آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

التجديد والنهضة  .  قضايا التجديد

فلسفة التجديد    |    إتجاهات الإصلاح    |    التعليم و المناهج

  •     

التجديد الثقافي.. سبيل الوراثة الحضارية

نجيب بن خيرة



1 ـ التجديد الثقافي لماذا ؟

2 ـ  معالم الوهن الثقافي في عصورنا المتأخرة .

3 ـ خمائر التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر 

4 ـ التجديد الثقافي في مواجهة الاستبداد الداخلي و الاستتباع الخارجي.

5  ـ التجديد الثقافي مهمة الجميع

 

 

1 ـ التجديد الثقافي ..لماذا ؟

نسعى إلى التجديد لأنه سنة الحياة ، وقانون الطبيعة ، و لا يمكن دوام البقاء على التقليد ، فمن الواجب القيام بالتجديد والإبداع في هذا الجديد ، لتطوير الواقع وتغييره بمعايير وشرائط متوفرة وطرائق مختلفة .

وقد يكون من الأمور المطلوبة في اللحظة الراهنة إعادة النظر إلى الثقافة لا على أساس أنها مجالات النشاط الإنساني ، أو ميدان لصياغة منظومة المعرفة التي تتطلبها أسس التعامل مع قضايا الكون و الإنسان و الحياة . بل نسعى إلى إعادة التوجه صوب النظر إلى الثقافة كونها دعوة مستمرة للمعرفة و الفهم و الوعي بما يعود على جميع مجالات الحياة الإنسانية بالتنوير و التطوير و الإبداع ، إنها تلك القدرة الخلاّقة ، والطاقة المذخورة التي تمكن المرء من تحويل لطاقاته و إمكاناته إلى إنجازات و أفعال تصدر من المنابع و المصادر الأصلية لأي مجتمع من المجتمعات ، ومن هنا نرى الاختلاف  و التباين بين ثقافات الشعوب و الأمم ،  وهذا يعود أساسا إلى خصوصية هذه المجتمعات في مرجعياتها ومصادر المعرفة  عندها من عقائد وأخلاق ، وفنون وآداب وعادات  وأعراف .

على ذلك  فإن التجديد في ميدان الثقافة هو التجديد في الحياة الإنسانية كلها ، أليست السياسة هي ثقافة الحكم؟ ، وهل الصناعة و الزراعة .. وغيرها من مناشط العمل البشري إلا ثقافة .. تعبر عن الاتجاهات و القيم السائدة في مجتمع معين يعكس فلسفة الإنسان و فلسفة الجماعة ، وتشكل نسقا متكاملا ورباطا عضويا بين الإنسان الإطار الذي يحويه ،  والنظام الذي يحكمه ضمن مجتمعه  .

و لما كان التخلف و التقهقر في حياة الأمم هو تخلف بالدرجة الأولى في طرائق تفكيرها ، وأساليب تعاملها مع المذخور من ثقافتها ، وتنمية عوامل البناء في معمارها الفكري ، فإن التجديد في الميدان الثقافي هو الذي يجدد عافيتها في جوانب الاقتصاد المادي ، الذي يحقق بلا شك رفاهية الإنسان و يحفظ كرامته ، حيث لا قيمة للرفاهية المادية مع فقدان الثقافة التي تحفظ الكرامة ، وتطور الكفاءة ، وتنمي الذوق وتطلق القدرة على الإبداع . ولن يتم ذلك إلا في إطار التجديد الثقافي ..الذي هو في حقيقته اكتشاف لموارد المجتمع ، وطاقاته المذخورة ، وحسن توظيفها ، وتسخيرها ، وادخارها في صور استراتيجية ، ورؤية علمية للماضي و الحاضر  و المستقبل على حد سواء . وهو ما يحقق بدوره القيام بوظيفة الاستخلاف الإنساني ، و  العمران البشري.

ويمكن القول إن التخلف في المجال الاقتصادي المادي لا يمكن أن يوجد في مجتمع بمفرده متعايشا مع تقدم المجال الثقافي ، وإنما يأتي التخلف الاقتصادي و  السياسي و الاجتماعي نتيجة للتخلف الثقافي . ومن أبرز سمات هذا التخلف الثقافي هو عدم القدرة على تشخيص علل الحضارة وأدوائها التي أصابت الجسم الصحيح ، وحولته إلى هيكل بال من العظم و العصب ، تنخره الجراثيم الوافدة ، فتحول عافيته إلى هُزال بادٍ.، وسقوط  ليس له قرار . وعلى حد قول المفكر الكبير مالك بن نبي رحمه الله : " فإن المشكلة عند كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية ، ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية ، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها ، وما الحضارات المعاصرة ، والحضارات الضاربة في ظلام الماضي و الحضارات المستقبلية إلا عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر القرون إلى نهاية الزمن " . ([1])

