القِيَمِيِّ وَالرُّوُحِيِّ وَالمَعْنَوِيِّ" التِيِ نَفَخَتْ فِيِ عَطَاءِ الحَضَارَةِ العَرَبِيَّةِ وَالإسْلاَمِيَّةِ الأوَّلْ، ظَلَّتْ مِحْوَرِيَّةً وَ"مَرْكَـزِيَّـةً" فِيِ الفِكِرِ المِسِيِرِيِّ، حَيْثُ إِنَّ صِيَاغَةَ العَقْلِ وَالرُّؤيَةِ وَالتَّصَوُّرِ لإِنْسَانِ هِذِهِ الحَضَارَة، شَكَّلَتْ رُؤيَتَهُ لِلْحَيَاةِ، وَالعَالَمْ. هَذِهِ الرُّؤية التِّيِ تُحَاوِلُ احْتِكَارَهَا كُلُّ الاحْتِكَارِيَّاتِ الشُّوُفِيِنِيَّةِ، وَالاسْتِبْدَادِيَّةِ، تَتَطَلَّبُ جُهْدَاً مُضَاعَفَاً لِفَهْمِ - الحَالَةِ الصَّهْيُوُنِيِّةِ إِحْدَىَ بُؤرِ أَزْمَةِ العَصْر- "الصِّرَاعِ العَرَبِيِّ الإسْرَائِيِلِيِّ" وَإِدْرَاكِ أَبْعَادِهِ فِيِ:"الخِطَابِ وَالمُصْطَلَحِ الصِّهْيُوُنِيِّ" وَالبَحْثُ عَنْ كَيْفِيَّةِ حَرَكَةِ وُجُوُدِ إنْسَانِ" الجَمَاعَاتِ الوَظِيِفِيَّةِ اليَهُوُدِيَّةِ" فِيِ أوُرُبَّا وَالغَرْبِ عُمُوُمَاً، وَاسْتِكْنَاهِ أسْبَابِ الوَحْشِيَّةِ وَالعُنْصُرِيَّةِ فِيِ"عُنْفِ الصِّهْيُوُنِيَّةِ" وَالبَحْثِ عَنْ "ماَهِيَّةِ اليَهُوُدِيِّ" المَوْضُوُعِ وَالمَحْمُوُلِ فِيِ آَنٍ مَعَاً. وَالتَّفْتِيِشِ عَنِ :"إيِدِيُوُلُوُجِيَّاتِهِ المَعْرِفِيَّةِ" وَكَشْفِ:" أكَاذِيِبِهِ الصِّهْيُوُنِيَّةِ"؛ وَالتيِ مِنْ ظِلاَلِهَا البَحْثُ عَنْ صِحّةِ نِسْبَةِ:" بُرُوُتُوُكُوُلاَتِهِ"مِنْ عَدَمِهَا؛ إضَافَةً إِلَىَ اسْتِنْطَاقِ رَوَافِدِ الحَضَارَةِ المُنْتِجَةِ لهَِذَاَ الشَّكْلِ التَّصْفَوِّيِّ الشَّرِسِ فِيِ:"حَدَاثَتِهَاَ، وَمَا بَعْدَ حَدَاثَتِهَِا"الغَرْبِّيَةِ.

