آخر تحديث للموقع

 2022-08-20

 
Facebook Twitter Rss

النص والتراث  .  دراسات قرآنية

دراسات حديثية    |    الفقه و الأصول    |    العقيدة و الكلام

  •     

ظاهرة الإعجاب بــــــ "النموذج التركي" في الخطاب السياسي العربي دراسة تحليلية

معتز الخطيب


مقدمة:

شهدت السنوات الماضية كتاباتٍ كثيفةً جدًّا حول تركيا وسياساتها وما يجري فيها، وعن تاريخ "الإسلام السياسي" فيها، وعن تجربة "حزب العدالة والتنمية" الذي أصبح ملء السمع والبصر اليوم [1]. وقع ذلك في ظل الانتصارات التي حققها هذا الحزب بزعامة رجب طيب أردوغان، سواءٌ في الانتخابات سنة (2002م) وسنة (2007م)، أم في السياسات الداخلية والخارجية.

والمثير للتأمل - بجدية - ذلك التقديرُ الإيجابي (العامُّ) للانتخابات التركية ونتائجها التي مكَّنت "حزب العدالة والتنمية" ذا الخلفية الإسلامية من الإمساك بزمام السلطة بشِقّيها: رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة، في جمهورية أتاتورك العلمانية العَتِيَّة. فحتى أولئك الذين يقفون على خصام مع "الفكرة الإسلامية" حارت عقولهم في هذه "المفارقة التركية" ذات الوجهين: الوجه الأول: أن البلد الإسلامي الوحيد الذي أعلن علمانية دولته رسميًّا منذ البداية، وطوَّر أيديولوجية علمانية صريحة - وفق النموذج الفرنسي - هو نفسه الذي أوصل حزبًا سياسيًّا ذا خلفية إسلامية إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية سلمية وسَلِسَة، اعترف العالم أجمع بشرعيتها ونزاهتها [2]. ووجه المفارقة الثاني: تساؤل ينطوي على دلالات عدة، يطرحه علي حرب قائلاً: "كيف تَمكّن حزبٌ سياسي ذو خلفية دينية وأصول إسلامية أن يقود تركيا بنجاح ملحوظ في نظر العالم، وفي أكثر القضايا والشؤون: في السياسة والتربية، كما في الاقتصاد والأمن، سواء على مستوى الداخل أو من حيث العلاقة مع الخارج؟" [3].

عموميةُ ذلك التقدير (الذي سميته في العنوان: الإعجاب) جاءت من مختلف الأطراف السياسية والفكرية في العالم العربي، بل والشعبية كذلك، حتى "باتت تجربة هذا الحزب في البناء والتحديث مادةً للتأمل والتدبر، خاصةً من جانب العرب والمسلمين، الذين يهتمون بتحليل أبعادها ودلالاتها؛ لاستخلاص دروسها وعِبَرها" [4].

وقد بلغ من شيوع التقدير للتجربة التركية الجديدة أنني وقفتُ على سيلٍ من الكتابات الصحفية والبحثية المعجَبَة، في حين أن البحث عن نقائضها يَعسر حتى لا يكاد يوجد سوى مقالاتٍ معدودة وهامشية، الأمر الذي شكَّل "ظاهرة" حقيقية استحقت الدرس والمتابعة في هذه الورقة المتواضعة. 

بقي من مفردات عنوان هذه الورقة تعبير "النموذج"، ويَصعب التحديد الدقيق لتاريخ استعماله، ولكن من المفيد التذكير بأن فرانسيس فوكوياما كان قد تحدث في ديسمبر 2001م عن أن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي لها إشكالية مع العالم الغربي الحديث، داعيًا الدول الإسلامية إلى تبني النموذج التركي العلماني، وكذلك فعل بول ولفويتز في محاضرة له في مارس 2002م [5].

وقد وقعت الإشارة إلى فحوى النموذج التركي العلماني الناجح في التقرير الأمريكي الصادر عن مؤسسة راند [6]، وحين تمت مناقشة المسألة في الندوة المغلقة التي عُقدت في القاهرة في مارس 2004م [7]، أبدى بعض الأتراك قناعة بفكرة النموذج التركي الديمقراطي، لكن السفير مورات بيلهان (مدير مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للخارجية التركية) قال: "إن تركيا لا تسعى لتقديم نفسها كنموذج للمنطقة، ولكن أمريكا هي التي تسعى لتقديمهم كنموذج ..." [8].

وأيًّا ما يكن الأمر، فمن المؤكد أن تعبير "النموذج التركي" أصبح الأكثر شيوعًا في سياق الحديث عن تركيا حزب العدالة والتنمية، وإن كنا قرأنا – على قلةٍ - تعبيراتٍ أخرى مثل "العصر التركي"، و"العثمانية الجديدة"، وغير ذلك.

ومن الضروري هنا توضيح معنى "النموذج" وما المراد بالنَّمْذَجَة، ذلك أنها قد تعني التَّمَثُّل والسعي إلى المحاكاة أو النقل والاستنساخ، وقد تعني أنها تجربة ناجحة تستحق الإعجاب، مع إدراك أوجه الخصوصية والسياقات المحلية، لكن يتم الاستدلال بالنموذج هنا والاحتكام إليه للبرهنة على صحة فكرةٍ ما، أو أنه يمكن استلهامه جزئيًّا. والمعنيان غير متلازمين في الخطاب السياسي العربي، لكن الغالب سَوْقُ النموذج التركي على المعنى الثاني، وفي سياق السجالات الفكرية والسياسية لدى الأطراف المختلفة مما سنوضحه لاحقًا 

البحث كاملا في المرفق.



[1] صدر العديد من الكتب بالعربية في السنوات الخمس الماضية، منها: مجموعة مؤلفين، الجراحة التجميلية للعمل الإسلامي: قراءة في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، الأردن، مركز دراسات الأمة، 2004م، وإدريس بووانو، إسلاميو تركيا.. العثمانيون الجدد، دمشق: مؤسسة الرسالة، 2005م، وعبد الحليم غزالي، الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية فى تركيا، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2007م، وياسر أحمد حسن، تركيا.. البحث عن مستقبل، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2007م، و حميد بوزرسلان، تاريخ تركيا المعاصر، بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 2009م، ومجموعة مؤلفين، الإسلامية التركية، دبي: مركز المسبار، 2009م، ومجموعة مؤلفين، تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج، بيروت: الدار العربية للعلوم، ط1، 2010م، وسهيل صابان، تطور الأوضاع الثقافية في تركيا، بيروت: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 2010م. وستأتي الإحالة إلى كتب أخرى في هذه الورقة لاحقًا، فضلاً عن الدراسات والمقالات التي لا تُحصى.

[2] انظر: صادق جلال العظم، الدولة العلمانية والمسألة الدينية: تركيا نموذجًا، صحيفة الأوان الكويتية، 23 مايو، 2010م.

[3] علي حرب، تواطؤ الأضداد: الآلهة الجدد وخراب العالم، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2008م، ص249.

[4] علي حرب، تواطؤ الأضداد، مرجع سابق، ص248. ويتحدث صادق جلال العظم في مقاله المشار إليه سابقًا عن عمومية وقوة تأثير "التجربة التركية العلمانية" المباشرة في العالم العربي وقواه السياسية، وتياراته الفكرية، ونخبه الاجتماعية، وفعالياته الاقتصادية.

[5] فوكوياما في مقال له في مجلة "نيوزويك"، ومحاضرة بول ولفويتز ذكرها: جلال ورغي، الحركة الإسلامية التركية: معالم التجربة وحدود المنوال في العالم العربي، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010، ص79.

[6] Cheryl Benard, Civil Democratic Islam: Partners, Resources and Strategies, Rand Corporation, 2003, P 26.

[7] نظمها مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، مع مركز الدراسات الاستراتيجية بوزارة الخارجية التركية (22-23 مارس 2004م) تحت عنوان: (الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر: رؤى مصرية وتركية).

[8] انظر تقريرًا عن تلك الندوة في: محمد جمال عرفة، كيف يرى المصريون والأتراك "الشرق الأوسط الكبير"؟، منشور على موقع إسلام أونلاين في 30-3-2004م.


تاريخ النشر : 02-05-2016

   ظاهرة الإعجاب بالنموذج التركي في الخطاب السياسي العربي-معتز الخطيب.pdf

6374 : عدد القراءات


يلفت موقع الملتقى الألكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.


 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية   l   دراسات قرأنية   l   دراسات حديثة   l   الفقه و الأصول   l   العقيدة و الكلام   l   فلسفة التجديد

قضايا التجـديـد   l   إتجاهات الإصلاح   l   التعليم و المناهج   l   التراث السياسي   l   الدين و الدولة   l   الحقوق و الحريات

مفاهيم و مصطلحات   l   الإسلام السياسي    l    الظاهرة الدينية   l   فلسفة الدين   l   فلسفة الأخلاق   l    قضايا فلسفية

المـــرأة و النسوية   l   الإسلام و الغرب    l   عروض و مراجعات   l   إصدارات   l    حوارات و شخصيات   l    مـؤتـمـرات و متابعات

جديد الملتقى   l   سجل الزوار   l    رأيك يهمنا   l   اتصل بنا

   ©2024 Almultaka  جميع الحقوق محفوظة 

Designed by ZoomSite.com