و الحضارة في جوهرها ثقافة تنبت  وتنمو وتزدهر ، ثم تذبل وتضعف ، ولكنها لا تموت وتفنى ، بل هي دائمة الحاجة إلى من يرعى النبت الذابل فيحيا ، ويشتد عوده ، ويؤتي أكله كل حين بإذن ربه . و لن يكون عطاء الثقافة فعالا ومستديما ما لم نوثق الصلة الضرورية بين الفرد و عالم الأفكار و عالم القيم التي يضبط هذه الأفكار بمعاير قيم الوحي الأعلى وهدي الصراط المستقيم .

 " ويؤكد علم اجتماع المعرفة أهمية ( التراكم ) كعملية ضرورية لنمو الثقافة ، إذ أن كل ثقافة تمثل في فترة ما مجموع العناصر المادية و المعنوية التي تجمعت لدى الأجيال الراهنة ومع الزمن تضيف هذه الأجيال خبراتها و عطاءاتها و إبداعاتها الجديدة .. فتطوير المجتمعات الإنسانية بالثقافة وشؤونها وآفاقها ليست مسألة ترفيه أو كمالية، وإنما هو من صميم الوجود الإنساني ، لأنه هو الذي يغرس القيم و المبادئ التي تنظم علاقة الناس و أدوارهم ، وتجعل لحركتهم هدفا ومقصدا ، وتبعدهم عن كل أشكال العبثية و الفوضوية، وتدفعهم باتجاه الأمور العظيمة " . ([2])

 

2 ـ معالم الوهن الثقافي في  عصورنا  المتأخرة

مما لاشك فيه أن "الإسلام الدين" واحد ثابت في أصوله وأركانه في عقيدته و شريعته ، إنه واحد وثابت لأنه " وضع إلهي " وليس ثمرة للفكر البشري الخاضع لتطور الاجتماع و تبدل  الملابسات و تغير الظروف و الحضارات .. ثم هو قد اكتملت له أصوله وأركانه منذ أن أوحى شارعه إلى رسوله عليه الصلاة و السلام آية قرأنه الكريم: " اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا " . ([3])

وهذا التوجه وهذا الثبات في الإسلام الدين غير قائمين ولا مطردين في الفكر الإسلامي الذي يشمل كافة التطبيقات الدنيوية لكليات الدين ولقواعده المرنة ، وقوانينه العامة التي جعلها أطرا تحكم الإبداع الإنساني في أمور الدنيا ، وقضايا الحياة الدائمة التطور بحكم سنن الله ، وبضرورات إعمار الكون الذي أبدعه الله و استخلف الإنسان كي يبدع فيه ، وهذا التمايز بين الدين الإسلامي و بين فكر المسلمين و تصوراتهم في التطبيقات الدنيوية يحتاج دائما وأبدا إلى التجديد الذي يعود بالفكر الإسلامي إلى المنابع الأصلية و الأصيلة للإسلام ، حتى لا يؤدي تراكم الشوائب و الزوائد و البدعو الخرافات إلى رقة الخيوط التي تربط فكرنا الإسلامي بمنبعه الديني الأصيل ، فتهدد هذه الخيوط مخاطر الانقطاع . ([4])

و الحقيقة أن هذا التجديد يهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين العقيدة التي هي أصل ثابت و بين مقتضياتها و التي هي القيمة الحضارية الجوهرية للدين عند المسلمين . وهذا التواصل و التوافق يجعل المجتمع المسلم هو المجتمع المسلم هو المجتمع المتحضر مهما يكن نصيبه ضئيلا من العمارة المادية للأرض ، وتجعل العقيدة جوهر الحضارة بما يشع منها و يرتبط بها من قيم وأخلاق .

وقد حاولت حركات تجديدية كثيرة في تاريخنا الحديث ربط ما انقطع من هذا التواصل ، وتصحيح ما انطمس  من معالم الحق ، وركز الغزو الصليبي في العصر الحديث بصفة خاصة على الجانب الثقافي ، لأن الجانب العسكري لم يعد الميدان الوحيد لاحتواء العالم الإسلامي ، ولم يكن في وسع الحملات الصليبية الجديدة أن تكرر مسيرتها الأولى إلى بيت المقدس من طريق الشرق ، لأن الدولة العثمانية الفتية لم تكن واقفة لهم بالمرصاد فحسب ، بل كانت بكل حيويتها العارمة تتوغل في شرق أوربا بقوة كاسحة لا يقف أمامها شيء . " و الحق أن العسكرية التركية كانت وراءها عاطفة دينية هائلة دوّخت أوربا وروعتها ، ومكنت رجلا كالسلطان سليمان القانوني أن يقودستة عشر زحفا داخل العالم النصراني  حتى وصل إلى "فيينا" عاصمة النمسا . لقد نسي الأوربيون العرب وفتوحهم الأولى ، ورأوا أنفسهم وجها لوجه أمام خصم آخر شديد المراس ، قوي الشكيمة حتى لأصبحت كلمة " تركي " يُخوّف بها الأطفال كما يخوفون بالعفاريت و الأوهام .