فِيِ الوَجْهِ المُقَابِلِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُدْرِكَ أَسَبَابَ صُمُوُدِ إنْسَانِ"الانْتِفَاضَةِ إلَىَ حَرْبِ التَّحْرِيِرِ الفِلِسْطِيِنِيَّةِ" لِنَرَىَ مِنْ خِلاَلِهِ أنَّنَاَ أَمَامَ ظَاهِرَةٍ أكْبَرْ - فِيِ إطَارِهَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْهَمَ سِرَّ النَّفَسِ الطَّوِيِلِ لِصَاحِبِ المَكَانِ وَالزَّمَانِ-، هِيَ ظَاهِرَةُ الجِيُوُبِ الاسْتِيِطَانِيَّةِ الاحْلاَلِيَّةِ فِيِ كُلِّ مُسْتَعْمَرَاتِ العَالََمِ القَدِيِمِ، وَالحَدِيِثْ، التِيِ لَمْ ، وَلَنْ تُفْلِحَ فِيِ البَقَاءِ، إِلاَّ بِإِبَادَةِ البَشَرِ وَالخَضْرَاء!. وَهُوَ مَا يَضْمَنُ لهَاَ البَقَاءُ الأطْوَلْ؛ أَمَّا ضَمَانُ بَقَاءِ الكِيَانِ الصِّهْيُوُنِيِّ الطَّوِيِلِ الآنَ، فَإِنَّنَا لِكَيْ نَفْهَمَهُ يَنْبَغِيِ إدْرَاجُهُ فِيِ مَقُوُلَةٍ أوْسَعْ، حَتَّىَ لاَ نَسْقُطْ عِنْدَ تَحْلِيِلِهَا فِيِ:"إشْكَالِيَّةِ التَّحَيُّزِ المَفْهُوُمِيِّ"، لِتَكُوُنَ ذَاتَ مَقْدِرَةٍ تَفْسِيِرِيَّةٍ أعْلَىَ، وَذَلِكَ بِوَضْعِهِ فِيِ إطَارِ القُطْبِ الأكْبَرِ فِيِ عَالمَِ اليَوْمْ، بَعَدَ سُقُوُطِ الاتِّحَادِ السُّوُفيتيِّ، حَيْثُ يُمَثِّلُ هَذَا الجَيْبُ صَمَّامَ أمَانْ، وَمُشْكِلَةً أُوُرُبِيِّةً صَرْفَةْ، وَقَنْطَرَةً أمْرِيِكِيِةً، لِعُمْرَانِ الأرْضِ بِاليَبَابِ، وَوُجْدَانِ الشَّرْقِ بِالخَرَابْ!.

إنَّ التُّرَاثَ المِسِيِرِيَّ لاَ يَقْوَىَ عَلَيْهِ مَنْ أَلِفُوُا الكِتَابَةَ الإنْشَائِيَّةَ، وَالصِّنَاعَةَ الخِطَابِيَّة، وَإنَّمَا هُوَ نِتَاجٌ ثـَرٌ، يَفْتَحُ أَسْئِلَةً أكْثَرَ مِمَّا يُقَدِّمُ أجْوِبَةً، وَمَعْلُوُمَاتٍ مُعَلَّبَةٍ، قَابِلَةٍ لِلسَّرْدِ الجَدْوَلِيِّ، وَالاسْتِقْصَاءِ الاسْتِبْيَانِيِ. ذَلِكَ أَنَ حُقُوُلاً دِلاَلِيَّةًكَثِيِرَةً يَجِدُهَاَ قَارِئَهُ مُتَدَاخِلَةً، وَمُرَكَّبَةً مَعَ بَعْضِهَا البَعْضْ، تُطَارِدُ نَمُوُذَجَاً فِيِ تَشَكُّلاََتِهِ وَمُخَاتَلاَتِهِ غَيْرِ القَابِلَةِ لِلْخُضُوُعِ تَحْتَ وَطْأةِ عُلُوُمِ الطَّبِيِعَةِ، وَتَكْنُوُلُوُجيَا المَعْلُوُمَات؛ سَيَجِدُ القَارِئُ نَفْسَهُ أَنَّهُ أَمَامَ عَمَلٍ يُمْكِنُ أَنْ يُصَنَّفَ فِيِ: "عِلْمِ النَّفْسِ الاجْتِمَاعِيِّ الفَلْسَفِيِّ"وَ"عِلْمِ اجْتِمَاعِ المَعْرِفَةِ – اسْتِفَادَةً مِنْ مُحَاوَلاَتِ مَاكسْ فِيِبر-وَ"رُؤيَةٌ فَلْسَفِيَةٌ إسْلاَمِيَّةٌ تَمْخَرُ عُبَابَ الوُجْدَانِ وَالفُرْقَانِ الغَرْبِيِّ"- تَأثُرَاً بِعَبْقَرِيَّةِ عَلِيِ عِزَّتْ بِيِجُوُفِيِتْشْ- وَ" انْثُرُوُبُوُلُوجيَا ثَقَافِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ" وَ"جِيُوُبُلُوُتِيِكْ/جُغْرَافْيَا سِيَاسِيَّة"- تَأثُّرَاً بِضَلاَعَةِ جَمَالْ حَمْدَان- وَ" أنْطُوُلُوُجيَا تَارِيِخْ فَلْسَفَةِ الفِكْرِ اليُوُنَانِيِّ، مَا قَبْلَ سُقْرَاطْ، وَمَا بَعْدَهُ"- بَحْثَاً عَنْ تَحَوُّلاَتِ الفِكْرِ الإنْسَانِيِّ وَمُنْجَزَاتِهِ الَّتِيِ يُمْكِنُنَا الإفَادَةُ مِنْهَا فِيِ التَّأْسِيِسِ لِـ" حَدَاثَةٍ إسْلاَمِيَّةٍ إنْسَانِيِّةٍ" جَامِعَةْ-، لِذَا أَدْرَكَ هُوَ هَذَاَ العِبءْ، وَضَرُوُرَةِ السَّيْرُوُرَةِ نَحْوَ فَهْمٍ أكْثَرَ قُدْرَةً عَلَىَ التَّفْسِيِرِ الصَّائِبْ وَهُوَ مَا تَتَوَخَّاهُ النَّسَقِيَّةُّ الفَلْسَفِيَّة، مِنْ خِلاَلِ التَّذْلِيِلِ الكِتَابِيِّ لِلشَّبَابِ الطَّمُوُحِ فِيِ المَعْرِفَةِ، وَالأجْيَالِ الصَّاعِدَةِ، مَا حَدَا بِهِ لِوَصْفِ كَيْفِيَّةِ تَكْوِيِنِ الفُهُوُمِ، وَالتَّعَامُلِ الحَيِّ مَعَ العُلُوُمْ، بِشَجَاعَةِ عُنْفُوَانِ الفِكْرِ النَّاقِدِ لِنَفْسِهِ، فِيِ "رِحْلَتِهِ الفِكْرِيَّة من البذور إلى الجذور إلى الثمار" -- إلاَّ أَنَّ هَذَا العَمَلْ الُمفِيِدْ، يَحْتَاجُ إلَىَ تَوْصِيِفٍ مُخْتَصَرٍ بَألْطَفِ عِبَارَةٍ، وَأكْثَرِ كَثَافَة، تَذْلِيِلاً إيَّاهُ لِلمُبْتَدِيِ فِيِ قِرَاءَةِ المِسِيِرِي، وَتَقْرِيَبَاً لِمُحَاوَلاَتِه،ِ بِمَا يُسْهِمُ فِيِ يَقَظَةِ الفِكْرِ الُمعَاصِر؛ وَهُوَ مَا نَنْوِيِ القِيَامَ بِهِ فِيِ:" الغُصْنِ الأخْضَرْ: المَدْخَلْ إلَىَ إشْكَالاَتِ إنْسَانِ العَصْر:ِالِمِسِيِرِي مُتَسَائِلاً عَنِ وُجُوُدِنَا؛ ضِمْنِ مِحْوَرِ:" يَنَابِيِعٌ بَيْنَ يَدَيْك!: مِنْ سِلسلة: فِقْهِ الفِكْرْ "، كَجُزْءٍ مِنَ الدَّوْرِ التَّدْوِيِلِي، لِثَقَافَةِ تَوَاصُلِ الأجْيَالْ -- حَيْثُ يُشِيِرُ إلَىَ صَرَامَةٍ مَنْهَجِيَّةٍ مَفَادُهَا قَوْلُهُ:(ص:313،419،537،577):إنَّ" تَزَايُدَ المَعْلُوُمَاتِ لاَ يُؤدِّيِ بِالضَّرُوُرَةِ إلَىَ زِيَادَةِ المَعْرِفَةِ، وَالحِكْمَةْ!-وَإنَّمَا- العَقْلُ الإنْسَانِيُّ الوَاعِيِ، وَ الخَلاَّقْ، هُوَ الذِيِ يَحْتَوِيِ الوَاقِع، وَالأشْيَاء، وَيَتَخَطَاهُمَا!...وَمَا يُهِمْ لَيَسَ كَمُّ الـحَـَقائِقِ الذِيِ يُحْشَدْ، وَإنَّمَا طَرِيِقَةُ النَّظَرِ فِيِهَا، وَتَحْلِيِلِهَا!... وَالشَّرْطُ الأوَّلُ لِهَزِيِمَةِ العَدُوِّ، هُوَ أنْ تـَعْرِفَهُ حَقَّ الـمَعْرِفَةْ !!"أ.هـ.


تاريخ النشر : 17-07-2008

6308 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com