آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

النص والتراث  .  دراسات قرآنية

دراسات حديثية    |    الفقه و الأصول    |    العقيدة و الكلام

  •     

الحتميه العلميه وأثرها علي الفكر والدين (مناقشه فلسفيه لأثر اعتقاد حتميه القوانين المستنبطه من العلم التجريبي وأثر ذلك على الفكر البشري)

د. مصطفى محمود السيد


الجزء الأول: عرض ونقد

تمهيد:

من وجهه نظر اوروبيه (في العصور القديمة كان المستقبل يبدو اعتباطيا, الكوارث ‏كالفيضانات و الأمراض كانت تبدو أنها تحدث من غير تحذير أو سبب ظاهري و كانت المجتمعات البدائية تعزي حدوث الظواهر ‏الطبيعية

للآلهة, و التي كانت تتصرف بشكل هوائي و لم يكن بالإمكان التنبؤ بتصرفاتها و كان يعتقد أنه بالعطايا و الهبات من الممكن ‏أن يؤمن جانب هذه الآلهة و ما زال البعض يؤمن بذلك بطريقة أو بأخرى كأن يعد الله بأمور إن هو أصاب ثروة أو نال درجه عالية في ‏امتحان[1] 
بالتدريج لاحظ الناس نظاما في تصرفات الطبيعة[2], و كان هذا النظام ظاهرا بوضوح في حركة الأجسام الثقيلة في السماء و من هنا بدأ ‏العلم الأول , علم الفلك. وضع نيوتن القواعد الرياضية لعلم الفلك, و و منذ ما يزيد على 300 عام ما زلنا نستخدم نظرية الجاذبية للتنبؤ ‏بحركات معظم الأجرام السماوية. إقتداء بعلم الفلك وجد أن الظواهر الطبيعية تلتزم قوانين علمية و هذا أدى الى فكرة الحتمية العلمية و ‏التي عبر عنها علنا العالم الفرنسي لابلاس. أنه اذا اعطيت سرعة و موقع كل الجسيمات في الكون نستطيع أن نعطيك ‏تصرف أي جسم في الكون في أي زمان).[3].

ثم جائت نظريه الكم ومبأ عدم اليقين لهيزنبرج والنسبيه لتزلزل عرش الحتميه وبكل قوه

عرض مذهب الحتميين:

ما هي السببية... ؟

السببية هي العلاقة المباشرة التي تربط بين الأحداث، والأجسام،و المتغيرات المختلفة وأيضا الحلات المختلفة للأجسام.

ومن المفترض أيضا عادة أن يكون السبب (cause) سابقا زمنيا للتأثير فلا يجوز أن يكون فعل السبب لا حقا للتأثير وإلا ذهب مفهوم السببية البدهي. فحدوث المسبب يفترض حدوث لاحق للتأثير (في حال ثبات جميع الشروط الأخرى) أو على الأقل زيادة احتمالية حدوثه.

بعض أمثلة السببية موجودة بكثرة في حياتنا اليومية:

  • اصطدام كرة بمجموعة كرات البلياردو يؤدي إلى تفرقها.
  • ارتفاع درجة حرارة المياه يؤدي إلى غليانها.
  • جاذبية القمر تؤدي إلى ظاهرة المد الأرضية.

ما هي الحتمية ؟

الحتمية (أو الحتمية النيوتونية) هي نظرية تقول بان كل ما يجري في هذا الكون حتمي واقع تحت تأثير تسلسل منطقي سببي.ويعتمد القائلين بالمبداء الحتمي القاعده التي تقول بأنه اذا كانت الاشياء علي حاله ما في لحظه ما فانها لم يكن لها في اللحظه السابقه ولن يكن لها في اللحظه اللاحقه الا حاله واحده تلائم حالتها في تلك اللحظه المعينه وهذا لايعني اكثر من ان الحاله الراهنه معلول ضروري للحاله السابقه وعله شرطيه للحاله اللاحقهى تبنى هذه النظرية العلمية فلاسفة متنوعون... دعاها الملحدون بـ قوى الطبيعة.. ودعاها المؤمنون بالقدر بالتالي فنظرية الحتمية يمكن تبنيها من قبل أشد الناس إلحادا و تمسكا بالقوانين العلمية كما يمكن تبنيها من قبل أشد الناس إيمانا و قدرية