ويجزم المؤرخون المنصفون بأن ظهور الخلافة التركية هو الذي جمد الزحف الصليبي وحمى فلسطين و الشرق الأوسط من حملات أخرى لمحو العروبة و الإسلام".([5])

ولقد أحست الأمة الإسلامية باليتم الروحي و السياسي بعد انتهاء هذه الخلافة الصورية و انقطع الخيط الذي انتظم عشرات الشعوب ، وأحس المسلم على شاطئ الهند أو الأطلسي أو في وادي النيل إو في شمال افريقيا أنه غريب متوحش ، يتلمس ولاء جديدا يربطه بأي شيء إلا بالإسلام .

و لايجب أن نخجل من إحصاء أسباب انهيار ثقافتنا إذا  كنا نريد البُرء  من الداء العضال . و يمكن القول إجمالا أن سبب ذلك يعود إلى :

1 ـ التصوير الجزئي للإسلام :فمنذ بدأت الثقافة الإسلامية و الإيمان أركان ونوافل وأصول و فروع وأعمال قلبية و أعمال جسمية . و الذي حدث عند بعض الناس أن جزءا ما من الإسلام يمتد على حساب بقية الأجزاء كما تمتد الأورام السرطانية الخبيثة على حساب بقية الخلايا فيهلك الجسم كله .

وهذا التورم الذي يصيب جانبا دينيا معينا هو السر وراء فقهاء لهم فكر ثاقب و ليست لهم قلوب العابدين ، ومتصوفين لهم مشاعر ملتاعة و ليست لهم عقول الفقهاء ..وهو السر وراء محدثين يحفظون النصوص و لايضعونها مواضعها و لا يجيدون الاستنباط منها . ([6])

و الثقافة الإسلامية حملت معها للأسف مخلفات القرون الماضية بما فيها من قوة وضعف ، واستقامة وعوج، و أخلاطا لاحصر لها من أفكار ومذاهب تفتقر إلى التمحيص ، وتفرض علينا ميز الخبيث من الطيب . و يمكن أن نورد في هذا المقام جملة من الملاحظات حول هذه الثقافة الموروثة لآنها وراء المد و الجزو الذي تعرضت له الأمة في عصورها المتأخرة :

أ ـ " إن الثقافة الإسلامية حين اتجهت إلى امتداح الماضي أصبحت ثقافة أثرية لا يتجه العمل الفكري فيها إلى أمام بل ينتكس إلى وراء ، وكان هذا الاتجاه الناكص المسرف سببا في انطباع التعليم كله بطابع دارس لا يتفق ومقتضيات الحاضر و المستقبل و بذلك أصيبت الأفكار بظاهرة التشبث بالماضي ، كأنما قد أصبحت متنفسا له " .([7])

ب ـ انفصال القيادة الفكرية عن القيادة السياسية وقد مثّل هذا الانفصام التربة الخصبة لأمراض الأمة اللاحقة و التي جعلتها اليوم تقف فكريا وماديا مبهورة الأنفاس ، عاجزة عن التحدي الحضاري الذي تواجهه .. كما أدى الفصام النكد إلى عزل القيادة الفكرية عن المسؤولية الاجتماعية و الممارسة العملية ، وهذا بدوره كان العامل الأساس و الأهم خلف عجز العقل المسلم وضموره ، حتى انزوى في أروقة المساجد وبين طيات الكتب النظرية و التاريخية . ([8]) ، مما سمح للسلطان السياسي بالقهر و الاستبداد ، وتطويع كل شيء تصل إليه يده لخدمة مصالح السلطة وأعوانها ، وهذا يجعل العلماء و المثقفين ينكفئون على ما في أيديهم في صحون المساجد ، ويعيشون حواشي لذوي السلطان وهوامش على صفحة الحياة .