ولكن هناك فرق بين الحتميه والجبريه القدريه وهو ان ضروره حدوث الاشياء عند الحتميين كامنه في الاشياء ساريه فيها وهي الطبيعه بعينها دون الحاجه الي افتراض وجود اله اوقوي علويه واما ضروره حدوث الاشياء عند القدريين الجبريين فهي ضروره متعاليه متعلقه بمبداء اعلي منها يسيرها كما يشاء الا وهو قضاء الله وقدره

وفي الحتمية لا وجود لحوادث عشوائية ولامعجزه و كل شيء منظم ومقدر سلفاً وكل شيء خاضع لقوانين الكون وان كان بعض الفلاسفه الحتميين يثبتون الحريه الانسانيه[4][5]

كما ان الاسلام بالاضافه الي تشديده علي ركنيه الايمان بالقضاء والقدر الا انه يثبت الحريه الانسانيه ويعتقد بان العبد حر يفعل ما يشاء ولكن لايشاء ولا يفعل الا ماشائه الله له مع التنبيه علي اسبقيه اراده الله علي اراده العبد

وهنا يجب التنبيه علي مسأله خطيره تكمن في اعتقاد بعض الناس ان الايمان بالقدر مرتبط كليا بالاعتقاد بمسأله الحتميه العلميه فقدبين نيوتن في كتابه مباديء الفلسفه الطبيعيه ان قانون الجاذبيه الذي توصل اليه قد فرضه الله علي الطبيعه ولايجب ان ننسي في ذلك المقام كلمه اينشتين الشهيره (ان الله لايلعب النرد) والحق في ذلك ان اينشتين اخطأ مرتين حين قال ذلك.

اولا:حين جعل القوانين التي توصل لها مفروضه من عند الله فلا يجوز لانسان ان ينسب شيئا الي الله إلا عن طريق الوحي( أعني ألأخبار الصريح وليس الأستنباط المحتمل والضعيف في نصوص القرآن والسنه) ويستوي في ذلك الصواب والخطأ في العلم التجريبي لأن الصواب والخطأ في العلم التجريبي هي مسأله نسبيه تتسم في افضل الاحوال بالعموم

(فالالهيات المستنده الي العقل الطبيعي ممتنعه بحكم شروط المنطق نفسه :فاذا كان من شروط القياس شموليه احدي مقدماته علي الاقل وكان الشمولي يقتضي البعديه اعني التحقق منه بالنسبه الي اشخاص النوع واحدا واحدا –فان الكليه تصبح ممتنعه والاستدلال الميتافيزيقي مستحيلا واذا فلا الهيات الاسمعيه اساسها التسليم بالاصول التي تعتبر صادقه بحكم التسليم بعصمه المخبر بها اعني الرسول)[6]

ولا داعي لان نستغل تدين الناس لنضفي حتميه اخلاقيه علي اكتشافاتنا فذلك من باب القول علي الله بغير علم[7]

ثانيا:ان الاقرار بالحتميه العلميه عند من يتبناها تضع قيودا علي حريه التدخل الالهي في الطبيعه فلا داعي لان نتبني تلك السياسه ذات الوجهين

وان كنت اعتقد انه لا الحتميه العلميه ولاحتي العشوائيه التي جعلها اينشتين بديلا لحتميته التي يتبناها تعبر عن علاقه الخالق تبارك وتعالي بالكون فالحق بين الفريقين فالكون يسير وفق قوانين وضعها الله ولكن ذلك لايمنع من وجود حوادث عشوائيه ذات وجهين

فمن جهه انها بقدر الله فهي لم تخرج عن ارادته وفعلها لحكمه وعن قصد خرق القوانين التي وضعها لمصلحه العباد لايسأل عما يفعل وهم يسألون وله مطلق الحريه في التدخل في شؤن عباده ومن جهه اخري هي عشوائيه بالنسبه لنا لاننا لم نرتب لها كما انها خرقت القاعده العامه للحوا دث فالله لايلعب النرد ولكن ذلك ليس سندا للحتميه التي هي فعل البشر يعتريها مايعتري البشر من عدم الاحاطه بالمعطيات في كثير في الاحيان ولاننسي عدم قدره البشر علي العلم بتغير الحوادث في المستقبل وسوف اترك بيان ذلك للبحث

:الرد علي القائلين بالحتميه في العلم التجريبي

اولا المناقشه المنطقيه:

فمن المهم أن نعلم (أن الفكرة القائلة أن حالة الكون في وقت ما تحدد حالته في كل الأوقات بقيت هي العقيدة العلمية المركزية من أيام لابلاس. و هي تتضمن ‏أنه بالإمكان التنبؤ بالمستقبل, من حيث المبدأ على الأقل. ومن ناحية عملية إن امكانية التنبؤ بالمستقبل مقيدة بشكل كبير بتعقيد المعادلات وفي الحقيقة هذه المعدلات لها صفة التشويش و الاختلاط. و هذا يعني أن اضطراب صغير في مكان ما قد يحدث تغيرا كبيرا في مكان ‏آخر كما يعلم من شاهد فيلم جوراسيك بارك.‏لو أن فراشة رفرفت فهذا قد يتسبب في نزول المطر في سنترال بارك في نيويورك و لكن المشكلة أن هذا الشيء لا يتكرر. في المرة ‏التالية رفرفة هذه الفراشة ستتسبب في سلسلة أحداث مختلفة و لذا نجد أن التنيؤات الجوية لا يمكن الوثوق بها)[8].‏

وللاسف فكم من انسان يبني قصورا في الهواء علي خلفيه ان كل ما اجاز العقل وجوده هو ممكن الوجود او موجود بالفعل علي ارض الواقع والا لما اجاز العقل وجوده وهنا نطرق باب مشكله كبيره هي مشكله الامكان الذهني[9] وعلاقته بما يحدث او يمكن ان يحدث علي ارض الواقع والفرق بين الامكان الذهني والوجود الواقعي ان الامكان الذهني يختلف باختلاف عقول المفكرين ووجهه نظر كل منهم للاحداث ودرجه الألمام بالعوامل المؤثره في القضيه موضع البحث وعلاقه كل من هذه العوامل ببعضها البعض وعلاقتها بالقضيه بينما الوجود الواقعي هو ثابت في نفسه سواء علمه الناس او جهلوه اقروه ام رفضوه فقد يتصور الانسان وجود شيء بدون دليل كافي ويبدأ في التعامل مع ذلك الافتراض الذهني علي انه واقع ثابت وكم من حقيقه انكرها الناس لمجرد انها تخالف ما اعتقدوه في اذهانهم وما ضر الحق ان كفر به بعض السذج

والامكان الذهني يحدث بمجرد انتفاء الموانع وقيام الشروط[10] التي يضعها كل من يفكر في تلك القضيه ولكن من اين له الجزم انه احاط بكل الشروط والموانع المتعلقه بتلك القضيه المخصوصه كما ان كون الشيء ممكن الوجود ليس دليلا كافيا علي انه موجود بالفعل في العالم الخارجي فعلي المستويين الفكري والواقعي لا يمكن الجزم بشيء معين جزما حتميا معصوم من الخطأ فقد يكون الأمر غير ممكن الوجود عقليا ويعتقد بعض الناس امكانيه وجوده نظريا بل وقد يتعاملون مع الحياه علي ان ذلك الشيء موجود بالفعل وقد يكون الشيء ممكن الوجود عقليا ونظريا ولكن ذلك ليس دليلا كافيا علي وجوده بالفعل في الخارج

فنقول كل موجود هو ممكن الوجود وليس كل ممكن للوجود موجود

ورب معترض فيقول بان هذا يضحض الحتميه الميتافيزيقيه لا العلميه لان الثانيه تتفوق علي الاولي بتسلحها بقوانين العلم التجريبي

وهنا يجب ان نتوقف مع الحتميه الميتافيزيقيه ونقول انه يكفي في الامور الغيبيه الامكان الذهني مع وجود خبر الصادق

واما الامور الفيزيقيه التابعه للعلم التجريبي

ف(ان التذرع بالقانون العلمي وبأن الحتميه تستند الي ان وقائع الكون موجهه كليا بحسب قانون وقانون يتوصل اليه العلم فان هذا يعني ان القوانين العلميه توجه الحوادث وتحدد بل تحتم كيفيه وقوعها وكأنها تملك قوه ملزمه تجعلها لابد ان تطاع حين تأمر فالقانون لايستطيع ان يلزم الطبيعه بشيء فهو يعني بما يحدث فعلا لا بما ينبغي ان يحدث وبالتالي الخروج من القانون بالحتميه تشخيصا له وتمثيله باله ذي قوه وسلطان وهذا طبعا تفكير ساذج بدائي ومتخلف مرفوض في اي تفكير عقلاني)[11]

و( اعتقد أن هؤلاء العلماء لم يتعلموا من التاريخ فالكون لا ‏يتصرف بحسب قناعتنا المسبقة, بل يستمر بمفاجأتنا)[12].