" ومنذ انفصام القيادتين السياسية و الفكرية وعزلة القيادة الفكرية و الأمة وحركتها الاجتماعية و الحضارية لا تعيش إلا على بقايا البناء و الهياكل و السياسات الاجتماعية الكبرى التي أرساها الصدر الأول لتستمر في تناقض مع معاول الانحراف السياسي و الفكري و الحضاري الذي يسري في جسد الأمة وقيادتها السياسية و الاجتماعية إلى جانب تغيُّر الأحوال وتبدل المجتمعات و التحديات حتى لم يبق من البناء الإسلامي التاريخي إلا رسومه وهياكله ، ولا تكاد تستبين له من وصف إلا فيما تنطوي عيه القلوب من عواطف أو مما يمارسه الناس في بعض أحوالهم الشخصية من طقوس وتصرفات " . ([9])

2 ـ موقف المسلمين من الدنيا : إن الله لا يعرف بدراسة ذاته فهذا مستحيل ، وإنما يعرف بدراسة ملكوته الضخم ، واستجلاء الآيات الدالة عليه هنا وهناك لا بأسلوب شعري هائم ، ولكن بأسلوب علمي صارم . وذلك هو منهج القرآن الكريم ..وقد ولدت الملاحظة و التجربة في البيئة الإسلامية ، وكان يمكن أن تترعرع وتؤتي ثمارها إلى آخر مدى لولا الانحراف الذي أصاب العقل الإسلامي  بالتقعر فيما وراء المادة ، ويستحيا مع الجهل بالحياة وقوانينها أن يقوى الإيمان ويستوي على الطريق .

وكما ينتفع الناس بالحياة الدنيا لذواتهم ينتفعون بها في دعم أفكارهم وتأييد مبادئهم وقيمهم ،فالكف العزلاء تخذل الحق ، و السلاح التافه يجر الهزيمة .

وفي الحملة الفرنسية على مصر في القرن الثالث عشر للهجرة ـ التاسع عشر للميلاد ـ كان الفرسان الشجعان يذوبون أمام المدافع الحديثة و الذخائر الخبيثة ، وكانت خبرة الفرنسيين بالحياة وعلومها وكشوفها تساعدهم على التوغل بقدرة ، وترغم الأحرار على الفرار أو الموت الرخيص.([10])

3 ـ ثقافة " الجبرية " كانت وراء الوهن الثقافي الذي أصاب العقل المسلم في الأعماق ، فقد مضت قرون على أمة الإسلام وأغلبها يرى أن الطاعة و المعصية و الغنى و الفقر حظوظ مقسومة ، وأنصبة مكتوبة ، وأن المرء مُسيّر لا مُخير ، ونشأ عن ذلك أن الشخصية الإسلامية اهتزت وسيطر عليها لون من التسليم و السلبية ، والسبب في ذلك علم الكلام و التصوف ، وبعض مفسري القرآن و شُراح السنن .

فمذهب الأشعري الذي اعتنقه جمهور المتأخرين يتحدث عن المسؤولية الشخصية بأسلوب غامض ، لا تتضح معه عدالة التكليف ، حتى قال الظرفاء فيه : " أخفى من كسب الأشعري " !!.أما بعض الصوفية فقد محقوا الإرادة البشرية وجعلوا الإنسان مشدودا بخيوط إلهية إلى مصيره المجهول أو المعلوم..

وكذلك فعل بعض علماء التفسير و الحديث وهو يشرحون النصوص المتصلة بالقدر .([11])

ومن كل هذا نفهم أن هذا المناخ الثقافي المغشوش سيطر على العقل الإسلامي ردحا من الزمن ، ولا تزال رواسب هذا المناخ حاضرة حتى اليوم بالرغم مما تعاقب عبر تاريخنا من محاولات التجديد و الإصلاح و التغيير .

4 ـ تعرض التاريخ الإسلامي لحملات التشويه و التحريف و التزييف ، ويمكن أن نلمح الخطوط الفكرية لهذا التشويه ـ الذي أوهن الثقافة التاريخية عند المسلمين ـ في النقاط التالية :

 أ ـ إبراز خط الانحراف في التاريخ الإسلامي ، وإخفاء الجوانب البيضاء من الصورة ، مما يعطي إيحاء خبيثا بأن الإسلام لم يعش إلا فترة قصيرة من الوقت وأنه ليس فيه من المقومات ما يعطيه أستمرارية الوجود، وليس فيه ما يستحق الحرص عليه بل ينبغي نبذه والانسلاخ منه . ([12])

ب ـ التركيز على تشويه فترتين اثنتين من تاريخنا الإسلامي خاصة فترة صدر الإسلام وفترة الدولة العثمانية لسببين مختلفين ، وإن كانا يلتقيان في النهاية عند محاولة سلخ الأمة وتوهين صلتها بدينها .