فالماضي والحاضر والمستقبل اي العله والمعلول والتنبؤ هي امور منفصله نسبيا عن انطباعاتنا الحسيه شيئا ما اي ان في عالم الاشياء تعاقبا مستقلا بوجه من الوجوه عن ادراكنا

(فهل علينا الان ان نقتنع بهاتين العلاقتين الاتصال والتعاقب علي انهما تمنحان فكره كامله عن العليه ,كلا البته فموضوع ما قد يتصل باخر ويكون سابقا له بغير ان نعتبره عله له)[13]

فالاستدلال التجريبي ليس معصوما وكل مافي الامر عاده تدفع الذهن الي الانتقال من حادثه الي اخري كان قد راها تعقبها فيما مضي متصورا بهذا انه يستدل وهي عاده تفرض علي الذهن شعورا بضروريه هذا الانتقال

ويتوسط الفيلسوف الفيزيائي (د.هنري مارجينو) بين الفريقين فيقول

(ان العليه لاتثير مشاكل اذا ماقلنا بصميم اللاحتميه في كل العلاقات العليه الوارده اي ببساطه اذا ما نفينا عن العليه ايه حتميه فالعلاقه العليه ليست ذات خاصيه منطقيه محدده )[14] وتاتي حيثيات هذا الحكم الخطير من ان العلل بداهه ظروف ملازمه للحدث كأن يكون السل عله لموت شخص ولكن ليس كل المرضي يموتون بالسل وليس كل مرضي السل يموتون بل هناك مجموعه اخري من العوامل التي تؤثر في النهايه

وقد تبين من المناقشه المنطقيه السابقه بعدم صحه الحتميه العلميه في العلم التجريبي سواء كانت علي مستوي العله او التنبؤ فكل ما يمكن اقراره من جهه هو ان المستقبل سوف يتأتي بصوره معينه ومن جهه اخري انه لم يحدث وفيما عدا ذلك فليس ثمه كثير يمكن اضافته[15]

كماان القابليه للتنبؤ ليست دعامه مطلقه للحتميه

(فعلي الحتميه ان تقرر وتثبت اذا استطاعت القابليه للتنبؤ حتي ادق التفاصيل واخرها واي شيء اقل من هذا يطيح بالحتميه لانها لا تستطيع ترك اي نهايات تخرج عن حدودها الكبير والصغير في حدوثات الطبيعه والتاريخ وايه تفصيلات دقيقه لايمكن التنبؤ بها تقدح زناد قذيفه تودي بالحتميه )[16]

ويقول الدكتو ستيفن هوكنج (ان اي نظريه فيزيائيه هي نظريه وقتيه ويمكن ابطالها بمشاهده تخالف تنبؤاتها وانك مهما كررت التجربه فانك لاتدري في المره القادمه هل ستوافق النتائج نظرياتك ام لا مهما بلغت مرات الموافقه)[17]

وعلي ضؤ هذا يتضح ان قوانين نيوتن وقانون بقاء الطاقه ومعادلات ماكسويل وهي النماذج المثلي علي اليقين الحتمي ليست من اليقين في شيء وانها علي احسن الفروض صادقه نسبيا في الوقت الراهن ولكن ليس ثمه برهان علي انه لن تظهر فروض اخري اكثر قدره علي تفسير المشاهدات الواقعيه الموجوده حاليا والتي قد تظهر في المستقبل وتقلب الامور رأسا علي عقب

ولايعني ذلك ان تلقي النظريات العلميه السابقه في مزبله التاريخ بل ان العليه لاتثير مشاكل اذا ماقلنا بصميم اللاحتميه في كل العلاقات العليه الوارده اي ببساطه اذا ما نفينا عن العليه ايه حتميه

ملاحظه هامه:

يجب الانتهاون في اطلاق كلمه صدفه( فان الحوادث الناجمه عن تداخل وتلاقي ظواهر تنتسب الي سلاسل مستقله في نظام السببيه هي ما نسميه بالحوادث العرضيه او نتائج الصدفه).[18]

لنفترض ان اخوين شقيقين يعملان في فرقه عسكريه واحده لقيا مصرعهما في يوم واحد فعندما ننظر الي رابطه الاخوه التي تجمعهما والي المصيبه التي حلت بهما يبدو لنا الامر غريبا ولكن عندما نفكر في المسأله بعمق يتضح لنا انتمائهما الي فرقه عسكريه واحده ووفاتهما في نفس المعركه ليس من الضروري ان يكونا مستقلين احدهما عن الاخر وان الصدفه ليست وحدها التي ادت بهما الي ذلك المصير ذلك لانه من الجائز ان يكون الاخ الاصغر قد التحق بالجنديه اقتدائا باخيه الاكبر وبالتالي يصبح من الطبيعي تماما ان يعمل علي ان يلتحق بنفس الفرقه التي التحق بها اخوه الاكبر وهذا سيجعلهما معرضين لنفس الاخطار ويسمح لكل منهما بالمسارعه الي نجده اخيه اذا حدث ان واجها معا خطرا فليس غريبا ان يلقيا حتفهما معا وقد يكون لاسباب اخري لاعلاقه لها بكونهما اخوين وكونهما لقيا حتفهما معا ليس راجعا الي محض الصدفه

ولنفترض الان ان هذين الاخوين ينتميان الي جيشين احدهما يقاتل في الجبهه الشماليه والاخر يقاتل في الجبهه الجنوبيه وان معركه نشبت في نفس اليوم في الواجهتين وانهما لقيا حتفهما في نفس اليوم كذلك كل في جبهته وفي نفس الحاله يكون من المعقول اعتبار وفاتهما في نفس اليوم راجعا الي محض الصدفه ذلك لان العمليات الحربيه في الجبهتين تشكلان سلسلتين مستقلتين في نظام السببيه تشتركان في نقطه الانطلاق لانهما تخضعان لاوامر قياده واحده ولكنهما بعد ذلك تسيران في استقلال تام عن بعضهما نظرا لظروف التكيف مع المعطيات المحليه الخاصه بكل جهه وهكذا فان دخلت الفرقتان في المعركه في اليوم نفسه وكان عدد القتلي كبيرا فان مقتل الاخوين كل في فرقته لن تكون له ايه صله بكونهما اخوين كل في فرقته وستكون المسأله محض صدفه

فيجب علينا الا نخلط بين عدم العلم بوجود رابط بين الاحداث والعلم بعدم وجود رابط

ثانيا :الامثله التطبيقيه[19]

1-- مثال عملي

فإذا افترضنا أن النقطة التي يحتلها الموضوع (س)في بداية اللحظة (ز)هي نفسها النقطة التي يحتلها الموضوع (ص) في نهاية الثانية (ز) . سيكون اليقين الذي لدينا عن إفتراض نفس النقطة نتيجة إعتقادنا بتطابق الموضعين الذين يحتلهما (س) و(ص) في بداية ونهاية الثانية (ز)في نقطة واحدة ثابتة، يقينا تخيليا وليس يقينا متحققا بفعل تطابق الإعتقاد على الواقع،

والحكم بأن النقطة متطابقة في اللحظتين المختلفتين بالنسبة إلى المكان الذي يشغله الموضوعين، هو حكم بعدم تغيير الوضع المطلق للموضوع في المكان، غير أن ذلك ليس صحيحا ، فبين (س)و(ص) مسافة كبيره. لأن الموضوع قد جرفته حركة الأرض [20]

. إن ما يمكن تصوره كنقطة هو فقط الوضع النسبي لموضوع محدد بالنسبة إلى جسمنا فالنقطه ثابته بالنسبه لك وليس لباقي اجزاء الكون فالكون في حركه مستمره ولاوجود للمكان المطلق الا في الذهن البشري ولكن النسبيه تدخلت في الامر وبإضافة ما يعرف في الفيزياء الكوانتية بـ " الترابط الكوانتي " الذي يتحدث عن وجود ترابطات غير مرئية بين جسمنا و نقاط بعيدة من المجرة ، يصبح مفهوم الحتميه العلميه ضربا من الوهم ، أو بطريقة أخرى، يصبح مفهوم ثبات العوامل المؤثره تأسيسا عقليا خالصا