فأما فترة صدر الإسلام فلأنها موضع الفخر والاعتزاز الشديد لدى كل مسلم ، وهي التي حفظت للإسلام حيويته على مرّ القرون رغم كل ما أصابه من الكوارث في الداخل و الخارج . ففي كل جيل من أجيال المسلمين يوجد من تهفو نفسه إلى تلك الفترة الفذة ، فيحاول أن يعيد تحقيقها في نفسه أو فيمن حوله ، فيمتد خط الإسلام و لاينقطع وينبعث في كل مرة بعد الغفوة و الجمود .

أما بالنسبة للدولة العثمانية و السلطان عبد الحميد خاصة ،فإن عبد الحميد قاوم أوربا مجتمعة للقضاء على الدولة العثمانية ، ولأنه رفض إعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين فسودوا صفحات تاريخه وحكمه ([13])

ج ـ إثارة العنصريات وتعميقها بين العرب و البربر و الأتراك و الفرس بهدف إضعاف روح الإخاء الإسلامي ، وهو يتذرعون لذلك بإحياء النزاعات و الخلافات بين هذه العناصر الإسلامية .

د ـ تشويه منصب الخلافة الإسلامية ورميه بأبشع الصفات وإعلان حرب دائمة عليه بعد زواله ،وقد كانت اتفاقية " كرزون" المبرمة ضمن مؤتمر " لوزان " 24 يوليو 1924م متضمنة في بندها الأول : إلغاء الخلافة الإسلامية نهائيا من تركيا ، وفي بندها الثاني أن تقطع تركيا كل الصلة بالإسلام.([14])

 

3 ـ خمائر التجديد في الفكر المعاصر:

لا شك أن حركات إصلاحية وتجديدية في بعض البلدان العربية سبقت حركة الأفغاني ( 1838 ـ 1897م )، وركزت على العيوب الداخلية من منطلق الدين وتعاليمه ، لكن روادها لم يلتفتوا إلى ما جدّ في العالم من تطورات  وما قطعه الغرب من أشواط في ميدان التقدم و المدنية فظلت نظرتهم التجديدية أحادية الجانب مشغولة بهموم الداخل ، ولا تمد بصرها إلى آفاق العالم الإسلامي الرحبة ،تصف العلاج لأدوائه الفاتكة ، وتقدم البدائل لأنظمتها الغاربة .

وقد اعتمد الأفغاني في مشروعه التجديدي على إعمال العقل في حركة متوازنتين : الأولى ستؤدي إلى الاجتهاد في الدين والأخرى إلى إصلاح ديني ينقي العقلية الإسلامية مما يسهم في تهيئتها لقبول الإقتباس العلمي من الغرب للنهوض المادي .

وقد حدد الأفغاني ستة عوامل تمثل مقومات تحقق النهضة في العالم الإسلامي  هي : الأخذ بالعلم و العقل على المستوى الثقافي ، وتحقيق الحرية و المساواة على المستوى الاجتماعي ، و العدل و الشورى على المستوى السياسي ، وإذاكانت هذه العوامل هي التي أحدثت النهضة في الغرب ، فإنها تُعدّ عقيدة وشريعة في الإسلام . ([15])

أما الشيخ محمد عبده (1849 ـ 1905) فقد اهتم بتحرير العقل المسلم من أسر التقليد ، وربطه بالمنابع الإسلامية الصافية ، وآثر التجديد و الإصلاح على المستوى التعليمي التربوي وحدد هدفه من الإصلاح في " فهم الدين على طريق سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف ، والرجوع في كسب معارفه إلى منابعها الأولى ، واعتباره ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه ، وتقلل من خلطه وخبطه ، لتتم حكمة الله في حفظ نظام العالم الإنساني ، وأنه على هذا الوجه يعد صديقا للعلم باعثا على البحث في أسرار الكون ، داعيا إلى احترام الحقائق الثابتة ، مطالبا بالتعويل عليها في أدب النفس وإصلاح العمل ". ([16]).

ومن بعدهما خرج الشيخ محمد رشيد رضا (   1865/1935م  ) بحقيقة واضحة وهي أن الإصلاح و التجديد عن طريق السياسة أدنى وأسرع ، وأن الإصلاح عن طريق التعليم أثبت وأدوم ، وأن كل منها يفضي إلى الآخر لذا مزج بين المنهجين.([17])

إن فكر هؤلاء المصلحين بلور الاستجابة الراشدة لتحديات العصر وذلك عن طريق اكتشاف توازنات جديدة داخل الفكر الإسلامي بما يحقق الدعم القيمي لأفراد هذه الأمة ، وبما يعزز فاعليتهم وأداءهم في طريق النهوض الشامل .

وبدأت فعلا محاولات جادة لمعالجة علل الحضارة التي أصابت المسلمين وحولتهم من صناع للحضارة إلى متسولين لحضارة الآخر بكل قيمها وتشريعاتها وطرائق تفكيرها .