و يصبحا الإعتقاد الذاتي إنحرافا عن المعقولية و عن علم الواقع ، فالواقع هو صيرورة حتمية ، لكنه ليس حتمية مطلقة إذ لا يمكن القبض على الواقع بقانون كوني مطلق ، بدون تغيير ، على أنه واقع مطلق . قائم في الماضي والحاضر على صورته الثابتة التي يمكن التنبؤ بها حتما بتحليل مكوناته التركيبية الثابتة والأبدية ، وبذلك سيكون المستقبل تشييدا عقلانيا و إنسانيا خالصا و متماثلا في المكان و الزمان المطلقين. و هذا تصور لا يمكن إلا أن يكون تصورا لخرافة ما

، فالواقع هو التبدل المستمرمثل مياه النهر، وليس الواقع ما يصنفه الادراك و يجمعه في قوالب جامعة على أنه واقع أزلي و متحتم خال من إمكان بروز متغيرات إنه بذلك يجرد الواقع من معقوليته النسبية ، و بالتالي يعرض قوانينه للتهديم في الحقل التجريبي لهذه القوانين

2إن من الأفكار المذهلة التي أظهرها الفلك في القرن العشرين

أن الكون يزداد اتساعاً أكثر فأكثر . والاعتقاد في تمدد الكون من الأمور التي تتفق فيها ملاحظات الفلكيين من ناحية والنظريات التي تستند على القوانين العامة للفيزياء من الناحية الأخرى

وذلك أن ألبرت أينشتاين ، كان قد انتهى من إثبات أن الكون لا يتغير من حيث الحجم ،وكان هذا الإثبات مبنيًا على نظريته النسبية .

وفي سنة 1922 كان ألكسندر فريد مان يدرس معادلات أينشتاين . فعثر علي غلطة في عمليات الجبر ، وعندما صححت أثبتت العمليات الرياضية أن الكون لا يبقي ثابتاً كما كان أينشتاين يعتقد ، بل يتغير إما بالزيادة في الحجم أو بالنقص ( واعترف أينشتاين فيما بعد بخطئه قائلا : إن هذه كانت أكبر غلطة وقع قيها في حياته ).

فقد وجد أدوين هابل باستعمال منظار الطيف : أن المجموعات النجمية البعيدة تزيد من حيث الانتقال الأحمر عن القريبة منها ، أي أن خطوط الطيف بها تنتقل إلى الناحية الحمراء وهذا يعنى أنها تنتقل بعيدًا عنا .

وفى سنة 1928 ربط أدوين هابل بين النظرية التي تبين أن الكون يتغير ، وبين ملاحظاته التي تبين أن المجموعات النجمية البعيدة تندفع بعيدًا بسرعة أكبر من المجموعات الأقرب منها . ووضع نظرية للكون المتغير جاء فيها أن الكون بأجمعه يتمدد - ويصبح أكبر فأكبر . ولا يعنى ذلك أن جميع المجموعات النجمية تبعد عن مجموعتنا ، بل إن كل مجموعة تتباعد عن كل مجموعة نجمية أخري)[21]

3--في مسأله القدره علي التنبؤ بالسلوكيات البشريه علي خلفيه علم الجينات او المتابعه السلوكيه:

يقول الأستاذ آشلى مونتاجيو :

من الخطأ الاعتقاد بأن الجينات هي التي تحدد تماماً ما سوف يكون عليه شخص ما ، أو ما هو عليه بالفعل ، ومن ثم لا يبقي شيء يستطيع الإنسان عمله إزاء الوراثة ، والواقع أن هذه طريقة شائعة للتفكير في الوراثة ، وهى طريقة مزيفة تماماً

ومن سوء الحظ أن عدداً كبيراً من الثقات وقعوا في هذا الخطأ الذي يعرف بأسماء مختلفة هي : "المغالطة البيولوجية " أو " المغالطة الاختزالية " أو "مغالطة ليس إلا" .. ".

ولقد صدق من قال : إن الجدران العالية لا تصنع سجناً ، في حين تصنعه التعبيرات العلمية في كثير من الأحيان )[22].