وإذا كنا لا نستطيع أن نحدد بدقة اللحظة التاريخية التي ولد فيها مصطلح التجديد فإننا وجدنا أن في الثلاثينيات من القرن الماضي كتب الشيخ أمين الخولي مقالا عام 1933م في مجلة الرسالة عدد13 تحت عنوان " التجديد في الدين " ثم كتب المودودي سنة 1978 كتابا باللغة الأوردية " موجز تجديد الدين وإحيائه " ذلك لأنه حتى منتصف الخمسينيات كان مصطلح "التجديد" مازال هامشيا ومصطلح "الإصلاح"كان هو الممثل للخطاب الإسلامي المتحدي للأزمة المعاصرة .

كما كتب محمد إقبال " تجديد الفكر الديني في الإسلام" بترجمته العربية ، وكتاب عبد المتعال الصعيدي " المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر " اللذين صدرا عام 1955م . ([18])

وتوالت كتابات كثيرة في هذا السياق تحاول تجديد روح الإسلام في نفوس أتباعه متخذة " التاريخ " عُدّة هذا التجديد ، ومُقررة أن العالم خسر توازنه ووجوده عندما تخلّف المسلمون حملة الوحي الأعلى الصحيح، وأصحاب العقيدة الواضحة ، والتشريع الكفؤ ، و الطاقة الروحية المتجددة لإلحاق الرحمة بالعالمين وتحقيق السعادة للبشر في المعاش و المعاد .

وقد كتب الشيخ أبو الحسن الندوي كتابه " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟ " قدم فيه صورة مشرقة لـ " تاريخ المسلمين " ومظلمة للغرب وحضارته ليقول : " إن الأحق بقيادة العالم هم المسلمون و العرب خاصة " ، ويرى البعض أن محاولته تلك ينبغي أن تقرأ في سياقها الزمني التاريخي ، ومن ثم وجدنا بعض المقدمات التي كتبت للكتاب تقرأه  من زاوية " إعادة الثقة للمسلمين بأنفسهم وماضيهم ورجائهم بمستقبلهم " وربما فهمت محاولته في أحد وجوهها على الأقل على أنها حالة من الارتداد إلى التاريخ و الاحتماء به في مواجهة العصر ، ما عكس حالة من العجز عن التعامل مع الواقع . ([19])

إن طرح سؤال ماذا خسر الآخر ؟ سؤال فيه تجاهل للفجوة الحضارية الحاصلة بيننا و بين الآخر (الخاسر ) و ربما يعتبر أننا ما نزال في مركز الحضارة ، أو أن مجرد وجود " الإمكان الحضاري " أو المقومات الحضارية كاف ليؤهلنا لأن نعود لمركز الحضارة ، ونتحدث عن الوراثة الحضارية ، والدور الحضاري ، والبناء الحضاري .

وقد اعتاد المؤرخون المحدثون للفكر المعاصر أن يسقطوا من حسابهم المفكرين الإسلاميين في هذا الميدان ، وخاصة بعد الشيخ محمد عبده ، ورشيد رضا ، ويقصرون متابعاتهم عند أحمد لطفي السيد ، وطه حسين ، ومحمد حسين هيكل ، وعباس العقاد ... "ممن لا يمكن حسابهم ضمن التيار الإصلاحي بالمعنى الضيق لذلك ، إلا أن انصرافهم للتأليف في التاريخ الفكري للإسلام و الشخصيات الإسلامية البارزة ، هو إحساس منهم بالحاجة لإعادة استكشاف الهوية الخاصة ، وإظهار الندية في مواجهة التاريخ الفكري وأدب التارجم و السير الذاتية الغربيين اللذين ازدهرا في حقبة ما بين الحربين . " . ([20])

و لا نكاد نجد في شجرة الفكر السياسي و الاجتماعي التي يرسمونها إشارة مناسبة للشيخ محمد مصطفى المراغي ، أو الشيخ محمود شلتوت ، و الشيخ مصطفى عبد الرازق ، و الشيخ حسن البنا ، و الشيخ عبد الحميد بن باديس ، ومحمد فريد وجدي ، وتقي الدين النبهاني ، والمودودي ، وسيد قطب ،ومصطفى صادق الرافعي ،  ومالك بن نبي،  ومحمد الغزالي ..و العجيب أنهم يبحثون لهذا الإسقاط و التجاهل لمدرسة فكرية بكل خصائصها ومميزاتها وأعلامها  بتسويغ هذا الاستبعاد على أن أعلام هذه المدرسة ليسوا إلا أعلام مدرسة فقهية ، أو مدرسة لتفسير القرآن ، أو تربية للنشء ، وتقويم السلوك ، ليس إلا ! ،ولا يهمها في الأساس إلا تدقيقات الاستدلال ، وطرائق علماء أصول الفقه ، ونهجهم التقعيدي و القياسي .. ولا علاقة لهذه المحاولات الأولى بعالم الأفكار التجديدية ،وبرامج الإصلاح الشامل في مواجهة الهجمة الغربية في شقيها الثقافي و التقني .

والحقيقة أنها مدرسة إصلاحية إسلامية ذات اهتمام شامل ، وأطروحات تنظيمية للمجتمع و الاقتصاد و السياسة و الأخلاق ، مع تأصيل الوعي بالذات وإقرار التمايز ، واستيعاب المتغيرات و العمل داخل السياقات المعرفية للعالم المتغير .

 

4 ـ التجديد الثقافي في مواجهة الاستبداد الداخلي و الاستتباع الخارجي:

صحيح أن المثقف هو الذي يريد أن يوصل إلى الآخرين وعيه وإدراكه وفهمه للأشياء و العالم ، ومن حق هذا المثقف أن يحلم بعالم أفضل ، ويسعى للدفاع عن الحقوق و الحريات و يستميت في الدفاع عن القيم للنهوض و التقدم والارتقاء ، وهذا لا يعني أن سبيله مُعبد ميسور بل هو مشحون بالعراك السياسي و الاجتماعي ، ومن ثم كانت النخب الثقافية عبر التاريخ تقدم تضحيات جسام في سبيل تحقيق الرقي الاجتماعي و الثقافي ..ولكن إذا كان كل ما حول هذه النخب الثقافية يشد إلى تحت ، ويسحب بساط الثقة من تحت أقدامها بل ويزهد في التعاون معها فإن المشهد كما نراه يعكس حقيقة الواقع .

قد يكون المجتمع معذورا عندما لا يرى ثمار الثقافة و المعرفة تتجسد في المزيد من الرقي الفكري و الشعوري و السلوك الراشد ، مع فتح الآفاق الجديدة للعمل الدؤوب ، إنهم لن يُقبلوا عليها ، ولن يُضحوا بشيء من أجلها.

ولعل سبب هذا الزهد في الاندماج الثقافي ، والشغوف بالمعرفة هو التهميش الذي يعانيه المثقف، و الغربة التي تعصف بطموحاته وآماله فهو إما أن يؤدلج ثقافيا . فتصبح جميع المناشط الثقافية عبارة عن نزعات موسمية ومهرجانية تخطط لها السلطة بل وتفرضها بالقوة حينا ، أو توعز إلى  زبانية الثقافة بالإشراف عليها أحيانا أخرى ، ومن ثم تتعود الجماهير هذا النمط من الفعل الثقافي فتصبح مع مرور الوقت مهيأة لقبول هذا الاستبداد أو متواطئة للتعايش معه . !

هذا يحصل في الأجواء التي تصنعها نخب السلطة ، وتنفذها سلطة النخب ، مما يضفي على الأجواء الثقافية روح العراك و التراشق و التلاحي .. بعيدا عن البناء و الإعمار .

وفي ظل هذه الأجواء أيضا تُمرر النخب الثقافية المفتونة بالثقافة الغالبة ـ مؤقتا ـ مشاريعها ، وتلتف حول ثوابت الأمة ومقدساتها لتهوي بها في مكان سحيق ، ضاربة عرض الحائط بخصوصيات الثقافة ، وحساسيات المجتمع ، ومشاعر المواطنين في باقي الوطن ـ على حد تعبير أصحاب الأرصاد الجوية !!.

ومن ثم فإن الثقافة الأصيلة المتجذرة في خصوصيات الأمة تَجْفُلُ من الثقافة الطارئة الغريبة وهذا بدوره يؤدي إلى نوع من الانشطار الثقافي يوهن الجميع ، والوهن يأتي في الظرف الذي تشعر فيه الأمة بتحقير الذات وعقدة النقص اتجاه الآخر . ويزول حين يرتقي الشعور بالذات إلى الشعور بالقدرة على النهوض من جديد ، ولن يتأتى ذلك إلا بالوعي وتقدير القوة الكامنة و الطاقة المبدعة ، وحينئذ يحصل ما يسمى بالتبادل الثقافي الواعي .