والأهم من هذا كله أن علينا ألا ننسى أننا كائنات بشرية ، فمجرد قيام عالم ما بمراقبة حركاتنا قد يكفي لتغييرها ، وهذا هو أكثر العوامل التي تعقد الأمور بالنسبة للعالم السيكولوجي ، كما أنه أبسط وسيلة لتبيان العلاقة بين التكهن والإرادة الحرة ، فعندما نتكهن بموضع سقوط حجر ما فإن لنا أن نجعله يفعل ما نريد ، ولكن قل لإنسان ما أنه سوف يحك أذنه بيده اليمنى والمرجح أنك ستجده يستخدمها ، بدلا من ذلك لتسديد لكمة إلى أنفك .. )[23]

4-مبدأ عدم اليقين لهيزنبرج الذي ضرب الحتميه في مقتل

لا يمكن حتى نظريا معرفة بدقة اندفاع الالكترون و مكانه في نفس الوقت فكلما حددننا مكانه بدقة اكبر ازدادا الارتياب في الاندفاع و العكس صحيح ..(وبدلا من ان نستطيع التنبؤ بالمواضع والسرعات معا نستطع فقط التنبؤ بالداله الموجيه عن طريق معادله شرودنجر ويتيح لنا هذا التنبؤ اما بالمواضع واما بالسرعات ولا نستطيع ان نتنباء بهما معا بدقه )[24]

وهكذا(نري في نهايه الامر ان الخاصيه الاساسيه التي تتصف بها الذرات والتي تجعلها غير قابله للادراك بواسطه الحواس وقابله للملاحظه غير المباشره بواسطه القياس هي التي تجعل كل نظريه ذريه تكتسي طابعا ذاتويا وبالتالي نظريه لاحتميه اساسا ....وذلك لانها تري انه لايمكن باي وجه من الوجوه الغاء دور الملاحظين ولاتأثير عمليات القياس وبالتالي لايمكن الحديث عن صوره موضوعيه للعلم)[25]

وذلك يعتبر نوعا من التطرف في الرأي فالكون الفوضوي لاوجود له الا في اذهان بعض من تبنوا بتطرف فكره اللاحتميه لانهم يولعون بكل جديد وغريب الأعيان والمقدر في الأذهان بحسب ما يقدره كل أحد في ذهنه فيمتنع أن تكون الحقائق الموجودة تابعة لذلك بل ان العليه لاتثير مشاكل اذا ماقلنا بصميم اللاحتميه في كل العلاقات العليه الوارده اي ببساطه اذا ما نفينا عن العليه ايه حتميه

5-مبرهنه عدم الاكتمال لجودل

(اثبت الرياضي كيرت جودل في عام 1931 مبرهنته الشهيره عن عدم الاكتمال بالنسبه الي طبيعه الرياضيات وتقرر المبرهنه انه في داخل اي منظومه صوريه من البديهيات مثل الرياضيات الحاليه تبقي هناك دائما اسئله لايمكن اثباتها ولاتفنيدها علي اساس من البديهيات التي تعين المنظومه وبكلمات اخري بين جودل وجود مسائل لايمكن حلها بأي مجموعه من القواعد والاجرائات .......وقد اتت بصدمه كبري للمجتمع العلمي لانها اطاحت الاعتقاد الشائع بان الرياضيات منظومه متماسكه متكامله التاسيس ............فمبرهنه جودل ومبداء عدم اليقين لهايزنبرج هذا كله يشكل قيود في الصميم في معرفتنا العلميه)[26]

6-ميكانيكا الكم

(ميكانيكا الكم لاتستطيع بذاتها ان تحدد ايا من هذه النتائج تجسد الحقيقه فعلا)[27]

انها الوثنيه في ثوبها الجديد:

يقول هيكل صاحب نظريه الاثير في الفيزياء

(الطبيعه تحتوي في ذاتها علي كل القوي المطلوبه لاحداث جميع صور الوجود فيها والانواع ينشاء بعضها من بعض بالتحول طبقا لقوانين وتبعا لترتيب في الامكان منذ الان تحديده فلا شيء في الطبيعه لايفسر بالطبيعه ولاشيء تقدم علي الطبيعه ولا شيء يسموعليها فالطبيعه عند من يعرف قوانينها وبخاصه التطور والانتخاب الطبيعي هي ذاتها التي خلقت نفسي)

7740 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com