و الحقيقة أن مصادرة الثقافة المحلية وعدم وجود سياسية تثقيفية واضحة مما جعل المواطن يقرأ القراءة الملونة المجزأة ، وهذا اللون من التثقيف لا يتيح للمرء الشعور بمباهج المعرفة ، ولا يساعده على التقدم المعرفي ، لأنه يتعامل مع معطى ثقافي مزدوج لا يكاد يتبين فيه الأصيل من الدخيل ، والغريب أن فئة (الأنتلجانسيا)!في بلادنا ليس لها مشروع ثقافي يفتح الأعين على النافع من ثقافة الغرب من ( التقانة ، و المنهجية ، و التنمية البشرية ....). للأسف أن هذه النخب ألفت التقعر بمعرفتها للأطر العامة للثقافة الغربية ، وتتغنى بإلمامها بتراث أعلامها ، وهضمها لأنساقها المعرفية المختلفة،  و الحق أن هذا المسلك المريب لا يؤسس إلا لثقافة تحترف الإفتتان بكل بريق ظاهر ، ولا تُعنى بالجوهر المخبوء.

تأمل جميع برامج الأحزاب السياسية في بلادنا ـ سواء العملاقة منها أو القزمة ـ فلن تجد برنامجا واحدا يخلوا من أدبيات المشروع الثقافي ، والتنمية الثقافية ...إلى ما هنالك من المصطلحات . ولكن عينك لاتقع أبدا على مجلة للثقافة يصدرها هذا الحزب أو ذاك . بل إن بعض أعضاء هذه الأحزاب ممن كانوا ينتمون إلى النخب الثقافية ، وملأوا الدنيا جؤارا للتنديد بالخواء المزري الذي تعانيه الساحة الثقافية في بلادنا لا تجد لهم ذكرا في ميادينها اليوم ،وراحوا يلهثون وراء العلاقات الشخصية ، وتعويض الفقر المادي الذي حرموا منه ، و السعي وراء ضمان مستقبل أولادهم ـ على حد تعبير أحدهم ـ بعيدا عن هموم أمتهم ، وطرح قضاياها المصيرية و التحديات التي تواجهها.

 إن الاقتباس المعرفي و الثقافي لا يعني استعارة المشروع الحضاري لأمة من الأمم الأخرى ، وإنما يعني الانفتاح الرشيد و التواصل الإنساني القويم المتجه إلى استنفار كل طاقات الذات وإمكاناتها في سبيل هضم منجزات العصر ، وإدراك متطلباته  و الحصول على تقنياته على قاعدة العلم و المعرفة بها لا على قاعدة الانبهار النفسي بها ، لأن الانبهار النفسي هو الذي يلغي كل عوامل التفاعل الخلاق مع التقنية و المنجز العلمي الحديث ، ويشير كتاب "هل اليابانيون غربيون الصادر عام 1991م إلى نمط الاقتباس المتبع عند اليابانيين بقوله : أن الأشياء و الأفكار الغربية كانت تدخل إلى الجماعة بعد أن يتم استيعابها وهضمها أولا ثم تحويلها إلى مادة يابانية " .([21])

وإذا  كان "إقلاعنا الحضاري "  هو طوق نجاتنا من مخاطر هذا الاجتياح فإن لذلك " الإقلاع " سننا وقوانين ، ممكنة التحقيق ، ولسنا بإزاء عاهات مزمنة ، تثمر " جبريات وحتميات " يستحيل تجاوزها ، والشفاء من أمراضها . .([22])

إن الاستبداد الداخلي مهّد فعلا للاستتباع الخارجي ، وقد سيطر أصحاب الفكر المؤدلج قسرا مستغلين راهن التشرذم السياسي و الجمود الثقافي لتدس وتدعم قوى تعمل من داخل النسيج الاجتماعي المحلي ، مع التصنع في الولاء  لمكونات الهوية الثقافية . مع العمل سرا و جهرا لإلحاق الداخل بالخارج ، وإلغاء الذاتية الإنسانية المحلية " فيما يشكل ردة نحو طغيان الممارسات الهمجية الضيقة الأفق التي شاعت قبل أن تكون المجتمعات الإنسانية الحديثة " . ([23])

إننا لا نسد الأبواب أمام تلاقح الأفكار بغض النظر عن المرجعيات و الأصول و المنابع الأصلية ، ولكن التفاعل ينبغي أن يكون تفاعلا بناء وتطويرا لا مماحكة وسجالا عقيما ، مما يغذي الوهن الحضاري الذي يعتري الأمة فيطفئ فاعليتها ، ويقعد بها عن بلوغ أهدافها ، وحمل رسالتها .

 

5 ـ التجديد الثقافي ..مهمة الجميع:

و يمكن القول إن الركود الثقافي عملية معقدة ومركبة ، وكل الشرائح و الفئات و الطبقات و المدارس و التيارات تشترك في صنعها وتكريسها و لا يمكن الخروج من مأزق هذا الركود إلا بـ :

تاريخ النشر : 28-07-2008

6233 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com